يُعتبر الوداد البيضاوي أقدم الأندية المغربية وأكثرها تتويجاً بالألقاب محلياً، حيث تم تأسيسه في عام 1937، أما سبب تسميته بهذا الاسم، فلها قصة طريفة.
بدأت فكرة تأسيس نادٍ رياضي تداعب عقل رجل يُدعى محمد بن جلون التويمي وسبعة من رفاقه، الذين واجهوا صعوبات كثيرة، خاصةً أن فكرتهم جاءت في حقبة الاحتلال الفرنسي للمملكة المغربية.
قصة نادي الوداد البيضاوي وأم كلثوم
تخوف الاحتلال الفرنسي من أن يتحول هذا النادي إلى مشروع وطني مقاوم، يهدف في النهاية إلى طرده من البلاد، ليفرض عدة شروط قاسية على المؤسسين.
وكحال أي احتلال، طلب الفرنسيون من المؤسسين الابتعاد عن الشعارات الدينية والسياسية، وعدم اتخاذ موقف ضد الأوروبيين عموماً والفرنسيين بشكل خاص، فضلاً عن إدارة شؤون النادي بالتساوي بين المغاربة والفرنسيين، ليتم الإعلان عن التأسيس يوم 8 مايو/أيار 1937.
ورغم المشوار الهام الذي قطعه المؤسسون في طريق التأسيس، فإن الحيرة من أجل اختيار اسم يناسب هذا النادي دون أن يلقى معارضة الاحتلال الفرنسي، أرهقت عقولهم.
لكن الفرج جاء عن طريق أحد الأعضاء ويُدعى محمد ماسيس، الذي تأخر في أحد الأيام عن حضور أحد اجتماعات اللجنة المؤسسة، فما كان منه إلا أن اعتذر من زملائه، مبرراً سبب تأخره بأنه كان يشاهد فيلماً لسيدة الغناء العربي "أم كلثوم" اسمه "وداد".
ومع خروج كلمة "وداد" من فم هذا الرجل، صدحت "زغرودة" من أحد البيوت المجاورة للنادي، الأمر الذي اعتبره المؤسسون علامة، من أجل إطلاق ذلك الاسم على النادي وهو ما تم في النهاية.
وتم إنتاج فيلم "وداد" الذي يُعد أول عمل سينمائي لأم كلثوم، في عام 1936، أي قبل عام واحد فقط من تأسيس النادي المغربي.
وبعدها أضيفت كلمة "البيضاوي" للنادي، وذلك نسبة للمدينة التي ينتمي إليها الفريق وهي الدار البيضاء، التي تبعد عن العاصمة المغربية الرباط بمسافة 86 كيلومتراً مربعاً.
"الأب جيكو" وفريق كرة القدم
وتأخر تأسيس أول فريق كرة قدم في النادي حتى عام 1939، بواسطة رجل يُدعى محمد بن الحسن التونسي العفاني، الذي أطلقت عليه الصحافة الفرنسية لقب "الأب جيكو".
وسبب تسمية العفاني بـ"الأب جيكو"، هو أن طريقة لعبه وأسلوبه ولمساته الكروية، كانت تشبه إلى حد بعيد، أسلوب لعب أحد اللاعبين الفرنسيين اسمه "جيكو".
بدأ الفريق بقوة ووصل في أول سنة له إلى نهائي بطولة الكأس، وخسر بصعوبة بالغة أمام الاتحاد المغربي بهدف نظيف.
وأسالت قوة الوداد لُعاب الفرنسيين الذين تقدموا بمشروع قرار يُجبر الأندية على إشراك خمسة لاعبين أوروبيين على الأقل، وهو كان يهدف إلى إضعاف قوة الفريقين (الوداد والاتحاد).
وتوج الوداد بأول بطولة أقيمت تحت مسمى كأس الاستقلال وذلك في عام 1956، على حساب فريق المغرب الأقصى طنجة بهدف دون رد.
ملك البطولات في المغرب
ويتربع الوداد على رأس هرم الكرة المغربية، حيث فاز بلقب الدوري المغربي للمحترفين في 21 مناسبة، متقدماً بفارق 9 ألقاب عن الرجاء البيضاوي أقرب منافسيه.
واحتكر الوداد لقب الدوري في المواسم الستة الأولى لانطلاق المسابقة، وذلك من موسم 1947-1948 حتى موسم 1955-1956، حيث نجح الكوكب المراكشي في كسر هذه الهيمنة نهاية موسم 1956-1957.
وغاب الفريق عن منصات التتويج لمدة ثمانية مواسم، قبل أن يعود إليها في موسم 1965-1966، وكان آخر ألقابه في موسم 2020-2021.
ويأتي الوداد في المركز الثاني كأكثر الأندية المغربية تتويجاً بلقب كأس العرش، حيث سبق له الفوز بتلك المسابقة 9 مرات، كان آخرها في موسم 2000-2001، ولا يتفوق عليه إلا الجيش الملكي، صاحب الاثني عشر لقباً.
وعلى الصعيد القاري صعد الوداد إلى منصات التتويج في دوري أبطال إفريقيا مرتين من قبل، الأولى في عام 1992 والثانية في عام 2017.
وقد يضيف الوداد النجمة الثالثة لقميصه في حال نجح في الفوز على الأهلي المصري بالمباراة النهائية للموسم الحالي، والمقررة إقامتها يوم 30 مايو/أيار 2022، على ملعب محمد الخامس في الدار البيضاء.
بطولات الوداد البيضاوي
كما ظفر الفريق بلقب كأس السوبر الإفريقي وذلك على حساب مازيمبي الكونغولي، بالفوز عليه بهدف أمين التغزاوي، يوم 24 فبراير/شباط 2018.
ويُضاف إلى قائمة بطولات الوداد عدة ألقاب مهمة، هي: بطولة الأندية العربية لأبطال الدوري (1989)، وكأس السوبر العربي (1992)، وكأس الأفروآسيوي (1993)، وكأس الكؤوس الإفريقية (2002).
واحتل الوداد البيضاوي المركز الثاني عشر في عام 2000، وذلك في ترتيب أندية القرن العشرين بالقارة السمراء، حسب تصنيف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
وخرَّج وداد "الأمة" وما يُعرف أيضاً "بالواك"، العشرات من اللاعبين الذين سطروا تاريخاً مشرفاً لزعيم الأندية المغربية، أهمهم بادو زاكي حارس المرمى الأسطوري، والمدافع الصلب نور الدين النيبت، وزميله لحسن الأبرامي، ولاعب خط الوسط عزيز بودربالة، ورشيد الداودي، ومحمد الصحراوي، ومحمد بنشريفة.