الموسم الكروي الأوروبي الذي شهد بلوغ ثلاثة أندية إيطالية نهائيات المسابقات الأوروبية بشكل مفاجئ، عرف أيضاً أحداثاً ومحطات ومفاجآت على مستوى الدوريات الكبرى، على مستوى النتائج والمردود، برز فيه السيتي وأرسنال ونيوكاسل وبرايتون في إنجلترا، والبرسا وريال سوسيداد في إسبانيا، والبايرن ودورتموند في ألمانيا، ونابولي في إيطاليا والبياسجي في فرنسا، في حين أخفق فيه ليفربول وتشيلسي وتوتنهام، وتراجعت نتائج الريال والميلان محلياً رغم بلوغهما نصف نهائي دوري الأبطال، موسم تميز فيه بيب غوارديولا بفوزه بلقب الدوري وبلغ نهائي كأس الاتحاد، ودوري الأبطال، إضافة إلى المدرب الإيطالي روبرتو دي زيربي الذي قاد برايتون للمشاركة في مسابقة أوروبية للمرة الأولى في تاريخه، بغض النظر عن تأسيسهما فلسفة كروية جديدة.
في إنجلترا صنع السيتي الفارق محرزاً لقبه التاسع، والثالث في أربعة مواسم، بقيادة بيب غوارديولا الذي حقق خامس دوري إنجليزي، الثالث على التوالي، ليصبح أول مدرب يحقق ثلاث بطولات متتالية مع ثلاثة أندية مختلفة هي البرسا والبايرن والسيتي بمنظومة لعب وفلسفة كروية كان فيها تحوّل جون ستونز إلى وسط ميدان إضافي، واعتمد فيها على برناردو سيلفا وغريليش في الرواقين، والمهاجم ايرلينج هولاند الذي حطم كل الأرقام في أول موسم له هذا الموسم، رغم سيطرة أرسنال على مجريات الدوري إلى غاية النصف الثاني من مرحلة العودة التي شهدت تراجع نتائج ومردود أشبال أرتيتا الذي لم يكن يملك تشكيلة أساسية متميزة تنقصها البدائل التي يملكها بيب غوارديولا.
السيتي استثمر في تراجع ليفربول وتشيلسي وتوتنهام، الفرق التي تغيب عن دوري الأبطال الموسم المقبل، ويغيب أثرها محمد صلاح وهاري كين وكاي هافرتز، لصالح مفاجأة الموسم نادي نيوكاسل العائد لأجواء المسابقة الكبرى بعد غياب دام عقدين من الزمن، ولصالح نادي برايتون الذي تأهل لأول مرة في تاريخه للمشاركة في مسابقة الدوري الأوروبي بقيادة المدرب الإيطالي روبيرتو دي زيربي الذي اعتبره بيب غوارديولا أحد أفضل المدربين الذي صنع الحدث تكتيكياً، مثلما صنعه الهولندي إريك تان هاغ الذي فاز بنهائي كأس الرابطة وبلغ نهائي كأس الاتحاد، وخطف ورقة التأهل لمسابقة دوري الأبطال، في موسم لم يكن ككل المواسم في إنجلترا.
البرسا في إسبانيا عاد إلى منصة التتويجات المحلية لأول مرة منذ 2019، على حساب الريال صاحب تتويجات أربعة بكؤوس العالم والسوبر الأوروبي والسوبر الإسباني وكأس الملك، في وقت أخفق في الحفاظ على لقبه المحلي والأوروبي أمام فريق كاتالوني أبدع بقيادة البولندي روبرت ليفاندوفسكي وحارس ألماني بمنظومة دفاعية كانت الأفضل في أوروبا هذا الموسم، ومنظومة لعب حملت بصمة تشافي الذي يدرك أن المنافسة على دوري الأبطال يقتضي استعادة ليو ميسي خاصة بعد رحيل بيكي، بوسكيتس وجوردي ألبا، لأن بيدري وغافي وبالدي وفاتي ديمبلي لن يكون بإمكانهم قيادة الفريق إلى منصة التتويجات الأوروبية، ولا حتى الدفاع عن لقب الدوري الموسم المقبل في مواجهة الريال والأتلتيكو، وحتى ريال سوسيداد صانع مفاجأة الموسم الذي ضمن مشاركته في دوري الأبطال.
نابولي في إيطاليا كان مبدعاً هذا الموسم بسيطرته على مجريات الكالتشيو منذ البداية على حساب الميلان والإنتر وروما ولاتسيو، في ظل تراجع اليوفي وتزايد متاعبه مع الهيئات القضائية الإيطالية التي حرمته من التأهل لمسابقة دوري الأبطال الموسم القادم؛ بسبب خصم عشر نقاط من رصيده، في حين تمكن باريس سان جيرمان في فرنسا من الحفاظ على لقبه رغم إخفاقه في دوري الأبطال وكأس فرنسا، ومتاعبه مع نجومه الثلاث، ومع جماهيره في نهاية الموسم؛ احتجاجاً على النتائج والمردود الفردي والجماعي، مما أدى إلى تمرد ميسي وتراجع مستوى نيمار، في واحد من أسوأ مواسم النادي على مدى العقد الأخير.
السيناريو الدراماتيكي لنهاية موسم البوندسليغا صنع الحدث على مستوى الدوريات الخمسة الكبرى؛ حيث حسم البايرن مصير اللقب في الجولة الأخيرة بفارق الأهداف أمام دورتموند إثر فوزه في كولن بثنائية، وخسارة دورتموند المفاجئة على ميدانه أمام ماينز الذي فرض عليه التعادل، ليحقق النادي البافاري لقبه الثالث والثلاثين، والحادي عشر على التوالي رغم متاعبه في دوري الأبطال وكأس ألمانيا، وتغيير مدربه في منتصف الموسم على غير العادة، ومع ذلك رحل المدير التنفيذي أوليفر كان، وعاد كارل هاينز رومينيغيه إلى المكتب التنفيذي للفريق في انتظار تغييرات أخرى مرتقبة على مستوى التركيبة، بعد موسم شهد أيضاً تأهل أونيون برلين للمرة الأولى في تاريخه لمسابقة دوري الأبطال في واحد من أكثر المواسم الكروية إثارة ومتعة.
الكثير من المحللين يعتقدون أن تنظيم مونديال قطر في منتصف الموسم، وتوقف الدوريات لأكثر من شهر كان له تأثيره على مردود اللاعبين والأندية التي لم تتعود على فترة راحة شتوية طويلة من كل الجوانب النفسية والفنية وحتى البدنية، لذلك تأثر أرسنال وليفربول وتشيلسي والريال والميلان والبياسجي والبايرن، كما أن منظومات اللعب الحديثة التي اعتمد عليها غوارديولا و دي زيربي وحاول تقليدها يورغن كلوب مثلاً في إنجلترا أفضت إلى تحول عميق في الفلسفة الكروية التي لا تزال تستند على الاستحواذ والضغط العالي عند الاسترجاع وعند الهجوم، مع تكليف بعض اللاعبين بمهام إضافية جديدة أثناء المباريات، تتطلب لياقة عالية وجهداً بدنياً إضافياً وتمركزاً مختلفاً للاعبين فوق أرضية الميدان التي صارت مسرحاً لسيناريوهات تكتيكية يصعب استيعابها بسرعة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.