لم يكن قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ونظيره الأوروبي "يويفا" باستبعاد روسيا وأنديتها في المنافسات الكروية، حتى إشعار آخر، هو الأول بناء على اعتبارات سياسية، بل إن هناك العديد من الحالات المشابهة تاريخياً.
دفعت روسيا ثمن الهجوم الذي يشنّه جيشها على أوكرانيا منذ يوم الخميس الماضي، وقررت جميع الاتحادات الرياضية الدولية إيقافها ومنعها من المنافسة في بطولاتها، ولعل أبرز تلك الاتحادات هو "فيفا" الذي أعلن رسمياً استبعاد المنتخب الروسي من تصفيات كأس العالم 2022 في قطر.
4 دول عوقبت كروياً قبل روسيا
فرضت الحروب والواقع السياسي نفسيهما بقوة على الجانب الرياضي، وسارع "فيفا" و"يويفا" لاستبعاد دول من البطولات وحرمان بعضها من المشاركة في كأس العالم وكأس أوروبا، ونرصد في السطور التالية أبرز الحالات التي سبقت إيقاف روسيا.
يوغسلافيا
كان منتخب يوغسلافيا واحداً من بين ثمانية منتخبات، تنتظر المشاركة في بطولة كأس الأمم الأوروبية لعام 1992، في النسخة التاسعة.
تأهلت يوغسلافيا إلى النهائيات بعد تصدرها لمجموعتها التي نافست فيها الدنمارك والنمسا وإيرلندا الشمالية وجزر فارو.
لكن الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حالت دون مشاركتها في البطولة التي استضافتها السويد.
وقرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" حرمان يوغسلافيا من المشاركة، بسبب الحرب الأهلية، ليستبدلها بالدنمارك، التي فجرت مفاجأة من العيار الثقيل، وتُوجت بالبطولة للمرة الوحيدة، عقب فوزها على ألمانيا 2-0 في النهائي.
وفي أغسطس/آب 1992، قرر "فيفا" عدم السماح ليوغسلافيا بالمشاركة في التصفيات المؤهلة لمونديال كأس العالم 1994، لاستمرار الحرب الأهلية فيها.
وطلب رئيس وزراء يوغسلافيا في حينها ميلان بانيك من "فيفا" مهلة لمدة شهر من أجل تصويب أوضاعها، وهو ما وافق عليه الاتحاد الدولي، لكن المتحدث باسم فيفا جويدو توغنوني أعلن فشل جهود يوغسلافيا، ليتم حرمانها من المشاركة في التصفيات بشكل رسمي.
جنوب إفريقيا
لم يشفع لجنوب إفريقيا مكانتها الرياضية الكبيرة في القارة السمراء، خاصة أنها واحدة من بين أربع دول، ساهمت في تأسيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، إلى جانب مصر والسودان وإثيوبيا.
وحُرمت جنوب إفريقيا من المشاركة في دورات الألعاب الأولمبية الصيفية منذ عام 1964 حتى 1988، بعد ضغوط من دول إفريقية، هددت بعدم المشاركة في الأولمبياد في حال وجود جنوب إفريقيا، التي كانت تنتهج سياسة التمييز العنصري "أبارتهايد".
في ذلك الوقت كانت جنوب إفريقيا تستدعي لاعبين من ذوي البشرة البيضاء ومن أصول أوروبية فقط لتمثيلها في الأولمبياد، وتستثني نظراءهم من أصحاب البشرة السمراء.
كذلك لم تلعب أي مباراة تحت مظلة الاتحادين الدولي والإفريقي لكرة القدم، وجرى استبعادها من منافسات كأس العالم للكريكيت عام 1970، ولم تعد إلى المشاركة في المنافسات الرياضية إلا بإعلانها انتهاء سياسة "الأبارتهايد" في عام 1990.
وبعد انهيار النظام العنصري وعودة جنوب إفريقيا إلى ساحة البطولات العالمية والقارية، نظمت نهائيات كأس الأمم الإفريقية في عام 1996، وهي النسخة التي انسحبت منها نيجيريا لأسباب سياسية.
ألمانيا واليابان
تُعتبر ألمانيا واحدة من أقوى دول العالم في كرة القدم، كيف لا وهي تأتي في المركز الثاني خلف البرازيل، كأكثر منتخب تُوج بكأس العالم.
غاب منتخب ألمانيا عن أول بطولة لكأس العالم والتي أقيمت في أوروغواي عام 1930، لكنه شارك في النسختين الأخريين عامي 1934 و1938، قبل أن تتوقف النهائيات لمدة 12 عاماً بسبب الحرب العالمية الثانية.
مع عودة الحياة إلى عالم كرة القدم وقبل انطلاق كأس العالم 1950 في البرازيل، قرر "فيفا" منع ألمانيا واليابان من المشاركة في التصفيات بسبب العقوبات المفروضة عليهما، لدورهما البارز في الحرب.
لكن ألمانيا المدمَّرة سرعان ما استعادت عضويتها في "فيفا" وعادت لتشارك في مونديال سويسرا عام 1954، لتحقق كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها، في إنجاز وصفه العالم حينها بـ"معجزة بيرن".
كما استعادت اليابان عضويتها سريعاً، لكنها احتاجت إلى عقود طويلة لتشارك في كأس العالم لأول مرة، إذ تواجدت في مونديال فرنسا عام 1998، ومنذ ذلك الحين أصبحت ضيفة دائمة على بطولات كأس العالم.