يستخدم الإنسان لغة الجسد للتعبير عن مشاعره في الفرح أو في الحزن، وهذا ما يقوم به السكان النيوزيلنديون عبر أداء رقصة الهاكا الشهيرة في البلد، والتي تعتبر من التراث الشعبي الذي تتشبث به العائلات هناك وتجمع ما بين الفرجة والقوة وروح المجموعة.
رمز للهوية النيوزيلندية
هاكا أو رقصة الحرب هي الوضعية التي تُشرك الجسم بأكمله في حركات إيقاعية قوية، والتي قد تشمل التأرجح وصفع الصدر والفخذين والختم وإيماءات العنف المنمنمة يصحبه ترنيمة، وفي بعض الحالات تعابير وجه شرسة تهدف إلى التخويف.
مثل جحوظ العينين وبروز اللسان. على الرغم من ارتباطها في كثير من الأحيان بالاستعدادات القتالية التقليدية للمحاربين الذكور، فإنه يمكن أداء هاكا من قِبل كل من الرجال والنساء، وتؤدي العديد من أنواع الرقص وظائف اجتماعية داخل ثقافة الماوري.
تعود أصول رقصة الهاكا إلى أسطورة الماوري، "إله الشمس" للسكان القدامى بنيوزيلندا؛ إذ كان يتم أداء رقصة الهاكا كجزء من طقوس اللقاء، بالترحيب بالزوار وغيرها.
حسب "britannica" تستخدم الرقصة أحياناً كرمز للهوية القبلية. منذ عام 1972، كان أداء هاكا إحدى السمات المميزة لمهرجان تي ماتاتيني للفنون الأدائية الذي يحظى بشعبية كبيرة، والذي يقام كل سنتين في نيوزيلندا.
أشهر هاكا هي "كا ماتي"، التي ألَّفها حوالي عام 1820 رئيس الماوري تي راوباراها. أصبح معروفاً للعالم بأسره عندما -في أوائل القرن العشرين- تم دمجه في طقوس ما قبل المباراة لفريق اتحاد الرجبي الوطني النيوزيلندي.
رقصة قبل المواجهة وفي الأعراس
يؤدي النيوزيلنديون الرقصة في العديد من المناسبات المختلفة والتظاهرات العالمية، إذ أصبحت تعرف عالمياً خاصة في مواجهات فرقة الريكبي التي لا تبدأ المباراة إلا بعد تأديتها للرقصة.
الرقصة في المنافسات: حسب "CBC" يشتهر فريق الركبي "New Zealand All Black" بتأدية واحد من أكثر عروض الهاكا شهرة قبل كل المباريات، إذ تبدأ الرقصة بـ"Ka mate" التي يعود تاريخها إلى سنة 1820م، ويعتبرها الفريق كنوع من أشكال التغلب على الأعداء.
فريق All Black ليس الفريق الوحيد الذي بدأ المنافسة مع "Ka mate، Ka mate، إذ يعود هذا التقليد إلى عام 1888، عندما تم استخدامه لأول مرة من قبل فريق New Zealand Native.
حالياً أصبحت فرق كرة القدم بنيوزيلندا تقوم بعرض رقصة الهاكا قبل المباريات سواء كانت محلية أو دولية.
تكريماً للضيوف: يستخدم النيوزيلنديون الرقصة للترحيب بالضيوف المميزين، إذ تعتبر من كرم الضيافة والفرح بقدومهم عندهم.
حفلات الزفاف: الأداء المفاجئ للهاكا يجعل العروس تبكي، على الرغم من أن النساء لا يشاركن تقليدياً في الرقص، فإنه يتم استثناء حفلات الزفاف. وشارك في العرض وصيفات الشرف مع العروس وعدد قليل من الضيوف.
إذ تقوم عائلة العروس بتأدية الرقصة لكي يعرف العريس أن عائلة العروس مستعدة للدفاع عن بنتهم؛ ليقوم العريس بعدها بالمشاركة في الرقصة.
في الجنازة: يؤدي البعض رقصة الهاكا في الجنائز، للتعبير عن الألم الذي يشعرون به عند فراق أحد الأقارب أو الأحد المعلمين تكريماً له وسط انسجام تام من طلابه.
الهاكا والنساء.. يمنع إظهار اللسان وثني الرجل
حسب "farandwide" يعتقد البعض أن رقصة الهاكا مخصصة للرجال فقط، وهذا يرجع إلى أنها تتميز بحركات عنيفة، لكن كباقي الرقصات يمكن أن تؤديها النساء أيضاً.
لا تؤدي النساء الرقصة بنفس طريقة الرجال، إذ لا تبرز المرأة لسانها أثناء الرقص، كما أنهن لا يقمن بثني ركبهن أو ينزلن إلى الأرض كما يفعل الرجال. بدلاً من ذلك، يقفن بشكل مستقيم وأرجلهن متباعدة أو واحدة أمام الأخرى، كما يقوم فريق الركبي النسوي هو الآخر بعرض للرقصة قبل المباريات الدولية.
ولأن الهاكا هي كل شيء عن المجتمع النيوزيلندي، فهي ليست بالضرورة مفصولة حسب الجنس. على سبيل المثال، غالباً ما يؤديها كل من الرجال والنساء معاً في الجنازة؛ إذ يمكن رؤية الجميع يرقصون معاً.
يوجد أيضاً أسلوب فريد يسمى kapa haka، والذي يتضمن أدوات مثل الجيتار، صدفة محارة "ptatara" أو العصي الطويلة التي يحملها الرجال. تتميز هذه الرقصة بغناء أكثر لحنية وحركات أكثر مرونة، على عكس الترانيم والحركات الحادة لأنماط الهاكا الأخرى.