مع اقتراب بداية أيّ كأسٍ للعالم، تشير العديد من الأصابع نحو منتخبات قوية تظلّ مرشّحة بقوة للظفر بالكأس، مثل البرازيل والأرجنتين، وألمانيا وإنجلترا وفرنسا.
ولطالما تألقّت المنتخبات المرشحة للفوز بالمونديال في مرحلة المجموعات، وبعدها في مراحل خروج المغلوب، ومع بروز تلك المنتخبات وتقدمها نحو تحقيق اللقب، كان العديد من المنتخبات الصغيرة وغير المرّشحة، والتي يُطلق عليها بلغة كرة القدم الأحصنة السوداء، تكتب مجدها خلال البطولة بتحقيق المفاجأة وبلوغ أدوارٍ متقدمة.
نتناول في هذا التقرير أبرز المنتخبات التي لعبت دور الحصان الأسود في كأس العالم، ولعبت مشواراً مشرفاً في نسخ كأس العالم.
كوستاريكا تقلب الطاولة على مجموعة أبطال العالم وتتأهل إلى ربع النهائي في كأس العالم 2014
تأهلت كوستاريكا إلى كأس العالم سنة 2014، والتي احتضنتها البرازيل، بعد إخفاقٍ في التأهل دام لـ8 سنوات، ووقعت في مجموعة الموت التي كانت تجمع أبطالاً سابقين للعالم، هم إنجلترا وأوروغواي وإيطاليا.
كان تصنيف منتخب كوستاريكا العالمي في المرتبة الـ28، بينما كانت أوروغواي في المرتبة الـ7، وإيطاليا الـ9، بينما كانت إنجلترا في المرتبة الـ10.
وبطبيعة الحال، تم تصنيف منتخب كوستاريكا بأنه الحلقة الأضعف في المجموعة، وبأنه سيخرج من المونديال بحصيلة ثقيلة.
لم يكترث نجوم منتخب كوستاريكا بالترشيحات، ودخلوا مونديال البرازيل بكلّ قوة.
في مباراتهم الافتتاحية قدم لاعبو كوستاريكا عرضاً مذهلاً، انتهى بالفوز على منتخب أوروغواي بـ3 أهداف مقابل هدف، قبل أن يتفوقوا على إيطاليا بهدف واحدٍ في مباراتهم الثانية، ويصمدوا أمام إنجلترا في المباراة الأخيرة من مرحلة المجموعات ويحافظوا على شباكهم نظيفة، في النهاية تأهلّ منتخب كوستاريكا كأوّل المجموعة، بينما خرجت إيطاليا وإنجلترا من الدور الأول.
في الدور الثاني، واجهت كوستاريكا منتخب اليونان، ورغم النقص العددي بعد طرد لاعب كوستاريكا أوسكار دوارتي في الدقيقة 66، نجحت كوستاريكا في مقارعة اليونانيين، كان المنتخب الكوستاريكي متقدماً في النتيجة حتى الدقيقة 90، عندما سجل اللاعب اليوناني سوكراتيس باباستاثوبولوس هدفاً قاتلاً أدى إلى تمديد المباراة شوطين إضافيين.
رغم ذلك، صمد الكوستريكيون وأخرجوا المباراة إلى ركلات الترجيح، أين لعب الحارس الكوستاريكي كيلور نافاس دور البطل، وأهّل منتخب بلاده إلى الدور الربع النهائي لأوّل مرة في تاريخه.
في ربع النهائي، إلتقى منتخب كوستاريكا بخصمه الهولندي، في أقوى اختبار لهم في ذلك المونديال، لكنهم نجحوا في الصمود أمام نجوم المنتخب الهولندي من أمثال آرين روبن، وكلاس يان هونتيلار؛ ليأخذوا المباراة إلى ركلات الترجيح مرة أخرى.
كانت كوستاريكا على بعد 5 ركلات فقط من الدور نصف النهائي، وهو السيناريو الذي لم يكن أشدّ المتفائلين بمنتخب كوستريكا يتوقعه.
لكن للأسف، انتهت مغامرة كوستاريكا في مونديال البرازيل 2014، بعد أن أنقذ حارس المرمى الهولندي البديل تيم كرول ركلتين من ركلات ترجيح منتخب كوستاريكا نفذهما براين رويز ومايكل أومانا، في حين أن منتخب الطواحين البرتقالية حول جميع تسديداته الأربعة إلى أهداف.
يد سواريز تحرم منتخب غانا من نصف نهائي كأس العالم 2010
في سنة 2010، كانت أنظار متابعي كرة القدم متجهةً نحو القارة الإفريقية، كونها كانت تحتضن لأوّل مرة منافسة كأس العالم بجنوب إفريقيا، خلال تلك الدور لم يكن مستوى المنتخبات الإفريقية متميزاً كما كان يرجى منها، فقد أقصيت 5 منتخبات إفريقية مشاركة في تلك النسخة من الدور الأوّل، من بينها منتخب جنوب إفريقيا صاحب الأرض والجمهور.
لكن منتخباً إفريقياً واحداً شكّل الحدث في ذلك المونديال الإفريقي، ويتعلق الأمر بمنتخب غانا، برازيل إفريقيا.
وقع المنتخب الغاني الذي يشارك في تلك النسخة للمرة الثانية في تاريخه في مجموعة قوية ضمت منتخبات ألمانيا وصربيا وأستراليا.
بدأ منتخب البلاك ستارز مشواره في مونديال 2010 بقوة، حين حقّق أوّل ث3 نقاط له في المونديال بفوزه على منتخب صربيا بهدف، ثمّ تعادل مع منتخب أستراليا في المباراة الثانية بهدف مقابل هدف، قبل أن يخسر مقابلته الثالثة أمام الماكينات الألمانية بهدف لصفر.
تأهلت غانا كثاني المجموعة برصيد 4 نقاط وبفارق الأهداف عن منتخب أسترالي، الذي حلّ ثالثاً.
في الدور الثاني، واجهت غانا منتخب الولايات المتحدة الأمريكية، أين نجح نجوم غانا في الفوز على الأمريكيين بهدفين لواحد بعد التمديد.
في الدور ربع النهائي، التقت غانا مع منتخب أوروغواي، وكانت تلك من أقوى وأمتع مباريات مونديال 2010.
سيطر التعادل بهدف لمثله على أطوار الوقت الأصلي، بعد أن سجل دييغو فورلان هدف الأوروغواي، وسولي مونتاري هدف غانا، واحتاج الفرقان إلى أشواطٍ إضافية لتحديد المتأهل للدور نصف النهائي.
في الشوط الثاني الإضافي، تحصّل منتخب غانا على ضربة جزاء في الوقت الإضافي من الشوط الإضافي الثاني، وذلك بعد أن أمسك نجم الأوروغواي لويس سواريز الكرة بيده وهي في طريقها إلى الشباك.
للأسف عاند الحظ منتخب غانا، بعد أن ضيّع نجمها وهدافها أسامواه جيان الضربة بعد أن سدد على العارضة، ليحتكم الطرفان الى ركلات الترجيح.
انتصر أوروغواي في ركلات الترجيح على غانا، وتأهلت للمرة الأولى إلى نصف نهائي المونديال منذ 40 سنة، بينما انتهت مغامرة منتخب غانا وأصيب حلم الأفارقة في المرور إلى نصف نهائي كأس العالم بخيبة أمل.
كوريا الشمالية تحقّق المعجزة في كأس العالم 1966
لطالما ارتبطت كوريا الشمالية في الإعلام العالمي بالأخبار السلبية، لكن في عام 1966، نجح منتخبها لكرة القدم في إبهار العالم، وذلك من خلال مشاركتهم التاريخية في مونديال إنجلترا.
عند بداية الدورة، كانت أغلب التوقعات بأنّ منتخب كوريا الشمالية سيغادر إلى بلاده في غضون أيام، كاوّل المنتخبات المقصاة في تلك النسخة، خصوصاً بعد وقوعه في مجموعة قوية تضمّ الاتحاد السوفييتي وتشيلي وإيطاليا.
تعززت هذه الفكرة بعد أن تغلب السوفييت على المنتخب الآسيوي بثلاثية نظيفة في مباراتهم الأولى التي احتضنها ملعب ميدلسبره.
في مباراتهم الثانية، واجهت كوريا الشمالية منتخب تشيلي التي تقدمت في النتيجة في غضون نصف ساعة. كان الكوريون الشماليون على وشك الإقصاء، ومع ذلك، رفض الفريق الكوري الاستسلام، ومع تبقي دقيقتين سجّل الكوريون هدفاً غير متوقع أنهوا به المباراة بالتعادل، ويبقى بصيصٌ من الأمل للكوريين من أجل التأهل.
كان ذلك البصيص للتأهل يعني أنه لا شيء أقل من الانتصار على الإيطاليين الأقوياء.
بالفعل، وقبل نهاية الشوط الأول كانت كوريا الشمالية متقدمةً بهدف سجله اللاعب باك دو-إيك. نجح الكوريون الشماليون في المحافظة على ذلك الهدف بأداءٍ قتالي شجاع، لتنتهي المباراة بفوز الكوريين.
كانت إيطاليا، من الفرق المرشحة للفوز بكأس العالم 1966، قد خسرت أمام منتخب كوريا الشمالية الذي شارك في البطولة لأول مرة، ولا يزال فوزهم 1-0 أحد أشهر النتائج في تاريخ كأس العالم.
أصبحت كوريا الشمالية بالتالي أول فريق آسيوي يلعب على الإطلاق في مباراة خروج المغلوب في كأس العالم، لكنهم واجهوا منتخب البرتغال القوي، بقيادة الأسطورة أوزيبيو.
ومع ذلك، صُدم ملعب جوديسون بارك المليء بالجماهير، حيث تقدمت كوريا الشمالية بثلاثية كاملة في نصف ساعة فقط من اللعب.
مع نهاية الشوط الأول، كان الكوريون الشماليون على بُعد 45 دقيقة فقط من الوصول إلى دور النصف النهائي.
قلب نجم وأسطورة البرتغال أوزيبيو المباراة رأساً على عقب في شوطها الثاني، حيث سجل 4 أهداف بمفرده.
كانت تلك الريمونتادا البرتغالية، واحدة من أكثر الريمونتادا شهرة في البطولة على الإطلاق.
في النهاية فازت البرتغال بنتيجة 5-3، وانتهت معها رحلة منتخب كوريا الشمالية التاريخية في المونديال.
منتخبا كوريا الجنوبية وتركيا يكتبان التاريخ في كأس العالم 2002
في سنة 2002، استضافت آسيا كأس العالم للمرة الأولى، وحرصت كوريا الجنوبية واليابان منظمتا البطولة، على جعلها دورةً لا تنسى.
ولعلّ أبرز الأحداث التي لا تُنسى في تلك البطولة، المستوى الذي قدمته كوريا الجنوبية تحت قيادة المدرب الهولندي جوس هيدينك، حين استحوذوا على مخيلة المشجعين في كل مكان، فبعد ثلاثة عقود ونصف من بطولات كوريا الشمالية في مونديال 1966 بإنجلترا، جاء الدور على نظرائهم الجنوبيين لتقديم عرض مماثل على أرضهم.
بحسب موقع goal، بدأ مشوار كوريا الجنوبية في مونديال 2002، بالفوز على منتخب بولندا بهدفين، بعدها تعادل الكوريون بصعوبة مع منتخب الولاية المتحدة الأمريكية بهدف لمثله، وكانت مباراتهم الأخيرة ضد البرتغال، التي كانت تتباهى بلاعبيها المشهورين أمثال لويس فيجو ونونو جوميز، لكن الكوريين لم ينتبهوا لأسماء النجوم في صفوف خصومهم، وحققوا الانتصار على البرتغاليين بهدف لصفر، وتأهلت كوريا الجنوبية متصدرة للمجموعة.
في الدور الثاني، واجهت كوريا الجنوبية منتخب إيطاليا القوي، وصيف بطولة أوروبا عام 2000. مرة أخرى، ضحكت كوريا الجنوبية في وجوه خصومها المشهورين، وتغلبت عليهم بهدفين لهدف، بعد مباراة امتدت إلى الأشواط الإضافية وحسمت بالهدف الذهبي.
كان الكثير يعتقد أنّ منتخب كوريا الجنوبية قد تأهل إلى الدور الربع النهائي بالاجتماع عاملي الحظ والتحكيم، وأن هذه المغامرة ستنتهي عندما يواجهوا إسبانيا في ربع النهائي.
لكن منتخب كوريا الجنوبية واصل عروضه القوية، وصمد أمام منتخب إسبانيا القوي، وأخرج المباراة إلى ركلات الترجيح. تمكنت إسبانيا من تحويل 3 ركلات فقط إلى أهداف من أصل 5 ركلات، بينما سجل الكوريون جميع ركلاتهم، وبالتالي أصبحت كوريا الجنوبية أول فريق آسيوي يصل إلى دور الأربعة في كأس العالم.
في النصف النهائي، كانت أمام كوريا الجنوبية مواجهة محتدمة أمام ألمانيا للوصول إلى النهائي، تأرجحت المباراة في كلا الاتجاهين، لكن قلة خبرة الكوريين حسمت المباراة، بعد أن سجل لاعب الوسط الألماني، ميشال بالاك، هدفاً أرسل به الألمان إلى المباراة النهائية.
بالموازاة مع المغامرة الكورية الجنوبية كان هناك فريق آخر يحقق فى مفاجأة ثانية، ويتعلّق الأمر بالفريق التركي الذي نجح في بلوغ المربع النهائي خلال تلك النسخة من كأس العالم.
بدأت تركيا مشوارها في مونديال كوريا الجنوبية واليابان بطريقة سيئة، حين خسرت مباراتها الأولى أمام منتخب البرازيل، ثمّ حققت التعادل في المباراة الثانية أمام منتخب كوستاريكا، وفازت في آخر مبارياتها في المجموعات على منتخب الصين بثلاثية نظيفة، لتتأهل إلى الدور الثاني في المركز الثاني خلف البرازيل المتصدرة.
في ثمن النهائي واجهت تركيا صاحب الأرض والجمهور منتخب اليابان، أين استطاعت عبوره بهدفٍ وحيد، لتضرب موعداً مع منتخب السنغال في الدور ربع النهائي.
كان السينغال هو الآخر يحقق فى مفاجأة، بعد وصوله إلى هذا الدور في مشاركته الأولى، لكن المنتخب التركي نجح في إنهاء مغامرته بالفوز عليه بفضل الهدف الذهبي.
في نصف نهائي، واجه المنتخب التركي مرة آخرى منتخب البرازيل، الذي نجح بصعوبة كبيرة هذه المرة في الفوز على الأتراك.
في المباراة الترتيبية تواجه الأحصنة السوداء لمونديال 2002 مع بعضها البعض، ونجح منتخب تركيا في الفوز بالمرتبة الثالثة بعد فوزه على كوريا الجنوبية بـ3 أهداف لهدفين .
مونديال 1958.. السويد تتأهل للنهائي على أرضها
في عام 1958، تمّ منح السويد شرف تنظيم كأس العالم، واستفادت الدولة الأوروبية المضيفة من دعمها على أرضها لكتابة مسار غير متوقع على طول الطريق إلى النهائي.
بدأت السويد بفوز رائع على المكسيك بثلاثية نظيفة، قبل أن تتفوق على المجر وصيفة مونديال عام 1954، بنتيجة هدفين لهدف، ليتأهل منتخب السويد إلى الأدوار الإقصائية قبل مباراته الثالثة أمام منتخب ويلز التي إنتهت بالتعادل السلبي.
كانت أول مباراة في دور خروج المغلوب منتخب السويد ضد منتخب الاتحاد السوفييتي في إطار الدور ربع النهائي، نجحت السويد في الفوز بالمباراة بهدفين سجلهما كلٌّ من كورت هامرين وتوري كلاس سيمونسون.
واجهت الدولة المضيفة أول تحد كبير لها في الدور نصف النهائي، حيث واجهت حامل اللقب منتخب ألمانيا الغربية.
تقدمت ألمانيا في الدقيقة 24 من الشوط الأول عن طريق هانز شايفر، لم تستغرق السويد وقتاً أطول لتحقيق التعادل، حيث سُجّل هدف التعادل في الدقيقة 32 من كارل سكوجلوند.
استمرت بعدها المباراة سجالاً بين لاعبي المنتخبين، وقبل نهاية المباراة بـ10 دقائق، ضاعف المنتخب السويدي من ضغطه على الألمان، مدعوماً بحشد صاخب من الجماهير السويدية، ليتمكّن المنتخب السويدي من تسجيل هدفين آخرين والتأهل للمباراة النهائية لمواجهة البرازيل بقيادة نجمهم بيلي.
شهدت المباراة النهائية في ستوكهولم تقدم أصحاب الأرض بعد 4 دقائق فقط، بدا أن ذلك الهدف المبكر أيقظ العملاق البرازيلي، الذي قرر الانتفاضة، فبعد 5 دقائق أدرك البرازيليين التعادل، وبعدها أمطروا شباك السويد بخماسية كاملة، وفازوا بأول كأس عالم للبرازيل على الإطلاق، قبل أن يفوزوا بـ4 آخرين في السنوات اللاحقة.