فجَّر نجم تشيلسي الإنجليزي، حكيم زياش، قنبلة في وجه الاتحاد المغربي لكرة القدم، بإعلانه قراراً "نهائياً" بعدم حمل قميص المنتخب المغربي مجدداً. اعتزال حكيم زياش جاء بعد تصاعد حدة الخلافات بينه وبين وحيد خليلوزيتش، مدرب المنتخب المغربي.
مجرد تصريح صحفي صغير، من الدولي المغربي، أطلقه من الإمارات العربية المتحدة؛ حيث يوجد رفقة فريقه تشيلسي للمشاركة في مونديال الأندية، كان كافياً لزلزلة الاتحاد والإعلام والجمهور الرياضي المغربي، والعربي والدولي أيضاً.
ومرت أسابيع على ترقب عودة حكيم زياش للمنتخب المغربي في الدور الفاصل من تصفيات المونديال، المقرر مارس/آذار 2022، قبل أن يغلق خليلوزيتش الباب في وجهه بشكل نهائي، خلال المؤتمر الصحفي الأخير، الذي عقده الخميس 3 فبراير/شباط 2022، لتبرير قيادته لأسود الأطلس إلى فشل جديد في منافسات كأس إفريقيا، التي جرت في الكاميرون.
"عربي بوست" أماطت اللِّثام عن الأسباب الحقيقية، التي دفعت النجم المغربي، إلى إعلام قراره الصادم، علماً بأن زياش تحدى الاتحاد الهولندي والإعلام والجمهور الرياضي، وعانى كثيراً جراء رفضه اللعب لمنتخب الطواحين وفضل بلد الأصول؛ إذ لم يكن سهلاً على نجم تشيلسي اتخاذ قراره الأخير.
تصريحات لقجع وراء اعتزال حكيم زياش
كشف مصدر مقرب من حكيم زياش، لـ"عربي بوست"، أن نجم تشيلسي الإنجليزي، اتخذ قراره بعدم العودة للمنتخب المغربي، قبل فترة ليست بالقصيرة، وبالتحديد بداية شهر يناير/كانون الثاني 2022، بعد التصريحات، التي أطلقها فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم بشأنه.
وأشعرت تصريحات لقجع اللاعب المغربي بالكثير من الإحباط والصدمة والحزن، وكانت بمثابة النقطة التي أفاضت كأس صبر حكيم زياش، بعد الأزمة بينه وبين مدرب المنتخب المغربي.
وقال رئيس الاتحاد المغربي، في مجموعة من الخرجات الإعلامية، إن المنتخب المغربي لا يتوقف على زياش، وأنه ليس لدى أي لاعب الحق في أن يمنّ على المنتخب المغربي أنه لعب في صفوفه وفضله على منتخب بلد النشأة في أوروبا.
واعتبر فوزي لقجع، في التصريحات نفسها، أن اللاعبين مدينون للمنتخب المغربي الذي بفضله لعبوا في منافسات كبيرة من حجم كأس العالم، وليس المنتخب هو المدين لهم.
المصدر ذاته، قال لـ"عربي بوست" إن زياش كان يعتبر في بداية الأمر أن خلافه ينحصر فقط مع المدرب وحيد خليلوزيتش، وكان ينتظر رحيل الأخير للعودة للمنتخب المغربي من جديد.
وأضافت المصادر نفسها أن زياش لم يُكلف نفسه للرد على اتهامات المدير الفني بأنه يدعي الإصابات ولا يرغب في خوض التدريبات، ويؤثر بسلوكه على وحدة المجموعة ولحمتها، وغيرها من الأسباب التي ذكرها خليلوزيتش في سياق تبريره قرار إبعاد زياش عن صفوف المنتخب المغربي.
لكن، وحسب المصدر ذاته، فإن تصريحات فوزي لقجع الأخيرة، أشعرت زياش بتخلي الاتحاد المغربي عنه، ووقوفه بجانب المدرب البوسني-الفرنسي خليلوزيتش.
وأضاف المتحدث ذاته: "زياش اعتذر للجمهور والشعب المغربي فقط، دون أن يتحدث عن اتحاد الكرة، خلال التصريح الذي أعلن من خلاله اعتزاله اللعب دولياً، وقال إنه حزين لأجل جمهور الكرة، لكنه سئم من الكذب، ويعرف جيداً كيف تجري الأمور داخل المنتخب المغربي".
المصدر ذاته كشف حصرياً لـ"عربي بوست" أن رئيس الاتحاد المغربي، فور علمه بالوقع السيئ لتصريحاته على نفسية اللاعب المغربي، حاول إصلاح الوضع، وربط اتصالاته باللاعب وبمقربيه، غير أن زياش كان يرفض الرد عليه طيلة الفترة الماضية، بعدما اتخذ قراره في عدم حمل القميص الوطني مجدداً، مضيفاً أن استياء اللاعب المغربي من الناخب الوطني وخلافه معه، انتقل إلى الاتحاد المغربي، بعدما شعر أن الأخير يساند خليلوزيتش ويتبنى موقف إبعاده.
جهود استقطاب مزدوجي الجنسية مهُدّدة بالفشل
منذ بداية الخلاف بين حكيم زياش، والبوسني وحيد خليلوزيتش، مدرب المنتخب المغربي، انتقد الشارع الرياضي المغربي الحياد السلبي للاتحاد المغربي، ووقوفه موقف المتفرج وعجزه عن تذويب الجليد بينهما، سيما مع استمرار خليلوزيتش في توزيع الاتهامات على زياش كلما سنحت له الفرصة، في المؤتمرات والتصريحات الإعلامية.
وتسبب الاتحاد المغربي، في ضياع نجم كروي عالمي على المنتخب المغربي بعد اعتزال حكيم زياش اللعب دولياً، وبات في مرمى انتقادات الجمهور المغربي، لا سيما مع توالي النكسات على الكرة المغربية، بخروج المنتخب المغربي بخفي حنين من "الكان" ثم إقصاء منتخب الإناث لأقل من 20 سنة من تصفيات كأس العالم على يد السنغال، ليأتي قرار زياش ليُشعل المطالب برحيل الاتحاد المغربي بقيادة فوزي لقجع.
ولم يخف مصدر "عربي بوست" تخوفه من تأثير قرار زياش، اعتزال اللعب الدولي رفقة المنتخب الوطني، على الجهود الكبيرة والاستراتيجية المكلفة التي ينهجها الاتحاد المغربي، لاستقطاب لاعبين يمارسون بالدوريات الأوروبية، من ذوي الجنسيات المزدوجة.
وقال المتحدث إن قرار زياش سيؤثر بشكل كبير على استراتيجية استقطاب لاعبين دوليين للمنتخبات الوطنية الصغرى، لا سيما أن أغلبهم يتابع طريقة تعامل المغرب مع اللاعبين الممارسين بدول المهجر، ومن الطبيعي أن يأخذ اللاعبون الممارسون المغاربة بأوروبا، الذين يراهن عليهم الاتحاد المغربي لحمل قميص المنتخبات المغربية في جميع الفئات العمرية، العبرة بما حدث لنجم من قيمة زياش، خاصة أنه تشبث باللعب للأسود، وعانى كثيراً في هولندا جراء هذا القرار، وتحمل الكثير من الانتقادات والهتافات العنصرية من قبل الجمهور الهولندي، بعد رفضه حمل قميص منتخب الطواحين.
ويترقب الجميع رد فعل نصير مزراوي، زميل زياش السابق في أياكس أمستردام الهولندي، والذي يعيش المشكل ذاته مع وحيد خليلوزيتش؛ إذ من غير المستبعد أن يحدو الحدو ذاته، ويعلن بدوره اعتزاله اللعب دولياً، بعدما فتح زياش باب التردد أمام اللاعبين المغاربة الممارسين بالخارج، قبل قرار تغيير جنسياتهم الرياضية، وحمل قميص المنتخب المغربي، والتغاضي عن إغراءات دول المهجر، التي تسعى جاهدة إلى استقطابهم، حتى وإن لم يكن لديها نية في الاعتماد عليهم مستقبلاً؛ إذ ترفض اتحادات هذه الدول أن يجني المغرب ثمار مجهودات مراكز تكوينها.
إعلام هولندا يركب على الحدث
شرعت وسائل الإعلام بهولندا في الركوب على الحدث، وبدأت توجه رسائل تحذير إلى المواهب الصاعدة، مزدوجة الجنسية، من الوقوع في المصير ذاته الذي وقع فيه زياش، ومزراوي المبعد عن صفوف المنتخب الوطني منذ التصفيات الإفريقية الماضية.
وقالت صحيفة "آد سبورت" الهولندية، إن زياش سئم من "كل الكذب" الذي يُمارس في حقه، وليست لدى نجم تشيلسي أي نية في العودة للمنتخب المغربي حتى في حال تأهله لمونديال قطر 2022.
وأشارت إلى أن الدولي المغربي حكيم زياش يحترم قرار إبعاده عن تشكيلة المنتخب لكن "حينما ينضاف الكذب إلى الأبعاد فالأمور هنا تصبح لا تطاق"، في إشارة إلى تصريحات وحيد التي قال فيها إن اللاعب يدعي الاصابة ولا يريد التدرب ولا اللعب، وأيضا لا يتعامل بجدية مع المنتخب الوطني.
ولم تفوت الصحيفة ذاتها الفرصة دون التذكير بأن زياش لعب لكل الفئات العمرية للمنتخبات الهولندية، قبل أن يقرر تغيير جنسيته الرياضية في العام 2015، لحمل القميص المغربي.
زياش الأفضل في 20 سنة الأخيرة
يعتبر حكيم زياش، أفضل لاعب في صفوف المنتخب المغربي، رغم غيابه عن نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي اختتمت الأسبوع الماضي بالكاميرون؛ إذ حقق نجم تشيلسي أرقاماً كبيرة في جميع المنافسات الدولية والقارية الرسمية منها والإعدادية، ليصبح من أبرز اللاعبين رفقة الأسود في 20 سنة الأخيرة.
وتمكن زياش من تسجيل 17 هدفاً وتقديم 8 تمريرات حاسمة لزملائه، في 40 مباراة دولية خاضها رفقة المنتخب الوطني، ليتقاسم مع مروان الشماخ لقب الهداف.
ويعتبر زياش من أبرز اللاعبين المتميزين عبر العالم، وصاحب فنيات عالية؛ إذ إنه يعد ممرراً حاسماً، ويُتقن اللعب بكلتا قدميه، ما يمكنه من تحويل مركزه من الجهة اليمنى إلى اليسرى بسهولة، كما أن انضمامه لصفوف تشيلسي الإنجليزي، مكنه من لعب أدوار دفاعية في الكثير من الأحيان، وهي الميزة التي كانت تنقصه خلال مسيرته السابقة بأياكس والمنتخب المغربي في الفترة الماضية.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”