اللاعب مصطفى محمد شاب مسلم عربي مصري قبل أي شيء تمسك بعقيدته وكونه مغترباً "يلعب" وفقاً لمهنته كلاعب كرة قدم في أوروبا، رفض المشاركة في حملة دعم المثليين، ورفض فقط ارتداء قميص عليه شعارهم.
هذا الرفض الذي عبر عنه لاعب منتخب مصر ونادي الزمالك السابق الذي احترف في صفوف جالاتا سراي التركي قبل أن ينتقل إلى نادي "نانت" الفرنسي على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم مقابل 250 ألف يورو، مع خيار الشراء غير الإلزامي مقابل 5 ملايين و750 ألف يورو، قوبل بالرفض التام.
بعد أن أعلن نادي نانت الفرنسي في بيان رسمي توقيع عقوبة مالية على مصطفى محمد كرد فعل عن رفضه المشاركة في اللعب أمام تولوز ضمن منافسات الجولة 35 من الدوري الفرنسي، وأبلغ مصطفى محمد ناديه برفضه المشاركة في مواجهة نادي "تولوز" بسبب ارتداء فريقه قميصاً يدعم المثليين، لم يعلن النادي حتى هذه اللحظات عن قيمة الغرامة المالية، لكنه أعلن عن التبرع بهذه الغرامة لمؤسسة داعمة للمثليين.
كما وجه أوليفيه فيران، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، انتقادات لاذعة للاعبين الذين رفضوا المشاركة في حملة دعم المثليين بالدوري الفرنسي، ورفض كل من مصطفى محمد مهاجم نانت، ودوناتيان جوميز مدافع نادي جوانجان، وزكريا أبوخلال لاعب نادي تولوز، اللعب في الجولة لعدم رغبتهم المشاركة في تلك الحملة.
قد كشفت تقارير فرنسية أن نادي "تولوز" الفرنسي أعلن بشكل رسمي تهميش لاعبيه الذي رفضوا المشاركة حتى نهاية الموسم.
كما أشارت العديد من التقارير إلى عدم قيام النادي الفرنسي بتفعيل بند شراء مصطفى محمد من ناديه "جالاطا سراي" التركي بعد موقف عدم ارتداء شارة المثلية.
السؤال الذي دائماً ما أسأله: ما لك يا فرنسا بالإسلام والمسلمين؟ لماذا كل هذه الكراهية تجاه الإسلام ومواقف المسلمين؟ لماذا تتكرر مثل هذه المواقف التي تضطهد المسلمين ومواقفهم تجاه دفاعهم فقط عن معتقداتهم، تلك المواقف التي لا تجبرك يا فرنسا كدولة ولا تجبر أبناءك على أي فعل سوى تقبل وجهة نظر الآخر واحترام معتقداته ودينه وما تربى عليه.
كيف لبلد بحجم فرنسا الداعية لحرية الرأي والحرية أن تظهر بهذا الشكل القبيح للرأي العام، حيث التناقض والكيل بمكيالين في حرية الرأي والتعبير، فكيف تدافعين عن حقوق المثليين كونهم فئة قليلة في المجتمع، وفي نفس الوقت تخالفين هذه الحرية التي أعطيتها لنفسك وتدافعين بها عن المثليين من هذا المنطق؟!
فتفرض أنديتك عقوبات مالية، وتمنعين الحجاب في العديد من الأماكن العامة، وترحبين بالرسومات المسيئة لخاتم الأنبياء تحت مسمى حرية الإبداع، وتمنعين البوركيني على الشواطئ، وفي رمضان يقرر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم عدم إيقاف المباريات للسماح للاعبين الصائمين بالإفطار خلال المباريات.
لماذا كل هذه الكراهية العلنية والاضطهاد غير المبرر للمسلمين؟
لماذا يا فرنسا كل هذه المواقف المعادية لفئة صغيرة في بلدك، وتصدرين بناءً على هذه الكراهية الدفينة التي تملأ قلب مسؤوليكِ قرارات وقوانين من أجل التضييق أكثر وأكثر على المسلمين، في حين نجد النقيض أو بالمعنى الأصح نرى القرارات السوية التي تدعو للتعايش وتؤمن بحرية الرأي واحترام حقوق الإنسان كونه فقط إنسانا بغض النظر عن معتقداته؟!
نجد مدناً أمريكية وإنجليزية تطبق الشعارات التي ترفعها تلك الشعارات الخاصة بحرية الرأي والتعبير والبوح بما تؤمن به طالما لا يؤذي غيرك ولا يتعدى على حريته ولا يمنعه من ممارسة طقوس دينه التي يؤمن بها ولا يجبر الآخر على فعلها، تؤمن بحق التعايش ومراعاة مشاعر الإنسان.
فنجد مثلاً قرار لجنة الحكام التابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بتسهيل عملية إفطار اللاعبين المسلمين الصائمين، خلال المباريات التي تتزامن مع أذان المغرب، بحيث يكون بإمكان اللاعبين تناول السوائل أو المكملات الغذائية خلال فترة التوقف على أن يتم استئناف المباراة بعد ذلك مباشرة.
ليس هذا فقط، بل نرى بأم أعيننا جميعاً إفطاراً جماعياً يوم 26 مارس 4 رمضان الماضي يعلن عنه نادي تشيلسي الإنجليزي على أرض ملعب "ستامفورد بريدج"، وفي تصريحات غاية في الأهمية، يقول سيمون تايلور، رئيس مؤسسة تشيلسي لموقع "البلوز" الرسمي، إنه فخور للغاية لكونه أول فريق في الدوري الممتاز يقوم بذلك.
مشهد آخر نشاهد جميعاً ميدان "تايمز سكوير" الشهير في مدينة نيويورك الأمريكية، يتزين بمئات المصلين، وهم متجمعون في الميدان، ويؤدون صلاة التراويح في مشهد وُصف بأنه "الأول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية".
كما في خطوة هامة جداً سمحت مدينة "مينا بوليس" الأمريكية برفع الأذان في مكبرات الصوت بجميع أوقات صلاة المسلمين الخمس كل يوم وعلى مدار العام، لتصبح أول مدينة أمريكية كبرى تسمح بهذا.
كما أعلنت رنا عبد الحميد، رائدة الأعمال والناشطة الأمريكية من أصول مصرية، حصولها على أول موافقة لرفع الأذان عبر مكبرات الصوت في مساجد مدينة أستوريا بولاية أوريغون الأمريكية.
لقد وصف ستيف روثرهام، عمدة بلدية ليفربول الإنجليزية، تأثير صلاح في انخفاض وتيرة الإسلاموفوبيا بعد أن أدرجت صحيفة "تايم" البريطانية اسم صلاح في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في جميع أنحاء العالم عام 2019.
كما نشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقريراً في السابق، أكدت أن اللاعب ساهم في نشر القيم الإيجابية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، تراجعت جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 18.9%، وتراجعت أيضاً تدوينات مشجعي الفريق المُعادية للإسلام بأكثر من 5%، مقارنة بتدوينات مشجعي باقي فرق "البريميرليج".
الخلاصة
في الإسلام التعايش والتعامل بإحسان من صلب الدين، وهذا ما أكدته النصوص النبوية الكثيرة، كقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فأعادها ثلاثاً أو مرتين، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "أحسنكم خلقاً"- رواه أحمد.
في صحيح البخاري عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من خيركم أحسنكم خلقاً"، فالمسلم بأخلاقه يمكن أن يكون داعية للإسلام دون أن يتكلم بكلمة، فالناس أسرع تأثراً بالأفعال منهم بالأقوال.
جميعاً شاهدنا تأثير أخلاق محمد صلاح الشاب المسلم وسط مجتمع بعيد كل البعد عن معتقداته، إذن فهي الفرصة في التعايش واحترام المعتقدات الدينية للمسلمين، وما نؤمن به دون الحكم علينا، لذلك يجب أن أوجه رسالة لفرنسا فأقول: كفاكِ بغضاً للإسلام والمسلمين، فأنت كدولة وشعب الخاسرة في نهاية الأمر، لذلك يجب أن تتذكروا حملات المقاطعة التي قام بها المسلمون للمنتجات الفرنسية اعتراضاً على تأييدهم ودفاعهم عن تلك الرسومات المسيئة لخير الأنام، ما أثر ذلك بالسلب على اقتصادكم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.