لا جديد في الرياضة المصرية؛ النادي الأهلي يتصدر الدوري المحلي ووصل لنهائي دوري أبطال إفريقيا، بينما نادي الزمالك غارق في أزماته الإدارية، وموهبة جديدة قررت الهرب من نعيم الوطن إلى جحيم الغربة.
في واقعة هروب جديدة، لم تصدم أحداً في مصر حقاً، هرب المصارع أحمد بغدودة، الفائز بالميدالية الفضية في بطولة إفريقيا للمصارعة الرومانية في وزن (63) كيلوغراماً، من مقر إقامة بعثة المنتخب المصري في تونس حيث أقيمت البطولة خلال الفترة الممتدة بين 15 وحتى 21 من مايو/أيار.
وكما توقعت عزيزي القارئ، بدأت وزارة الرياضة تحقيقات موسعة حول الواقعة، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يهرب فيها رياضيون مصريون خارج البلاد، كما لا يفترض أن يمتلك الرياضيون جوازات سفرهم في حوزتهم. لكنها -أي وزارة الرياضة- لم تفتح حتى الآن تحقيقاً جدياً حول الأسباب التي تدفع رياضيون يفترض أن لهم مستقبلاً باهراً في الوطن، مثل بغدودة، إلى الهرب.
تفاصيل هروب أحمد بغدودة
هروب أحمد بغدودة جاء بعد مراوغة حذقة، فوفقاً للرواية الرسمية لمسؤولي اتحاد المصارعة المصري، فإن بغدودة طلب الحصول على جواز سفره لرغبته في شراء دنانير تونسية لشراء بعض الأغراض والمستلزمات ثم اختفى تماماً، حتى اكتشف سفره إلى فرنسا دون الحصول على إذن بذلك.
وكان أحمد بغدودة قد حصل على تأشيرة دخول فرنسا قبل السفر إلى تونس للمشاركة في بطولة إفريقيا للمصارعة الرومانية.
مرة أخرى، وكما تتوقع عزيزي القارئ، أصدر اتحاد المصارعة المصري بياناً رسمياً نارياً، أمس الأحد، جاء فيه: "يدرس الاتحاد المصري للمصارعة اتخاذ كل الإجراءات القانونية التي تحفظ للاتحاد كل حقوقه في هذا الأمر، كما أن الاتحاد المصري للمصارعة تواصل مع الاتحاد الدولي بشأن عمل كل الإجراءات بما يضمن استمرارية اللاعب ضمن صفوف المنتخب المصري وذلك وفقاً للوائح المنظمة لذلك".
المثير لحفيظة متابعي أحوال الرياضة المصرية في بيان الاتحاد هو تأكيد الأخير على "إعداد أجيال واعدة في لعبة المصارعة ترفع علم مصر في البطولات والمحافل الرياضية الدولية".
السكرتير العام للاتحاد المصري للمصارعة، محمود السيد، أكد أن أي مبررات لهروب المصارع أحمد بغدودة، بسبب عدم تلقيه للدعم غير صحيحة على الإطلاق، مؤكداً أن الاتحاد يمنح لاعبيه رواتب شهرية ومكافآت مالية خاصة من أجل إنجاح مسيرتهم الرياضية.
لكن، للقصة وجه آخر، على الأقل في عين والد المصارع أحمد بغدودة، فؤاد بغدودة. ففي تصريحات تلفزيونية أكد والد اللاعب أنه لا يحصل على دعم مادي مستمر من اتحاد المصارعة، وأن ما يحصل عليه شهرياً هو مبلغ قيمته (2200) جنيه مصري ومن أحد المشاريع القومية، لا من الاتحاد.
وذكر الأب، الذي لم يستدل بعد على مكان ابنه، واقعة ربما تفسر سبب هروب ابنه، يروي فؤاد بغدودة: "صدرت لابني مكافأة بقيمة 16 ألف جنيه، فاقتطع منها الاتحاد أكثر من 14 ألف جنيه ضرائب، وحصل ابني على 1200 جنيه فقط".
قطع الأب الطريق أمام أي اتهام له بالمساعدة في التخطيط لهرب نجله إلى فرنسا، بقوله: "أنا راجل فقير على قدي وبشتغل سواق على توك توك، ولا أعرف حد في فرنسا ولا بره، وبحافظ على كرامة ابني في وسط الناس، أنا مش قادر أجيب لابني جزمة يلعب بيها، وشحت (استعار) جزمة من صحابه عشان يلعب بها".
ووجه الأب في نهاية تصريحاته التلفزيونية رسالة لابنه يطالبه فيها بالعودة إلى أرض الوطن، "ارجع مصر هي أولى بك وإحنا اتولدنا فيها وهنعيش ونموت فيها".
في السطور التالية نسلط الضوء على عدد من الرياضيين المصريين الذين قرروا تمثيل بلدان أخرى.
- محمد الشوربجي
قبل عام من اليوم، في يونيو/حزيران 2022، فجّر الاتحاد الإنجليزي للاعبي الإسكواش المحترفين قنبلة مدوية، حين أعلن أن النجم المصري محمد الشوربجي، المصنف الثالث عالمياً، سيمثل المنتخب الإنجليزي. ما زاد الوضع التهاباً، كان تعليق الشوربجي نفسه على القرار: "أنا متحمس حقاً لتمثيل إنجلترا الآن، لقد عشت في إنجلترا أكثر من نصف حياتي، وتدربت على يد مدربين بريطانيين".
بدأ محمد الشوربجي المولود في مدينة الإسكندرية يوم 12 يناير/كانون الثاني 1992، مسيرته الاحترافية عام 2006، وهو في عمر 14 عاماً، وهو نفس العام الذي انتقل فيه للعيش بمدينة بريستول الإنجليزية.
ويتمتع الشوربجي بقوام رياضي مثالي جعله من أفضل لاعبي الإسكواش في العالم، حيث يبلغ طوله 185 سم بوزن 82 كيلوغراماً، والآن هو في المركز الثالث بالتصنيف العالمي للرجال.
ولفت الشوربجي الأنظار إليه بعدما فاز ببطولة العالم للناشئين مرتين متتاليتين في عامي 2008 و2009، ليصبح ثاني لاعب في التاريخ يحقق هذا الإنجاز بعد عاشور.
وفي المجمل نافس الشوربجي في 178 بطولة دولية، وحقق العديد من الإنجازات تحت العلم المصري، منها 44 بطولة دولية من أصل 71 مباراة نهائية وصل إليها، ليصبح أكثر اللاعبين المصريين تحقيقاً للألقاب في الإسكواش.
ويُعتبر الشوربجي خامس أكثر اللاعبين تصدراً للتصنيف العالمي بواقع 50 شهراً.
- فارس حسونة
أهدى حسونة، ذو الأصول المصرية، دولة قطر أول ميدالية ذهبية في تاريخ مشاركاتها في دورات الألعاب الأولمبية الصيفية، وذلك في منافسات رفع الأثقال للرجال وزن 96 كيلوغراماً في أولمبياد طوكيو 2020.
ووصل الرباع حسونة، المولود في مدينة المحلة عام 1988، إلى قطر عام 2014، برفقة والده إبراهيم الذي تلقى عرضاً للتدريب هناك، ومثل فارس قطر في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016.
وقبلها طلب الوالد، وهو رباع مصري سابق، من مسؤولي اللعبة في مصر الأوراق الخاصة بنجله، لتأكيد أنه غير مدرج في سجلات المنتخب المصري، وهو ما حدث.
وخرج محمود محجوب، في تصريحات مدوية بعد حصول حسونة على ذهبية رفع الأثقال في طوكيو، أكد فيها أن أرقام اللاعب خلال بداياته طبيعية، ولم تشهد الطفرة إلا عند رحيله إلى قطر.
- محمود فوزي سبيع
بدأت أزمة المصارع المصري مع اتحاد بلاده في يوليو/تموز 2017، بعدما وجه اتهاماً للاتحاد بمجاملة فرج عامر، رئيس نادي سموحة، والذي قام بتسجيل نجل أحد أصدقائه للمشاركة في دورة ألعاب البحر المتوسط بدلاً منه، الأمر الذي نفاه عامر.
وبعد حوالي 10 أشهر من تلك الواقعة، أعلن اتحاد المصارعة المصري إيقاف فوزي وإحالته للتحقيق، على خلفية تلك الاتهامات.
بعدها حزم فوزي أمتعته وسافر إلى الولايات المتحدة، بعدما تأكد من عدم مشاركته في أولمبياد طوكيو 2020 على خلفية قرار إيقافه، ليعلن يوم 25 يوليو/تموز 2018، حصوله على الجنسية الأمريكية.
وأكد المصارع المصري، الحاصل على بطولة إفريقيا للمصارعة 5 مرات، وبطولة العرب 4 مرات، وفضية الجائزة الكبرى في إسبانيا عام 2016، حينها استعداده الفوري لتمثيل الولايات المتحدة في البطولات العالمية.
- طارق عبد السلام
أُصيب طارق، الذي مثّل منتخب مصر للمصارعة، في أحد المعسكرات التدريبية لـ"الفراعنة"، ورفض اتحاد اللعبة في بلاده تحمل نفقات علاجه، على اعتبار أنه لاعب غير مؤثر، وهو ما دفعه للسفر إلى بلغاريا عملاً بنصيحة أصدقائه، من أجل تلقي العلاج من جيبه الخاص.
ولأن فاتورة العلاج كانت أعلى مما لديه، أُجبر طارق على العمل بائعاً للشاورما في أحد المحال، حتى وصلت قصته إلى مسامع المسؤولين البلغاريين الذين ساعدوه في تحمل نفقات علاجه.
وبعدها تم عرض الجنسية عليه فوافق، ليلعب بعدها طارق عبد السلام تحت العلم البلغاري، إذ حصد ذهبية بطولة أوروبا تحت 75 كيلوغراماً، وذلك يوم 8 مايو/أيار 2017.
وفي تصريحات صحفية، اعترف إبراهيم عادل، عضو الاتحاد المصري للمصارعة، بالتقصير وتجاهل طارق، مؤكداً أنه لا يمكن محاسبته قانونياً؛ لأنه حصل على الجنسية.
وأقر عادل أن اتحاده فشل في تبني موهبة عبد السلام، كما أهمل علاجه وتركه على طبق من ذهب لمن اعتنى به وقدَّر موهبته، وفق وصفه.
- سامح الدهان
أثار إعلان الاتحاد المصري للفروسية استبعاد الدهان من المشاركة في دوري الألعاب الأولمبية الصيفية طوكيو 2020، غضب اللاعب الذي قرر تمثيل الاتحاد الإنجليزي تحت العلم البريطاني.
حينها أعلن الاتحاد المصري للفروسية برئاسة هشام حطب، القائمة النهائية للاعبين المشاركين في طوكيو والمكونة من أربعة فرسان، وتم وضع الدهان في المركز الخامس، ما يعني أنه كان على قائمة الانتظار لو حدث أي طارئ.
وحسب الترتيب العالمي، فإن الدهان كان من المفترض أن يكون ثالثاً بعد عبد القادر سعيد ونائل نصار، لكن ما حدث أن الفارس جاء خامساً بعد محمد طاهر زيادة ومحمد البرعي، اللذين يأتيان بعده في الترتيب.
وبعد استبعاده لصالح الفارس زيادة، فكر سامح في التجنيس الرياضي، ليقرر بالفعل اللعب لصالح الاتحاد الإنجليزي بدءاً من يوم 24 أغسطس/آب 2021، وهو القرار الذي حظي بدعم زوجته، التي كانت مالكة الحصان الذي يشارك به الدهان في البطولات.