تُعد بطولة كأس العالم عُرساً عالمياً بكل معاني الكلمة، حيث تكون الأنظار مركزة على مباريات البطولة، دون غيرها من الأحداث السياسية والاقتصادية على وجه الأرض.
ويُقام كأس العالم مرة كل 4 سنوات، وتستضيف قطر النسخة الجديدة وهي الثانية والعشرون في تاريخ البطولة منذ انطلاقها، للمرة الأولى في المنطقة العربية.
ومن المتوقع أن يحظى المونديال المقبل بنسب مشاهدة قياسية، علماً أن نسخة 2014 التي أقيمت في البرازيل تابعها أكثر من 3.2 مليار شخص.
10 لحظات خالدة في تاريخ كأس العالم
وخلال تاريخ البطولة، شهدت المباريات كثيراً من اللقطات القاسية أو المؤثرة، التي حُفرت في ذاكرة عشاق الساحرة المستديرة، نرصد بعضاً منها في السطور التالية.
هدف مارادونا (يد الله)
تُعرف مباراة الأرجنتين وإنجلترا التي أقيمت يوم 21 يونيو/حزيران 1986 في الدور ربع النهائي من مونديال المكسيك، بأنها واحدة من المواجهات التاريخية في البطولة؛ نظراً إلى ما شهدته من أحداث.
سجل الأسطورة الراحل دييغو أرماندو مارادونا هدفاً خالداً للأرجنتين بعدما راوغ عدة لاعبين، قبل أن يضع الكرة في الشباك.
وفي المباراة نفسها، أضاف مارادونا هدفاً ثانياً بعدما ارتقى للكرة أعلى من الحارس الإنجليزي بيتر شيلتون، ثم وضع الكرة في الشباك مستخدماً يده.
الغريب في الأمر أن الهدف تم احتسابه رغم الاحتجاجات الإنجليزية، وواصلت الأرجنتين طريقها إلى منصة التتويج، بينما ودعت إنجلترا المسابقة.
سواريز يعض كيليني
في الجولة الثالثة من دور المجموعات لمونديال 2014، لعبت إيطاليا مباراة حاسمة من أجل الحفاظ حظوظها في البقاء بالبطولة، وذلك ضد أورغواي يوم 24 يونيو/حزيران 2014.
وفي تلك المباراة أقدم لويس سواريز، مهاجم أوروغواي، على عض منافسه جورجيو كيليني، مدافع إيطاليا، بعد كرة مشتركة بين الرجلين.
المثير في الأمر أن سواريز نجا من العقوبة مؤقتاً، لكون الحكم المكسيكي ماركو رودريغيز لم ير اللقطة، لكن "البوستوليرو" حُرم من اللعب دولياً ومع الأندية لمدة أربعة أشهر، مع غرامة مالية وصلت إلى 92 ألف دولار.
إلغاء هدف حاسم للبرازيل
أحرز رينالدو هدفاً للبرازيل عدّل من خلاله النتيجة لبلاده أمام السويد، في أولى مباريات الفريقين في مونديال الأرجنتين 1978.
وحاول "راقصو السامبا" تسجيل هدف آخر من أجل تحقيق الفوز، وكان لهم ما أرادوا بواسطة زيكو، الملقب بـ"بيليه الأبيض"، في اللحظات الأخيرة من عمر المباراة.
لكن الحكم الويلزي كلايف توماس كان له رأي آخر، حيث أطلق صافرة النهاية، والكرة قد خرجت بالفعل من رأس زيكو نحو شباك الحارس روني هيلستروم، ليحرم البرازيليين من انتصار مستحق، وسط استغراب ودهشة الجميع.
ثلاث بطاقات صفراء للاعب واحد!
في الثاني والعشرين من يونيو/حزيران 2006، تقابل المنتخبان الكرواتي والأسترالي في الجولة الثالثة من دور المجموعات.
في تلك المباراة أشهر الحكم الإنجليزي غراهام بول بطاقة صفراء للكرواتي جوسيب سيمونتيش في الدقيقة الـ61، ثم رفع أخرى للاعب نفسه في الدقيقة الـ90، لكنه لم يرفع البطاقة الحمراء، وسط ذهول العالم.
وتحصل اللاعب نفسه على بطاقة صفراء ثالثة في الدقيقة الـ90+3، لتتحول إلى حمراء هذه المرة، في سابقة تاريخية في بطولات كأس العالم.
معركة سانتياغو
وُصفت مباراة تشيلي وإيطاليا، التي أقيمت يوم 2 يونيو/حزيران 1962 في الجولة الثانية من دور المجموعات لذلك المونديال بـ"معركة سانتياغو".
وقبل انطلاق المونديال، قاد صحفيان إيطاليان وهما أنطونيو تشيريلي وكورادو بيتزينيلي، حملة من أجل سحب تنظيم كأس العالم من تشيلي، بعدما تعرضت البلاد لزلزال "فالديفيا"، الأمر الذي أثار غضب المحليين.
جاء الرد قاسياً من لاعبي تشيلي، خاصةً أن أحدهم ارتكب خطأ عنيفاً ضد نظيره من إيطاليا بعد 12 ثانية من بداية المباراة التي أدارها الحكم الإنجليزي كين أستون.
وفي الدقيقة الثامنة ارتكب التشيلي هونورينو لاندا خطأ ثانياً قاسياً بحق الإيطالي جيورجيو فيريني، فما كان من الثاني إلا أن أخذ حقه بيده ليتم طرده، ليرفض مغادرة الملعب، قبل أن يخرج بعد 10 دقائق عقب تدخل "الفيفا".
واستمر العنف في تلك المباراة، التي بدا فيها أستون متساهلاً مع أصحاب الأرض، حيث اقتحمت الجماهير أرضية الملعب أكثر من مرة، فيما وجه ليونيل سانشيز لكمة للإيطالي ماريو ديفيد، لكن الحكم طرد الثاني فقط.
أكملت إيطاليا المباراة بتسعة لاعبين، لتستغل تشيلي النقص العددي وتفوز بالمباراة بهدفين دون رد.
معركة نورمبرغ
شهدت كأس العالم معركة أخرى، وعُرفت هذه المرة بـ"معركة نورمبرغ"، وكانت المباراة بين البرتغال وهولندا في الدور ثمن النهائي لمونديال ألمانيا.
شهدت تلك المباراة التي أقيمت يوم 25 يونيو/حزيران 2006، إشهار الحكم عدداً قياسياً من البطاقات الملونة الصفراء والحمراء.
ورفع الحكم 16 بطاقة صفراء و4 حمراء كانت من نصيب فرانشيسكو دا كوستا وديكو من البرتغال، وخالد بولحروز وجيوفاني فان برونكهورست من هولندا.
النتيجة النهائية رجحت كفة البرتغاليين بهدف نونو مانيش، الذي سجله في الدقيقة الـ23، لتودع هولندا المنافسات.
اغتيال لاعب بسبب هدف ذاتي
سجل المدافع الكولومبي أندريس إسكوبار هدفاً في مرمى منتخب بلاده، خلال مباراة كولومبيا والولايات المتحدة الأمريكية في مونديال 1994.
تواجه المنتخبان يوم 22 يونيو/حزيران 1994، في دور المجموعات، حيث حاول إسكوبار اعتراض كرة عرضية، لكنه حوّلها بالخطأ إلى مرمى فريقه، لتغادر كولومبيا البطولة في نسخة كانت التوقعات تصب في صالح الكولومبيين للذهاب بعيداً.
وبعد عشرة أيام من تلك المباراة، تعرض إسكوبار لإطلاق نار، حيث أصيب باثنتي عشرة رصاصة في أنحاء متفرقة من جسده، أثناء خروجه من إحدى الحانات في كولومبيا، ليلقى حتفه على أثرها.
الهدف الشبح
أقيم نهائي نسخة عام 1966 بين إنجلترا وألمانيا على ملعب ويمبلي الشهير في لندن، يوم 30 يوليو/تموز من ذلك العام.
انتهت المباراة في شوطيها الأصليين بالتعادل الإيجابي 2-2، لتمتد إلى أشواط إضافية، لأول مرة في تاريخ المباريات النهائية بكأس العالم.
وبعد أحد عشر دقيقة من انطلاق الشوط الثالث، حوّل الإنجليزي جيوف هورست عرضية أحد زملائه تجاه المرمى، لتصطدم الكرة بالعارضة الأفقية ثم نزلت إلى الأرض خارج خط المرمى.
لكن الحكم المساعد كان له رأي آخر، ليشير إلى حكم الساحة باحتساب الهدف، الذي أثار غضب الألمان، دون جدوى.
ومهّد هذا الهدف الذي عُرف إعلامياً بـ"الشبح" فيما بعد، طريق إنجلترا نحو منصة التتويج للمرة الأولى والأخيرة حتى يومنا هذا، خاصةً أنها سجلت هدفاً رابعاً عن طريق هورست.
نطحة زيدان
صدم النجم الفرنسي زين الدين زيدان ملايين المتابعين في العالم، بعدما نطح المدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي، في الدقائق الأخيرة من نهائي مونديال 2006.
أقيم ذلك النهائي على أرضية الملعب الأولمبي في برلين، يوم 9 يوليو/تموز 2006، وفيه وضع زيدان فرنسا في المقدمة من ضربة جزاء نفذها على طريقة بانينكا، قبل أن يعدل ماتيراتزي النتيجة.
الدقيقة الـ110 كانت شاهدة على واحدة من أشهر اللقطات في كأس العالم، بنطحة زيدان، التي طُرد على أثرها بالبطاقة الحمراء.
وتم الكشف لاحقاً أن ماتيراتزي وجه شتيمة لزيدان في أخته، الأمر الذي أثار حفيظة النجم الفرنسي، الذي قرر حينها الرد على طريقته.
سباعية ألمانية في شباك البرازيل
اتجهت أنظار العالم إلى ملعب جوفيرنادور ماغاليس في مدينة بيلو هوريزونتي البرازيلية يوم 8 يوليو/تموز 2014، لمتابعة نصف النهائي بين أصحاب الأرض وألمانيا.
كان الجميع ينتظر مواجهة نارية مثيرة تحبس الأنفاس حتى صافرة النهاية، لكن ما حدث أن الألمان قطعوا أنفاس البرازيليين والعالم بأربعة أهداف في أول 26 دقيقة، قتلوا من خلال متعة المباراة.
المد الألماني لم يقف عند هذا الحد، بل أضافوا ثلاثة أهداف أخرى في الشوط الثاني، لتنتهي المباراة بفوز ألماني ساحق على البرازيل بنتيجة 7-1، في يوم كان أشبه بالكابوس لأصحاب الأرض، وذكّرهم بكارثة نهائي ماراكانا عام 1950.