تمكّن ياباني، يبلغ من العمر 83 عاماً، من أن يسجّل رقماً قياسياً جديداً في عالم عبور المحيطات؛ وأصبح أكبر شخصٍ يُبحر بمفرده عبر المحيط الهادئ، من دون توقّفٍ على متن الزورق الشراعي Suntory Mermaid 3.
وبحسب موقع France 24، فقد جاء وصول المغامر البحري الياباني هوريئيه كينئيتشي إلى مضيق كي- قبالة غرب اليابان- يوم السبت الماضي في 4 مايو/أيار 2022؛ ليختتم رحلة استغرقت نحو شهرين، كان بدأها من ميناءٍ لليخوت في ولاية سان فرانسيسكو، خلال شهر مارس/آذار الماضي.
كينئيتشي عبّر عن سعادته لتمكّنه من إكمال رحلته الفردية عبر المحيط الهادئ من دون توقف، وقال في مؤتمرٍ صحفي أُقيم في اليوم التالي من وصوله: "لطالما حلمتُ بأن أصبح أكبر شخصٍ يُبحر بمفرده عبر المحيط الهادئ، ومن دواعي سروري أن تنتهي الرحلة بأمان".
لا يُعاني هوري من أي مشكلة صحية كبيرة، وقد قطع مسافة 8500 كلم خلال 69 يوماً، والسلع الطبية الوحيدة التي استخدمها على متن القارب كانت قطرات العين واللاصق. وهذه الرحلة ليست إنجازه الوحيد.
ففي عام 1962، كان الياباني أوّل شخصٍ في العالم يُبحر بمفرده عبر المحيط الهادئ. كان حينها في الـ23 عاماً من عمره، وقد عَبَر من اليابان إلى سان فرانسيسكو من دون جواز سفر.
فبسبب عدم وجود سابقة للسفر الدولي على متن مركبٍ شراعي، لم يتمكن هوري من الحصول على واحد. فوصل إلى سان فرانسيسكو من دون جواز سفر أو حتى نقود، واعتقل في البداية. لكن بعد الإعلان عن رحلته رتّب عمدة سان فرانسيسكو، جورج كريستوفر، إطلاق سراحه وحصل على تأشيرة لمدة 30 يوماً إضافةً إلى مفتاح المدينة.
لاحقاً في العام 1963، أصدر هوري كتاباً عن رحلته تلك حمَلَ عنوان Alone Across The Pacific؛ وقد حُوّل إلى فيلمٍ بالعنوان نفسه، رُشّح لجائزة "غولدن غلوب".
يُعتبر هوري أشهر من أبحر من حول العالم، وليس المحيط الهادئ فقط؛ فقد اشتهر بإبحاره منفرداً في العام 1974 حول العالم، إضافةً إلى رحلته الأطول بين عامَي 1978 و1982. وتُعتبر رحلته الأخيرة اليوم، الأولى التي يقوم بها منذ العام 2008.
لكن في العام 1985، أبحر بقاربٍ يعمل على الطاقة الشمسية من هاواي إلى تشي تشي جيما. ومن العام 1992 إلى 1993، أبحر من هاواي إلى أوكيناوا في قاربٍ يعمل بدواسة. ولاحقاً في العام 1996، أبحر هوري من الإكوادور إلى طوكيو في قاربٍ شمسي مصنوع من الألمنيوم المُعاد تدويره.
قطع هذا المعبر، الذي تبلغ مساحته 16000 كلم، خلال 148 يوماً فقط؛ فاستحقّ على دخول كتاب غينيس للأرقام القياسية، لأسرع عبورٍ للمحيط الهادئ، في قارب يعمل على الطاقة الشمسية كان قد أطلق هوري عليه اسم Malt's Mermaid.
بعيداً عن السباقات التي تُقام بمشاركة فرقٍ من جميع أنحاء العالم، لاجتياز المحيطات؛ إليكم بعض الأرقام القياسية التي سجّلها أفراد عَبَروا- أو حاولوا- أكبر محيطَين، الهادئ والأطلسي.
أرقام قياسية في عبور المحيطات بقوارب
مع الإعلان عن أول سباقٍ لليخوت عبر المحيط الأطلسي في العام 1960، قرّر النيوزلندي من أصل أسترالي ديفيد لويس المشاركة في زورقٍ صغير لا يتعدّى طوله 25 قدماً (7 أمتار ونصف).
وبعد سلسلة من الحوادث، بما فيها الكسر الذي أصاب الصواري المسؤولة عن رفع الأشرعة بسبب الرياح القوية، احتلّ لويس المرتبة الثالثة، وفق الكتاب الذي أصدره في العام 1961 بعنوان The Ship Would Not Travel due West.
لاحقاً في العام 1964، قرّر لويس الإبحار حول العالم مع زوجته وابنتيه الصغيرتين، وبنى قارباً مخصّصاً لهذا الغرض.
وبعد رحلة أولية نحو غرينلاند، دخل بمفرده في السباق عبر المحيط الأطلسي وأقلّ عائلته من الولايات المتحدة. عَبَروا طريق مضيق ماغلان وجنوب المحيط الهادئ ورأس الرجاء الصالح، ليصبح هذا أوّل إبحار حول العالم بواسطة قارب متعدّد الأقطاب (Multihull).
كانت مغامرة لويس التالية في العام 1972 في محاولةٍ منه للإبحار منفرداً حول القارة القطبية الجنوبية. لأجل ذلك، اقتنى يختاً صغيراً من مادة الستيل، وأطلق عليه اسم Ice Bird.
في مواجهة ظروف المحيط الجنوبي الغادرة، لم يُسمع عن لويس طيلة 13 أسبوعاً؛ ولكنه تمكن في النهاية من الإبحار بـIce Bird إلى شبه جزيرة أنتاركتيكا رغم الضرر الذي لحق بيخته.
تمّ إنقاذ لويس من قِبل أفراد محطة "بالمر" بمركز الأبحاث في أنتاركتيكا، الذين قاموا بعد ذلك بإصلاح Ice Bird، بينما أمضى لويس شتاء القطب الجنوبي في أستراليا. وفي العام 1982، تبرّع باليخت لمتحف Powerhouse في سيدني-أستراليا.
لاحقاً في العام 1975، أصدر ديفيد لويس كتاباً بعنوان Ice Bird إلى اليابانية؛ وقد تولى الترجمة زميله المغامر الياباني هوري في العام 1983.
قبل الياباني هوريئيه كينئيتشي، كان الأسترالي بيل هاتفليد (79 عاماً) أكبر شخصٍ يُبحر بمفرده من دون توقّف، في يختٍ بطول 11 متراً ونصف. فقد وصل إلى نادي "ساوثبورت لليخوت" في 10 سبتمبر/أيلول 2018، بعد أن أمضى 414 يوماً في البحر.
كانت هذه المحاولة الثالثة لهاتفيلد؛ المحاولة الثانية كانت بدأت في 23 يوليو/تموز 2017، لكنها توقفت بعد أيامٍ بسبب تلف السفينة جرّاء الأمواج العالية التي دمّرت ألواحها الشمسية ومولدات الرياح.
أما المحاولة الأولى، فكانت بدأت في أوائل العام 2017 غرب أستراليا وقد توقفت سريعاً بسبب مشاكل متعلّقة بالتزوير، إضافة إلى مشكلات تقنية اضطرّته إلى أن يعود أدراجه من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة.
محاولته الثالثة الناجحة كانت انطلقت في 8 يونيو/حزيران 2018، وقد استغرقت ما يُقارب 8 أشهر. وكان موقع abc.net نقل عن هاتفيلد قوله، بعد وصوله سالماً إلى نادي "ساوثبورت"، إنه كان يحلم بهذا الإنجاز منذ أن كان في السابعة من عمره.
أرقام قياسية في عبور المحيطات تجديفاً
يُعتبر الفرنسي جيرارد دابوفيل أوّل رجلٍ يعبر المحيطين، الأطلسي والهادئ، تجديفاً؛ فقد عبر المحيط الأطلسي في العام 1980 منفرداً، من كيب كود إلى بريتاني، في رحلةٍ استغرقت 72 يوماً وبلغت 3500 ميل.
في العام 1991، حين كان في الـ46 من عمره، أمضى دابوفيل 134 يوماً في المحيط الهادئ بهدف عبوره. الرحلة التي بدأت من اليابان، وانتهت في ولاية واشنطن، قطع خلالها الفرنسي ما يعادل الـ6 آلاف ميل.
ودابوفيل الذي عمل في صناعة القوارب أيضاً، عرف كيف يهندس قاربه- الذي بلغ طوله نحو 8 أمتار- منعاً لأي مفاجآت؛ فقد أضاف نظام ضخٍّ لتصويب القارب إذا انقلب، إضافةً إلى مكانٍ للنوم ومظلّة لحمايته من سوء الأحوال الجويّة.
كان القارب مصنوعاً من مادة الـ"كيفلار" الخفيفة والمتينة، وقد أُرفق به ألواحاً شمسية لشحن بطاريات الراديو، حتى يبقى دابوفيل على تواصل مع المراكز البحرية في حال احتاج إلى أي نوعٍ من المساعدة.
خلال الرحلة، واجه الفرنسي أمواجاً وصل ارتفاعها إلى 12 متراً، إضافةً إلى رياحٍ بسرعة 80 ميلاً في الساعة.
في التسعينيات، دخل جيرارد دابوفيل معترك السياسة؛ وقد كان عضواً في البرلمان الفرنسي في الفترة ما بين 1994 و1999 في لجنة مصائد الأسماك. وفي العام 2008، انتُخب عضواً في مجلس باريس المخصّص لإدارة العاصمة.
الشخص الثاني الذي نجح في عبور المحيط الهادئ عن طريق التجديف، بعد دابوفيل، كان الفرنسي إيمانويل كويندر. حصل ذلك في العام 2005، عن عمر 32 عاماً، بعد 129 يوماً من الإبحار، بحسب موقع Ocean Rowing.
ففي 31 أكتوبر/تشرين الأول، وصل كويندر إلى خليج كوس (أوريغون) في الساحل الغربي الأمريكي قادماً من اليابان، في رحلةٍ كانت صعبة للغاية. فبحسب موقع Nouvelobs، جدّف كواندر بإصبعٍ مكسور وقد تعرّض مركبه للانقلاب 16 مرّة، ولم يتوقف المطر عن الهطول خلال 70 يوماً.
كان الفرنسي قد خطط للوصول إلى ولاية سان فرانسيسكو، لكنه اضطرّ أخيراً للتخلّي عن هذه الخطة بسبب كثرة الأمواج. وطوال رحلته، كان يجدّف من 15 إلى 18 ساعة في اليوم، ويأكل المعكرونة والأرز المجفف، وقوالب الطاقة، ويشرب المياه من آلة تحلية المياه الخاصة به.
وتجدر الإشارة إلى أن كويندر تلقى مساعدة في الأميال الأخيرة من رحلته، من خلال قاربٍ صغير؛ ولدى وصوله، استقبلته والدته مع شقيقه على رصيف خليج كوس.
في العام 2019، عَبَر كويندر (44 عاماً) المحيط الأطلسي من الشرق إلى الغرب في 57 يوماً و19 ساعة. ابتداءً من داكار في 17 أبريل/نيسان، ذهب كويندر عبر المحيط الأطلسي وصولاً إلى أمريكا الجنوبية في 14 يونيو/حزيران.
ليصبح الشخص الوحيد الذي أكمل سبعة صفوف منفردة في المحيط، محسّناً رقمه القياسي، وأكمل عبوره الفردي الثامن للمحيط في مركبة تعمل على الطاقة وبالأرجل، تُسمى Hydrocycle.
في العام 2021، أصبح الجدّ فرانك روثويل أكبر شخص يجدّف لمسافة 5 آلاف كلم بمفرده عبر المحيط الأطلسي؛ بعد قرابة شهرين في البحر، بهدف مساعدة مركزٍ متخصّص بأبحاث مرض الألزهايمر.
انطلق روثويل (70 عاماً) من منطقة أولدهام في بريطانيا، من جزيرة "لا غوميرا" التابعة لجزر الكناري، ووصل إلى "أنتيغوا" في منطقة البحر الكاريبي. وقد تمكّن من جمع أكثر من 640 ألف جنيه إسترليني.
ووفق صحيفة Daily Mail البريطانية، فقد أعلن روثويل أنه جمع الأموال تكريماً لشقيق زوجته روجر، الذي توفي وهو مصاب بالألزهايمر عن عمرٍ يناهز 62 عاماً.
وقال: "شعرتُ بعاطفة شديدة عند اقترابي من الوصول. لقد استغرق تجديف الأطلسي 6 أسابيع طويلة، لكنّ التحدّي نفسه استغرق نحو 18 شهراً من التدريب والاستعداد، لذلك أنا فخور جداً بما حقّقته والرحلة المذهلة التي خضتها".
أرقام قياسية في عبور المحيطات سباحةً
ويبدو أن فرنسا رائدة في مجال عبور المحيطات؛ ففي العام 1998 تمكّن السبّاح بينوا لو كونت من عبور أقسام طويلة من المحيط الأطلسي.
وسائل إعلام كثيرة تؤكد أنه اجتاز المحيط بكامل مساحته، لكن ذلك بقي ادّعاءً غير مؤكد. فموسوعة غينيس للأرقام القياسية لم تعترف به كأول سبّاحٍ يعبر المحيط الأطلسي، نظراً لوجود حالةٍ من عدم اليقين بشأن المسافة التي قطعها.
لا ينفي ذلك حقيقة وجود إنجازٍ في هذا الإطار؛ فقد أحرز لو كونت تقدّماً ملحوظاً نحو النهائي، لكن يبدو أنه استراح ونام على متن قاربٍ.
من 16 يوليو/تموز إلى 25 سبتمبر/أيلول 1998، سبح لو كونت على مراحل من ماساتشوستس الأمريكية إلى بريتاني الفرنسية، متوقفاً لمدة أسبوعٍ واحد في الأرخبيل البرتغالي.
وخلال رحلته التي استمرت 73 يوماً، اجتاز لو كونت مسافة 5980 كلم وكان مصحوباً بقارب شراعي بطول 12 متراً يحتوي على مجال كهرومغناطيسي لمسافة 7.6 متر، لدرء أسماك القرش.
كان برفقته طاقمٌ من ثلاثة أفراد على متن المركب الشراعي، أمكنه الراحة وتناول الطعام بين كل فترة سباحة. وكان يُمضي نحو 8 ساعات في السباحة يومياً، مقسّمة إلى أجزاء من ساعتين و4 ساعات.
لاحقاً في العام 2018، تخلّى بينوا لو كونت عن محاولته ليصبح أول شخصٍ يعبر المحيط الهادئ سباحةً، بهدف زيادة الوعي بتغير المناخ والتلوث البلاستيكي، بعد أن تضرّر قارب الدعم الخاص به من جراء عاصفة.
وكان لو كونت (51 عاماً) انطلق من ساحل اليابان في 5 يونيو/حزيران، وقطع أكثر من 2700 كيلومتر من الرحلة التي يبلغ طولها 9100 كيلومتر. لكن الضرر "الذي لا يمكن إصلاحه" أجبره على التوقف.
وبحسب BBC، لم يمضِ وقت طويل بعد وصوله إلى "منطقة نفايات المحيط الهادئ الكبرى"، حيث يهيمن عليها بلاستيك المحيطات، حتى تعرّضت للأعاصير والعواصف.