سوء تنظيم “الكان” يضع عرب شمال إفريقيا بمواجهة دول جنوب الصحراء.. كيف قسمت أهم تظاهرة في القارة بلدانها؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/20 الساعة 10:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/21 الساعة 09:23 بتوقيت غرينتش
احتجاج مدرب الفريق التونسي على حكم المباراة مع مالي / رويترز

رغم تراجع النجم الكاميروني السابق، روجي ميلا، عن تصريحاته ضد عرب إفريقيا، التي قال إنها قد "أُسيء فهمها"، إلا أن سوء تنظيم كأس إفريقيا أظهرت بوادر ما يمكن وصفه بالانقسام داخل أجهزة "الكاف" ما زالت ظاهرة .

وتنقسم أجهزة "الكاف"، حسب ما كشفته مصادر "عربي بوست" إلى دول إفريقيا جنوب الصحراء، وعرب شمال إفريقيا، هذه الفئة الأخيرة التي اشتكت من سوء تنظيم الكاميرون للنسخة الحالية من الفعالية الكروية.

وكان روجي ميلا قد أطلق قبل أيام من انطلاق "كان 2021″، تصريحات صحفية، دعا خلالها دول المغرب الكبير، إلى "نقل نشاطها الرياضي إلى أوروبا أو آسيا، إذا لم تكن تعتبر نفسها تنتمي للقارة السمراء".

وجاءت تصريحات ميلا بسبب موقف المغرب ومصر، على الخصوص، من مقترح تأجيل النسخة الجارية من بطولة إفريقيا للأمم بالكاميرون.

افتتاح أمم إفريقيا في الكاميرون / رويترز
افتتاح أمم إفريقيا في الكاميرون / رويترز

مباراة تونس-مالي تكشف الصراع

توالي الأحداث والصعوبات، التي تواجه المنتخبات العربية في منافسات كأس إفريقيا، مهد لإخراج "صراع قِوى" داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى العلن.

وظهرت بوادر هذا الصراع خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2021، حينما وقف الاتحادان المغربي والمصري وحدهما بجانب مقترح "فيفا" الرامي إلى تأجيل البطولة، في مقابل تأييد كبير لبقية الاتحادات جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى لصامويل إيتو، رئيس الاتحاد الكاميروني.

أول مواجهة مباشرة بين الاتحادات العربية، والاتحادات الأعضاء داخل "كاف"، كان بمناسبة اجتماع طارئ للجنة التنفيذية للكاف، بعد مباراة تونس يوم 12 يناير/كانون الثاني 2022.

هذا الاجتماع اعتبره مصدر "عربي بوست" كافياً للتأكيد على حقيقة وجود سوء تنظيم كأس إفريقيا و"انقسام" اتحادات كرة القدم داخل "كاف"، سيما أن معظم ممثلي الاتحادات الإفريقية جنوب الصحراء، دفعت في اتجاه معاقبة الاتحاد والمنتخب التونسيين، بعدما رفض الأخير العودة للملعب وإتمام الدقائق المتبقية في مباراة مالي.

وكان الحكم الزامبي جياني سيكازوي قد وقع في الخطأ عندما أعلن عن نهاية مباراة تونس ومالي قبل وقتها الأصلي بحوالي عشر دقائق، دون احتساب الوقت بدل الضائع.

وكشفت وسائل إعلام تونسية أن ممثلي الاتحادين المغربي والمصري، هددا بالانسحاب من المنافسات في حال اتخذت عقوبات في حق المنتخب التونسي.

مصادر "عربي بوست" أكدت أن قضية التهديد بالانسحاب التي راجت في وسائل إعلام تونسية وعربية، ليست الورقة الأساسية، التي لعبتها الاتحادات العربية (مصر والمغرب على الخصوص) من أجل وقف اتخاذ أي قرار ضد المنتخب التونسي.

"كان" بدون لجنة منظمة

وفي إطار سوء تنظيم كأس إفريقيا، كشف مصدر "عربي بوست" عن معطيات حصرية قال فيها إن الاتحادات العربية استندت على قوانين الكونفيدرالية الإفريقية، لـ"فرملة" أي محاولة لإلحاق ضرر بالمنتخب التونسي عبر اعتباره منسحباً من المباراة، ما يعني خصم نقاط من رصيده فضلاً عن اعتباره خاسراً.

وأضاف المصدر ذاته أن محاضرة قانونية ألقاها عضو عربي بالمكتب التنفيذي للكاف، حول عدم "شرعية" أي قرار قد يتخذه المكتب التنفيذي للكاف ضد أي منتخب مشارك في الدورة، أعادت الأمور إلى نصابها.

وقال المصدر إن المحاضرة المذكورة ذكّرت بأن نهائيات كأس إفريقيا للأمم، التي تحتضنها الكاميرون حتى 6 فبراير/شباط 2021، تُجرى دون وجود لجنة منظمة فعلية.

وهذه هي النسخة الأولى التي تقام دون اللجنة المنظمة، بالنظر إلى أن الاتحاد الإفريقي للكرة لم يعين بعد اللجان التابعة له، إذ لم يكلف باتريس موتسيبي، رئيس الكونفدرالية الإفريقية نفسه بتعيين اللجان، منذ أن انتخب رئيساً في 2020.

وقال المصدر ذاته في حديثه لـ"عربي بوست" إن عدم وجود لجنة منظمة للنهائيات يطرح الكثير من المشاكل القانونية للكونفدرالية الإفريقية، لا سيما أن جميع القرارات المتعلقة بالمسابقة تتخذ من قبل المكتب التنفيذي لـ"الكاف".

غياب اللجنة المنظمة له تأثير على المسابقات الكروية في إفريقيا، بالنظر إلى أن قانون تنظيم نهائيات كأس إفريقيا ينص على أن جميع القرارات المتعلقة بالتظاهرة تُتخذ من قبل اللجنة المنظمة".

وأشار المصدر إلى أن هذه النقطة كانت القوة التي مكنت دول الشمال الإفريقي من تجنيب المنتخب التونسي من العقوبة، خاصة أنه يبقى من حق الاتحاد التونسي لكرة القدم أن يعترض على أي قرار يصدر ضده، لم يُتخذ من قبل اللجنة المنظمة، وإنما من قبل المكتب التنفيذي لـ"الكاف"، وهو ما قد يؤثر على سير المنافسة.

وشبّه المصدر نفسه ظروف وأحداث واقعة مباراة تونس أمام مالي، بملف الاتحاد المغربي لكرة القدم مع "كاف" في العام 2015، عندما رفض المغرب تنظيم النهائيات بسبب انتشار وباء "إيبولا".

وكان "الكاف" قد اتخذ قرار معاقبة المغرب من قبل مكتبه التنفيذي وليس من قبل اللجنة المنظمة، وهو ما استندت عليه محكمة التحكيم الرياضية الدولية "كاس"، في إلغاء قرار توقيف المغرب.

وبعد هذه المعركة القانونية احتسب المكتب التنفيذي نتيجة هدف لصفر في مباراة مالي وتونس لحساب الجولة الأولى من مباريات المجموعة السادسة، دون أن تتخذ الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أي قرار عقابي.

وأعلنت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أن الأخطاء التي وقع فيها الحكم الزامبي جياني سيكازوي، خلال المباراة ناتجة عن تعرضه لضربة شمس حادة. 

إهمال اللغة العربية

توالت أحداث سوء تنظيم كأس إفريقيا خلال الدور الأول من منافسات أمم إفريقيا 2021، والتي مست بالدرجة الأولى فرق دول شمال إفريقيا والوفود المرافقة لهم.

وأظهرت حادثة حارس المنتخب المغربي ياسين بونو في المؤتمر الصحفي، المنعقد قبل مباراة المغرب وجزر القمر لحساب الجولة الثانية، إهمال اللغة العربية في البطولة وتغيبها عن الملصقات واللوحات.

وأحدث بونو الجدل على نطاق واسع داخل القارة السمراء، بسبب تعمده الحديث باللغة العربية، رغم تنبيه أحد المنظمين عليه بضرورة الحديث باللغتين الفرنسية أو الإنجليزية، الشيء الذي رد عليه حارس مرمى المنتخب بأنها ليست مشكلته وإنما مشكلة "كاف"، الذي يتعين عليه اعتماد مترجمين.

وكشف موقف بونو سوء تنظيم كأس إفريقيا وتأخر "كاف" في اعتماد اللغة العربية، رغم أن عشر دول بإفريقيا ناطقة باللغة العربية، إضافة إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم اعتمد اللغة العربية رسمياً من بين لغاته.

وأظهرت كأس العرب التي نظمت في قطر تأخر "كاف" في مواكبة تطورات "فيفا"، والمشاكل التنظيمية التي يعانيها عرب إفريقيا مع اللجنة المنظمة للنهائيات.

وينتظر أن يعيد "كاف" النظر في اعتماد اللغة الرسمية في المسابقات المنظمة تحت لوائه، من أجل مسايرة الاتحاد الدولي بهذا الجانب، بعد تعالي العديد من الأصوات بمصر وتونس والسودان على الخصوص، باعتماد العربية.

سوء تنظيم كأس إفريقيا

المنتخب التونسي بدوره دخل في خلاف مع اللجنة المنظمة بعد نهاية مباراة مالي، بسبب رفضها إجراء لاعبيه حصة تدريبية على ملعب ليمبي، الذي احتضن المباراة لأسباب أمنية، وهو ما زاد من غضب المسؤولين التونسيين.

واضطرت اللجنة المنظمة إلى تأخير المباراة الثانية بين موريتانيا وغامبيا حوالي 45 دقيقة، والتي احتضنها الملعب ذاته، لوجود تهديدات إرهابية، وهو ما نبهت إليه العديد من التقارير قبل انطلاق المنافسة القارية، سيما أن ليمبي قريبة من المناطق المهددة بعمليات إرهابية.

ولم تسلم مباراة موريتانيا من الأخطاء التنظيمية، بعد أن حرم منتخب المرابطين من عزف نشيد بلده، وعزف بدله النشيد الوطني الموريتاني السابق، وفشلت اللجنة المنظمة في عزف النشيد الوطني الموريتاني الصحيح، رغم محاولاتها المتكررة، وهو ما زاد من تأخر المباراة، واكتفت في النهاية بعزف النشيد الوطني للمنتخب الغامبي فقط.

كما لحق الضرر أيضاً بمنتخب الجزائر، بسبب غياب حافلة تقله للملعب لإجراء التدريبات، واضطرت بعثته إلى الاستعانة بحافلات نقل صغيرة، وهي الحادثة التي أثارت استياء الإعلام الجزائري، الذي هاجم اللجنة المنظمة بقوة.

ولم تسلم البعثة الإعلامية الجزائرية بالكاميرون أيضاً من سوء التنظيم، وتعرضت للاعتداء من قبل مجهولين، فضلاً عن سوء أرضية ملعب دامبو، الذي يخوض فيه منتخب "ثعالب الصحراء" مباريات دور المجموعات.

تحميل المزيد