أحرقت عائلته ملابسه الرياضية لمنعه من كرة القدم.. تشوكويزي “قاهر” ريال مدريد

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/10 الساعة 13:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/10 الساعة 13:26 بتوقيت غرينتش
اللاعب صامويل تشوكويزي/shutterstock

صنع اللاعب الدولي النيجيري صامويل تشوكويزي الحدث في الوسط الرياضي العالمي، عندما قاد فريقه "فياريال" للفوز على مضيفه "ريال مدريد"، مساء السبت 8 أبريل/نيسان 2023، لحساب الجولة الـ12 من الدوري الإسباني لكرة القدم، ليقضي بذلك على أحلام النادي الملكي في مواصلة التنافس على لقب الليغا.

قد كان من الممكن جداً ألا يسمع العالم باسم هذا اللاعب القادم من غرب إفريقيا، لو لم يَرِق قلب والدته فجأة وتقرر التراجع عن موقفها الحاسم الذي اتخذته لما كان طفلاً صغيراً يعيش بمدينته المغمورة جنوب شرق نيجيريا.

وُلد صامويل تشوكويزي يوم 22 مايو/أيار 1999 بمدينة "أومهواهيا" جنوب نيجيريا، حيث نشأ وبدأ ممارسة رياضته المفضلة كرة القدم بشوارعها وساحاتها الواسعة، قبل أن ينضم إلى أكاديمية "فيوتر هوب" ليلعب في صفوف فريقها لأقل من 8 سنوات ثم لفريق أقل من 10 سنوات.

كان يحلم بأن يكون مثل الأسطورة النيجيرية أوكوشا

خلال تلك الفترة كان الطفل "سامو"، مثلما يُلقب "صامويل تشوكويزي"، تلميذاً نجيباً بالمدرسة الابتدائية التي يدرس بها ببلدته، ولكنه كان يقضي وقتاً طويلاً في لعب كرة القدم.

كان صامويل تشوكويزي يحلم بأن يصبح مستقبلاً نجماً كبيراً في منتخب بلاده على غرار "قدوته"، أسطورة الكرة النيجيرية الفنان "جاي جاي أوكوشا"، الذي ترك بصمته في عدة أندية أوروبية في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثانية، كـ "أنتراخت فرانكفورت" الألماني و"فنربخشة" التركي، و"باريس  سان جيرمان" الفرنسي و"بولتون" الإنجليزي.

لم تكن عائلة صامويل تشوكويزي تنظر لهذا الحلم الكبير بعين الرضا، إذ كانت ترى أنّ رياضة كرة القدم التي يلعبها "سامو" يجب أن تكون شيئاً ثانوياً مقارنة بطلب العلم والمعرفة، فأصرّت على توقفه عن ممارستها والتركيز على دراسته.

صامويل تشوكويزي عائلته أجبرته على التوقف عن ممارسة رياضته المفضلة 

روى صامويل تشوكويزي بنفسه الصرامة الكبيرة التي واجهها من طرف عائلته لإجباره على التوقف عن ممارسة رياضته المفضلة، وخاصة من قبل خاله "المثقف" ووالدته التي كانت تشتغل كممرضة.

كشف تشوكويزي في حوار مع موقع "جول" العالمي، يوم 4 سبتمبر/أيلول 2019، أنّ عائلته قامت بحرق حذائه ولباسه الرياضي لدفعه للتوقف نهائياً عن لعب الكرة والتركيز على الدراسة.

روى صامويل تشوكويزي تلك القصة قائلاً: "حاولت أمي دائماً منعي من لعب كرة القدم. لقد أحببت اللعب منذ صغري، لكنها كانت تحاول منعي، وكانت تجبرني على البقاء في المنزل للتركيز على دراستي".

أضاف أيضاً: "لقد كنت تلميذاً مجتهداً، ولكن عندما تحب شيئاً ما وتكون شغوفاً به كثيراً، يصبح هو هدفك، فبدأ مستواي الدراسي يتراجع. فقد كنت في بعض الأحيان أذهب إلى التدريبات وأعود إلى المنزل في وقت متأخر، وكنت أعلم أنني سأعاقب، لقد هددوني بأنني سأضطر إلى النوم خارج البيت. قالت لي والدتي إنني لا أستطيع القدوم إلى المنزل".

وتابع: "قال لي عمي عليك التوقف عن لعب هذه اللعبة والتركيز على المدرسة لكنني لم أستمع. ثم في يوم من الأيام أحرقوا حذائي وكل ملابسي الرياضية الخاصة بالتدريب، أحرقوها حتى لا أستطيع الذهاب إلى الملعب".

مفاجأة غير منتظرة من والدة صامويل تشوكويزي الصارمة 

أوضح صامويل تشوكويزي أنه توقف بعد ذلك عن اللعب لفترة، وذلك قبل أن يحدث أمر غير متوقع تماماً، إذ أخبره أحد أصدقائه بأنّ إحدى الأكاديميات تقوم باختبارات لاختيار لاعبين صغار للمشاركة في دورة دولية بالبرتغال، ولكن "سامو" رد عليه  بأنّ الأمر مستحيل بالنسبة له بسبب قرار عائلته الراديكالي.

ولكن ذلك الصديق لم يأبه برد صامويل، وذهب إلى بيته على الساعة السادسة صباحاً، مثلما روى تشوكويزي الذي كشف عن المفاجأة قائلاً: "أمي، الشخص الذي لا يحب كرة القدم، والتي لا تريدني أن ألعب كرة القدم، هي التي فتحت الباب!.. لقد أيقظتني في ذلك الصباح، لقد فوجئت كثيراً. أخبرتني بأنّ صديقي قدم لاصطحابي. أخبرتها بأنني لن أذهب ولكنها كانت هي من قالت إن عليّ أخذ حذائي ومغادرة المنزل! كنت متفاجئاً حقاً".

ولم تتوقف القصة الغريبة لصامويل تشوكويزي عند هذا الحد، إذ بعدما ذهب إلى مكان التدريب، قال له المدرب إنّه قد وصل متأخراً وإنّ قائمة اللاعبين المُختارين قد أغلقت، فبقي في انتظار صديقه خارج الملعب للعودة رفقته إلى المنزل، ولكن مدير الأكاديمية تدخل وطلب من المدرب السماح للطفل بالتدرب مع اللاعبين الآخرين، فبُهت هذا الأخير من القدرات الفنية الخارقة للاعب المغمور.

صامويل تشوكويزي يقود منتخب نيجيريا للتتويج بكأس العالم لأقل من 17 سنة 

بقية القصة كانت جميلة، فتلك الاختبارات، التي جرت في سنة 2012، كانت لضم لاعبين موهوبين لأكبر أكاديمية في كرة القدم بمدنية "أومواهيا"، وهي "دياموند فوتوبل"، وسرعان ما أصبح تشوكويزي هدافاً لفريقها ثم شارك في دورة دولية بالبرتغال ونال خلالها جائزة "أحسن لاعب" في البطولة.

تواصل تألق الفتى "سامو" عندما ساهم في تتويج منتخب نيجيريا بلقب كأس العالم للناشئين "أقل من 16 عاماً" في سنة 2015 بالتشيلي، ثم خطفه صائدو العصافير النادرة لضمه، في صيف 2017، لنادي فياريال الإسباني الذي دفع مبلغ 500 ألف يورو لأكاديمية "دياموند فوتبول" للحصول على خدمات اللاعب النيجيري الشاب. 

بدأ صامويل تشوكويزي مشواره مع نادي "فياريال" ضمن فريق الشباب لأقل من 19 سنة، ثم مع فريق الرديف، قبل أن يلتحق بالفريق الأول في موسم "2018- 2019" حيث شارك في 38 مباراة رسمية بكل المسابقات المحلية والقارية، سجل خلالها 8 أهداف ومنح 3 تمريرات حاسمة.

استمر أداء اللاعب في التطور تدريجياً من سنة لأخرى إلى أن انفجر في الموسم الجاري، حيث سجل حتى الآن 13  هدفاً، وقدم 11 تمريرة حاسمة، فكان من بينها الهدفان الحاسمان اللذان سجلهما في مرمى نادي ريال مدريد، بمعقل هذا الأخير "سانتياغو برنابيو" برسم الجولة الـ 27 من مسابقة "الليغا"، في مباراة اعتبرها الاختصاصيون أنها الأفضل في مسار اللاعب الذي سيبلغ بعد حوالي 40 يوماً عامه الـ24.

مدرب فياريال  يُبرز قدرات صامويل تشوكويزي ويوضح أسباب تطوره 

وصف مدرب فريق "فياريال"، الإسباني كيكي سيتين، المستوى الذي ظهر به صامويل تشوكويزي أمام ريال مدريد، بـ"المتكامل والاستثنائي" وأنه يمر "بفترة إلهام لا تأتي كثيراً خلال مسيرته في الملاعب".

أوضح كيكي سيتين، متحدثاً عن نجم فريقه خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة: "لقد كان فعالاً وسجل هدفين من أنصاف الفرص وصعبين للغاية. إضافة إلى مساهماته الدفاعية. كما أن لديه رغبة كبيرة في التعلم، ويتلقى المعلومات بشكل جيد ويعمل بكد كي يصل إلى ما يحققه. ونرى المردود في أيام مثل هذه. هدفان رائعان. هكذا هي كرة القدم التي يحب الجميع مشاهدتها".

وتابع: "خلال فترة الإلهام هذه، لم يرتكب صامويل تشوكويزي أخطاء، وتسديداته متقنة، لا يحدث ذلك كثيراً على مدار المسيرة الكروية لأي لاعب، "سامو" يمر بتلك المرحلة الآن وهو يريد التطور أكثر. بعد انتهاء المران في العديد من المرات يبقى للتدرب على لقطات مثل تلك التي جاء منها هدفه الثاني".

لا يزال صامويل تشوكويزي مُرتبطاً مع نادي فياريال حتى يونيو/حزيران 2024، لكن من المحتمل جداً، في ظل تألقه التصاعدي، أن يتم بيعه في صيف السنة الجارية لأحد الأندية الأوروبية الكبيرة الراغبة في الاستفادة من خدماته، وذلك بمبلغ لا يقل عن 20 مليون يورو، وفقاً لآخر قيمة سوقية للاعب نشرها موقع "ترانسفر ماركت" المتخصص، ما يعتبر استثماراً جيداً لهذا النادي الإسباني المعروف بجلبه لاعبين شباباً ثم بيعهم لاحقاً بقيمة مالية كبيرة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد