هو ليس لاعب كرة قدم ولا مدرباً مشهوراً، ولكن شائعة وفاته يوم الخميس 29 أبريل/نيسان 2022، صنعت الحدث في الوسط الرياضي العالمي، إنه مينو رايولا، وكيل أعمال اللاعبين المثير للجدل، الذي، وإلى غاية كتابة هذه الأسطر، لا يزال يرقد بمستشفى "سان رافائيل" بمدينة ميلانو بين الحياة والموت، حيث يعاني من مرض خطير بالرئة.
إيطالي هاجر إلى هولندا وعمل"نادلاً"
وُلد كاميني رايولا، المعروف باسم "مينو رايولا"، يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، بمدينة "نوسيرا إنفيريور" بجنوب غرب إيطاليا، قبل أن يهاجر رفقة والديه إلى هولندا، عندما كان يبلغ من العمر سنة واحدة فقط، حيث نشأ بمدينة "هارليم" وكان يساعد أباه في المطعم العائلي المسمى "نابولي"، وذلك قبل أن يتفرغ لدراسته الجامعية في الحقوق والعلوم القانونية.
كانت الفترة التي قضاها مينو في مطعم والده، كنادل، جد مفيدة بالنسبة له بحيث تعلم الكثير من فنون وخبايا عالم المال والأعمال، وذلك من خلال احتكاكه عن قرب بالزبائن الميسورين الذين كانوا يقصدون المحل.
وإضافة لمدرسة الحياة التي كانت بمثابة تكوين تطبيقي بالنسبة له، فإنّ مينو دعم تحصيله العلمي بدراسة القانون؛ ما جعله يدخل عالم المال في سن مبكرة، حيث اشترى محل "ماكدونالدز" عندما كان يبلغ من العمر 19 عاماً، ثم باعه بعد أشهر قليلة فقط، لينشئ شركة سمسرة، أطلق عليها اسم "Intermezzo".
مارس كرة القدم وتوقف في سن الـ18
ولا يعتبر مينو رايولا دخيلاً على عالم كرة القدم، فقد كان لاعباً في صفوف مختلف الفئات العمرية لنادي هارلم الهولندي، قبل أن يتوقف عن النشاط في سنة 1986، لما كان يبلغ من العمر 18 عاماً، ثم أصبح مسؤول المركز التكويني للفريق، في العام الموالي 1987، والمدير الرياضي للنادي، فيما بعد.
وبحكم ميوله الرياضية وحسن إدارته للأعمال ومعرفته الجيدة للقوانين فقد اتفق مينو في سنة 1993 مع نقابة اللاعبين الهولنديين على أن يكون ممثلاً لهم بالخارج، فكانت أهم مهمة قام بها في صيف ذلك العام هي وسلطاته في صفقة انتقال نجم الكرة الهولندية، دينيس بيركامب من نادي أياكس أمستردام إلى إنتر ميلان الإيطالي، والتي بلغت قيمتها المالية 18 مليار ليرة إيطالية، أي حوالي 9.77 مليون يورو، بحيث لم تكن العملة الأوروبية "اليورو" متداولة في ذلك الوقت.
اشتهر في صفقات إبراهيموفيتش وبوغبا
وسرعان ما أصبح مينو رايولا شخصية جد مؤثرة في عالم كرة القدم، خاصة في هولندا، وقد ازدادت شهرته لما تكفل بإدارة أعمال النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش وقام بتحويله من أياكس أمستردام إلى نادي يوفنتوس الإيطالي في آخر أيام الميركاتو الصيفي لسنة 2004، في صفقة بلغت قيمتها 16 مليون يورو، ثم نجح في نقله من إنتر ميلان إلى نادي برشلونة الإسباني في صيف 2009 مقابل 69.5 مليون يورو، ونيله هو شخصياً عمولة كبيرة فاقت مبلغ مليون يورو.
وفي الميركاتو الصيفي لسنة 2012، أسهم رايولا في انتقال إبراهيموفيتش من ميلان الإيطالي إلى باريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 21 مليون يورو، وفي تحويل الفرنسي بول بوغبا من مانشستر يونايتد الإنجليزي إلى يوفنتوس في صفقة مجانية.
وصنع رايولا الحدث في سوق الانتقالات الصيفية لسنة 2016، عندما قاد عملية انتقال بوغبا من يوفنتوس إلى مانشستر يونايتد في صفقة اعتبرت في ذلك الوقت الأغلى في تاريخ انتقالات اللاعبين، وبلغت قيمتها 110 ملايين يورو، ونال هو فيها عمولة ضخمة قدرتها بعض المصادر بـ49 مليون يورو، حيث جمع خلالها بين 3 شخصيات، أو 3 مهام، وهي وكيل اللاعب الفرنسي وممثل لكلا الناديين الإيطالي والإنجليزي.
العمولة الضخمة التي يكون قد تحصل عليها مينو رايولا في عملية انتقال بوغبا من مانشستر يونايتد إلى يوفنتوس والوقت الطويل الذي استغرقت فيه مفاوضات حسم الصفقة، أظهرا للعالم الوجه "القبيح" لوكيل أعمال اللاعبين المثير للجدل والذي جعل البعض يتهمه بالجشع وتمني موته للخلاص منه.
جمع 84.7 مليون دولار عمولات في 2020
هذا "الجشع" يراه البعض الآخر بمثابة "دهاء وحنكة" في إدارة الأعمال، جعل من رايولا مليونيراً كبيراً، إذ وبحسب مجلة "فوربس" الأمريكية الشهيرة، فإنّ مينو جمع مبلغ 84.7 مليون دولار من مختلف العمولات التي تحصل عليها في الصفقات التي أسهم فيها في سنة 2020 وحدها.
ولا تتعجب عزيزي القارئ من تلك الأرقام، والتي سوف تليها، فمينو رايولا لا يعتبر مجرد وسيط، فهو يملك ويدير شركة متخصصة في هذا المجال، تُسمى "Sport Business Strategy"، ومقرها بإمارة موناكو، وبحسب ذات المجلة الأمريكية المتخصصة في عالم المال والأعمال، فإنّ هذه الشركة تتكفل بإدارة أعمال 77 زبوناً، بين لاعبين ومديرين فنيين، وإنّ مجموع القيمة المالية للعقود التي أبرمتها المؤسسة في العام 2020، تقدر بـ848 مليون دولار.
ويدير رايولا أعمال العديد من اللاعبين المشهورين، على غرار إبراهيموفيتش وبوغبا والنرويجي هالاند الذي يقترب من التوقيع لمانشستر سيتي الإنجليزي في صفقة ضخمة جديدة، والهولندي ماتياس دي ليخت والإيطاليين ماركو فيراتي وجيانلويغي دوناروما.
وأشرف في السابق على نجوم آخرين كالتشيكي بافال نيدفيد، الذي يشغل حالياً منصب رئيس نادي يوفنتوس، والمصري أحمد حسام ميدو الذي كانت له تجربة احترافية مميزة بأوروبا من 2001 إلى 2010.
مينو رايولا يتقن7 لغات ويقيم بفيلا "آل كابوني"
يتقن مينو رايولا سبع لغات وهي، الإيطالية، الهولندية، الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، الألمانية والبرتغالية، ما سهل عليه التعامل في حياته المهنية.
وإذا كان يُتهم رايولا بـ"الجشع"، فإنّه، بالمقابل لا يعرف "البخل"، فهو يحب حياة الترف والرخاء، إذ يعيش متنقلاً بين إمارة موناكو ومدينة ميامي الأمريكية، حيث يملك فيلا فاخرة اشتراها في سنة 2016، مقابل 8 ملايين يورو، والتي كانت في السابق ملكاً لزعيم المافيا الشهير "آل كابوني"، وأقام بها من 1928 إلى غاية وفاته في سنة 1947.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.