يُدشّن المنتخب المغربي لكرة القدم، مشاركته السادسة في نهائيات كأس العالم، بمواجهة قوية، غداً الأربعاء، أمام المنتخب الكرواتي وصيف بطل العالم في النسخة الأخيرة روسيا 2018، لحساب الجولة الأولى من منافسات المجموعة السادسة من مونديال قطر 2022.
ويسود "التفاؤل الحذر" الأوساط الرياضية المغربية، إذ يأمل الجمهور تكرار إنجاز مونديال المكسيك 1986، حينما استطاع زملاء المايسترو محمد التيمومي العبور إلى الدور الثاني على رأس مجموعة ضمت منتخبات قوية، وهي إنجلترا والبرتغال إضافة إلى بولونيا.
وسادت الثقة لدى معظم المحللين الرياضيين والجمهور في المغرب، في منتخب بلادهم، ليفتتح مشواره بفوز أو تعادل في أسوأ الأحوال، أمام منتخب كرواتيا، بعدما بعث "أسود الأطلس" إليهم إشارات مطمئنة، منذ تولي المدرب الشاب وليد الركراكي، قيادة الطاقم الفني خلفاً للبوسني وحيد خليلوزيتش.
وظهر المغرب جاهزاً لرفع التحدي في ملاعب قطر، من خلال ظهوره القوي في المباريات الإعدادية التي خاضها أمام التشيلي والباراغواي، سبتمبر/أيلول الماضي، بإسبانيا، وجورجيا الأسبوع الماضي بالإمارات العربية المتحدة.
المغرب/كرواتيا.. صراع على وسط الميدان
يعتقد عبد الله هيدامو، اللاعب الدولي السابق، أن المنتخب المغربي تغير بشكل كبير جداً مع مديره الفني الجديد وليد الركراكي، الذي استطاع منح اللاعبين ما كان ينقصهم في عهد سلفه البوسني وحيد خليلوزيتش.
وأوضح هيدامو، المتوّج بأول لقب قاري للأندية المغربية رفقة الجيش الملكي عام 1985، لـ"عربي بوست" أن المنتخب المغربي يضم لاعبين محترفين يمارسون رفقة أكبر الأندية الأوروبية، وليسوا بحاجة إلى بذل جهود كبيرة من حيث الالتزام التكتيكي والتقيد بالنهج الذي يضعه المدرب.
وقال المتحدث إن "المنتخب المغربي كان ضعيفاً من الناحية الذهنية، بسبب انعدام التواصل بين اللاعبين وبين مدربهم السابق وحيد خليلوزيتش، عكس وليد الركراكي، الذي يفهم جيداً عقلية اللاعبين المغاربة، لاسيما المحترفين في الخارج الذين تكونوا في مدارس كروية في بلجيكا وهولندا وفرنسا وإسبانيا، على اعتباره محترفاً سابقاً في فرنسا وإسبانيا، وتلقى بدوره تكوينه في أوروبا حيث ترعرع هناك.
وأضاف عبد الله هيدامو أن وليد تمكن من إخراج أفضل ما لدى لاعبيه، وتمكن بفضل قربه منهم من كسب ثقتهم، ما جعل التفاهم يسود في أوساط جميع لاعبي المنتخب المغربي، إذ ظهر ذلك جلياً من خلال طريقة لعبهم وحماسهم في المباريات الإعدادية الأخيرة.
وقال المتحدث إن "أهم ميزة في المنتخب المغربي الحالي، أنه بات لا يخشى مواجهة أي منتخب مهما كان اسمه، المغرب يُقدم كرة القدم المعتمدة على التمريرات القصيرة والضغط العالي على المنافس، مع تنويع الهجمات".
وأشار المتحدث إلى أن "المنتخب المغربي يملك ظهيرين عالميين كأشرف حكيمي لاعب باريس سان جيرمان، ونصير مزراوي لاعب بايرن ميونيخ الألماني، ولاعبين مهاريين كزياش وبوفال والصابيري وغيرهم، لذلك لا أعتقد أن المنتخب المغربي سيتراجع للدفاع في مباراة كرواتيا".
وتوقع المتحدث، أن تعرف الدقائق الأولى من المواجهة أمام وصيف بطل العالم، صراعاً كبيراً في وسط الميدان، لمحاولة كل منتخب فرض أسلوبه على الآخر، لا سيما أن كرواتيا ستدخل المباراة بهدف واحد، هو تحقيق الفوز على منتخب عربي قادم من إفريقيا لا يجر وراءه تاريخاً كبيراً في المونديال.
وأضاف المتحدث أن "الركراكي سيحافظ على أسلوبه المبني على الضغط العالي والاستحواذ، وكرواتيا كذلك ستلعب من أجل التحكم في المباراة، ما سيعطينا مباراة قوية جداً تتميز بكثرة الالتحامات البدنية، والصراع الشديد على امتلاك الكرة".
"أتمنى أن يُحافظ اللاعبون على تركيزهم طيلة ثواني المباراة، لأن الخطأ ممنوع أمام لاعبين من قيمة لوكا مودريتش نجم المونديال السابق، وراكيتيتش وكوفاتيتش، عليهم الحذر والخروج من المباراة بأقل الخسائر، فتحقيق الفوز على كرواتيا صعب، لكنه ليس مستحيلاً بالنظر لقيمة لاعبي المغرب، عليهم فقط أن يثقوا في أنفسهم، فلديهم كل ما يلزم للتألق في قطر"، حسب ما قال المتحدث.
وليد قد يفاجئ كرواتيا
من جهته، قال المدرب المغربي إدريس عبيس، المتخصص في التحليل الفني لكرة القدم، إن وليد الركراكي وفريق عمله، عملوا طيلة الفترة الماضية على تصحيح بعض النواقص التي ظهرت في مباراتي تشيلي والباراغواي.
ويتعلق الأمر بالتحول من حالة الهجوم إلى الدفاع وقت المرتدات السريعة، وفي تضييع الفرص والمحاولات أمام المرمى، لأن مباريات المونديال لا تحتمل إضاعة الفرص التي قد لا تأتي مجدداً أثناء اللقاء، بسبب الصرامة التكتيكية التي تلعب بها المنتخبات، من قيمة كرواتيا، التي تضم لاعبين مجربين.
وأوضح عبيس، في تصريح لـ"عربي بوست" أن المباراة الودية التي خاضها المغرب أمام جورجيا الأسبوع الماضي، أبرزت أن الركراكي حاول تجريب مجموعة من الأشياء، التي يمكن أن نراها في مباراة كرواتيا.
وتابع قائلاً: "أمام جورجيا في الشوط الثاني جرب اللعب بلاعبين في الارتكاز بدل لاعب واحد كما تعود سابقاً، من خلال اعتماده على سفيان امرابط ويحيى جبران، ما يعني أنه قد يفاجئ كرواتيا بخطة جديدة عبر نظام "4-4-2″، على أن يضع في الهجوم الثنائي النصيري وحمد الله، مع دخول زياش وبوفال أو الزلزولي لملء الوسط وصعود حكيمي ومزراوي من الجانبين".
وأشار عبيس إلى أن الركراكي يمتلك خيارات عديدة لوضع التكتيك المثالي للمواجهة، بحكم توفره على مزيج من اللاعبين الذين يتقنون جميع الأدوار، خاصة الهجومية منها، مشيراً إلى أن اللائحة التي رافقت الركراكي إلى قطر تضم غالبية لاعبين بنزعات هجومية، ما يجعله قادراً على التحول بين نظام 4-4-2 إلى 4-1-4-1 أو 3-4-3 بسهولة خلال المباراة، دون أن يلجأ إلى أي تغييرات في اللاعبين، على اعتبار أن معظمهم يتقنون اللعب في أكثر من مركز.
وقال عبيس إن منتخب كرواتيا لم يعد بالمستوى الكبير الذي ظهر به قبل 4 سنوات، بحكم ضمه لجيل على أعتاب نهاية مسارهم الدولي، ما يجعل من تحقيق نتيجة جيدة أمامه أمراً في المتناول، شريطة قراءة أطوار المباراة قراءة صحيحة، وعدم تقبّل اللعب لدقائق طويلة.
"الاهتمام بالجزئيات" طريق الفوز على كرواتيا
وذهب لاعب المنتخب المغربي السابق، مراد حديود، إلى أن المنتخب المغربي قادر على بلوغ دور ربع نهائي كأس العالم، والخروج بنتائج جيدة في مبارياته في الدور الأول تخول له العبور مع منتخب آخر، معترفاً في الوقت ذاته بصعوبة المجموعة السادسة، بضمها منتخبين كبيرين كرواتيا وبلجيكا، وكندا التي يعيش منتخبها طفرة كروية في السنوات القليلة الماضية.
وأوضح حديود لـ"عربي بوست" أن أكثر ما يعجبه في وليد الركراكي، هو تمكنه من قيادة منتخبه كأخ أكبر لجميع اللاعبين، لاسيما أنه يتميز بدهاء يجعل منه "طبيباً نفسانياً" يستطيع التعامل مع جميع اللاعبين على اختلاف ميولاتهم وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية ومزاجهم، ما مكنه من جعلهم يبذلون كل ما في وسعهم في المباريات.
وتابع: "لن أتكلم على الجوانب الفنية لأن المنتخب المغربي لديه فريق عمل فني محترف، لكنني متيقّن من أن أسود الأطلس، إن ركزوا جيداً على بعض الجزئيات البسيطة، فسيتمكنون من لعب دور الحصان الأسود داخل المجموعة، وستكون البداية بكرواتيا، لاسيما أن وليد أعاد للمنتخب كامل أسلحته بعودة زياش وحمد الله، مع فائض من اللاعبين الموهوبين في خط الهجوم، كما أن عودة نايف أكرد من الإصابة أعادت الدفء لخط الدفاع".
التفاؤل يسود الجماهير
الأعداد الكبيرة من الجماهير المغربية التي حطت الرحال بقطر، كواحدة من أكبر التجمعات الجماهيرية التي وصلت الدوحة قبيل المونديال، تعطي الانطباع بأن أنصار أسود الأطلس، واثقون في قدرة منتخب بلدهم على تحقيق نتائج إيجابية في المونديال، خاصة في أول ظهور له أمام كرواتيا، الأربعاء، ويراهن الجمهور المغربي كثيراً على دهاء مدربه الشاب وليد الركراكي، الذي تعوّد على مفاجأة جمهوره قبل منافسيه في المباريات.
واتسمت تدوينات وتغريدات رواد منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب، بتفاؤل كبير، مختلط بالكثير من الحذر، لا سيما أن كثيراً منهم عبر عن تخوفّه من تكرار إخفاق المشاركات الماضية، رغم توفر المغرب خلالها على لاعبين بارزين، خاصة أن كرواتيا تضم نجوماً كباراً من الصف الأول، بقيادة صاحب الكرة الذهبية لعام 2018 لوكا مودريتش.
ويراهن الجمهور المغربي على نجومه أيضاً الذين يمتلكون تجربة مونديالية سابقة في روسيا، على رأسهم حكيم زياش لاعب تشيلسي الإنجليزي، وسفيان بوفال لاعب أنجيه الفرنسي، وياسين بونو حارس إشبيلية وزميله بالفريق يوسف النصيري، والعميد غانم سايس، وأشرف حكيمي، الذين سينقلون خبرتهم للاعبين الشباب الموهوبين أمثال بلال الخنوس، وعبد الحميد الصابيري، وسليم أملاح وعز الدين أوناحي، وعبد الصمد الزلزولي.
وأجمع الجمهور المغربي على أن مواجهة منتخب قوي في أول مباراة بالمونديال أمر إيجابي من أجل الدخول بقوة في المنافسات، معتبرين أن مواجهة منتخب كندا، الذي يبدو أقل قوة مقارنة بكرواتيا وبلجيكا، قد يعقد مهمة المغرب كما حدث قبل 4 سنوات في مباراة إيران في افتتاح مبارياته بمونديال روسيا، حيث سيطر المغرب طولاً وعرضاً على المواجهة، قبل أن يخرج منها منهزماً بهدف عكسي سجله يوسف بوحدوز بالخطأ في مرماه.
التشكيلة المحتملة
لن تخرج تشكيلة وليد الركراكي عن المعتاد، خاصة أن معظم المراكز في خطوط الدفاع والوسط والهجوم تعرف وجود ركائز لا يمكن للركراكي عدم الاعتماد عليها في مباراة كرواتيا وفي بقية المباريات في المجموعة السادسة.
واستناداً على آراء محللين، تحدث إليهم "عربي بوست"، فإن التشكيلة التالية، الأقرب ليدخل بها المنتخب المغربي مباراة كرواتيا:
حراسة المرمى: ياسين بونو
خط الدفاع: رومان سايس، نايف أكرد، نصير مزراوي، أشرف حكيمي.
وسط الميدان: سفيان امرابط، عز الدين أوناحي، سليم أملاح (أو عبد الحميد الصابيري).
الهجوم: حكيم زياش، سفيان بوفال، يوسف النصيري (أو عبد الرزاق حمد الله).