قاد 5 منتخبات مختلفة في كأس العالم ولا يعرف تاريخ ميلاده.. عن بورا ميلوتينوفيتش المدرب الرحّالة

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/20 الساعة 23:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/07 الساعة 11:55 بتوقيت غرينتش
عن بورا ميلوتينوفيتش المدرب الرحّالة - gettyimages

لمع نجم الصربي فيليبور ميلوتينوفيتش، المعروف باسم بورا، على مقاعد البدلاء، في منصب المدير الفني لخمسة منتخبات مختلفة في تاريخ نهائيات كأس العالم.

يُنظر إلى بورا ميلوتينوفيتش على أنه "مدرب عالمي"، وهي فرضية سيتم التأكد منها خلال السطور المقبلة، فضلاً على شخصيته الفريدة في تاريخ كرة القدم، وكذلك تعامله المميز مع اللاعبين الذين دربهم.

عن بورا ميلوتينوفيتش المدرب الرحّالة

وُلد فيليبور (بورا) في مدينة باغينا باستا الواقعة في منطقة زلاتيبور، غرب صربيا، يوم 7 سبتمبر/أيلول 1944، لكن الغريب أن هذا التاريخ المتعارف عليه غير مؤكد، حتى إن المدرب الصربي نفسه لا يعرف تاريخ ميلاده الحقيقي، وفق تقرير موقع goal العالمي.

وقال ميلوتينوفيتش في تصريحات عام 2002: "لا أحد يعرف بالضبط متى ولدت، في عام 1939 أو 1940 أو 1944، لا أدري".

عاش ميلوتينوفيتش طفولة قاسية، خاصة أن والده أورزاد توفي خلال الحرب العالمية الثانية، كما لحقت والدته دارينكا بأبيه بعد فترة قصيرة، بعد صراع مع مرض السل.

نشأ ميلوتينوفيتش في كنف أعمامه مع أخته وإخوته الذين يكبرونه سناً، وهما ميلوراد وميلوس اللذان أصبحا فيما بعد مرجعيته في كرة القدم.

وبعد مسيرة طويلة في الملاعب، بدأت مع بارتيزان بلغراد في ديسمبر/كانون الأول عام 1962، وانتهت مع أونام بوماس المكسيكي في 1977، تحول ميلوتينوفيتش إلى عالم التدريب، وكانت البداية مع الفريق الذي اعتزال بألوانه.

وقاد المدرب الصربي فريق أونام بوماس للتتويج بلقب الدوري المكسيكي في مناسبتين، بالإضافة إلى لقب كأس أبطال الكونكاكاف في عام 1980.

وبعد نجاحاته مع أونام، استعان الاتحاد المكسيكي بخدمات ميلوتينوفيتش، الذي تم تعيينه مدرباً للمنتخب، الذي كان يستعد لاستضافة مونديال كأس العالم على أراضيه عام 1986.

لعب المكسيك بقيادة ميلوتينوفيتش في المجموعة الثانية، وفاز على بلجيكا والعراق، وتعادل مع باراغواي، ليتأهل إلى الدور الثاني كمتصدر لمجموعته.

وفي ثمن النهائي تجاوز المكسيك بلغاريا بهدفين نظيفين، قبل أن تتوقف مغامرته على يد الألمان في ربع النهائي، وبركلات الترجيح، بعد انتهاء المباراة بالتعادل السلبي.

من مهرّج إلى ساحر

بعدها فضّل ميلوتينوفيتش خوض تجربة جديدة، وتولي تدريب فريق سان لورينزو الأرجنتيني، ثم فيراكروز في المكسيك، ومن بعدهما أودينيزي في إيطاليا، قبل أن يتولى تدريب منتخب كوستاريكا في أبريل/نيسان 1990، الذي اختاره اتحاده بسبب سمعته وسجله في مونديال 86.

ومن حسن حظ ميلوتينوفيتش، أن كوستاريكا كانت متأهلة فعلاً لكأس العالم 1990، ليوقع عقداً لمدة ثلاثة أشهر، براتب إجمالي بلغ 30 ألف دولار، وهو ما أثار الرأي العام في البلاد ضده.

وعن ذلك قال الصربي: "استقبلني الرأي العام بشكل سيئ ووصفوني بالمهرج، ولكن بعد انتهاء مشاركتنا في المونديال تحول المهرج إلى ساحر".

لعبت كوستاريكا في المجموعة الثالثة، والتي بدت معقدة بالنسبة لهذا المنتخب المتواضع كروياً، إلى جانب البرازيل واسكتلندا والسويد.

لكن ميلوتينوفيتش صنع المعجزة، ونجح في التأهل للدور المقبل، بعد فوزين على اسكتلندا والسويد، وخسارة وحيدة من البرازيل.

أمام البرازيل بالذات، كان على كوستاريكا ارتداء القميص الثالث، الذي لم يكن متوفراً للمنتخب بسبب الوضع الاقتصادي السيئ لاتحاد اللعبة، ليتواصل ميلوتينوفيتش مع أحد أصدقائه من أجل توفير قمصان باللونين الأبيض والأسود (ألوان بارتيزان بلغراد) وهو ما حدث بالفعل ضد البرازيل.

انهارت كوستاريكا في دور الـ16، وودعت المنافسات بخسارة ثقيلة أمام تشيكوسلوفاكيا بهدف مقابل أربعة.

التجربة الأمريكية

بعد هذه التجربة، تلقى ميلوتينوفيتش مكالمة هاتفية من الاتحاد الأمريكي لكرة القدم، من أجل الإشراف على تدريب المنتخب الأول.

جاء تعيين ميلوتينوفيتش بتوصية من الألماني فرانز بيكنباور، الذي رفض تولي المهمة، قبل أن يرشح اسم الصربي لوزير الخارجية الأمريكي في حينها هنري كيسنغر.

وعن تلك التجربة التي بدأت في أبريل/نيسان 1991، قال ميلوتينوفيتش: "لم تكن كرة القدم في الولايات المتحدة مهمة، لذا كان عليّ أن أبدأ من الصفر".

قاد ميلوتينوفيتش "العم سام" إلى التتويج بالكأس الذهبية عام 1991، على حساب هندوراس، أما مونديال 1994 فشاركت فيه الولايات المتحدة بصفة المستضيف.

أوقعت القرعة ميلوتينوفيتش، في ظهوره الثالث في كأس العالم، والأمريكان في المجموعة الأولى، حيث تعادل مع سويسرا ثم فاز على كولومبيا قبل أن يخسر من رومانيا، لكن المنتخب تأهل إلى المرحلة المقبلة كونه أحد أفضل الثوالث.

اصطدم المنتخب الأمريكي بنظيره البرازيلي في ثمن النهائي، ليكتفي بهذه المرحلة بعدما تسبب في إرهاق "راقصي السامبا"، الذين تأهلوا بهدف وحيد أحرزه النجم بيبيتو.

بعد أمريكا، عاد ميلوتينوفيتش إلى تدريب منتخب المكسيك، وفاز معه بالكأس الذهبية عام 1996، ثم حقق المركز الثالث في كوبا أمريكا 1997.

جاء الدور على نيجيريا للاستفادة من خبرات المونديالي ميلوتينوفيتش، الذي ظهر مع "النسور" في كأس العالم 1998، وللمرة الرابعة في تاريخه، ومع لاعبين بقيمة أوكوشا وبابا يارو وويست وكانو وأوليسيه وأموكاشي، وغيرهم.

بعد مباراة ملحمية، فازت نيجيريا على إسبانيا في أولى لقاءات المجموعة الرابعة، قبل أن تخسر من باراغواي ثم تغلبت على بلغاريا، ليتأهل المنتخب إلى المرحلة المقبلة من موقع الصدارة.

وصل ميلوتينوفيتش إلى دور الستة عشر للمرة الرابعة من أصل 4 مشاركات، لكن "نسور" نيجيريا فشلوا في مواصلة التحليق في سماء فرنسا، بعد الخسارة من الدنمارك بهدف مقابل أربعة.

عقب هذه المشاركة، عاد ميلوتينوفيتش إلى أمريكا لتدريب فريق مترو ستارز نيويورك، تجربة استمرت عاماً واحداً.

المحطة الأخيرة في كأس العالم

وفي فبراير/شباط 2000، تولى ميلوتينوفيتش تدريب منتخب الصين، وقاده هذه المرة بنفسه للتأهل إلى مونديال 2002، الذي أقيم بالشراكة بين اليابان وكوريا الجنوبية.

وكانت المشاركة الخامسة لميلوتينوفيتش، هي الأخيرة له في كأس العالم، وكانت محبطة، خاصة أن "التنين" الصيني، خسر مبارياته الثلاث أمام كوستاريكا والبرازيل وتركيا على التوالي، دون أن ينجح مهاجموه في تسجيل أي هدف.

في ذلك الوقت كان ميلوتينوفيتش هو المدرب الوحيد الذي يدرب خمسة منتخبات مختلفة في كأس العالم، لكن البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا فرض نفسه شريكاً للصربي في هذا الإنجاز، عقب تدريبه منتخب جنوب إفريقيا في مونديال 2010.

وسبق لبيريرا أن درب منتخبات الكويت (مونديال 82)، والإمارات (مونديال 90)، والبرازيل (مونديالي 94 و2006)، والسعودية (مونديال 98)، وأخيراً جنوب إفريقيا.

وبعد التجربة الصينية، درّب ميلوتينوفيتش نادي السد القطري، ومنتخبات هندوراس وجمايكا والعراق والصين مرة أخرى، كل ذلك من أجل المتعة ودون الهوس بتحقيق إنجازات جديدة.

ويرى ميلوتينوفيتش في نفسه أنه شخص يحب السفر والتنقل، والتعرف على شعوب وثقافات جديدة، ولن يكون ذلك غريباً على رجل يتحدث خمس لغات بطلاقة وهي الصربية والإنجليزية والإيطالية والفرنسية والإسبانية، بالإضافة إلى بضع كلمات من الروسية والماندرين (لغة جمهورية الصين الشعبية).

تحميل المزيد