مع انطلاق كل بطولةٍ للعالم، تتضاعف المشاعر الوطنية للمنتخبات المشاركة، والتي ترفع راية بلدانها في المنافسة، وتحرص على تمثيلها بأحسن طريقة.
ولعلّ أبرز جزءٍ في كرة القدم يرتبط بالأوطان يتمثل في القمصان التي يرتديها اللاعبون أثناء مشاركاتهم الدولية، هذه القمصان التي تحمل في الغالب ألوان علم الوطن وتكون حافزاً للاعبين لتقديم أقصى ما لديهم للفوز، لكن هذه القاعدة، كأي قاعدة أخرى لها استثناءات، لأسباب مختلفة، ترتدي عدة منتخبات حول العالم قمصاناً بألوان غير موجودة في أعلام بلادها، على الأقل في الوقت الحالي.
منتخب هولندا يرتدي قميصاً برتقالياً
يرتدي لاعبو المنتخب الهولندي لكرة القدم في مباراتهم قمصاناً برتقالية اللون، قد تتساءل لماذا يرتدي منتخب هولندا ومعجبوه اللون البرتقالي كلون أساسي لهم، رغم أن هذا اللون ليس موجوداً في علمهم على غرار المنتخبات الأخرى؟
وبحسب ما ترويه الروايات التاريخية فإنَّ هيمنة اللون البرتقالي على قميص المنتخب الهولندي وعلى مشجعيه تعود إلى ما قبل 6 قرون، وتحديداً إلى القرن الـ16، حين قادت هولندا ثورة تمرد ضد الحكم الإسباني عليها بحثاً عن الاستقلال.
فوفقاً لما ذكره موقع Dutch Review الهولندي، فقد كان اللون البرتقالي لوناً وطنياً في هولندا لمئات السنين، والسبب في ذلك يعود إلى الملك وليام الأول، أو كما يطلق عليه أيضاً وليام الصامت، أو أمير أورانج، وهو الذي عُين حاكماً على هولندا عام 1555 وقاد الهولنديين ضد إسبانيا للاستقلال.
قبل ذلك كان وليام الأول وريثاً لمقاطعة أورانج من قبل رينيه شالون، ليواصل وليام قيادة الثورة الهولندية ضد الاحتلال الإسباني لهولندا خلال حرب الـ80 عاماً (1568–1648) قبل الحصول على الحرية.
كانت قيادته مؤثرة للغاية في التمرد، لذلك يُعرف باسم والد هولندا، حيث جلب الوحدة إلى المنطقة لأول مرة، كما أنه أيضاً الجد الأول للعائلة المالكة الحالية.
أما بلدة أورانج، التي ينحدر منها الملك وليام، والتي يعرفها الهولنديون تاريخياً باسم Oranghien، فهي حالياً مدينة تقع جنوب فرنسا.
إضافة إلى ذلك، فقد كان العلم الهولندي في الأصل يحمل الألوان "البرتقالي والأبيض والأزرق"، صممه وليام أورانج بنفسه، حتى أن الجنود الهولنديين خلال حرب الاستقلال كانوا يرتدون اللون البرتقالي في المعارك.
ومع ذلك، في نهاية هذه الحرب، تم تغيير الشريط البرتقالي إلى اللون الأحمر لعدة نظريات يفسرها المؤرخون، وهي:
النظرية الأولى: أن الصبغة المستخدمة لتلوين الأعلام البرتقالية كانت عُرضة للتغيير إلى اللون الأحمر بمرور الوقت، وبالتالي لتجنب الالتباس، تم تغيير العلم رسمياً إلى اللون الأحمر.
النظرية الثانية: التغيير كان نتيجة لمعاهدة الدفاع الإنجليزية – الهولندية عام 1654، التي منعت أي عضو في مجلس النواب من أن يصبح رئيساً للدولة الهولندية.
النظرية الثالثة: العلم الهولندي الجديد كان مبنياً على شعار النبالة البافاري منذ ما بين 1354 و1433، كانت مقاطعة هولندا تحكمها أسرة فيتلسباخ.
ولكن بغض النظر عن تبديل لون العلم، فإن اللون البرتقالي عالق في قلوب الهولنديين، ولا يزال يمثل الثقافة الهولندية بجميع صورها.
أستراليا ترتدي قميصاً أصفر وأخضر
وعلى غرار المنتخب الهولندي، سيدخل لاعبو منتخب أستراليا مونديال قطر 2022 بقمصان لا تحمل ألواناً لعلمها الوطني، فالقميص الأساسي لمنتخب أستراليا يتميز بلونه الأصفر والأخضر، غير الموجود في علم تلك الدولة، الذي يغلب عليه الأحمر والأبيض والأزرق. وتتوسطه نجوم بيضاء، ويتضمن علم بريطانيا الأحمر والأزرق.
وفقاً لموقع australia the gift الأسترالي، يعود السبب في ارتداء منتخب أستراليا قميصاً باللون الأصفر والأخضر، إلى تتأثر الأستراليين بالبيئة الأسترالية.
يقال إن اللون الأصفر الذهبي يمثل ويستحضر صوراً لشواطئ أستراليا الجميلة والبكر، والوفرة الهائلة من المعادن، ومحاصيل الحبوب وحتى الصوف الاسترالي، إضافةً إلى كونه لون زهرة أكاسيا التي تنتشر في القارة الأسترالية، والتي كانت تعتبر رمزاً للكفاح ضد الاستعمار البريطاني في بداية القرن الماضي.
أما اللون الأخضر الموجود على القميص الأسترالي، فيمثل غابات الأوكالبتوس الأسترالية الشهيرة والمراعي المنتشرة في جميع أنحاء أستراليا.
ألمانيا ترتدي قميصاً أبيض وآخر أخضر
يرتدي المنتخب الألماني قميصاً أبيض وآخر أخضر ضمن أطقمه الرسمية، ورغم عدم وجود هذين اللونين في العلم الرسمي لألمانيا، فإنّ وجودها في القميص الخاص بالماكينات الألمانية له عدة أسباب.
السر في اختيار اللون الأبيض لوناً رسمياً للقميص الألماني هو أن الاتحاد الألماني لكرة القدم تأسس عام 1900، عندما كان اللون الأبيض هو اللون الرسمي للبلاد بين عامي 1867 و1918، ليتم اقتباس هذا اللون من علم إمبراطورية بروسيا، التي كانت تسيطر على أغلب مناطق البلاد، وحتى الآن، لم يطرأ أي تغيير على اللون الأساسي للقميص، رغم التغييرات الكبيرة التي طرأت على الدولة، ومنها شكل العلم.
أمّا عن سبب ارتداء الألمان اللون الأخضر في قمصانهم، فوفقاً لموقع soccer 365، تنتشر قصتان لتفسير السبب في ذلك، إحداها يتعلّق بقصة وفاء، حيث تذكر الرواية أن منتخب ألمانيا أتته فكرة ارتداء اللون الأخضر كون منتخب إيرلندا يعتبر أول المنتخبات التي وافقت على مواجهة المانشافت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية التي هُزمت فيها ألمانيا، وبسبب ذلك قرر المنتخب الألماني ارتداء اللون الأخضر تيمناً بلون قميص منتخب إيرلندا الذي أصر على فك الحصار الرياضي عن الألمان.
أمّا القصة الثانية الشائعة، فهي أن ألمانيا الغربية اعتمدت اللون الأخضر لمساعدة المشجعين على المشاهدة على التلفزيون الأبيض والأسود.
اليابان ترتدي القميص الأزرق لجلب الحظ
يرتدي المنتخب الياباني قميصاً باللون الأزرق، وهو اللون الذي لا يوجد في العلم الياباني الذي يتكون من دائرة حمراء تتوسط مستطيلاً أبيض اللون.
وفقاً لموقع skdesu، فإنّ السبب الرئيسي لإرتداء المنتخب الياباني لكرة القدم القميص الأزرق هو أن اللون الأزرق هو أحد الألوان الرئيسية لاتحاد كرة القدم الياباني.
لكن رواية أخرى تشير إلى أنه عندما شاركت اليابان لأول مرة في تصفيات كأس العالم عام 1954، كان هناك عدد قليل من لاعبي كرة القدم، ولم تكن هناك حتى بطولات دوري محترفة. لذا قام فريق كرة القدم بجامعة طوكيو بتشكيل المنتخب الياباني، وارتدى الزي الأزرق الذي كان بنفس لون جامعة طوكيو.
ويدّعي آخرون أن السبب الرئيسي وراء استمرار اليابان في استخدام اللون الأزرق هو الحظ الذي ميّز مشاركة اليابان في أولمبياد برلين عام 1936، حيث فازت اليابان 3 – 2 على السويد، وكان اليابانيون يرتدون اللون الأزرق.
المرة الوحيدة التي توقف فيها منتخب اليابان عن ارتداء الزي الأزرق كانت بين عامي 1988 و1991، عندما أراد المدرب كينزو يوكوياما تغيير القميص إلى اللون الأحمر كشكل من أشكال التسويق لشركة ميتسوبيشي موتورز.
كانت النتائج خلال تلك السنوات مروّعة للمنتخب الياباني، ما دفع الفريق للعودة إلى اللون الأزرق، ويبدو أنّ رواية الحظ الرواية الأقرب للحقيقة!
إيطاليا والكويت ترتديان الأزرق وفنزويلا ترتدي الأحمر الداكن
لا يخفى على أحد أن لون فريق كرة القدم الإيطالي هو الأزرق، والذي غالباً ما يرتديه مع شورت أبيض، بينما يتألف علم إيطاليا من 3 ألوان؛ الأخضر والأبيض والأحمر.
يعود السبب وراء اعتماد القميص الأزرق إلى عهد النظام الملكي في إيطاليا من عام 1861 إلى عام 1946، حيث تم إنشاء الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، والذي قرر بدوره اعتماد لون العائلة المالكة في سافوي، وهو اللون الأزرق.
يُذكر أن منتخب إيطاليا لعب أول مباراتين في تاريخه بقميص أبيض، وهو لون زيه الاحتياطي حالياً، فيما تم اعتماد "الأزرق" لأول مرة في مباراة ودية ضد المجر عام 1911، تكريماً لدور الأسرة الحاكمة في إنهاء حالة الانقسام وتوحيد البلاد.
ويشترك المنتخب الكويتي مع المنتخب الإيطالي في لون القميص الأزرق، رغم أن العلم الكويتي يتألف من 4 ألوان، هي: الأسود والأحمر والأخضر والأبيض.
ولا يوجد سبب واضح بخصوص اختيار الكويت اللعب باللون الأزرق، والرواية الأرجح هي أن فهد الأحمد، الرئيس الأسبق للاتحاد الكويتي واللجنة الأولمبية الوطنية، اختار هذا اللون في سبعينيات القرن الماضي، لأنه يمثل البحر الذي يرمز للقوة والجلد والكفاح.
بحسب futbolretro، هناك جدل كبير حول سبب ارتداء الفرق الفنزويلية للأحمر الداكن، أحد التفسيرات هو أنه عند مزج الألوان الثلاثة التي يتكون منها العلم الفنزويلي، الأزرق والأصفر والأحمر، يكون منتجها أحمر داكن.
هناك من يقول إن اللون الأحمر الغامق كان لون الجيش الفنزويلي، والتفسير الثالث وهو الأكثر منطقية يقول إن الاتحاد الفنزويلي أراد تمييز ألوان المنتخب الفنزويلي عن ألوان كولومبيا والإكوادور.