بعد أيام من تأسيسه في العام 1905، تعاقد نادي تشيلسي الإنجليزي مع أول قائد للفريق، وهو الحارس وليام فولك، الذي يعتبر واحداً من أبدن اللاعبين على مرّ التاريخ بوزن تجاوز 150 كيلوغراماً، ليس ذلك فحسب، بل أيضاً كان سبباً وراء أحد أهم الأساسيات في كرة القدم، وهي مهنة جامعي الكرات في المباريات.
فما هي قصّة وليام فولك، ولماذا يعتبر أشرس لاعب في الملعب؟ ولماذا لم يلعب مع منتخب إنجلترا إلا في مباراة واحدة؟
كيف بدأ وليام فولك "فاتي" ممارسة كرة القدم؟
وُلد وليام فولك الملقّب بـ"فاتي" بسبب بدانته، في مقاطعة شروبشاير غربي إنجلترا، في 12 أبريل/نيسان 1874، عمل في شبابه بعد أن ترك المدرسة في منجم بلاكويل للفحم.
في العام 1893، كان لهذا المنجم فريق كرة قدم، لعب به وليام فولك في مركز حراسة المرمى، وقد أثبت جدارته بسبب ضخامته، ما دفع نادي شيفيلد يونايتد إلى شرائه مقابل 20 جنيهاً إسترلينياً، وقد ظهر معهم لأول مرة في بطولة الدوري الإنجليزي في سبتمبر/أيلول 1894 ضد نادي وست بروميتش ألبيون.
لعب فولك في موسمه الأول مع شيفيلد يونايتد في 29 مباراة من أصل 30، وتابع معه حتى موسم 1896-97 عندما كان شيفيلد يونايتد وصيفاً خلف أستون فيلا، وفي هذا الموسم تحديداً لم يتلقّ فولك سوى 29 هدفاً طوال البطولة ليعتبر فريقه أفضل خط دفاع.
كان حارساً مميزاً لكنه لم يلعب مع المنتخب إلا في مباراة واحدة!
في 29 مارس/آذار 1897، خاض وليام فولك أول مباراة دوليّة له رفقة منتخب إنجلترا ضد منتخب ويلز، وفاز حينها منتخب بلاده بنتيجة 4 أهداف للاشيء، لكنها للأسف كانت أول وآخر مباراة دوليّة له خلال مسيرته، إذ كان جون روبنسون حارس مرمى إنجلترا المنتظم.
ووفقاً لما ذكره موقع Spartacus Educational التعليمي التاريخي، فإنّ فولك عُرف بأنه لا يحظى بشعبيّة لدى اتحاد كرة القدم بسبب شخصيته الشرسة في المباريات.
وقالت صحيفة شيفيلد ديلي تلغراف: "إنه لأمر مؤسف أن فولك لا يستطيع كبح عادته بالضرب، من ناحية الشكل هو لاعب جيد للترشح للألقاب ولكنّ من المؤكد أن لجنة الاختيار تفضل لاعباً آخر لا ينتهك قواعد اللعبة من دون داع".
ففي إحدى المباريات التي جمعت نادي شيفيلد ضد ليفربول في العام 1889، حاول المهاجم الاسكتلندي جورج آلان تخويف فولك في إحدى الهجمات، إلا أنّ فولك الذي فقد أعصابه لم يترك له أي مجال فدفعه إلى داخل الشباك وأمسك به من ساقه وقلبه رأساً على عقب.
وزنه تجاوز الـ150 كيلوغراماً!
حتّى العام 1895، كان وزن فولك يقارب 60 كيلوغراماً، لكن في السنوات القليلة التاليّة ازداد وزنه كثيراً فأطلق عليه المشجعون لقب "فاتي" أو "العملاق".
ولكن رغم الوزن الزائد لم يؤثر على مستواه، إذ قال أحد الصحفيين عنه ذات مرّة: "محيطه الثقيل لا يجلب أي إزعاج، والطريقة التي ينزل بها إلى الكرات المنخفضة تفجّر أي فكرة أن فائض الجسد يمثل إعاقة".
فيما كان طول فولك يبلغ نحو 189 سم، مما جعله يتجاوز معظم أطوال اللاعبين في ذلك الوقت.
انضمام وليام فولك إلى تشيلسي
بعد لعبه أكثر من 350 مباراة مع شيفيلد يونايتد، قرر فولك مغادرة النادي عندما رفض تخفيض راتبه.
في مايو/أيار 1905، تمّ بيع فولك إلى تشيلسي المؤسس حديثاً مقابل رسوم نقل قدرها 50 جنيهاً إسترلينياً فقط.
كان تشيلسي قد انضم لتوه إلى دوري كرة القدم، وفي موسمه الأول ساعدهم على احتلال المركز الثالث في دوري الدرجة الثانية خلف بريستول سيتي ومانشستر يونايتد.
كان أداء فولك جيدا جداً وتمكن من صد 10 ركلات ترجيح في ذلك الموسم، ومع ذلك، استمر في زيادة وزنه، إذ وصل حينها إلى نحو 165 كيلوغراماً، ووفقاً لما ذكرته شبكة BBC البريطانية فإن الحارس الضخم في أحد الأيام تناول وحده وجبة إفطار كانت مخصصة له ولباقي زملائه في الفريق.
ليس ذلك فحسب، بل أيضاً ازدادت شخصيته الشرسة داخل الملعب، فقد كان يوبخ زملاءه ويضربهم أحياناً إذا لم يلعبوا بشكل جيّد.
بسببه تمّ استحداث فكرة الأطفال جامعي الكرات
عندما كان وليام فولك يلعب في ملعب ستامفورد بريدج ابتكر مسؤولو تشيلسي حيلة ذكية لإظهار ضخامة فولك لإرهاب المنافسين والتلاعب بهم.
فكان النادي يجهز دائماً 2 من الأطفال للوقوف خلفه على الطرفين؛ وذلك من أجل الإيحاء للمهاجمين بأن المرمى مغلق بشكل كامل، وتكليفهم أيضاً بتوصيل الكرات إليه بسرعة.
ساعد هذا الأمر على حفاظ فولك على مرماه من دون أي هدف لـ9 مباريات على التوالي، وهو الرقم القياسي الذي بقي صامداً عبر تاريخ تشيلسي حتّى مجيء التشيكي بيتر تشيك.
رحل فولك عن تشيلسي في 1906 نحو برادفورد سيتي، لكن فكرة الطفلين كانت هي البذرة التي خرج منها ابتكار فكرة جامعي الكرات، الذين تمت الاستعانة بهم في كرة القدم ثم عدد من الرياضات الأخرى مثل التنس والغولف.
في العام 1907، اعتزل فولك كرة القدم، وظلّ في دفاتر الأرقام القياسية كأثقل لاعب كرة قدم من الدرجة الأولى على الإطلاق يلعب في أي مكان في العالم.
وفي 1 مايو/أيار عام 1916، توفي وليام فولك بعد إصابته بمرض "تليف الكبد".