شكل طارق تيسودالي، لاعب جنت البلجيكي، مفاجأة سارة للجمهور المغربي، حينما استُدعي في آخر لحظة للمشاركة في كأس إفريقيا للأمم، التي جرت بالكاميرون مطلع العام الجاري.
وأثار تيسودالي الانتباه بحضوره اللافت في المباريات التي لعبها سواء كلاعب رسمي أو دخوله كاحتياطي، ليتحول في ظرف وجيز إلى أحد أهم أعمدة "أسود الأطلس"، قبل أن يقود، مارس/آذار الماضي، المنتخب المغربي في الدور الحاسم أمام الكونغو الديمقراطية للتأهل إلى المونديال، بفضل هدفه في كينشاسا في مباراة الذهاب، وهدف آخر وتمريرة حاسمة في الدار البيضاء خلال مباراة العودة.
تيسودالي، أدلى في الحوار التالي مع "عربي بوست"، برأيه حول قضايا تشغل الشارع الرياضي المغربي، في مقدمتها إبعاد مصطفى حجي عن الطاقم الفني للمنتخب المغربي، والخلاف بين المدير الفني خليلوزيتش واللاعبين حكيم زياش ونصير مزرواي.
كما تحدث النجم المغربي عن طموح "المنتخب المغربي" من خلال مشاركته في نهائيات كأس العالم بقطر، في ظل وقوعه في مجموعة صعبة إلى جانب منتخبات كرواتيا وبلجيكا وكندا.
وكشف مهاجم جنت البلجيكي أيضاً عن مستقبله الرياضي، في ظل تلقيه العديد من العروض للانتقال لأندية إسبانية وتركية وإيطالية وخليجية.
هل سنراك في نادٍ جديد الموسم المقبل، لا سيما في ظل تواتر الأخبار حول اهتمام عدة أندية بخدماتك؟
ما زلت مرتبطاً بنادي جنت (لاجونتواز) بعقد يمتد لموسم آخر. دخل وكيل أعمالي منذ فترة في مفاوضات مع إدارة فريقي من أجل إيجاد أرضية للتفاهم، الأمور لحد الآن غير واضحة، سننتظر ما تفرزه الأيام المقبلة.
هل يمكنك التوضيح أكثر فيما يخص المفاوضات مع ناديك؟
نادي جنت متمسك بي، يريد استمراري لفترة أطول ضمن صفوفه وعرض عليّ عقداً جديداً. أخبرني المدير الرياضي أنني عنصر مهم داخل الفريق، وهذا أمر يسعدني. هناك مفاوضات حول رفع راتبي السنوي، لكنني لست متأكداً من استمراري لفترة أطول رفقة الفريق، خاصة في ظل العروض التي توصلت بها، أفضل التريث ودراستها جميعاً من جوانبها الفنية والمالية، قبل الحسم فيها، وفي حال عدم تجديد العقد سأكون حراً مع نهاية الموسم المقبل، وسأنتقل دون انتظار موافقة نادي جنت، وهذا مستبعد جداً، لأن الفريق لن يسمح بذلك، وهو ما يجعله بين خيارين، إما التجديد لفترة إضافية مع إعادة النظر في الشق المالي، أو الموافقة على أحد العروض حتى تستفيد خزينته من الصفقة.
قرأنا أخباراً عن توصلك بعروض من أندية إسبانية وتركية وإيطالية وأيضاً عربية، أي دوري تفضل اللعب فيه؟
أعتقد أن الدوري الإسباني يناسبني، فـ"الليغا" تعتمد كثيراً على المهارات الفردية وفنيات اللاعبين، عكس دوريات أخرى تميل نحو القوة البدنية والانضباط التكتيكي الصارم، أنا لاعب أنتمي لنادي جنت وأحترم عقدي معه، ولا أدري ماذا يحمله المستقبل لي، قد أستمر في بلجيكا، وقد انتقل لإسبانيا، أو إلى دوري آخر، لا شيء واضحاً الآن.
ماذا عن العروض الخليجية؟
حتى أكون صادقاً، لا أفكر حالياً في اللعب بالشرق الأوسط، أرغب في المشاركة في مسابقة أوروبية، بدوري الأبطال أو كأس "ويفا"، مازلت أرغب في اللعب لفترة أطول في القارة العجوز، ولدي طموح للتألق هنا بشكل أكبر.
خلال الأسابيع الماضية، تألقت بشكل لافت، رغم تزامنها مع شهر رمضان، ألم يؤثر فيك الصيام؟
إطلاقاً، تعودت على الصوم منذ سنوات، سواء خلال التدريبات وحتى في المباريات التي تبرمج في وقت الإمساك، ومع الوقت صار الأمر عادياً بالنسبة لي، لا مشكل لدي إطلاقاً في هذا الصدد، بل بالعكس تماماً، الصوم يمنحني الطاقة، فخلال رمضان الماضي توجت بلقب كأس بلجيكا وأحرزت ثلاثية "هاتريك" أمام نادي أود أوفين في الدوري، مع التعود صار اللعب صائماً متعة بالنسبة لي ولله الحمد.
هل كان لاستدعائك للمنتخب الوطني المغربي، أثر إيجابي على مسارك الرياضي؟
بكل تأكيد، حضوري رفقة المنتخب الوطني في كأس إفريقيا الأخيرة، وفي الدور الحاسم من تصفيات كأس العالم، شكل لحظة فارقة في مساري كلاعب كرة القدم، حلمت بها طويلاً، وكنت أنتظرها بفارغ الصبر. أنا مدين جداً لأسود الأطلس، ومدين أيضاً للجمهور المغربي الذي ساندني كثيراً، واحتضنني منذ أول مباراة لي رفقة المنتخب المغربي، لقد شعرت بسعادة غامرة حينما توصلت بعشرات الرسائل الداعمة لي من قبل الجماهير المغربية، التي أود أن أوجه لها الشكر عبر "عربي بوست" على مساندتها لي.
حدث طريف وقع لك، حينما وجهت لك الدعوة، قبل ساعات من سفر المنتخب الوطني إلى الكاميرون، هلّا أخبرتنا بتفاصيله؟
(ضاحكاً) فعلاً، فكما يعرف الجميع، اللائحة النهائية التي اختارها وحيد خليلوزيتش المدير الفني للمنتخب المغربي لخوض منافسات "كان" الكاميرون، لم تكن تضم اسمي في البداية، وهو أمر أشعرني بالكثير من الإحباط، غير أن اعتذار عبد الصمد الزلزولي لاعب برشلونة الإسباني عن عدم الحضور، عجّل بالتحاقي بـ"الأسود".
تلقيت مكالمة من الاتحاد المغربي، أخبروني أن طائرة خاصة ستحط في بروكسل لنقلي إلى المغرب للالتحاق بالمنتخب الوطني، ومن فرط حماسي وسعادتي بهذه الدعوة، توجهت إلى المطار قبل 24 ساعة عن موعد الرحلة، كنت متعجلاً جداً للحاق بالمنتخب الوطني، سألت موظف الاستقبال بالمطار عن طائرة خاصة ستتجه إلى المغرب، لكنني فوجئت بأنها مبرمجة في اليوم الموالي، فاضطررت للمبيت في أحد الفنادق القريبة من المطار في انتظار طائرتي، كنت سعيداً جداً رغم ذلك.
كيف تلقيت مغادرة مصطفى حجي للطاقم الفني للمنتخب المغربي، بعد سيل الانتقادات التي تلقاها من بعض وسائل الإعلام المغربية؟
بكل صدق، مصطفى حجي المساعد السابق للمدير الفني خليلوزيتش كان مثالاً للمدرب الكفء والأخ الأكبر، وكانت تربطه علاقات جيدة مع جميع اللاعبين، ومعي أنا بشكل خاص، فمنذ أن قدمت لأول مرة للمنتخب المغربي وجدت منه كل الدعم والمساندة. حجي شخص محترف جداً، سواء في طريقة تعامله مع المجموعة، أو من حيث المؤهلات التي يمتلكها بالنظر لتجربته الكبيرة كلاعب دولي سابق، وأحد خمسة مغاربة الحاصلين على الكرة الذهبية الإفريقية، لديه طريقة خاصة في تحفيز اللاعبين. وعلى العموم نحن جميعاً لاعبين ومدربين في خدمة الراية الوطنية، أتمنى له التوفيق في مسيرته المهنية المقبلة.
ألا ترى أن المنتخب المغربي في حاجة لخدمات لاعبين كحكيم زياش ونصير مزراوي؟
هما نجمان كبيران ولاعبان استثنائيان بكل تأكيد، لكن ليس من اختصاصي الحديث عن لائحة المنتخب الوطني، الجماهير ترغب في رؤيتهما مع المنتخب، من الصعب قول أي شئ بخصوص هذا الموضوع، أسمع الكثير من القصص، لذا فأنا لا أعرف بالضبط سبب الخلاف، أقوم بدوري كلاعب دولي وأبذل قصارى جهدي سواء في التدريبات أو في المباريات أو في كرسي البدلاء، ليس لدي الصلاحيات للحديث عن هذا الموضوع، وعموماً الحديث عن مزراوي وزياش يعرف جدلاً كبيراً في وسائل الإعلام، لكن داخل المنتخب الوطني نركز على عملنا فقط.
بفضل هدفيك وتمريراتك في الدور الحاسم، المنتخب المغربي سيشارك للمرة السادسة في تاريخه في كأس العالم، وللمرة الثانية على التوالي، ما تعليقك؟
الفضل يعود للمجموعة ككل، قاتلنا جميعاً من أجل التأهل وحققنا المراد، المنتخب المغربي له تاريخ جيد مع المونديال بالمقارنة مع بعض منتخبات القارة السمراء والمنتخبات العربية، ولا يجب أن نعتبر المشاركة هدفاً نهائياً، يجب أن نتأهل للدور الثاني وسنعمل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك.
لكن الأمر يبدو صعباً في ظل وقوع المغرب بجانب منتخبات قوية، ككرواتيا وبلجيكا، وكندا بدرجة أقل..
على الورق، الجميع يرشح منتخبي كرواتيا وبلجيكا، وهذا في حد ذاته تحدٍ كبيرٍ بالنسبة لنا لنثبت لهم أنهم مخطئون، فالكرة تُلعب على الملعب وليس على الورق، نتوفر على لاعبين كبار، يمارسون في الدوريات ذاتها التي يلعب فيها نجوم كرواتيا وبلجيكا، لن نسافر إلى قطر من أجل المشاركة فقط، نحن واثقون في قدرتنا على رفع التحدي وانتزاع بطاقة العبور للدور الثاني، نحن نحترم جميع المنافسين لكننا لا نخشاهم، كما أننا نحترم أيضا المنتخب الكندي الذي قد يستصغره البعض، فمن وجهة نظري فمواجهة كندا ستكون صعبة أيضاً، يجب ألا ننسى ماذا حدث في مونديال روسيا في العام 2018 أمام المنتخب الإيراني (انهزم المغرب بهدف دون رد).