وصف حارس مرمى منتخب البرازيل في مونديال 2010، كرة "جابولاني": "الطريقة التي انحرفت بها وغيّرت اتجاهها بدت وكأنها تتحدى قوانين الفيزياء، في اللحظة الأخيرة قد يتغيّر مسارها".
وكتب كريج جونستون، لاعب خط وسط ليفربول السابق في رسالة مفتوحة إلى الفيفا، قبل وقت قصير من نهائي كأس العالم 2010: "يجب إخراج كل من هو مسؤول عن ذلك، وإطلاق النار عليه، لارتكابه جرائم ضد كرة القدم".
لكنّ لاعباً واحداً في مونديال 2010 لم يكن يتذمر، لأنه كان مستعداً أكثر من غيره، وهو اللاعب "دييجو فورلان" من منتخب الأوروغواي، لأنه تمكن من فكّ أسرارها، وطريقة اللعب بها لصالحه، فساعدت منتخب الأوروغواي على الوصول إلى الدور نصف النهائي، فما قصة تلك الكرة التي أغضبت الجميع؟
كرة جديدة مع كل مونديال جديد
تقضي التقاليد أنه مع كل مونديال جديد يتم استخدام كرة رسمية جديدة للبطولة، ويتم أحياناً إطلاق تسميات عليها، بحسب الدولة المستضيفة لبطولة كأس العالم. على سبيل المثال تم إطلاق اسم "الرحلة" على كرة مونديال قطر 2022.
وتتسم "الرحلة" بقدرتها على التنقل في الهواء أسرع من أي كرة أخرى، وصُممت باستخدام بيانات واختبارات صارمة في معامل شركة أديداس الألمانية، حيث تم اعتماد جلد صناعي محكم ومكون من 20 قطعة، بتصميم جديد يساعد في تحسين دقة الكرة واستقرارها أثناء الطيران.
لكن ليس كل الكرات في كأس العالم كانت على هذا المستوى من الإتقان، رغم أن نفس الشركة "أديداس"، هي التي صنعتها وحرصت على استخدام أفضل التقنيات في وقتها، ومنها الكرة التي حملت اسم "جابولاني"، والتي تعني الاحتفال، والتي استخدمت في كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا.
تصميم جديد أثار غضب الفرق المشاركة في المونديال
أمضت أديداس 5 سنوات في تطوير تصميم كرة "جابولاني"، وكانت كرة القدم الأكثر تقدماً على الإطلاق، في وقتها، لكن حين وضعت في الملعب وبدأ استخدامها ظهرت المشاكل، حتى قبل بداية مباريات كأس العالم.
على عكس ما سبقها من تصاميم للكرة في بطولات كأس العالم السابقة، والتي كانت تحتوي على خطوط خارجية، لضمان مسار أكثر استقراراً وتحكماً. خاصة عندما تدور الكرة في الهواء، لكن تصميم "جابولاني" كان مختلفاً، كان سطح الكرة شبه أملس، أكثر من اللازم.
وكانت الغرز التي تجمع قطع الكرة من الداخل، ما جعل شكلها الكروي مثالياً جداً، وغير مقاوم للهواء، وبسبب هذا الشكل تم تقليل وقت ملامسة القدم للكرة.
ونتيجة لذلك لم تكن الكرة تدور بشكل مستمر وسرعة واحدة، بل كانت تتحرك مسافة أقل قليلاً من المعتاد، وفي الركلات الطويلة يكون لها مسار عائم وغير متوقع، سواء للمهاجم أو حارس المرمى أو الدفاع.
وكان من الواضح أن التسديدات والكرات الطويلة تنحرف عن مسارها في كثير من الأحيان أكثر مما هو متوقع في العادة، وأكدت الإحصائيات أن عدد التمريرات التي في غير محلها حتى دور الثمانية كان أكثر من بطولات كأس العالم الأربع السابقة.
ردة فعل غاضبة من اللاعبين المشاركين في كأس العالم
شبّه حارس مرمى إسبانيا حينها "إيكر كاسياس"، كرة "جابولاني" بكرة شاطئية. أما ديفيد جيمس، لاعب منتخب إنجلترا، فعبر عن قلقه بسبب الكرة، بعد مباراة ودية مع اليابان، وكذلك فعل الحارس البرازيلي جوليو سيزار.
وقال "ديفيد جيمس": "الكرة مروعة، ستكون هناك بلا شك بعض الأهداف التي سيتم تسجيلها في هذه البطولة ولم يتم تسجيلها في البطولات السابقة باستخدام كرات مختلفة. سيسمح هذا لبعض الأشخاص بتسجيل أهداف إضافية، لكن بعض حراس المرمى سيبدون حمقى".
ولم تكن الفرق التي تخسر هي التي تشتكي، ولكن عندما تعادل منتخب أمريكا مع إنجلترا كان هدف التعادل مثيراً للجدل. وبعد ذلك قال الكثير من لاعبي الولايات المتحدة: "لم يحظ حارس المرمى بفرصة فعلية، كانت الكرة هي التي تسببت في تسجيل هذا الهدف".
وفي مباراة صربيا وغانا تقدم مدافع منتخب صربيا للتصدي للكرة برأسه، وانحرفت الكرة وحدها وضربته على يده، وتحولت إلى ركلة جزاء، وحُسمت المباراة لصالح غانا.
بينما دافعت شركة أديداس عن الكرة التي صنعتها فعلقت قائلة: "هناك إرشادات صارمة من الفيفا بشأن الكرة، الوزن والحجم والارتداد، حسب درجة الحرارة، لا تستوفي كرتنا كل هذه الشروط فحسب، بل إنها في الواقع تتجاوزها".
كيف تمكن منتخب الأوروغواي من التحكم بكرة "جابولاني"؟
مع بداية الضجة وتذمر اللاعبين حول كرة "جابولاني"، أثناء استعداداتهم للمباريات في بطولة كأس العالم، كان لاعب منتخب الأوروغواي "دييغو فورلان" يخطط لاستغلال هذه الكرة لصالحه، وأدرك أنه يمكن أن يستغل الطريقة الغريبة التي تتحرك بها جابولاني.
وقبل ثلاثة أشهر من كأس العالم 2010 طلب "دييغو فورلان" من شركة أديداس أن ترسل له كرة "جابولاني"، وبقي بعد التدريب مع فريقه يتدرب على المناورة بالكرة المتحركة، والركلات الحرة.
أمضى فورلان شهوراً في ترويض وإتقان التعامل مع "جابولاني"، حتى تمكن من ترويض الكرة سيئة السمعة، وأصبحت تحت تصرفه.
وفي مباريات كأس العالم لعب منتخب الأوروغواي أمام منتخب جنوب إفريقيا، وكانت الكرة مع "فورلان"، على بعد 35 ياردة، وأطلق فورلان تسديدة بدت وكأنها خرقت قوانين الفيزياء، بعد أن مرت فوق حارس المرمى ثم غيرت اتجاهها لتدخل الشباك في آخر لحظة.
حقق فورلان 5 أهداف في هذه البطولة بسبب الفترة التي قضاها في التدريب على التعامل مع هذه الكرة الاستثنائية.
وبينما استمر الجدل حتى بعد نهاية كأس العالم حول المشاكل التي سببتها تلك الكرة، ردّ الأمين العام للفيفا حينَها، جيروم فالكي، على من اعتبر الكرة "غريبة" وقال: "إن الفرق تريد فقط استخدامها كذريعة".