بدايته تشبه ميسي ومرشح قوي لجائزة “الكرة الذهبية” في عمر الـ19.. الفتى الذهبي أليخاندرو بالدي

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/07 الساعة 12:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/07 الساعة 12:15 بتوقيت غرينتش
لاعب برشلونة أليخاندرو بالدي


هو الابن الأصغر لأسرة كادحة، فرّت من بلدها الأصلي لتستقر في إسبانيا، متعددة الثقافات والأعراق، من أب له جذور إفريقية، بالتحديد غينيا بيساو، وأم لها جذور من أمريكا الشمالية، جمهورية الدومينيكان إذا ما أردنا الدقة، لكنه وُلد في إسبانيا، مدينة برشلونة بالذات، وكان مُخيّراً بين أن يُمثل دولة في إفريقيا، أو يذهب صوب أمريكا الشمالية، أو يبقى حيث وُلد؛ أوروبا.

لم تكن أسرته ثرية، كانت حياتها عادية وتقليدية للغاية، تحاول بقدر الإمكان أن تُلبي احتياجات الأطفال، وفي الوقت نفسه تبحث عن سبيل لتحسين مستقبلهم.

كل شيء بدأ حينما ذهب لمشاهدة شقيقه الأكبر، إيدي بالدي، كان إيدي يلعب في فريق سانت غابرييل، وأصيب أحد لاعبي الفريق فدعاه شقيقه ليلعب مع أشخاص يكبرونه في العمر والجسم، كان أليخاندرو بالدي لم يكمل بعدُ عامه الخامس، حدث ذلك في عام 2007.

وهي قصة شبيهة تماماً بقصة ليونيل ميسي وجَدّته سيليا، وفريق الحي جرانديلي، الفارق هنا أن إيدي، شقيق أليخاندرو بالدي، هو من دعاه للعب، ومن تلك اللحظة بدأ كل شيء.

أليخاندرو بالدي

صُدم الجميع بالموهبة الفذة التي يتمتع بها هذا الصغير، الصغير الذي لا يضع اعتباراً لأي شيء أمامه سوى أن يتحرك بالكرة في كل مكان في الملعب، دون أن يسترِقها منه أحد، وهو ما جذب أنظار مسؤولي النادي وقاداته لفكرة أن ينضم الشقيقان إلى الفريق نفسه، وتصبح عائلة بالدي مملوكة بالكامل من قبل فريق سانت غابرييل.

من الشارع وإلى الشارع، تعلّم أليخاندرو بالدي كل ما يمتلكه من مهارات، أو تضخمت هذه الموهبة بفضل الشارع، وهو ما نراه واضحاً بأعيننا في الوقت الحالي، لمسته للكرة توحي بلمسة متجردة تماماً من الأناقة، هو يلعب السهل الذي يبدو سهلاً، لكنه في حقيقة الأمر أصعب من ذلك بكثير.

كان بالدي صغيراً، لكن موهبته كانت أكبر من عمره، وسرعته تفوق سرعة أقران جيله؛ لدرجة أن أسرته فكّرت في أن ينضم لسباقات الجري، وكان ينتصر فيها جميعاً دون أدنى مبالغة، وهو ما لاحظه معلمه في المدرسة.

ثم طلب من أسرته أن تُحاول زجه في سباقات الجري، لكي تستفيد من سرعته الفائقة ويُصبح بطلاً رسمياً بها؛ لكنه فيما بعد قرر التفرغ لكرة القدم فحسب، ورأى أنها وجهته ومكانه الذي يليق به.

ولم يكن بالدي كما هو عليه الآن، بل كان يلعب مهاجماً، من سانت غابرييل إلى نادي إسبانيول كان مهاجماً، وكان هدافاً، سرعته ومهاراته بالكرة منحاه فرصة ذهبية لكي يصل أسرع إلى المرمى، ويُسجل أكثر.

وفور أن وصله عرض برشلونة لم يفكر مرتين، لم يتركه برشلونة في أكثر فترات مسيرته صعوبة، حين كُسرت ساقه، ومنذ ذلك الحين شعر بالدي بأنه مدين لبرشلونة بشيء حين يكبر، وتدرج في الفئات السنية إلى أن وصل إلى الفريق الأول، وموقعته الأولى كانت الأصعب على الإطلاق: مواجهة بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا، على ملعب الكامب، تحت قيادة المدرب الهولندي رونالد كومان، والتي انتهت بهزيمة كبيرة حينها، بثلاثية نظيفة لصالح الفريق الألماني.

أليخاندرو بالدي

وعلى عكس الشائع عن أكاديمية اللاماسيا في العقد الأخير، والتي لم تُنجب إلا مواهب شحيحة يمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة، خلال الفترة نفسها، كان أليخاندرو بالدي، منذ يومه الأول، دليلاً على وجود الحياة في برشلونة.

يلعب دون رهبة وبلا خوف، لعب كأنه أساسي مع الفريق الأول منذ أزمنة، ولم يشعر جمهور الفريق أبداً بغياب الظهير الأساسي للنادي جوردي ألبا، بل إن بالدي أظهر للجماهير أنه يمتلك عملاً دفاعياً وهجومياً أفضل من ألبا بكثير.

لقد كان بالدي هو القشة التي قسمت ظهر جوردي ألبا، الشاب اليافع، استطاع بمنتهى البساطة، وبمجرد أن نال فرصة حقيقية، أن يُزيح اللاعب الذي ظل أساسياً لمدة عقد كامل في برشلونة.

اللاعب الذي كان متسبباً في الكثير من الإخفاقات والفشل المتتالي لنادي برشلونة، في المحافل القارية وحتى المحلية، وأثبت بالدي أن جوردي ألبا كان يُعاني من مشاكل واضحة، ربما أخفاها في كثير من الأحيان تفاهمه مع أسطورة برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي.

المهم في قصة بالدي أنه يرتبط بكل نجوم برشلونة بشكل مباشر أو غير مباشر، كبارهم وصغارهم؛ فمثلاً، صديقه المقرب كان دائماً تشافي سيمونز، اللاعب الذي لطالما ذاع صيته في أكاديمية اللاماسيا، والذي انتظره جمهور برشلونة بفارغ الصبر ليتم تصعيده إلى الفريق الأول.

ثم يستيقظ النادي على خبر رغبته في الرحيل، بعد كل هذه الدعاية الضخمة التي أثارها حوله رفقة وكيل أعماله الراحل مينو رايولا، قرر تشافي سيمونز في عام 2019 أن يُغادر برشلونة، قاصداً باريس سان جيرمان، بعد تسع سنوات قضاها في برشلونة.

وفي الوقت الذي يُشارك فيه بالدي أساسياً مع فريق برشلونة، الأول حالياً، وهو اللاعب الذي لم ينل الضجة نفسها التي حدثت مع سيمونز، يتواجد سيمونز في الدوري الهولندي لكرة القدم، رفقة ناديه بي إس في أيندهوفن.

فلو صبر تشافي سيمونز لسنة واحدة أو سنتين كان برشلونة سيتعرض للهزيمة التي دمرت كل شيء فيه؛ هزيمة بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا بثمانية أهداف مقابل هدفين.

حينها يضطر برشلونة إلى اللجوء إلى أكاديميته، وتصعيد أفضل من فيها، وسيصطدم بطبيعة الحال به، بتشافي سيمونز، ويمنحه فرصة أن يكون أساسياً على الفور مع الفريق الأول، وهو ما كانت كل المؤشرات تشير إليه.

لكن فرصة سيمونز ذهبت إلى أشخاص لم يتواجدوا في المشهد الكامل للإعلام، ولا حتى الصحافة الكتالونية، هؤلاء تمثلوا في: جافي، بالدي، وحتى رونالد آراوخو، وكأن الأمر وما فيه أن تسليط الأضواء بشدة على المواهب يُطفئها!

ورغم أنه يكبره بعام واحد فإن أنسو فاتي كان مهماً في مسيرة أليخاندرو بالدي، لا لأن إصابة بالدي في الماضي تشبه إلى حد كبير إصابة فاتي في المرحلة العمرية نفسها، ولا لأن بالدي وصل إلى برشلونة من إسبانيول، حاله حال أنسو فاتي أيضاً، بل لأن فاتي منحه كل ما يحتاجه للتأقلم مع الفريق الأول، اللاعب الموهوب الذي سَهل على زميله رحلة الصعود، بعد أن ظهر في عام 2019 مع الفريق الأول، وظهر بالدي في عام 2021.

الآن، يسير أليخاندرو بالدي بخطوات ثابتة نحو جائزة "الفتى الذهبي"، وهي الجائزة نفسها التي حصدها زميلاه في الفريق نفسه: بيدري وجافي، على الترتيب؛ بسبب المستوى الرائع الذي يقدمه مع برشلونة، والدور الذي أفاد الفريق في المنافسات التي ينافس فيها برشلونة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر إبراهيم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
كاتب في المجال الرياضي وكرة القدم
تحميل المزيد