أراد شراء إنتر وصنع مجد ميلان واسمه ارتبط بالمافيا.. سيلفيو برلسكوني الذي غيّر وجه كرة إيطاليا للأبد

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/12 الساعة 23:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/12 الساعة 23:51 بتوقيت غرينتش
سيلفيو برلسكوني الذي غيّر وجه كرة إيطاليا وصنع مجد ميلان (رويترز)

طُويت صفحة جديدة من تاريخ كرة القدم الإيطالية بالإعلان عن وفاة سيلفيو برلسكوني، الرجل الذي اتفق الجميع على دوره البارز والتاريخي في نهضة نادي ميلان ووضعه فريق مونزا على خارطة اللعبة في البلاد.

وُلد سيلفيو يوم 29 سبتمبر/أيلول 1936، في حي إيزولا غاريبالدي للطبقة المتوسطة، وهو أكبر الأولاد لوالده لويجي ووالدته روزيلا.

عمِل والده في أحد البنوك فيما كانت والدته ربة منزل، وخلال الحرب العالمية الثانية ومع بلوغه سن السابعة هرب والده إلى سويسرا لمدة عامين لتجنب التجنيد الإجباري، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

تلقى سيلفيو دراسته بمدرسة داخلية مرموقة في ميلانو وكان متفوقاً، ثم توجه لدراسة القانون في جامعة ولاية ميلانو وتخرج فيها بتقدير امتياز في عام 1961.

سيلفيو برلسكوني وقصة شراء إنتر الجار اللدود

اعتاد سيلفيو الذهاب إلى ملعب جوزيبي مياتزا (سان سيرو) مع والده لويجي من أجل متابعة المباريات، ومع أواخر السبعينيات بدأ اسمه يكبر شيئاً فشيئاً في مجال التجارة خاصةً العقارات، ثم أسس شركة فينينفيست القابضة المتخصصة في الاستثمار والإعلام.

وكعادة رجال الأعمال ذهب سيلفيو إلى عرّاف من أجل استشارته لشراء نادي ميلان، فنصحه: "ميلان يجلب الحظ السيئ، لا تشتره".

ميلان فاز بدوري أبطال أوروبا 5 مرات خلال فترة برلسكوني (رويترز)

وبسبب هذه النصيحة دخل برلسكوني في حالة من الحزن الشديد وفق ما أكده أكبر محاميه وهو فيتوريو دوتي، وبعدها قرر رجل الأعمال شراء نادي إنتر.

والتقى برلسكوني، رئيسَ إنتر إيفانوي فرايتزولي وعرض عليه الأمر، وبعد شد وجذب قرر الثاني عدم بيع النادي.

برلسكوني يعود لشراء ميلان

أصر برلسكوني على شراء ميلان رغم كثير من التحديات التي واجهته فقبل إتمام عملية الشراء كان قريباً من الانسحاب من الصفقة وإلقاء خطاب يشرح فيه سبب انسحابه.

لكن برلسكوني مزّق ذلك الخطاب ومضى قدماً في خططه إلى أن تمت الصفقة بشكل رسمي في عام 1986.

في عهد برلسكوني أصبح ميلانيلو (المركز الرياضي للنادي) نقطة مرجعية عالمية، حيث كان أول نادٍ في إيطاليا يضم مختصين في التغذية وعلماء النفس بالطاقم التدريبي للفريق، حسبما تؤكد صحيفة marca الإسبانية.

تعرّف برلسكوني على أريغو ساكي بعد مباراة ميلان وبارما في كأس إيطاليا بموسم 1986-1987، حيث أُعجب الأول بأداء بارما تحت قيادة الثاني.

ويتذكر ساكي ذلك اليوم جيداً فقال: "تحدّث برلسكوني مع رئيس بارما إرنستو سيريسيني وسأله عني، ثم قيل لي إنه سيتابعك طوال الموسم".

 

بعد ذلك بأشهر وبالتحديد في صيف عام 1987، أصبح ساكي مدرباً لميلان وهو القرار الذي غيّر تاريخ ميلان في كرة القدم.

بنى ساكي فريقاً مرعباً فاز معه بدوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين، إضافة إلى لقبين في السوبر الأوروبي وكأس الإنتركونتيننتال بجانب بطولة دوري واحدة وكأس سوبر إيطالي.

وقال ساكي بعد سماعه نبأ وفاة برلسكوني: "كان سيلفيو رجلاً كريماً، لقد حاول تغيير الوضع الصعب في بلادنا، لقد كان يفكر في الجميع وينظر إلى المستقبل البعيد".

واستذكر الفترة التي تعاقد معه فيها في ثمانينيات القرن الماضي، وحينها قال له ساكي: "عندما وقّع معي قلت له إما أنك مجنون وإما أنك عبقري".

الرئيس الأطول والأكثر نجاحاً في تاريخ ميلان

استمرت حقبة استحواذ برلسكوني على نادي ميلان 31 عاماً، شغل خلالها منصب الرئيس لمدة 20 عاماً حقق خلالها "الروسونيري" كثيراً من الألقاب وصلت إلى 29 لقباً وضعت النادي في مصافي أفضل أندية العالم.

 

وفاز ميلان بالدوري الإيطالي لموسم 1987-1988 وهو أول ألقاب النادي في حقبة برلسكوني، وانتهت بكأس السوبر الإيطالي عام 2016.

وفي وسط هذه الفترة فاز ميلان بالدوري الإيطالي (8)، وكأس إيطاليا (1)، وكأس السوبر الإيطالي (7)، ودوري أبطال أوروبا (5)، وكأس السوبر الأوروبي (5)، وكأس الإنتركونتيننتال (2)، وكأس العالم للأندية (1).

أبرز تعاقدات ميلان في عهد برلسكوني

في الحقبة التاريخية لبرلسكوني مع ميلان تعاقد مع مجموعة هائلة من نجوم كرة القدم في العالم ممن ساهموا في ربيع "الروسونيري"، من بينهم خمسة فازوا بالكرة الذهبية مع النادي الإيطالي.

ومن هؤلاء اللاعبين الهولندي رود خوليت ومواطناه ماركو فان باستن وفرانك ريكارد، والإيطاليون كارلو أنشيلوتي وروبرتو دونادوني ودانييل ماسارو، ثم جان بيير بابين وروبرتو باجيو وجورج وياه، وأندري شيفتشينكو.

 

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تعاقد برلسكوني مع الحارس البرازيلي ديدا، وأليساندرو نيستا وأندريا بيرلو وكلارنس سيدورف وريفالدو وفيليبو إنزاغي وروي كوستا.

ومن بعدهم ضم برلسكوني كافو وكاكا وياب ستام والظاهرة رونالدو ورونالدينيو وديفيد بيكهام وتياغو سيلفا وألكسندر باتو وزلاتان إبراهيموفيتش.

شائعات تشجيع إنتر

نوايا برلسكوني الحقيقية بشراء إنتر ولّدت شائعات كبيرة حول ميوله الكروية، فهناك من روّج أنه كان من مشجعي "النيراتزوري" وهو ما نفاه سيلفيو بنفسه في تصريحات أبرزها موقع forzaitalianfootball الإيطالي.

وأجاب برلسكوني عن سؤال حول ما إذا كان من مؤيدي إنتر في الماضي أو حتى إذا ما فكّر في شراء النادي، بالقول: "لطالما أنكرت ذلك".

 

وأضاف: "فوجئت بهذه الشائعات فأنا من مشجعي ميلان منذ صغري، لقد نشأت في عائلة تشجع ميلان".

وكشف برلسكوني يومها عن أفضل مباراة لديربي الغضب بين ميلان وإنتر، حيث قال: "كان ذلك في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2003، يومها تأهلنا إلى النهائي ثم حققنا اللقب على حساب يوفنتوس".

قصة نجاح جديدة مع مونزا

في سبتمبر/أيلول 2018 استحوذ برلسكوني على نادي مونزا، الذي كان ضمن دوري الدرجة الثالثة الإيطالي في ذلك الوقت، وجاءت هذه الخطوة بعمل مشترك مع غالياني، شريكه المهني التاريخي.

كانت هذه هي طريقة برلسكوني للعودة مجدداً إلى كرة القدم، حيث امتلك مونزا مقابل 3 ملايين يورو فقط، وأبقى على نيكولا كولومبو رئيساً لمجلس الإدارة، كما أنه سوّى ديون النادي، بل عززه بصفقات قوية من بينها الإيطالي الدولي السابق ماريو بالوتيلي.

تُوج مونزا بطلاً للدرجة الثالثة في الموسم الثاني (2019-2020) لبرلسكوني ليعود الفريق إلى الدرجة الثانية بعد غياب 19 عاماً، وبعد موسمين اثنين وجد مونزا نفسه في الدوري الإيطالي بعد فوزه على بريشيا وبيزا في الملحق.

 

إذن ظهر مونزا في الدوري الإيطالي لموسم 2022-2023 لأول في تاريخه، وهو الفريق رقم 69 في المسابقة، وكل ذلك في السنة الرابعة لعهد برلسكوني.

يومها قال برلسكوني: "أشعر بسعادة كبيرة لقد تأسس مونزا عام 1912 ولم يصعد إلى السيريا A، لكننا نجحنا اليوم، وفي الموسم المقبل سنلعب ضد الكبار".

وأضاف: "نريد إحراز لقب الدوري والتأهل إلى دوري أبطال أوروبا".

وقدّم مونزا موسماً تاريخياً في الكالشيو، حيث فاز على يوفنتوس ذهاباً وإياباً، كما انتصر على إنتر وعلى نابولي بطل الاسكوديتو، لينهي أول موسم له في المركز الحادي عشر برصيد 52 نقطة.

علاقة برلسكوني بالمافيا

في عام 2011، قال عضو سابق من المافيا الإيطالية برلسكوني كان يدفع بانتظام ستمائة مليون ليرة إيطالية قديمة شهرياً إتاوات للمافيا حفاظاً على حياته وحياة أسرته.

وقال جوفاني بروسكا أمام محكمةٍ إن برلسكوني كان يدفع إلى زعيم المافيا ستيفانو بونتادي، وبعد موت هذا الأخير أصبح يدفع إلى قائد المافيا الشهير سالفيتوري توتو رينا الذي كان يُطلق عليه لقب "زعيم الزعماء"، والذي اعتقل في 1993، وكان بروسكا أحد مساعديه.

 

وحسب بروسكا فإن الأموال كانت تدفع تحت صيغة "أمور سُوّيت"، وهو ما كان يعني عدم التعرض للشخص المعني.

وقال إن برلسكوني عندما توقف عن تقديم الإتاوة، أوكلت المافيا من يحاول قتله لإجباره على استئناف الدفع الذي لم يقتصر عليه كما ذكر بروسكا، وإنما كان يقوم به كثيرون غيره.

تحميل المزيد