نال عدم إشراك رياض محرز في نهائي دوري الأبطال أمام الإنتر نصيباً معتبراً من تعاليق عشاق النجم الجزائري، الذين لم تكتمل فرحتهم بالتتويج الأول للسيتي ومحرز، فراحوا ينتقدون المدرب بيب غوارديولا، رغم فوزه بثلاثة ألقاب هذا الموسم، ورغم تألق البرتغالي برناردو سيلفا خلال الفترة الماضية، ومساهمته الكبيرة رفقة غريليتش في التتويج بالبريميرليغ وكأس الاتحاد ودوري الأبطال، مقابل تراجع مردود رياض محرز في النصف الثاني من الموسم، لدرجة دفعت البعض إلى مطالبة الدولي الجزائري بالرحيل إلى وجهة أخرى، بعيداً عن ما وصف بعنصرية غوارديولا تجاه اللاعبين العرب والأفارقة، في حين استبعد البعض الآخر ممارسة المدرب الإسباني لكل أشكال التمييز مع لاعب استقدمه من ليستر، وجدد عقده الموسم الماضي إلى غاية صائفة 2025.
المنتقدون لخيار غوارديولا بعدم الاعتماد على محرز بانتظام خلال الموسمين الماضيين يشككون في نزاهة المدرب، ويتهمونه بالتحيز للأوروبيين في تعامله مع اللاعبين، وينتقدون محرز لسكوته وعدم احتجاجه على قرارات مدربه مثلما كان يحدث مع أغويرو، وليروا صاني ورحيم ستيرلينغ، ويحدث اليوم مع برناردو سيلفا وغريليتش والمدافع جواو كانسيلو، الذي رحل إلى البايرن على سبيل الإعارة بسبب المنافسة الشديدة، في حين لم يحدث أن اعترض محرز على وضعيته كبديل، أو عبّر عن غضبه عند تعويضه كل مرة في مباريات السيتي المختلفة، رغم علامات الاستفهام وكل التساؤلات المطروحة والاستفسارات التي كانت تطالب بها الصحافة البريطانية التي تجمع على أن قدرات ومهارات رياض محرز تسمح له باللعب أساسياً، وكان غوارديولا يؤكدها، لكنه يصرّ على خياراته كل مرة.
من جانب آخر، يعتبر الكثير من المحللين أن مستوى رياض محرز تراجع في الفترة الأخيرة، في وقت تألق الثنائي غريليتش وبرناردو سيلفا، وتوالت النتائج الإيجابية التي سنحت للفريق بالحفاظ على لقب البريميرليغ والفوز بكأس الاتحاد ودوري الأبطال، بمنظومة لعب من دون رياض محرز، الذي لم يستقر مستواه على حال، ولم يقدر على مجاراة المنافسة الشرسة على المناصب في فريق يملك من البدائل ما يجعل بيب غوارديولا في غنى عن أي لاعب، حتى ولو كان البلجيكي كيفن دي روين، أو الألماني إلكاي غوندوغان، أو الجزائري رياض محرز، رغم مساهمته الكبيرة في صناعة الفارق عند إقحامه أساسياً أو بديلاً في كل المسابقات، حتى في أسوأ أحواله وأصعب الظروف التي مر بها، بما في ذلك إخفاقه في التأهل إلى مونديال قطر رفقة منتخب بلاده، والذي أثر على معنوياته.
بيب غوارديولا، المعروف عنه استراتيجية التدوير على مستوى التشكيلة من مباراة لأخرى منذ التحاقه بالسيتي، لم يكن بإمكانه المغامرة في نصف نهائي ونهائي دوري الأبطال وتغيير تشكيلته لأجل عيون رياض محرز، ولا حتى تغيير نمط لعبه الذي صار يرتكز على الدور الدفاعي الذي يقوم به سيلفا وغريليتش في الرواقين، وجون ستونز في وسط الميدان عندما تكون الكرة بحوزة الفريق، وهي الطريقة التي سمحت له ببلوغ النهائي الثاني له في ظرف ثلاثة مواسم والفوز باللقب الثالث له في مشواره والأول مع السيتي، والتالي إسكات كل الأفواه التي تنتقد خياراته، أو تلك التي تتهمه بالتمييز ضد رياض محرز الذي يبدي تمسكه به كل مرة في وقت تخلى عن لوروا ساني ورحيم ستيرلينغ من قبل، ويرفض اليوم الاستغناء عنه رغم العروض المغرية التي وصلته من السعودية.
أما رياض محرز فلم يكن بحاجة لكي يلعب أساسياً في جميع مباريات السيتي حتى يثبت قدراته ومهاراته وإمكاناته التي سمحت له بالتتويج بلقب البريميرليغ مع ليستر قبل أن يتوج به غوارديولا، ولقب أفضل لاعب في إنجلترا وإفريقيا، وسمحت له بالفوز بكأس أمم إفريقيا وجائزة أفضل لاعب في القارة السمراء، والتتويج مع السيتي بالدوري الإنجليزي وكأس إنجلترا وكأس الرابطة، ثم دوري أبطال أوروبا كثاني لاعب جزائري، وخامس لاعب عربي بعد ماجر وصلاح وزياش وحكيمي، كما أن وجوده أصلاً في أفضل فريق في العالم للموسم الخامس على التوالي رفقة نجوم كبار يحمل دلالات كبيرة على قيمته الفنية ومدى تمسك غوارديولا به.
صحيح أن محرز لم يعد يلعب بانتظام مع السيتي هذا الموسم، وبإمكانه اللعب أساسياً في أي فريق إنجليزي أو أوروبي آخر، لكن لا يمكنه التتويج بكل البطولات والألقاب التي فاز بها مع السيتي، ولا يمكن لأي مدرب في العالم أن يحرم فريقه من خدمات لاعب كبير لأسباب ذاتية وشخصية أو عنصرية حاقدة، كما يعتقد البعض، خاصة أنه لا أحد فرض محرز على غوارديولا الذي لم يكن مضطراً لتجديد عقده والاعتماد عليه عندما تقتضي الضرورة في دوري صعب وقوي، طويل وشاق، وموسم كروي يلعب فيه السيتي أكثر من 60 مباراة على مختلف الجبهات، يكون فيها بحاجة الى أكبر عدد من اللاعبين في مختلف المناصب لخوض مختلف المسابقات المحلية والأوروبية وكأس العالم للأندية التي يسعى غوارديولا للتتويج بها مع السيتي.
قد يكون غوارديولا قاسياً مع رياض محرز في نظر البعض، رغم مشاركته في 9 مباريات من أصل 12 مباراة في دوري الأبطال بين أساسي وبديل سجل فيها 3 أهداف، لكن الكرة في مرمى اللاعب المطالب بمزيد من التركيز والجهد والصبر، والمدعو إلى فرض شخصيته في غرف الملابس وداخل المستطيل الأخضر، وإلا الرحيل إلى وجهة أخرى، خاصة بعد أن تجاوز الثلاثين من عمره.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.