في المؤتمر الصحفي الخاص بمباراة إياب نصف نهائي كأس إسبانيا، قال تشافي هيرنانديز مدرب برشلونة لوسائل الإعلام: "ريال مدريد لا يزال هو المرشح للتأهل"، على الرغم من انتصار "البلوغرانا" في مباراة الذهاب (1-0) في ملعب البرنابيو.
اعتاد تشافي إطلاق مثل هذه التصريحات لوضع ضغط نفسي أكبر على خصومه، ورفعه عن أشباله. لكن، في حالة مباراة الأمس الأربعاء، 6 أبريل/نيسان 2023، لم تؤتِ طريقته ثمارها، بل يبدو أن تشافي قد أطلق النار على كلتا قدميه. سقط برشلونة على أرضه وجماهيره في الكلاسيكو برباعية نظيفة، سقوطاً مدوياً أثبت أن الفريق ما زال أمامه أشواط طويلة ليقطعها.
شخصية البطل
أظهر كلاسيكو الأمس أن الفوارق الأساسية بين فريقي برشلونة وريال مدريد حالياً هي طريقة التعامل مع الضغوطات، مدى الثبات الذهني عندما لا تسير الأمور وفق ما خطط له، الثقة بالنفس أمام الخصوم الأشداء. أو اختصاراً وكما يحلو لجماهير "الميرينغي" تسميتها: شخصية البطل.
قبل أسابيع، تواجه فريقا ريال مدريد وليفربول على ملعب الأنفيلد، في الدقائق الأولى من عمر اللقاء وجد ريال مدريد نفسه متأخراً بهدفين، وسط صخب جماهير الـ"كوب". لكن رفقاء بنزيمة وجدوا طرقاً سحرية للتغلب على الضغوطات، وخرجوا من الموقف العصيب منتصرين بخماسية تاريخية.
برشلونة في نسخته الحالية مع تشافي، وُضع أكثر من مرة في ضغوط مشابهة، أمام إنتر ميلان وبايرن ميونيخ في دوري الأبطال وفشل في الاختبار، مع الأخذ في الاعتبار للإصابات والأخطاء التحكيمية. في كل مرة تصاعدت فيها الضغوطات ووجد الخصم حلولاً ناجعة للأسئلة التكتيكية التي يطرحها لاعبو تشافي، أو سارت الأمور على غير هواهم بضربة حظ أو خطأ تحكيمي، انهار الفريق، بدرجة أو بأخرى.
دخل برشلونة مباراة الأمس وهو متقدم بهدف مباراة الذهاب، ولمدة 40 دقيقة كان "البلوغرانا" هو الطرف الأفضل في اللقاء. لكن، في أوقات أفضلية برشلونة، لم يبدُ على لاعبي ريال مدريد الاهتزاز أو فقدان الأمل في العودة. على النقيض، تفكك الفريق صاحب الأرض بمجرد أن تلقى الهدف الأول.
تحول الشوط الثاني إلى لقاء في ساحة مدرسة بين فريق في المرحلة الابتدائية وآخر في المرحلة الثانوية، استعراض قدرات وفرد عضلات من طرف مدريد، بينما برشلونة لا حول له ولا قوة.
عزيزي مشجع برشلونة أنا لست منحازاً ضد فريقك، فالمعنى ذاته عبّر عنه تشافي بعد المباراة عندما قال: "لقد تم دهسنا في الشوط الثاني". كما أن المدرب الغِر اعترف أيضاً بأن فريقه "ليس ناضجاً بشكل كافٍ".
تصريحات تشافي قبل المباراة، رسخت سطوة ريال مدريد النفسية بـ"شخصية البطل" في ذهن لاعبيه، وحفزت ريال مدريد بدرجة أو بأخرى.
هل الإصابات هي السبب؟
من السهل أن يبرر أي مدرب أو مشجع خسارة فريقه بالإصابات، لكن في حالة برشلونة بالأمس، يمكن فعلاً تبرير الهزيمة بالإصابات، أو على الأقل حجم الهزيمة الضخم.
أندرياس كريستنسن، وبيدري، وعثمان ديمبيلي، وفرينكي دي يونغ، هم أعمدة الفريق الأساسية مع ليفاندوفسكي، وغيابهم يعني تأثر الفريق بشكل كبير على المستوى الفني والنفسي كذلك.
لكن "الإصابات جزء من كرة القدم"، ولذلك تمتلك الأندية أطقماً طبية وبدنية على أعلى مستوى، تدفع لها رواتب عالية، لضمان الكفاءة والجاهزية البدنية للاعبين طوال الموسم. هذه الجزئية الأخيرة غير متحققة في برشلونة حالياً، فمع دخول الموسم مراحل الضغط والحسم؛ ابتليت أعمدة الفريق بالإصابات. المشكلة أن تلك الإصابات عضلية، أي إنها تشير بأصابع الاتهام إلى المعد البدني للفريق؛ إيفان توريس. خبرة إيفان لا تتجاوز ليستر سيتي ومنتخب البحرين، ولم يتولّ مسؤولية فريق من وزن برشلونة من قبل، يجب أن ينافس على كل البطولات، وأن يكون حاسماً في نهاية الموسم.
بالطبع، لم يكن لتوريس أن يرفض عرض الانضمام للطاقم الفني لبرشلونة، لكن الملوم في هذه القصة هو تشافي الذي أطلق النار على قدميه.