في الساعة 15:24 بتوقيت البرازيل من يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، رحل أسطورة كرة القدم البرازيلية بيليه عن عالمنا، عن عمر يناهز 82 عاماً، بعد معاناة استمرت أكثر من سنة بقليل مع مرض سرطان القولون، تاركاً خلفه والدته المريضة البالغة من العمر 100 عام.
وُلدت سيلستي أرانتيس، والدة بيليه، يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1922، في بلدة تريس كوراسينيس الصغيرة الهادئة، والواقعة ضمن حدود ولاية ميناس غيرايس، جنوب شرق مدينة ساو باولو.
اقرأ أيضاً
من هي والدة بيليه التي منعته من الاحتراف في أوروبا؟
ذكر موقع elfinanciero أن والدتها ماريا نيفيس، توفيت أثناء ولادة طفلها العاشر، وكانت سيلستي لا تزال طفلة، لتقوم شقيقتها الكبرى برعايتها وتربيتها، التي كانت تتميز بالصرامة.
في طفولتها كانت سيلستي تحب القيام بقرع جرس الجيران وتهرب، وترصد من بعيد ردود أفعالهم ثم تضحك، وفي فترة المراهقة كانت تهوى مراقبة الطلبة الذين يتدربون على القيام بأدوار سينمائية مع صديقتها ماريا دي لورد.
وعندما بلغت سيلستي أرانتيس عامها السادس عشر، التقت بجواو راموس دو ناسيمنتو، الشهير بدوندينيو، حيث كانت تعمل خادمة في أحد المنازل، ثم تزوجته عام 1939.
بعد عام من ذلك الزواج، أنجبت سيلستي أرانتيس ابنها بيليه، ومن بعده ماريا لوسيا ناسيمنتو (78 عاماً حالياً)، ثم غاير أرانتيس دو ناسيمنتو الشهير "بزوكا"، الذي توفي عام 2020 بسرطان البروستاتا.
وكان والد بيليه لاعب كرة قدم أيضاً، وكان بارعاً في الألعاب الهوائية، وهو الذي توفي يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1996، وكان يراه ابنه أنه أعظم معلم له.
وقال بيليه عبر إنستغرام: "كان والدي من أكبر المعجبين بي، وأيضاً أكبر معلم لي، لطالما حلمت باللعب مثله".
اقرأ أيضاً
الأم المثالية في البرازيل
وبالعودة إلى السيدة سيلستي، فقد وصلت يوم 8 مايو/أيار 1966 إلى ملعب في تيريسوبوليس، حيث كان بيليه يخوض تدريباً مع منتخب البرازيل، قبل السفر إلى إنجلترا، من أجل خوض نهائيات كأس العالم.
كانت هذه الزيارة سرية، الأمر الذي فاجأ بيليه، فما كان منه إلا أن قطع مرانه وذهب إليها راكضاً دون أن يفكر مرتين بالأمر، وقام بمعانقتها في مشهد عاطفي للغاية.
وبسبب هذا التصرف، نالت سيلستي أرانتيس جائزة "الأم المثالية" في البرازيل، وهي جائزة استحدثتها صحيفة O'Globo البرازيلية.
واحتفل بيليه قبل أكثر من شهر من وفاته، بعيد ميلاد والدته المئة، وشارك متابعيه عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" رسالة عاطفية، تغنى فيها بالسيدة سيلستي.
وللمصادفة فإن هذه الذكرى تزامنت مع اليوم الافتتاحي لنهائيات كأس العالم، التي أقيمت في دولة قطر في الفترة ما بين 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حتى يوم 18 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.
وكتب بيليه حينها باللغتين البرتغالية والإنجليزية: "نحتفل اليوم بمرور 100 عام على حياة دونا سيليستي، منذ صغرها علَّمتني قيمة الحب والسلام".
وأضاف: "لدي أكثر من 100 سبب لأكون ممتناً لكوني ابنها، أشارككم هذه الصور بعاطفة كبيرة للاحتفال بهذا اليوم، شكراً لله على كل يوم وأنت بجانبي يا أمي".
وخلال شبابه كان بيليه متعلقاً جداً بوالدته، لدرجة أنه رفض الاحتراف في أوروبا رغبة منه في البقاء قريباً منها.
وسرد بيليه في كتابه "بيليه.. حياتي كلاعب كرة قدم" الذي ألفه بريان وينتر عام 2014، أن عدة فرق كبرى في أوروبا حاولت ضمه على مر السنين، لكنه رفضها وفضل الاستمرار مع فريقه الأم سانتوس.
وعن ذلك قال: "لم أفكر أبداً في اللعب بجدية خارج البرازيل، أفضل راحتي قبل كل شيء، كانت لدي أسبابي، أحببت الأرز بالفاصوليا الذي كانت تصنعه والدتي وشعرت بالراحة والسعادة في بلدي، كانت والدتي وأبي يعيشان على بعد أمتار قليلة مني، وكانت درجة الحرارة لا تزال 25 مئوية والشاطئ رائعاً".
والدة بيليه لا تعلم أن ابنها توفي
وتعيش سيلستي حالياً مع ابنتها ماريا لوسيا، في منزل بمنطقة أفينيدا دا برايا في سانتوس، الواقعة على ساحل مدينة ساو باولو.
وتؤكد الصحافة البرازيلية أن السيدة سيلستي لا تعلم بوفاة ابنها بيليه، حسب ما قالت ابنتها ماريا لوسيا دو ناسيمنتو، التي زارت شقيقها في مستشفى ألبرت أينشتاين آخر مرة في يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2022.
وأبرزت صحيفة As الإسبانية تصريحات ماريا لوسيا عن والدتها، حيث قالت: "إنها لا تعرف بوفاة شقيقي، كنت أحدثها ولكنها لا تعرف شيئاً، إنها في عالمها الخاص".
وأضافت: "أخبرتها قبل أيام قليلة أن بيليه في حالة صحية سيئة، فلنصلّ من أجله، لكنها لا تعرف شيئاً في الحقيقة، في بعض الأحيان كانت تفتح عينها، لكنها لا تدرك شيئاً".
وقبل دفن بيليه، سيمر جثمانه من أمام المنزل التي تعيش فيه والدته، التي لا تستطيع ترك سريرها وهي ليست واعية لما يدور من حولها، وذلك يوم الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني 2023.