احترف كرة القدم في سن المراهقة وأدمن الكوكايين وانتشله بلماضي من الضياع.. تعرّف على قصة مدلل الجزائريين يوسف بلايلي

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/02 الساعة 14:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/02 الساعة 14:33 بتوقيت غرينتش
اللاعب الجزائري يوسف لبلايلي (رويترز)

قصته ليست ككل القصص، لأن حظه العاثر والوافر في نفس الوقت جعلها تشبه حكايات الجدات المليئة بالتفاصيل والخيال وبعض الغرائب. 

مسيرة يوسف بلايلي التي لم تنتهِ بعد لم تكن عادية، فهي من السّيَر التي تصلح لأن تكون فيلماً أو مسلسلاً، كما يمكن أن تكون وثائقياً أو كتاباً لكثرة أحداثها الدرامية، فكلما اعتقد المتابعون أن البطل قد انتهى يبعث من تحت الركام مجدداً ليواصل المسير بعزيمة أكبر. 

لم يكن يدرك يوسف بلايلي وهو يداعب الكرة في أزقة وهران وحواريها أنه سيكون أحد أكثر اللاعبين إثارةً للجدل في تاريخ الجزائر، لكن توقيعه لأول عقد احترافي في حياته وهو في سن 17 مع نادي أهلي برج بوعريريج الناشط في الدرجة الأولى للمحترفين، جعل الكاشفين ووكلاء اللاعبين ينتبهون لولادة نجم كروي جديد طال انتظاره. 

اللاعب الجزائري يوسف بلايلي (رويترز)
اللاعب الجزائري يوسف بلايلي (رويترز)

بلايلي مر من هنا 

مع بداية الموسم الكروي لسنة 2009 أعلن نادي أهلي برج بوعريريج ضم لاعب شاب لا يتجاوز سنه 17 ربيعاً، ورغم أن سنه كانت صغيرة فإن عطاءه في الميدان كان كبيراً، ومع نهاية الموسم أصرّ ناديه الأم الذي تربّى فيه ولعب في فئاته السِّنية على استعادته، فوقّع بلايلي موسمين لنادي الغرب الجزائري مولودية وهران، سجل خلالها 15 هدفاً وهو لم يبلغ العشرين بعد. 

تألقه وسنه الصغيرة لفتا إليه أنظار عميد الأندية التونسية الترجي الرياضي التونسي، حيث قدم عقداً ضخماً وقتها للظفر بخدماته، وقد تمكن من ذلك فعلاً، إذ خاص بلايلي معه 35 مباراة، سجل فيها 59 هدفاً، لينتقل فيما بعد إلى نادي العاصمة الجزائرية اتحاد العاصمة الذي لعب معه موسماً واحداً، وتم توقيفه بسبب تناوله مواد محظورة. 

وبعد عودته من الحظر وقّع لنادي أنجي الفرنسي سنة واحدة، ثم عاد إلى الترجي الرياضي التونسي، وحقق معه دوري أبطال إفريقيا، ثم انتقل بعدها إلى أهلي جدة السعودي في صفقة ضخمة، ومنه إلى قطر القطري الذي فسخ معه العقد بالتراضي شهر ديسمبر/كانون الأول 2021، ويحط الرحال في نادي بريست الفرنسي في آخر ساعات الميركاتو الشتوي 31 يناير/كانون الثاني 2022.

إدمان الكوكايين 

"كانت فترة صعبة ندمت على كل لحظة فيها"، هكذا علق يوسف بلايلي على الفترة التي أدمن فيها مادة الكوكايين، وتم إيقافه بسببها 4 سنوات عن ممارسة كرة القدم. 

ففي مباراة لفريقه اتحاد العاصمة ضدّ مواطنه مولودية العلمة لحساب دوري المجموعات لرابطة أبطال إفريقيا موسم 2015، لاحظ حكم المقابلة أن تصرفات يوسف بلايلي غير طبيعية، فقد كان يصرخ في وجهه بطريقة غريبة رغم تفوق فريقه، ثم يعود بعدها ليبتسم معه ويمازحه. 

شك الحكم في السلامة العقلية للاعب الجزائري واقترح على ممثل الاتحاد الإفريقي أن يكون بلايلي من بين اللاعبين الذين يتعاطون المنشطات، وفعلاً تم ذلك لتكون النتيجة صدمة للاعب ولمحبيه والكرة الجزائرية ككل؛ بلايلي مدمن كوكايين. 

أصدرت الكاف عقوبة وقف للعام لمدة سنتين، وأضاف الاتحاد الجزائري لكرة القدم هو الآخر عقوبة مماثلة ليصبح صاحب 23 ربيعاً، مهدداً بالاعتزال المبكر وهو في أوج عطائه. 

وبعد وساطات ونداءات من الجماهير الجزائرية ألغى الاتحاد الجزائري عقوبة السنتين في حق بلايلي، لتبقى عقوبة الكاف سارية المفعول إلى نهايتها، ليعود بعدها إلى مداعبة الكرة مجدداً من بوابة نادي أنجي الفرنسي. 

وقضى بلايلي سنتي العقوبة وهو يتدرب منفرداً رفقة والده الذي يعد مثله الأعلى ووكيل أعماله ولا يخطو أي خطوة بدونه. 

ووفق أبناء حيه فإن والد بلايلي كان متأكداً من عودته إلى مستواه رغم خطئه الجسيم، وكان يخبر نجله بأنه يستطيع العودة بالعمل والتعلم من أخطاء الماضي. 

وما زال بلايلي يحتفظ بتلك العبارات التي سمعها من والده وهو في أضعف حالاته بعد الإيقاف، حيث يذكر أن إيمان والده به كان كبيراً، لذلك يقوم "بابلو" كما أصبح يلقب، نسبة لتاجر المخدرات الكبير "بابلو إسكوبار" بإهداء أهدافه وتألقه في المباريات الكبيرة لوالده. 

بلماضي.. فرصة العمر 

بطريقة دراماتيكية تغيرت مسيرة بلايلي بعد معاناة دامت سنتين، يسوق القدر رجلاً آخرا لقيادة الاتحاد الجزائري لكرة القدم أكثر رحمة من المغادر محمد روراوة الذي رفض الصفح عن بلايلي أو مساعدته في أروقة الاتحاد الإفريقي. 

يصل خير الدين زطشي لقيادة أعلى هيئة كروية في البلاد، ويقوم فوراً بالتعاقد مع جمال بلماضي، الذي بدوره يحث زطشي على مساعدة بلايلي لأنه يريده في المنتخب الوطني. 

يستغرب الجميع كيف لبلماضي الاعتماد على لاعب سيئ السمعة ومغضوب عليه في الأوساط الرسمية الرياضية، لكن سرعان ما تلاشت التساؤلات والغضب الرسمي بعدما أهدى بلايلي كأساً إفريقية غالية للجزائر، غابت عن خزائن المنتخب 29 سنة كاملة. 

منذ أول استدعاء له مع المنتخب أصبح بلايلي قطعة أساسية في صفوف الخضر مثله مثل أي نجم في الفريق، على غرار رياض محرز وإسماعيل بن ناصر. 

في آخر لحظة.. عقد مثير 

وكأن الإثارة لا تفارق حياة يوسف بلايلي، فبعد فسخ عقده مع نادي قطر القطري، شهر ديسمبر/كانون الأول 2021، ظل ابن وهران بدون فريق إلى آخر ساعات الانتقالات الشتوية التي تنتهي في 31 يناير/كانون الثاني. 

بعد ساعات من فسخه العقد مع ناديه القطري تهاطلت العروض على بلايلي، لا سيما بعد الأداء المبهر الذي قدمه في كأس العرب "فيفا" قطر 2021، والتي اختير فيها كثاني أفضل لاعب في الدورة بعد مواطنه ياسين براهيمي. 

وحدد بلايلي وجهته مباشرة بعد فسخ عقده، حيث صرح بأنه سيتجه للاحتراف في أوروبا، لكن خروج المنتخب الجزائري من أمم إفريقيا مبكراً جعل الفرق الإسبانية والفرنسية التي كانت تنوي التعاقد معه تتريث وتعيد التفكير في ذلك، خاصة أنها كانت ترغب في رؤيته أكثر في "كان" الكاميرون، وهو ما لم يحدث. 

اضطر بلايلي للتفاوض مع نادي التعاون القطري في آخر أيام الميركاتو الشتوي، باعتباره الفريق الوحيد القادر على تلبية طموحاته المالية، وفي خضم جلسة التوقيع يرن هاتف وكيل أعماله ووالده في نفس الوقت، إنه عرض من فرنسا، وبالضبط من نادي القراصنة الجنوبي ملعب بريست. 

يتوقف كل شيء في السعودية، وتدور محركات الطائرة الخاصة لتقلع باتجاه مدينة بريست. 

يوقع بلايلي عقداً مدته 6 أشهر إلى نهاية الموسم الجاري ليضمن بذلك استدعاء بلماضي في المباراتين الفاصلتين المؤهلتين إلى نهائيات كأس العالم في قطر. 

قرصان بريست 

بمجرد أن وقع يوسف بلايلي عقده مع نادي بريست لم تعد مدينة الجنوب الفرنسي مدينة هادئة كما كانت. 

يقول المسؤول الإعلامي للنادي فلورون كوري لوكالة الأنباء الفرنسية: "إننا مندهشون مما يحدث في الفريق منذ توقيع بلايلي حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى مليون متابع خلال ساعات، وهو الرقم الذي لم نحققه منذ 14 سنة من الوجود على الشبكات العنكبوتية إنه أمر لا يصدق". 

ويضيف: "إن الأمر أشبه بما يحصل في كازينوهات لاس فيغاس، الحسابات كانت تعمل من تلقاء نفسها". 

وعبر ممثل النادي الفرنسي عن سعادته بوجود لاعب "رفيع المستوى" في صورة يوسف بلايلي، مشيراً إلى أن الهدف من التعاقد مع ابن وهران هو تحقيق نتائج إيجابية والفوز بالمباريات.

تحميل المزيد