مازالت مباراة نهائي دوري أبطال إفريقيا تخلق الجدل في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم؛ إذ يرفض نادي الأهلي أن تقام المباراة على أرض المغرب لأن الوداد المغربي أقرب إلى التأهل للنهائي.
وكان الكاف قد أعلن رسمياً احتضان المغرب نهائي دوري أبطال إفريقيا، بعدما أعلن الاتحاد السنغالي سحب ترشيح ملعبه الجديد ضواحي العاصمة داكار لتنظيم المباراة النهائية، التي قد تجمع الأهلي المصري والوداد الرياضي المغربي.
واقترب كل من الوداد والأهلي من الدور الختامي، بعد فوز الأهلي على وفاق سطيف الجزائري، وعودة الوداد بفوز من أنغولا على حساب بيترو أتلتيكو بنتيجة ذهاب دور نصف النهائي، في انتظار الحسم بشكل رسمي في مبارتي الإياب.
نهائي دوري أبطال إفريقيا.. القصة من البداية
شهر يناير/كانون الثاني 2022، فتح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، باب الترشيحات أمام جميع الاتحادات الأعضاء الراغبة في احتضان المباراة النهائية لدوري أبطال إفريقيا، وفق دفتر التحملات الذي يفرضه الجهاز القاري.
وحسب مصادر "عربي بوست"، اضطر "كاف" إلى تمديد أجل تلقي الطلبات إلى غاية نهاية شهر فبراير/شباط 2022 بسبب عدم توصله سوى بملفين اثنين هما المغرب والسنغال، لتنحصر المنافسة على تنظيم نهائي دوري أبطال إفريقيا بين ملعبي محمد الخامس بالدار البيضاء، وملعب "عبد الله واد" بدكار اللذين استجابا لكل بنود دفتر التحملات.
ونُظمت زيارة ميدانية لأعضاء من الاتحاد الإفريقي إلى كل من مدينتي الدار البيضاء ودكار، وطيلة هذه الفترة لم يعترض أي اتحاد أو نادٍ على طريقة تدبير ملف اختيار ملعب النهائي، والجميع كان يعرف مسبقاً أن المباراة ستُجرى في أحد هذين الملعبين.
وانتظر الاتحاد الإفريقي إلى غاية أبريل/نيسان 2022، لإجراء عملية التصويت للحسم في هوية الملعب؛ إذ صوَّت 16 عضواً لصالح ملعب محمد الخامس، بمن فيهم العضو المصري هاني أبو ريدة، مقابل 3 أصوات فقط لملعب السنغال.
تصويت مصر لصالح الملف المغربي أكدته مصادر موثوقة من داخل الاتحاد المصري لكرة القدم، والتي قالت لـ"عربي بوست" إن مصر كان أمامها ملفان السنغالي والمغربي فاختارت هذا الأخير.
استمرت الأمور بالسير بشكل عادي، واستمر فريقا الوداد والأهلي لكرة القدم، في تسلق الأدوار، حتى بلغا نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا، وإلى حدود هذه اللحظة، لم يبد أي طرف اعتراضاً على اختيار الملعب.
غير أنه مباشرة بعد صافرة نهاية مباراة الذهاب بين الأهلي ووفاق سطيف والوداد وبترو لواندا حتى انطلقت احتجاجات الفريق المصري على ملعب النهائي، بعدما بات وشيكاً وبنسبة كبيرة، احتمال تأهله مع الوداد للمباراة الختامية.
احتجاجات الأهلى المصري جاءت بعد أصبح وشيكاً أن الوداد ستلعب النهائي وستكون لها أفضلية الأرض والجمهور، وهو ما يرفضه الفريق المصري بشكل قاطع، ويرى فيه الإعلام المصري تأكيداً لـ"سطوة فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي ونائب رئيس الكاف و(فيفا) سيطرته على الجهاز القاري".
السنغال تغلق باباً للتسوية
مارس الأهلي المصري ضغوطاً قوية منذ نهاية الأسبوع الماضي، للمطالبة بتغيير ملعب نهائي دوري أبطال إفريقيا من المغرب حتى يكون الحياد والشفافية في المباراة.
المصدر نفسه قال إن اعتراض نادي الأهلي ينبني أساساً على توقيت إجراء التصويت على ملعب النهائي بعد اسدال الستار على دور ربع النهائي، يوم 23 أبريل/نيسان 2022؛ إذ تأهلت أندية وفاق سطيف الجزائري والأهلي المصري، وبترو أتليتكو الأنجولي والوداد المغربي للمربع الذهبي.
الملفات الخاصة بالدول المتقدمة لاستضافة النهائي انتهى أجل تسلمها يوم 28 فبراير/شباط 2022، وبالتالي لم يكن من الطبيعي الانتظار طوال تلك الفترة والتصويت على الدولة المستضيفة للنهائي بعد نحو شهرين من استلام الملفات.
وأوضحت المصادر ذاتها أنه أمام ضغط الأهلي المصري، اضطر باتريس موتسيبي، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، إلى اقتراح إلغاء نتائج التصويت، وكلف الاتحادين السنغالي والمغربي، بالتفاهم بينهما بالنظر إلى العلاقات "التاريخية" بين الاتحادين والبلدين.
وكان يأمل موتسيبي أن يقبل السنغال احتضان المواجهة النهائية وتنازل المغرب، لإنهاء الجدل، غير أن الاتحاد السنغالي سحب ملف ملعبه من سباق الترشح، ليصبح ملعب محمد الخامس مرشحا وحيداً.
وكشف المصدر ذاته، أن رفض الاتحاد السنغالي، تنظيم المباراة على أرضه، يرجع أساساً إلى الاعتراض الذي تقدم به الاتحاد المصري، ضد ملعب داكار الجديد لدى الاتحاد الدولي، بعد المباراة التي جمعت منتخبي البلدين في إياب الدور الفاصل من تصفيات كأس إفريقيا.
وشهدت مباراة مصر والسنغال رمي الجمهور السنغالي قنينات المياه داخل الملعب، وإزعاج لاعبي المنتخب المصري بأضواء الليزر، الأمر الذي جرَّ على الاتحاد السنغالي عقوبات مالية ورياضية.
الكاف يحسم قراره
وأمام تشبث الاتحاد المغربي بتطبيق القانون، واحترام نتيجة الترشيحات والتصويت، لم يأبه الاتحاد الإفريقي "كاف" باحتجاجات الأهلي المصري، وأصدر بياناً رسمياً الإثنين الماضي، يؤكد فيه إجراء المباراة في المغرب، بعد 24 ساعة فقط، من صدور بيان نادي الأهلي.
وطالب الأهلي المصري بتكافؤ الفرص وعدم إسناد نهائي دوري أبطال أفريقيا إلى أي من الدول الأربع الموجودة في نصف النهائي (مصر والمغرب والجزائر وأنغولا)، ليعود الأهلي المصري بعد ذلك، ويصعّد من اعتراضه، بعدما تبنى الاتحاد المصري ملفه.
وأصدر الاتحاد المصري بدوره بياناً رسمياً، أوضح من خلاله مساندته للنادي الأهلي، في الاعتراض على القرار، مشدداً على رفضه إقامة النهائي في الدار البيضاء، ومُهدداً باتخاذ إجراءات تصعيدية في حق الاتحاد الإفريقي.
كما لوّح الأهلي المصري باللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضي "طاس"، ورفع دعوى قضائية ضد الكونفيدرالية الإفريقية، هو ما استبعدته مصادر "عربي بوست" التي أكدت أن الأهلي والاتحاد المصري يعلمان جيداً أن قضيتهما خاسرة، سيما أن العملية جرت وفق المساطر الدولية المتعارف عليها.
وجرى فتح باب الترشيحات أمام جميع الاتحادات، ونهاية بالتصويت الذي صب في صالح ملعب محمد الخامس (16 مقابل 3 أصوات)، وهو ما أكده الاتحاد الإفريقي عبر مراسلة الاتحاد المغربي، يخبره بالشروع في الاستعدادات لإنجاح تنظيم المباراة النهائي
لماذا لم تترشح مصر؟
رمى أحمد مجاهد، عضو الاتحاد المصري السابق لكرة القدم، باللوم على مسؤولي الأخير في الأزمة التي اشتعلت بسبب ملعب النهائي، بسبب عدم تقدمه بترشيح ملعب القاهرة الدولي أو أي من ملاعب مصر، لاستضافة المباراة النهائية لدوري أبطال إفريقيا.
مجاهد الذي كان يتحدث في حوار تلفزيوني، قال إن المكتب التنفيذي للاتحاد المصري الحالي، الذي تسلم مهام عمله يوم 5 يناير/كانون الثاني 2022 كان يملك الوقت الكافي لتقديم طلب لاستضافة المباراة النهائية، لا سيما أن الموعد الأخير لتقديم كان يوم 28 فبراير/شباط 2022.
إيهاب الكومي، عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة المصرية، قال في تصريحات إعلامية، إن "عدم التقدم بطلب لاستضافة نهائي دوري أبطال أفريقيا ارتبط أساساً بضيق الوقت بين إجراءات تسليم المهام بين إدارة الاتحاد الجديدة والسابقة، مضيفاً أيضاً أن الأهلي المصري لم يتقدم بطلب إلى الاتحاد المصري لكرة القدم، من أجل استضافة المباراة النهائية من بطولة دوري أبطال إفريقيا".
بدوره، قال مصدر من الأهلي المصري لموقع كورة بلس المصري إن الاتحاد المصري لكرة القدم لم يخبر النادي الأهلي ولا الزمالك (خرج من الدوري) بالخطاب الذي وصل من الاتحاد الأفريقي بتاريخ 19 يناير/كانون الثاني 2022 بشأن فتح باب الترشح.
وأكد المصدر في التصريحات نفسها أن الاتحاد كان مشغولاً بمشاركة المنتخب المصري في كأس الأمم الأفريقية بالكاميرون، ولم يقم وليد العطار، المدير التنفيذي، بإرسال الخطاب إلى الأهلي والزمالك لاتخاذ الإجراء المناسب.
رئيس الوداد يوضح
عبر سعيد الناصري، رئيس الوداد المغربي، عن استغرابه من الجدل القائم بسبب مباراة النهائي، لا سيما أن مباراتي العودة لم تُلعبا بعد، ولم يضمن أي من الفريقين تأهلهما بشكل رسمي، رغم النتيجة الجيدة، التي أنهى بها الأهلي والوداد مباراتي الذهاب.
وقال الناصري، في تصريح لـ"عربي بوست": "نحن كفريق لا يعنينا ما يحدث ولا ما يقوله الأهلي ولا الاتحاد والإعلام المصري، نحن لم نتقدم بأي ترشيح ولم نطالب بخوض النهائي في الدار البيضاء، لأننا بكل بساطة لا نعلم الغيب ولم نكن نعرف أننا سنصل إلى هذا الدور".
وأضاف المتحدث: "حتى الآن لا تزال أمامنا مباراة مهمة تفصلنا عن النهائي والاتحاد المغربي هو من تقدم بالترشيح، ونشكره بهذه المناسبة؛ إذ كان ملعب عبد الله واد بداكار ومحمد الخامس بالبيضاء، المرشحين الوحيدين، والتصويت صبَّ لمصلحة الأخير".
وقال: "كنادي الوداد لسنا معنيين بأي نقاش، ما نعرفه هو أن المكتب التنفيذي لـ كاف حسم التصويت بـ16 صوتاً للمغرب مقابل 3 للسنغال، وما نعرفه كذلك هو أنه على رئيس الاتحاد الإفريقي باتريس موتسيبي أن يطبق القانون ويمنح الدار البيضاء حقها الذي حصلت عليه بالديمقراطية".
وأكد رئيس الوداد المغربي أن فريقه لن يصدر أي بيان صحفي، مادامت الأمور تسير وفقاً للديمقراطية التي ينادي بها جميع الأفارقة، كما دعا وسائل الإعلام المغربية إلى عدم مجاراة نظيرتها المصرية، وتجنب الدخول في تراشقات وتبادل للاتهامات، والتركيز على دعم ممثلي الكرة المغربية في المنافسات الإفريقية.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”