رفضه بنفيكا بسبب طوله وجسده.. كيف تحول بيرناردو سيلفا إلى ورقة رابحة لبيب غوارديولا؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/19 الساعة 09:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/19 الساعة 09:01 بتوقيت غرينتش
بيرناردو سيلفا / shutterstock

الرفض في بنفيكا كان صعباً..

اللعب في بنفيكا، هو حلم أي طفل يريد أن يلعب كرة القدم في البرتغال، حاله حال بورتو، فما بالك أن تنضم لبنفيكا في سن صغيرة؟

وتُحاول أن تصعد للفريق الأول، لقد منحتك الحياة أكثر مما تمنيت، وأن تصبح لاعباً في صفوف أعرق أندية البرتغال وتُشارك في بطولة دوري أبطال أوروبا!

يعرف بيرناردو سيلفا جيداً ما تعنيه أكاديمية بنفيكا حول العالم، وهي واحدة من أفضل الأكاديميات في مجال كرة القدم مع أكاديميات مثل: لاماسيا الخاصة ببرشلونة على سبيل المثال.

لذا، فإن بيرناردو لم يتوقف أبداً عن الإيمان بأنه في يوم من الأيام سيصل إلى ما هو أكبر.

بعد أن تخطى عقبات كثيرة في فريق الرديف لبنفيكا، وجد نفسه تحت إمرة المدرب خورخي خيسوس، وخورخي خيسوس هو واحد من أهم المدربين البرتغاليين في الألفية الحديثة.

في الجولة التحضيرية مع الفريق الأول، اخترع خورخي مركزاً يراه مناسباً لبيرناردو سيلفا؛ هذا المركز هو مركز الظهير الأيسر.

ولأن بيرناردو أبداً لم يلعب في هذا المركز في حياته، واجه صعوبة شديدة في التأقلم عليه، في الجهة المقابلة، كان خورخي خيسوس يتعامل معه كأنه في فترة امتحان، وأن عليه أن يتجاوزها وإلا فستكون النتيجة وخيمة.

بعد محاولات بالغة للتأقلم، توقف بيرناردو عن تصديق أنه سيستطيع التأقلم، وفي أول مباراة رسمية مع الفريق الأول لبنفيكا، قرر خورخي خيسوس أن يستبدله، ومنذ ذلك اليوم لم يدخل بيرناردو أرض بنفيكا ولم يكُن من أهلها.

بعد أن قرر استبداله، أبلغه عن طريق المختصين في الفريق بأنه، خورخي خيسوس، لا يراه سوى مجرد لاعب شاب لديه الموهبة لكن عليه أن يعمل أكثر مما يعمل ليحقق ما يحلم به.

وأن بنيته الجسدية ضعيفة للغاية، علاوة على قصر قامته وعدم حاجة بنفيكا إليه، وأن هناك من هم أفضل منه في صفوف الفريق الأول لبنفيكا وحتى في الفريق الرديف، وعليه الآن أن يبحث عن مكان آخر ليستكمل فيه مسيرته؛ عليه أن يُغادر بنفيكا للأبد!

كانت لحظة صادمة بالنسبة لشاب لم يكمل التاسعة عشرة من عمره في ذلك الوقت، وفكر بيرناردو سيلفا كثيراً: أين يذهب؟

بيرناردو سيلفا
بيرناردو سيلفا

لحسن حظه، كان موناكو الفرنسي يتقدم لطلبه، وعلى الفور، لم يُفكر سيلفا في الأمر مرتين، ووافق بأن يتجه نحو فرنسا، لتجربة جديدة وفرصة لا تليق بأحلامه التي أُجهضت في وطنه.

في موناكو، كان المدرب البرتغالي ليوناردو جارديم يعرفه، ويتابعه ويثق به؛ لذا منحه فرصة ذهبية للبقاء مع الفريق الأول والتواجد بصفة أساسية مع الفريق.

من هنا، كان على بنفيكا أن يندم أشد الندم على ما فعله، وأن بيرناردو سيلفا لن يحتاج إلا مدة قليلة ليُثبت لبنفيكا أنه واحد من أفضل لاعبي الأكاديمية في العقد الأخير، وأن قرار خورخي خيسوس كان قراراً خاطئاً تماماً!

كيف علمه غوارديولا أن يخترع مركزاً؟

وعلى عكس زميله في نفس الفريق، روردي "رودريجو هيرنانديز كستانتي" الذي يدرس بجوار مهنته كلاعب كرة قدم، وحصل على درجة البكالوريوس؛ فإن بيرناردو سيلفا كان يسير على نفس النهج سابقاً، حينما انضم للجامعة، لكنه في نهاية المطاف تخلى عنها لأن عقده مع بنفيكا لم يُسعفه للموافقة بين الاثنين.

في لقاء سابق، قال بيرناردو سيلفا إن أكثر من لا يفهم كرة القدم، هم أولئك الذين يركضون للبحث عن الأرقام والإحصائيات بعد نهاية أية مباراة!

وأن بيرناردو لا يهتم كثيراً، إذا كان أفضل لاعب في المباراة، الموسم، أو حتى في فريقه، الأهم بالنسبة له أن يكون على قدر المسؤولية التي يضعها فيه كل مدرب.

يذكر بيب غوارديولا جيداً تلك الليلة التي جمعت مانشستر سيتي الإنجليزي، بموناكو الفرنسي في إطار مسابقة دوري أبطال أوروبا، والتي تُعد واحدة من أفضل ليالي دوري الأبطال على مر تاريخه.

بيرناردو سيلفا
بيرناردو سيلفا

يذكر غوارديولا أن موناكو امتلك لاعباً قصير القامة، ضعيف البنية الجسدية، لكنه سبب الكثير من الألم لمانشستر سيتي وغوارديولا نفسه، هذا اللاعب اتضح أنه من البرتغال، وأن غوارديولا يُريده بأية وسيلة في صفوف فريقه.

في المقابل، كان بيرناردو يعرف أن خطوة الانضمام لمانشستر سيتي، هي خطوة كبيرة، حيث سيلعب في واحد من أفضل أندية الدوري الإنجليزي، وفي أصعب دوري في العالم، وتحت قيادة أفضل مدرب في العالم.

المنافسة على مقعد أساسي في مانشستر سيتي صعبة، وإذا لم تكن بحجمها ستخسر وستسقط درجات للأسفل، لكن بيرناردو كان غريباً في هذا الصدد؛ إذ أنه لم يُفارق التشكيلة الأساسية للفريق تقريباً منذ وصوله لمانشستر سيتي!

اعتمد عليه غوارديولا في كل الأوقات، الصعبة منها والسهلة، واعتبره حجر أساس يُبنى عليه الفريق، بل وأصبح بيرناردو يركض في الملعب كأنه يمشي في حديقة منزله!

واستطاع بيرناردو أن يتغلب على كابوس بنفيكا سريعاً، رغم أنه اعتبر نفسه مشجعاً وفياً لبنفيكا منذ صغره، لكنه لم ينسَ أبداً الطريقة السيئة التي خرج بها من البرتغال، ولم يمنعه الوداع السيئ من أن يُنفذ كل ما يطلبه غوارديولا منه.

في بنفيكا، فرضوا عليه مركزاً لم يتأقلم عليه؛ لأن أضواء الفريق الأول أزعجته وأرهقته، في مانشستر سيتي، كان عليه أن يفهم أنها فرصة لا تُعوض، وفهم أن غوارديولا سيُحركه في الميدان كأنه قطعة شطرنج، لا مركز لها ولا مساحات مُعينة تتحرك فيها.

ورأيت بيرناردو يلعب في مركز الظهير الأيسر، ويلعب في خط الوسط، ويلعب على الأجنحة، ويُقدم أدواره الهجومية كاملة كأنه خُلق لهذا الدور، ويُتقن أدواره الدفاعية كأنه وُلد مُدافع عن أي فريق مثله!

ولم يكن الأمر غريباً، أن يظهر رجل بهذا الحجم من البرتغال، فيتحول إلى أفضل لاعب لا يفوز بجائزة ولا يُقدر بأرقام؛ بل الغريب أنه كان رجل معظم مباريات فريقه، من حيث التأثير على النتيجة، ومن حيث التأثير في الفريق نفسه.

في معظم الليالي الصعبة على مانشستر سيتي، كان بيرناردو أفضل من في الميدان، وفي الليالي الرائعة كان بيرناردو يتسابق لنيل جائزة أفضل لاعب في الميدان، في الموسم الماضي خرج مانشستر سيتي بطريقة درامية أمام ريال مدريد، في مسابقة دوري أبطال أوروبا من نصف النهائي، وفي المباراتين كان بيرناردو سيلفا هو أفضل لاعب من مانشستر سيتي.

هذا الموسم، صعد مانشستر سيتي بطريقة تاريخية أمام ريال مدريد، في مسابقة دوري أبطال أوروبا من نصف النهائي، وكان بيرناردو سيلفا هو أفضل لاعب من مانشستر سيتي.

أحياناً يُسجل، وأحياناً لا، أحياناً يصنع، وأحياناً لا، أحياناً يؤثر في نتيجة المباراة بصورة مباشرة، وأحياناً يؤثر بطريقة غير مباشرة؛ لكنه دائماً وأبداً، كان أفضل لاعب لا تُقدره الجوائز، ولا تُنصفه الأرقام.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر إبراهيم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
تحميل المزيد