لم تخلُ الصحف والمواقع الاخبارية البلجيكية الرياضية طيلة الأسابيع الماضية، من أخبار وتصريحات ومقالات تحليلية عن لاعب كرة القدم المغربي – البلجيكي بلال الخنوس نجم نادي جينك البلجيكي.
وأعلن الخنوس تمثيل المغرب رياضياً، رغم تعرضه لضغوط شديدة، لثنيه عن قراره وتمثيل "الشياطين الحمر" إلى درجة أن روبيرتو مارتينيز مدرب منتخب بلجيكا أغراه بضمه للمجموعة التي سيشارك بها في مونديال قطر 2022.
الخنوس ذو الـ18 ربيعاً، أكد في حوار مع "عربي بوست" أن قراره اللعب للمغرب نهائي ولا رجعة فيه، لأنه نابع من "صميم القلب"، ولا يتعلق الأمر بخيار رياضي فقط، شخصيته القوية تجعله يصمد في وجه الضغوط التي يمارسها الإعلام والمسؤولون عن كرة القدم في بلجيكا.
إلى أي مدى تزعجك الضغوط التي تمارس عليك في بلجيكا بعد اختيارك تمثيل المغرب رياضياً؟
اختيار حمل القميص المغربي هو اختيار نابع من صميم القلب، وكنت حاسماً في اختياري منذ فترة طويلة، فمنذ نعومة أظافري كنت أمنّي النفس أن ألعب للمنتخب المغربي يوماً ما.
الإعلام في بلجيكا سألني عن موقفي وكنت صريحاً معهم منذ البداية، قلت إنني اخترت المغرب بشكل نهائي، ورغم ذلك لا يزال البعض يروج أنه يمكنني العودة لتمثيل بلجيكا مستقبلاً ما دمت لم أصل بعد سن 21 عاماً، ولم أخض أية مباراة رسمية مع المنتخب المغربي الأول، وقانونياً يمكنني تغيير وجهتي وتمثيل بلجيكا، وهذا أمر خطأ.
قراري نهائي بشأن مستقبلي الرياضي، وهو اختيار حاسم لأنني لا أتصور نفسي أحمل قميصاً غير قميص منتخب المغرب، ففي نهاية المطاف ارتباطي ببلدي الأصلي ليس أمراً طارئاً، فلدي عائلة كبيرة في المغرب، وفي داخل أسرتي الصغيرة مازلنا محافظين على تقاليدنا المغربية وعلى طريقة عيشنا.
الضغوط التي تعرضت لها لم تكن فقط من وسائل الإعلام، بل كانت هناك اتصالات من مسؤولين في الاتحاد البلجيكي، منهم مدرب المنتخب، كيف واجهت ذلك؟
فعلاً، كانت هناك اتصالات من مستوى عالٍ من قبل شخصيات مرموقة في الكرة البلجيكية، لكنني اعتذرت لهم وكنت صريحاً معهم إلى أبعد الحدود، وقلت إن اختياري للمنتخب المغربي ليس اختياراً رياضياً وحسب، بل هو قرار عاطفي أيضاً.
كنت حاسماً في موقفي ولم أتردد للحظة واحدة في خياري، طلبت منهم أن يتفهموا ذلك، لأنني أريد التركيز أكثر على مسيرتي رفقة نادي جينك، لأنني مازالت في بداية الطريق، وهذا أول موسم لي في الدوري البلجيكي الممتاز بعد تصعيدي من فئة الشباب، ولا زال أمامي الكثير من العمل لتحقيق طموحي.
ألم تسأل نفسك ولو للحظة قصيرة، بعد تصريحات المدرب البلجيكي الذي اعتبر أن منتخب الشياطين الحمر فقد أفضل موهبة بلجيكية في السنوات الـ10 الأخيرة: "ماذا لو اخترت المنتخب البلجيكي"؟
مطلقاً، لم أفكر في هذا الأمر ولو للحظة واحدة، أريد اللعب للمغرب وهذا قراري ولن أتراجع عنه، وهنا سأستعير عبارة سمعتها من حكيم زياش لاعب تشيلسي الإنجليزي، الذي تعرض للضغوطات ذاتها في هولندا، التي أتعرض لها اليوم في بلجيكا، حينما قرر حمل قميص بلده الأصلي على حساب القميص الهولندي، إذ قال في إحدى تصريحاته الصحفية في هذا الصدد، بعدما سئل عما إذا ندم على اختياره اللعب للمغرب: "لا أحد يختار أمّه، والمغرب أمي، فلمَ أندم؟".
هل يمكن أن تدفعك هذه الضغوط إلى التفكير في الانتقال خارج الدوري البلجيكي، خاصة مع تألقك رفقة جينك؟
لم يحن الوقت بعد لمغادرة الدوري البلجيكي، حالياً أريد تقديم أفضل المستويات مع جينك، وشخصيتي تسمح لي بتجاوز كل الضغوط التي من الممكن أن تؤثر في لاعب آخر غيري.
أنا متحرر تماماً من كل الضغوط، ولا يهمني ما يكتبه الإعلام عني، ولا أتهرب من أسئلة الصحافيين عن الموضوع، يسألونني وأجيبهم بكل شفافية وصراحة، وأظنهم تفهموا موقفي، فاختياري للمغرب كان من القلب ولا سبيل لمناقشتي حول ثوابتي.
هل تتطلع إلى خوض كأس العالم مع المغرب؟ وكيف سيكون رد فعلك في حال لم يستدعك الركراكي؟
بطبيعة الحال أحلم أن أشارك في كأس العالم رفقة منتخب بلدي، فكل لاعبي العالم يتقاسمون معي هذا الحلم، لكنني لا أكتفي فقط بالحلم، بل أعمل بجد لتحقيق ذلك خلال التدريب، وفي المباريات، أقدم أفضل ما لدي مع فريقي جينك.
نحن الآن نتصدر الدوري البلجيكي، وإن استدعاني الركراكي فسأكون عند حسن ظنه، لكن إذا لم أكن ضمن اختياراته، سأواصل العمل لتحقيق ذلك لاحقاً، فما زال أمامي مزيد من الوقت بحكم سني، فاختياري للمغرب ليس مرتبطاً أبداً بالمشاركة في المونديال، بل مرتبط بجذوري التي تربطني ببلدي.
كيف تتوقع مشاركة المنتخب المغربي في المونديال؟
المنتخب الوطني المغربي يمتلك أسماء وازنة، يمارسون في أعلى المستويات رفقة أندية كبيرة تنتمي للدوريات الأوروبية الكبرى، وأعتقد أن المغرب باستطاعته أن يكون في مستوى الحدث ومقارعة منتخبات المجموعة السادسة، التي تضم بلجيكا وكرواتيا وكندا، نمتلك كامل الحظوظ لحجز مقعد لنا في الدور التالي.
إذا خضت المونديال مع المغرب فستواجه منتخب بلجيكا، ألن يتسبب لك ذلك في "مشاعر متناقضة" بحكم ترعرعك في بلجيكا وحملك لجنسيتها أيضاً؟
لا أظن ذلك، فهي على كل حال تبقى مباراة في كرة القدم ضمن إطار رياضي، والفائز فيها هو من يستحق ذلك، لن يكون لدي مشكلة في حمل القميص المغربي في مباراة ضد بلجيكا، أظنني قادر على اللعب دون أية خلفيات أو مركب نقص.
لنتحدث عن جينك قليلاً، منذ بداية الموسم وأنت تشارك بشكل رسمي مع الفريق كأصغر لاعب أساسي في الدوري البلجيكي..
نعم هذا أمر جيد، المدير الفني يثق بي ويعتمدني ضمن فريقه النموذجي، ونحن حتى الآن كنا في مستوى ثقته وفزنا بنقاط جميع المباريات تقريباً التي خضناها منذ انطلاق الدوري البلجيكي.
نقوم بالعمل المطلوب منا ونحقق الفوز تلو الآخر، وهناك قاعدة في كرة القدم تقول: لا يجب تغيير الفريق الذي يفوز، لذلك أنا حاضر دائماً في التشكيل الرسمي.
مركزك في متوسط الميدان وصانع ألعاب، يلزمك الفوز بالكثير من الالتحامات الثنائية، ألا يشكل الأمر صعوبة على لاعب شاب في مثل سنك؟
نعم الأمر ليس سهلاً خاصة بالنسبة لي، أخوض موسمي الأول رفقة فريق الكبار بعد تصعيدي من فئة الشباب، أشتغل على ذلك رفقة الطاقم الفني كثيراً في التدريبات، وأظنني نجحت بنسبة كبيرة في الاختيار.
ودعني هنا أخبرك بسر تفوق جينك خلال الموسم الجاري، نحن نمتلك روح التحدي ورغبة جماعية شديدة لتحقيق الفوز، الجانب الذهني لفريقنا مرتفع جداً، وهذه ميزة تمكننا من انتزاع نقاط المباريات، لاسيما أمام الأندية الكبيرة.