يوم أن ظفر برشلونة بخدمات أنسو فاتي، ووضعه في قائمة لاماسيا، كان فاتي بقدر هذه الثقة، وعلى أهبة الاستعداد لتحقيق ما هو أكبر من عمره وجسده.
من شدة تألقه ولمعانه في الفئات السنية، تخطى العديد من القوانين داخل النادي وتدرج في الفئات السنية الملائمة لعمره وغير الملائمة، لدرجة أنه أصبح "كابتن" للفريق في ذلك الوقت.
لكنه الحظ، الحظ الذي لعب دور القاضي في مسيرة العديد من اللاعبين الموهوبين، الحظ الذي أتاه على حين غرة، حدث ذلك في ديسمبر/كانون الأول من سنة 2015.
في الثالثة عشرة من عمره، كسر مضاعف في الساق أوقف هذا الحلم، وحطم ما تبقى منه ومن جسده؛ حتى وإن أراد المواصلة لما هو أبعد.
يومها ظن أنسو فاتي ومن معه أن كل شيء قد انتهى، وأن الصعود الصاروخي كان لا بد أن يُصاحبه سقوط حر بنفس الكم.
ثمانية أشهر كانت المدة التي احتاجها فاتي للعودة لممارسة اللعبة التي يُحب، وبرشلونة الذي ينتمي إليه، والموهبة التي كان من المستحيل أن تموت.
في يوليو/تموز من عام 2019 وقَّع أول عقد رسمي له مع الفريق الأول، فتى يُقال له أنسو فاتي من أسرة غينية مسلمة حقق ما أراد من الحياة وأكثر، الفتى الذي لم يكن أتم السابعة عشرة من عمره، كان بعدها بعام واحد يقف على خط التماس في الكامب نو.
إنه أصغر لاعب يرتدي قميص برشلونة في أية مسابقة رسمية للنادي بعد فيسينتي مارتينيز، ظهوره الأول كان ملحمياً، الفتى الصغير بعد المباراة كان يحتضنه ميسي ويساعده ويطلب منه أن يسترخي لكي ينفجر عما قريب.
إنه أصغر لاعب يسجل هدفاً في مسابقة رسمية بقميص برشلونة، إنه أصغر لاعب يبدأ أساسياً بقميص برشلونة في مسابقة رسمية، إنه أصغر لاعب يصنع ويسجل في نفس المباراة بقميص برشلونة في مسابقة رسمية، وأصغر لاعب يسجل بقميص برشلونة على ملعب الكامب نو، وأصغر لاعب في تاريخ برشلونة تمثيلاً للنادي في دوري أبطال أوروبا، وأصغر لاعب في تاريخ برشلونة يسجل هدفاً في مسابقة دوري أبطال أوروبا، وثاني أصغر لاعب تمثيلاً لمنتخب إسبانيا الأول وأصغر هداف في تاريخ المنتخب الإسباني الأول، إنه الأصغر في كل شيء، حتى في تسجيله هدفاً في مرمى ريال مدريد خلال القرن الحالي، حدث ذلك في كلاسيكو الدور الأول موسم 2020-2021.
الأرقام خير متحدث عن المواقف والأحداث، لكنه عيسى ميندي، يوم أن وضع ساقه أمامه وحدث ما حدث، وصرخ أنسو فاتي بصوت عالٍ، وغاب إثر تلك الصرخة سنة كاملة أو أكثر.
المميز في أنسو فاتي ليس هو تحديداً، إنما الصبر والمثابرة التي ورثها عن بيئته، عن أسرته، عن الحياة التي نشأ بها، وعن والده الذي تنازل عن حلمه ثم بكى في الكامب نو يوم أن حقق فاتي المعجزة، وعن رغبته المستمرة في العودة رغم كسر ساقه في السابق، وإصاباته المتكررة حالياً.
لكن والده غير راضٍ بوضعية ابنه الحالية، حيث صار حبيس دكة البدلاء.
غضب والد أنسو فاتي
أعرب بوري والد أنسو فاتي مهاجم برشلونة عن غضبه من وضعية ابنه في فريق برشلونة، يعتقد الأب أن ابنه يستحق أن يلعب بشكل أكبر، وأنه يستحق مزيداً من دقائق اللعب، وأنه لا يمكن أن يُطلب منه تسجيل هدف في غضون الدقائق المعدودة التي يتحصل عليها.
وكشف بوري فاتي في تصريحات لإذاعة "كادينا كوبي الإسبانية" عن أنه لم يذهب إلى "الكامب نو" لمشاهدة مباراة الكلاسيكو في الليغا قبل أسبوع بسبب ضيقه وحزنه.
وتساءل لماذا كان فاتي "قبل الإصابة، يبدأ أساسياً في تشكيلة كانت تضم ميسي وسواريز وغريزمان وديمبلي. هذا لاعبك صاحب الرقم 10 ومن بين اللاعبين الأفضل في الفريق، هل يعقل أن تمنحه دقائق معدودات في نهاية المباراة".
وأكمل "لو كان الأمر يعود لي، كنت طلبت من ابني مغادرة البرسا، ولكنه يريد البقاء في الفريق.. وصلت لخورخي مينديز (وكيل اللاعب) عروض مغرية وكبيرة للتعاقد مع أنسو، لكن برشلونة لم يستمع لها ورفض بيع اللاعب".
وعن احتمال انتقاله إلى برشلونة، أكد بوري أن "أنسو لن يقبل ذلك، لا يمكنني وضعه حيث لا يريد، ولن أتحدث أبداً بالسوء عن مدريد، لا تعرف ماذا يخبئ لك المستقبل".
وأشار إلى أن "برشلونة عندما كان في أسوأ أحواله كان يجبر فاتي على اللعب رغم إصابته، كانوا يستخدمون أنسو لجعل الناس سعداء، واليوم بعد أن أصبح لائقاً وجاهزاً بدنياً لم يعد أحد يريده، هل نسي لعب كرة القدم؟".
وعن مصير فاتي مع برشلونة، قال والده أنه "يريد البقاء في الفريق الموسم المقبل، ولكن هذا يعتمد على طلبات برشلونة، سأجتمع مع مينديز (وكيل أعماله)، لدينا وقت للتفكير في الوجهة القادمة لفاتي، أفكر أحياناً في إشبيلية".
وعن عدم إشراك تشافي لفاتي، أكد بوري أنه لا يملك الجواب، وتابع "تشافي طلب منه العمل بجدية وهو يفعل ذلك، أشعر -كوني والدا- بخيبة أمل، أقول لتشافي: أعطه فرصة، هل نسيتم فاتي الآن؟".