هل تسبَّب بلماضي ومحرز في المشاركة الكارثية للجزائر في كأس إفريقيا؟

عدد القراءات
2,789
عربي بوست
تم النشر: 2022/01/21 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/21 الساعة 11:43 بتوقيت غرينتش
جمال بلماضي مدرب منتخب الجزائر (رويترز)

لم تدُم إقامة المنتخب الجزائري لكرة القدم طويلاً بالكاميرون بعد خروجه المبكر من مسابقة كأس أمم إفريقيا المتواصلة إلى غاية يوم 6 فبراير/شباط القادم وعودته إلى الديار وهو يجر أذيال الخيبة وبجعبته نقطة واحدة فقط، كسبها من تعادل سلبي (0-0) مع منتخب سيراليون المغمور، مقابل هزيمتين متتاليتين أمام منتخبي غينيا الاستوائية المتواضع (1-0) وكوت ديفوار الواقعي (3-1).

لن أتطرق للأسباب الفنية التي أدت إلى المشاركة الكارثية لمنتخب الجزائر في "كان الكاميرون 2022″، لأني لست خبيراً في "التكتيكات" والأساليب الفنية التي تتطور من سنة لأخرى حتى لا أقول من شهر لآخر، وإني أترك هذه المهمة لأهل الاختصاص من محللين رياضيين، ولكن يمكنني إبداء رأيي المتواضع عن الأسباب الأخرى المرتبطة بهذا الإخفاق للمدرب جمال بلماضي وكتيبته.

تحضير ناقص للمسابقة القارية 

أعتقد أن أحد أبرز أسباب المشاركة الكارثية لمنتخب الجزائر في نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم بالكاميرون هو سوء أو نقص التحضير، حيث جرى المعسكر الإعدادي الأخير لفريق "الخضر" في العاصمة القطرية الدوحة بتعدادٍ غير مكتملٍ، فعلى الرغم من أنّه انطق رسمياً يوم 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى غاية 8 يناير/كانون الثاني الجاري، إلّا أنّ العديد من اللاعبين لم يلتحقوا به إلّا بعد يوم 3 يناير/كانون الثاني وهو التاريخ الذي حدده الاتحاد الدولي لكرة القدم كآخر أجل لتسريح الأندية الأوروبية للاعبيها الأفارقة المعنيين بالمشاركة في البطولة القارية.

وإضافة لذلك فقد وصل بعض اللاعبين إلى المعسكر مرهقين أو مرضى أو مصابين على غرار إسلام سليماني ورامي بن سبعيني وسفيان فيغولي، فضيعوا بذلك العديد من الحصص التدريبية الجماعية مثلما ضيعها لاعبون آخرون أصيبوا بفيروس "كورونا" كيوسف بلايلي.

وشهد معسكر الدوحة إلغاء مباراة تحضيرية واحدة أمام منتخب غامبيا بسبب اعتذار الأخير لتفشي "كورونا" بين صفوفه، فاكتفى المنتخب الجزائري بخوض لقاء ودي واحد أمام منتخب غانا (3-0) وبدون مشاركة بعض اللاعبين الأساسيين، أبرزهم: رياض محرز، نجم نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، الذي غاب عن كل المعسكر ووصل الى الدوحة، قبل يومٍ واحدٍ من موعد السفر إلى الكاميرون.

ويمكن اعتبار رياض محرز أحد أسباب إخفاق منتخب الجزائر في "كان 2022″، بحيث لم يظهر بمستواه المعهود خلال المباريات الثلاث التي لعبها ضمن التشكيلة الأساسية، ويُجهل إلى غاية الآن "السبب الرسمي" الذي جعله يغيب عن معسكر الدوحة، إذ وعلى الرغم من أنّ الصحافة البريطانية أشارت، وقتها، إلى أنّه كان منشغلاً بعقد قرانه مع صديقته "على الطريقة الإسلامية"، وعلى الرغم أيضاً من أنّ رئيس اتحاد الكرة الجزائري، شرف الدين عمارة، قد أكد أنّ رياض قد تلقى ترخيصاً من بلماضي لإعفائه من المعسكر، إلّا أنّ هذا الأخير أي بلماضي نفى، مساء أمس الخميس 20 يناير/كانون الثاني 2022، بعد مباراة كوت ديفوار، أن يكون قد منح عطلة لمحرز.

وجاء نفي جمال بلماضي في سياق رده على سؤال، خلال المؤتمر الصحفي، حول سبب مواصلة اعتماده على محرز في البطولة الإفريقية على الرغم من تراجع أدائه. وإذا كان جواب الناخب الوطني الجزائري مقنعاً للبعض وأثار بعض الضحكات المحتشمة داخل القاعة خاصة عندما أجاب عن سؤال الصحفي بطريقة تهكمية، فأنا شخصياً لم يقنعني، وبالخصوص لما قال: "لقد قدم محرز الكثير للمنتخب.. هل كنتم تنتظرون وضع محرز في دكة البدلاء.. لم أغيّره وأتحمل المسؤولية".

نعم صحيح لقد قدم رياض محرز الكثير للمنتخب الجزائري وساهم بشكلِ كبيرٍ في التتويج بلقب كأس أمم إفريقيا لكرة القدم لعام 2019 بمصر، لكن إذا كان اللاعب غير جاهز بدنياً وذهنياً للظهور بمستوى لائق في المباريات الرسمية فمن الأفضل تعويضه بلاعب أفضل جاهزية منه، من أجل مصلحة المنتخب ومصلحة المدرب، ثم كيف يرى بلماضي أنه ليس من المنطقي وضع محرز في الدكة أو تعويضه خلال المباريات (ربما لكونه نجماً عالمياً كبيراً)، في حين أنّ رياض لا يظهر أي اعتراض علني على إجلاسه بكرسي الاحتياط في مباريات فريقه مانشستر سيتي الإنجليزي، واكتفائه في بعض اللقاءات بخوض دقائق معدودة.

دلال مبالغ فيه من المسؤولين والجماهير 

السبب الآخر لفشل المنتخب الجزائري في الدفاع عن لقبه الإفريقي، هو "الدلال" المبالغ فيه للفريق وللمدرب من طرف الجماهير والمسؤولين الرياضيين والسياسيين للبلاد، وتفادي انتقاد المنتخب بعد التعثر الأول أمام سيراليون ثم أمام غينيا الاستوائية، ما خفف عن اللاعبين "الضغط الإيجابي" الضروري للاستفاقة أمام كوت ديفوار. 

منتخب الجزائر ودع كأس إفريقيا مبكراً (رويترز)
منتخب الجزائر ودع كأس إفريقيا مبكراً (رويترز)

لا أحد ينكر الدور الكبير الذي قام به جمال بلماضي في إعادة إحياء المنتخب الجزائري منذ تسلمه لإدارته الفنية في صيف 2018، خلفاً لرابح ماجر المُقال، وقيادته لنيل اللقب الإفريقي في عام 2019، ولكن يجب تقبل الانتقادات، وخاصة حينما تكون بناءة وتصب في مصلحة المنتخب الوطني، فكُلُنا بشر، والإنسان غير معصوم من الخطأ، وبالتالي يجب تفادي تقديس الأشخاص مهما كانت أهمية ما قدموه ويقدمونه للأمة والوطن.

هل يتكرر سيناريو عام 2013؟

المهم أنا أتمنى أن يستمر جمال بلماضي في منصبه على رأس الجهاز الفني للمنتخب الجزائري مع اقتراب موعد الدور الفاصل للتصفيات الإفريقية لكأس العالم لكرة القدم 2022، والمقرر في مباراتين ذهاباً وإياباً في النصف الثاني من شهر مارس/آذار القادم.

 وقد يتكرر سيناريو عام 2013، لما خرج منتخب "الخضر" في الدور الأول لمسابقة كأس أمم إفريقيا التي جرت في شهر يناير/كانون الثاني بدولة جنوب إفريقيا بعد هزيمتين أمام منتخبي تونس (0-1) وتوغو (0-2) وتعادل مع كوت ديفوار (2-2) وقد طالبت خلالها الجماهير بإقالة المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش، لكن رئيس اتحاد الكرة الجزائري في ذلك الوقت، محمد روراوة، تمسك به وراهن عليه في قيادة الجزائر نحو التأهل إلى نهائيات مونديال البرازيل 2014.. وذلك ما تم فعلاً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد