يُعتبر البرتغالي جوزيه مورينيو، واحداً من أكثر المدربين إثارة للجدل في تاريخ كرة القدم، ويتمتع بكاريزما خاصة تجعل منه هدفاً دائماً للصحافة والجماهير، على حد سواء، ف من هو جوزيه مورينيو؟
شهدت مسيرة مورينيو التدريبية تحولات عديدة ما بين الصعود والنزول، منذ لمعان نجمه مع بورتو البرتغالي، مروراً بإنتر ميلان وريال مدريد، وغيرهما من الأندية، وصولاً إلى روما الإيطالي، وهي محطته الأخيرة حالياً.
لم يحظَ جوزيه ماريو دوس سانتوس فيليكس مورينيو، المولود يوم 26 يناير/كانون الثاني 1961، بمسيرة رائعة كلاعب، حيث سار على خطى والده الذي كان حارس مرمى، وبدأ مسيرته كلاعب، لكنه لم ينجح في أن يكون مؤثراً.
من هو جوزيه مورينيو؟
لعب مورينيو مع فريق ريو آفي عام 1981، قبل أن ينتقل إلى بيلينينسيس بعدها بعام، ثم إلى جي دي سيسيمبرا عام 1983، قبل أن يُنهي مشواره مع كوم إندستريا، الذي لعب له لموسمين.
بحسب صحيفة MARCA كان مورينيو يساعد والده المدرب وهو بعمر 19 عاماً، حيث كان يقوم بجمع المعلومات عن الخصوم، الأمر الذي ساهم في تحول البرتغالي إلى التدريب.
وأنجبت فاريا من مورينيو ابنين هما ماتيلدا عام 1996، وخوسيه ماريو جونيور عام 2000.
درس جوزيه علوم الرياضة في جامعة لشبونة التقنية، ثم قضى خمس سنوات مدرساً، ثم عمل مساعداً وبعدها مدرباً لفئات الناشئين.
في حياته الشخصية التقى مورينيو بزوجته ماتيلدا فاريا، المولودة في أنغولا، عندما كانا مراهقين في مدينة سيتوبال البرتغالية، وتزوجا عام 1989.
سار مورينيو أولى خطواته في عالم التدريب، بعدما عمل مترجماً لبوبي روبسون، مدرب سبوتنغ لشبونة عام 1992، قبل أن ينتقل معه إلى بورتو عام 1993.
وحينها قال روبسون: "أحضر الرئيس (لشبونة) فتى شاباً ذكياً يُدعى جوزيه مورينيو، وأخبرني أنه سيكون مترجماً لي، كان رجلاً حسن المظهر؛ قلت له ألّا يقف بجانبي مرات عديدة! كنت أعلم أنه كان طموحاً وعرفت أنه سيتركني يوماً ما".
برشلونة منحه فرصة العمر
حصل مورينيو على ثقة روبسون، ليصطحبه معه إلى برشلونة عام 1996، لكن المدرب الإنجليزي رحل عن الفريق الكتالوني، تاركاً جوزيه ليكمل مسيرته مترجماً أيضاً مع الهولندي لويس فان غال.
وقال مورينيو عن روبسون: "من أهم الأشياء التي تعلمتها منه أنه عندما تفوز لا يجب أن تنسب لنفسك إنجاز الفريق، وعندما تخسر، يجب ألا تعتقد أنك فاشل".
بعدها خاض مورينيو أولى تجاريه التدريبية مع الفريق الرديف للنادي "الكتالوني"، قبل أن يقرّ البرتغالي بفضل تلك المرحلة التي عمل فيها ببرشلونة، على مسيرته التدريبية فيما بعد.
وقال مورينيو: "في بداية مشواري تعلمت الكثير من خلال العمل مع اثنين من أفضل المدربين في تاريخ كرة القدم، وهما لويس فان غال وروبسون".
وأضاف: "كما عاصرت جيلاً من أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم، والدوري الإسباني على مر تاريخه، بوجود ستويتشكوف ولويس فيغو والبرازيلي رونالدو".
وأتم حينها: "برشلونة ناد لديه فلسفة جميلة في لعب كرة القدم، وفي العمل داخل النادي، وكذلك في المنافسة، وقد كنت قريباً من كل ذلك، وتعلمت الكثير".
بقي مورينيو مترجماً في برشلونة لمدة 3 سنوات، قبل أن يستلم تدريب نادي بنفيكا يوم 20 سبتمبر/أيلول 2000، لكن هذه التجربة لم تستمر سوى 3 أشهر فقط، قاد فيها الفريق في 10 مباريات فقط، فاز في خمس منها، وتعادل ثلاث مرات، وخسر اثنتين.
استلم بعدها مهمة تدريب نادي أونياو دي ليريا وبالتحديد يوم 2 أبريل/نيسان 2001، قبل أن يترك الفريق في سوق الانتقالات الشتوية يوم 21 يناير/كانون الثاني 2002، بعدما وقف على الخطوط في 23 مباراة.
لمع نجم مورينيو بعد الانتقال إلى بورتو يوم 23 يناير/كانون الثاني 2002، حيث أنهى معه الموسم الأول في المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري البرتغالي.
أول مجد أوروبي
وكان موسم 2002-2003، هو موسم الحصاد المبكر بالنسبة للمدرب البرتغالي، وفيه قاد بورتو للتتويج بالثنائية المحلية (الدوري والكأس)، وأضاف إليهما لقب كأس الاتحاد الأوروبي.
وقبل انطلاق الموسم الثالث مع بورتو، ضم مورينيو بطولة السوبر المحلي لخزينة ألقابه، قبل أن يحافظ على لقب الدوري، لكنه خسر الكأس عقب خسارته في النهائي أمام بنفيكا بهدف لاثنين.
لكن الإنجاز الأكبر تحقق بقيادته بورتو للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، عقب فوزه في النهائي الذي أقيم يوم 26 مايو/أيار 2004، على موناكو الفرنسي بثلاثية نظيفة.
وبعد هذا الإنجاز الكبير، انتقل مورينيو مباشرة إلى إنجلترا من بوابة تشيلسي، ووقَّع عقداً لتدريب "البلوز" يوم 1 يوليو/تموز 2004.
وفي أول مؤتمر صحفي له في "البلوز" صرح مورينيو: "أرجوكم لا أريد أن تروني مغروراً، لكنني بطل أوروبا، لذلك أنا الرجل المميز"، لتطلق عليه الصحافة لقب "السبيشال وان" منذ ذلك الحين.
وفي أول موسمين، من أصل أربعة قضاها البرتغالي في فترته الأولى مع تشيلسي، احتكر مورينيو لقب "البريميرليغ"، ثم قاده بعدها للتويج بكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرتين، وبكأس الاتحاد الإنجليزي مرة واحدة، ومثلها في درع المجتمع (كأس السوبر).
كان إنتر ميلان يبحث عن استعادة أمجاده، فاتفق يوم 1 يوليو/تموز 2008 على تسليم الفريق الأول لمورينيو، الذي كان عند حسن ظن النادي وجماهير "النيراتزوري".
فخلال موسمين اثنين، تُوج إنتر بقيادة "الداهية" البرتغالي بلقب الدوري الإيطالي، وبكأس إيطاليا مرة واحدة، ومثلها في كأس السوبر الإيطالي، ودوري أبطال أوروبا.
وكان الموسم الثاني 2009-2010، بمثابة القنبلة بالنسبة لمورينيو، لأنه حقق الثلاثية التاريخية للنيراتزوري (الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا).
في ذلك الموسم أزاح مورينيو فريق برشلونة "غوارديولا" من نصف نهائي دوري الأبطال، ليجذب أنظار إدارة ريال مدريد، التي كانت تبحث عن مدرب يقود فريقها، لوقف زحف النادي "الكتالوني" إلى الألقاب.
الحرب مع برشلونة
وبالفعل أوكل فلورنتينو بيريز، رئيس ريال مدريد، هذه المهمة إلى مورينيو يوم 1 يوليو/تموز 2010، واستمر البرتغالي على رأس عمله 3 مواسم مع "الميرنغي"، زادت خلالها إثارة مباريات "الكلاسيكو" بين الغريمين، التي شهدت معظمها توتراً ومشاحنات بين اللاعبين داخل الملعب وخارجه.
في تلك المواسم الثلاث، لم ينجح مورينيو في التتويج بدوري أبطال أوروبا، وودع جميعها من نصف النهائي، أمام برشلونة وبايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند على التوالي، لكنه كسر عقدة الدور ثمن النهائي، التي اعتاد "الميرنغي" الاكتفاء بها في المواسم السابقة.
وخلال تلك الفترة، تُوج مورينيو بلقب الدوري الإسباني مرة واحدة، ومثلها في كأس ملك إسبانيا، وأخرى في السوبر الإسباني.
انتهت رحلة مورينيو مع ريال مدريد، وبدأ فترته الثانية مع تشيلسي يوم 1 يوليو/تموز 2013، التي استمرت لثلاثة مواسم.
عاد "السبيشل وان" للتتويج بلقب الدوري الإنجليزي مع "البلوز" مرة واحدة، وحصد مثلها في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة.
لكن موسمه الثالث كان كارثياً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حيث تراجعت نتائج تشيلسي، الذي خسر 9 مباريات من أصل 16، ليتراجع إلى المركز السادس عشر، قبل أن تقرر الإدارة إقالته يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2015.
وبعد ستة أشهر من ذلك، استنجدت إدارة مانشستر يونايتد بمورينيو، من أجل استعادة البريق والتتويج بالدوري الإنجليزي على وجه الخصوص، الذي استعصى على الفريق منذ اعتزال أسطورة التدريب السير أليكس فيرغسون نهاية موسم 2012-2013.
وعليه أصبح مورينيو مدرباً "للشياطين الحمر" يوم 1 يوليو/تموز 2016، لكنه لم يحقق النجاح المطلوب على المستوى المحلي، واكتفى بلقبي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة ودرع المجتمع.
وعلى الصعيد الأوروبي، أهدى مورينيو لقب الدوري الأوروبي لمانشستر يونايتد، بعد الفوز في النهائي يوم 24 مايو/أيار 2017، على أياكس أمستردام الهولندي بهدفين نظيفين.
واصل مورينيو عمله في الملاعب الإنجليزية، هذه المرة مع توتنهام هوتسبير يوم 20 نوفمبر/تشرين الأول 2019. تجربة وُصفت بالمخيِّبة، إذ ودّع الفريق جميع المنافسات في وقت مبكر واكتفى بالمركزين السادس والسابع على التوالي في موسمي 2019-2020 و2020-2021.
إنجاز مع روما
استعاد "السبيشل وان" بعضاً من بريقه في عالم التدريب، حين استلم مهمة الإشراف على فريق روما يوم 1 يوليو/تموز 2021، في عقد يستمر لمدة 3 مواسم.
في موسمه الأول مع روما، أنهى "الجيلاروسي" الدوري الإيطالي في المركز السادس برصيد 63 نقطة، ليحجز الفريق مكاناً له في الدوري الأوروبي، لكنه ودَّع مسابقة كأس إيطاليا من الدور ربع النهائي.
ومنح مورينيو روما المجد الأوروبي الأول في تاريخ النادي، حين قاده للتتويج بلقب دوري المؤتمر الأوروبي، عقب الفوز في النهائي الذي أُقيم يوم 25 مايو/أيار 2022، على فينورد الهولندي بهدف دون رد.
وبفضل هذا التتويج، أصبح مورينيو ثاني مدرب في التاريخ ينجح في الفوز بـ5 بطولات أوروبية كبرى بعد جيوفاني تراباتوني.
كذلك انفرد مورينيو بكونه المدرب الوحيد في تاريخ كرة القدم، الذي يتمكن من الفوز بالبطولات الأوروبية الثلاث الأكبر على مستوى الأندية.
إذ تُوج بدوري أبطال أوروبا مرتين (بورتو وإنتر)، وبالدوري الأوروبي مرتين (بورتو ومانشستر يونايتد)، وبدوري المؤتمر الأوروبي (روما).
كما ارتقى للمركز الخامس في قائمة أكثر المدربين تتويجاً في التاريخ برصيد 26 بطولة، بعد كل من الأوكراني فاليري لوبانوفسكي (29 بطولة)، والإسباني بيب غوارديولا (32 بطولة) والروماني ميرتشا لوتشيسكو (35 بطولة)، والسير أليكس فيرغسون الذي يغرِّد وحيداً بـ49 بطولة.