بحنكته المعهودة، نجح الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش في تجنيب نفسه ونادي تشيلسي الإنجليزي، الذي يملكه منذ عام 2003، تبعات ثقيلة للهجوم العسكري الذي تشنه بلاده روسيا على جارته أوكرانيا، فآثر الانسحاب من المشهد تاركاً رئاسة منصبه كرئيس للنادي.
يرتبط أبراموفيتش بشكل وثيق بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفق ادعاءات الصحافة البريطانية، الأمر الذي جعله عرضة للعقوبات الأمريكية والدولية، في أي وقت، على خلفية الأزمة الراهنة.
واتهمت ليلى موران، النائب في البرلمان البريطاني عن الحزب الليبرالي، أبراموفيتش بأنه واحد من بين 35 شخصية روسية، تدعم بوتين، ويجب معاقبتهم بتجميد أصولهم ومصادرتها، فمن هو أبراموفيتش؟
قصة رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي
وُلد رومان أبراموفيتش يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1966، في مدينة ساراتوف، التي تبعد عن العاصمة الروسية موسكو بحوالي 858 كيلومتراً، وتمتد 34 كم على ضفتي نهر الفولغا.
تلقى أبراموفيتش أول صدمة في حياته عندما فقد والديه وهو بعمر 4 سنوات، ليكبر ويترعرع عند أقربائه، حيث انتقل للعيش مع عمه في موسكو.
ترك رومان المدرسة في عمر السادسة عشرة، وعمل ميكانيكياً لبعض الوقت، ثم انتقل لبيع الألعاب البلاستيكية، بعدما قضى بعض الوقت عنصراً في الجيش الأحمر (جيش الاتحاد السوفييتي السابق).
العمل في التجارة وشهادة في القانون
وبدأ رومان أبراموفيتش عمله في تجارة النفط والغاز بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحينها كان لا يزال في العشرينات من عمره.
عاد مرة أخرى إلى مقاعد الدراسة، ثم التحق بالجامعة عام 2000، وحصل على شهادة في القانون خلال أقل من عام، وفق ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
وقبل ذلك سيطر رومان أبراموفيتش بشكل تدريجي على عدد من الأصول النفطية الروسية، التي تمت خصخصتها بالفعل، كما كان صاحب الحصة الأكبر في شركة سيبنفت، التي اندمجت لاحقاً مع يوكوس لتصبح رابع أكبر شركة نفط في العالم.
وخلال سعيه لاقتحام المجال الرياضي، اشترى رومان أبراموفيتش وباع أصولاً أخرى منها حصة كبيرة في شركة الطيران الروسية إيروفلوت، لتمويل شراء نادي تشيلسي.
اقتحم أبراموفيتش العمل السياسي، حيث انُتخب في عام 2000، ليصبح حاكماً لمنطقة تشوكوتكا النائية في أقصى شرق روسيا.
واكتسب الملياردير الروسي شعبيته بين الناس بعد عدة استثمارات في الخدمات الاجتماعية، لكنه توقف عن ذلك في عام 2008.
تزوج 3 مرات وأنجب 7 أبناء
وفي حياته الخاصة، تشير تقارير إلى أن رومان أبراموفيتش تزوج 3 مرات، الأولى من أولغا ليسوفا (1987-1990)، والثانية من إيرينا مالاندينا (1991-2007)، والثالثة من داريا زوكوفا (2008-2017)، ولديه منهن 7 أبناء.
أنفق أبراموفيتش ما يقرب من 60 مليون جنيه إسترليني، من أجل شراء لوحتين من أعمال لوسيان فرويد، وهو رسام بريطاني مولود في ألمانيا، وفرانسيس بيكون، في عام 2008.
وفي العام ذاته، قام بدعوة الفنانة آمي واينهاوس، مغنية السول التي اُشتهرت بصوتها العميق، للغناء له في حفل خاص.
أُدرج اسم أبراموفيتش في المركز 68 في قائمة أغنى الرجال في العالم، من قبل مجلة فوربس وذلك في عام 2012، وقُدرت ثروته حينها بـ12.1 مليار دولار.
ويبلغ أبراموفيتش من العمر الآن 56 عاماً، حيث كان مجهولاً بالنسبة لكثيرين حتى عام 2003، عندما استحوذ على نادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم.
شراء نادي تشيلسي
في الثاني من يوليو/تموز عام 2003، أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أن رومان أبراموفيتش، وافق على شراء الشركة التي تمتلك نادي تشيلسي، بصفقة دفع خلالها رجل الأعمال الروسي مبلغاً وصل إلى 60 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 100 مليون دولار.
حينها اتفق رومان أبراموفيتش مع كين بيتس، رئيس مجلس إدارة تشيلسي في ذلك الوقت، على شراء أكثر من نصف أسهم شركة تشيلسي فيلدج التي تمتلك النادي اللندني.
قبل ذلك التاريخ لم يكن تشيلسي واحداً من كبار القوم في الكرة الإنجليزية، فمنذ تأسيسه في عام 1905، لم يحقق بطولة الدوري إلا مرة واحدة، كان في موسم 1954-1955، بالإضافة إلى 3 ألقاب في كأس الاتحاد الإنجليزي، واثنتين في كأس الرابطة ومثلهما في الدرع الخيرية، وأخريين في كأس الكؤوس الأوروبية.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن "البلوز" عاش عصراً ذهبياً في كرة القدم، في حقبة أبراموفيتش، فقد نجح في اعتلاء المجد الأوروبي، بحصده لقب دوري أبطال أوروبا مرتين، إلى جانب لقب وحيد في الدوري الأوروبي، ومثله في السوبر وكأس العالم للأندية.
كما تُوج الفريق بلقب الدوري الإنجليزي 5 مرات، وكأس الدرع الخيرية مرتين، وكأس رابطة المحترفين الإنجليزية 3 مرات، وكأس الاتحاد الإنجليزي 4 مرات.
كما حصل تشيلسي في أبريل/نيسان 2013، على المركز السابع في قائمة أغنى الأندية العالمية، بقيمة 588 مليون يورو، بزيادة وصلت إلى 18% عن عام 2012.
يحمل الجنسية الإسرائيلية ويدعم الاستيطان
انتهت صلاحية تأشيرة دخول رومان أبراموفيتش إلى بريطانيا من فئة "مستثمر" في عام 2018، وتعذر حصوله على تأشيرة جديدة، بعد توتر العلاقات بين لندن وموسكو على خلفية قضية الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته.
على إثر هذه الأزمة حصل أبراموفيتش على بطاقة هوية في إسرائيل بموجب ما يسمى قانون العودة، الذي يسمح لليهود بالحصول على "المواطنة".
ويُسمح لحملة جواز السفر الإسرائيلي بدخول بريطانيا، والإقامة فيها لمدة زمنية قصيرة دون الحصول على تأشيرة دخول.
واشترى رومان أبراموفيتش فندقاً في مدينة تل أبيب عام 2015، قام بتحويله فيما بعد إلى مقر إقامة خاص.
وكشفت BBC في تحقيق لها عام 2020، أن أبراموفيتش يسيطر على شركات تبرعت
بـ100 مليون دولار لجمعية "إلعاد" الإسرائيلية، وهي جمعية استيطانية تعمل في القدس المحتلة.
وجاء نحو نصف تلك التبرعات بين عامي 2005 و2018، من شركات مسجلة في الجزر العذراء، وهي أراضٍ تابعة للمملكة المتحدة وراء البحار، تشتمل على أكثر من 50 جزيرة واقعة في الكاريبي.
التخلي عن إدارة تشيلسي
أعلن رومان أبراموفيتش في بيان رسمي نشره نادي تشيلسي يوم السبت 26 فبراير/شباط 2022، تخليه عن إدارة النادي، وهو قرار أصاب مشجعي "البلوز" بالحيرة والصدمة، كونه جاء بشكل فجائي ودون تمهيد.
ورجحت الصحف البريطانية، أن يكون قرار أبراموفيتش نابعاً من حرصه على حماية النادي من العقوبات المحتملة التي قد تُفرض عليه، على خلفية بدء العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا في الخميس 24 فبراير/شباط 2022.