يواصل عبد الرزاق حمد الله، مهاجم الاتحاد السعودي لكرة القدم، إثارة الجدل داخل الأوساط الرياضية المغربية، بسبب تصريحاته أو ردود فعله، حول غيابه عن قوائم المنتخب المغربي منذ حوالي ثلاث سنوات.
وفي الوقت الذي يعاني فيه المنتخب المغربي من غياب هداف مميز، يستمر حمد الله في إحراج الاتحاد المغربي لكرة القدم، ومعه مدرب المنتخب، بتألقه في الملاعب السعودية، وتسجيل الأهداف في معظم المباريات التي يخوضها.
مصادر "عربي بوست" أكدت أن غياب حمد الله عن المنتخب المغربي ليس مرتبطاً بمستواه الفني ولا بجاهزيته البدنية، كما صرح وليد الركراكي مدرب المنتخب في الندوة الصحافية الأخيرة.
وأضاف المصدر نفسه أن الأمر مُتعلق بموقف شخصي من رئيس الاتحاد المغربي، الذي بات اليوم مطالباً بالتدخل بسرعة لاحتواء هذا الملف، الذي أصبح يقسم الشارع الرياضي المغربي، جمهوراً وإعلاميين ونقاداً رياضيين.
السبب الحقيقي لإبعاد عبد الرزاق حمد الله
توالت التعليقات والمواقف بعد تصريح أدلى به حمد الله لشبكة "إس إس سي" السعودية، مساء الخميس الماضي سبتمبر/أيلول 2022، بشأن موقفه من غيابه عن لائحة المنتخب المغربي لكأس العالم.
وقال حمد الله، بعدما قاد فريقه للفوز على الخليج بهدفين دون رد سجلهما بنفسه، إنه يجهل تماماً ما صرح به الركراكي بشأن غيابه عن لائحته، لأنه لم يستمع له، قائلاً: "أبواب المنتخب مفتوحة في وجه كل اللاعبين المغاربة وليس حمد الله فقط".
وحسب معطيات توصل إليها "عربي بوست" فإن استمرار غياب حمد الله، رغم تألقه اللافت في الملاعب السعودية وافتقار منتخب المغرب لهداف من قيمته، يعود أساساً إلى خلافه مع فوزي لقجع رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم.
فمنذ 2019، حين كان المنتخب يخوض آخر تجمع إعدادي قبل السفر إلى مصر للمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، حزم حمد الله أمتعته وقرر مغادرة التجمع دون إذن.
وتدخل حينها لقجع شخصياً -حسب المصدر- من أجل ثنيه عن قراره، لكنه رفض الاستماع إليه وسافر عائداً إلى مسقط رأسه بمدينة آسفي، تاركاً وراءه المنتخب المغربي الذي شارك في "كان مصر 2019" من دونه.
وحسب مصادر من محيط المنتخب المغربي، فإن ما زاد في توتر العلاقة بين حمد الله ولقجع هو تعمّده تكذيب تصريح صدر حينها لتبرير غياب حمد الله، حيث قال الاتحاد المغربي إن حمد الله يعاني إصابة في الظهر حرمته من المشاركة في كأس إفريقيا.
وظهر حمد الله في فيديو مثير، إثر ساعات قليلة بعد هذا الإعلان، وهو يقوم بتمارين رياضية قوية، تظهر أنه بصحة جيدة ولا يعاني شيئاً، حينها قرر لقجع "عدم استدعائه مرةً أخرى لصفوف المنتخب".
ومن الأمور التي زادت إشعال التوتر بين الاتحاد وحمد الله المنشورات التي كان يضعها اللاعب على مواقع التواصل الاجتماعي مباشرة بعد كل إخفاق للمنتخب المغربي، ما كان الاتحاد المغربي في شخص فوزي لقجع يعتبره استفزازاً مقصوداً.
التمييز بين اللاعبين
حمد الله ليس اللاعب الوحيد في منتخب المغرب الذي يتميز بمزاج خاص وشخصية قوية تسببت له في مشاكل مع الاتحاد المغربي والمديرين الفنيين الذين تناوبوا على العارضة الفنية لأسود الأطلس.
يقول حميد السباعي، الناقد الرياضي المغربي، إن حكيم زياش أعلن اعتزاله اللعب دولياً، ووصف الفرنسي وحيد خليليوزيتش بالمهرج في إحدى تدويناته على منصة "إنستغرام"، بل ورفض استقباله في لندن لعقد الصلح معه بوساطة فوزي لقجع.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن "زياش دخل في خلافات حادة أيضاً مع هيرفي رونار، المدرب الأسبق للمنتخب، واضطر لقجع إلى السفر رفقة رونار إلى أمستردام حينها عندما كان يلعب في صفوف أياكس الهولندي، وشاهدنا جميعاً تلك الصورة الشهيرة التي يقبل فيها رونار رأس زياش".
وذكّر السباعي بخلاف نصير مزراوي مع خليلوزيتش، واضطرار الأخير تحت ضغط من فوزي لقجع إلى السفر إليه ولقائه في أمستردام من أجل مصالحته، وأيضاً منير حدادي، الذي رفض دعوة المغرب وحمل قميص إسبانيا وقال إنه غير نادم على ذلك.
وتابع المتحدث: "حدادي لفظه المنتخب الإسباني الذي لعب في صفوفه 10 دقائق، فعبّر عن رغبته في اللعب مع المغرب، وخاض الاتحاد معركة قانونية قوية لدى الاتحاد الدولي من أجل عيونه، ونجح في ضمه للمنتخب رغم أنه لم يقدم حتى الآن إضافة واضحة لأسود الأطلس منذ التحاقه".
وتساءل السباعي عن السر وراء عدم التعامل مع حمد الله مثلما تعامل الاتحاد المغربي مع هؤلاء اللاعبين، حتى لو كان مخطئاً فقد أخطأ قبله زياش ومزراوي وحدادي، لكنهم لم يلقوا المعاملة ذاتها من فوزي لقجع.
معاناة قديمة مع الاتحاد المغربي
معاناة عبد الرزاق حمد الله مع الاتحاد المغربي لكرة القدم قديمة جداً، تعود لعام 2012، حينما كان هدافاً للدوري المغربي مع ناديه الأم أولمبيك آسفي.
يقول حميد وركة، المدير الفني السابق للمنتخب المغربي تحت 23 سنة، والمشرف العام الحالي لنادي شباب المحمدية، إن "حمد الله تلقى أول صدمة له حينما حرم من مرافقة المنتخب الأولمبي المغربي إلى لندن للمشاركة في الألعاب الأولمبية الصيفية".
وأضاف المتحدث أن "عبد الرزاق حمد الله كان وراء معظم الأهداف التي سجلها المغرب في التصفيات حينها، بل كان وراء هدف التأهل في المباراة الفاصلة أمام الكونغو".
وأكد المتحدث أن "حمد الله عانى من الإقصاء حينما كان أولمبياً، واليوم يعاني الأمر ذاته وهو مع الكبار، أعرفه جيداً وأعرف وطنيته وحبه الكبير لبلده، ولن أسمح لأي شخص بالمزايدة عليه في هذا الجانب".
وأشار المدير الفني السابق لمنتخب المغرب تحت 23 سنة، إلى أن حمد الله أكثر لاعب تعرض للظلم في العقد الأخير، لأنه يرى تعاملاً غير متكافئ بينه كنجم كبير انطلق من الدوري المغربي، وبين لاعبين آخرين قادمين من أوروبا، بعضهم لا يضمنون حتى مراكزهم في فرقهم.
وقال حميد وركة: "مؤسف حقاً ما أشاهد وأسمع وأقرأ حول هذا الموضوع من أشخاص يحاولون شيطنته، وجب على الاتحاد المغربي غلق هذا الملف بسرعة؛ لأنه بسيط جداً ولا يحتاج إلا إلى حُسن النية فقط، وتواصل أفضل ومباشر بين الطرفين".
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”