تناقلت الصحافة العالمية، في الأيام القلية الماضية، التصريحات الصادمة التي أدلى بها اللاعب الدولي الجزائري سفير تايدر، لأحد المواقع المتخصصة، وكشف من خلالها عدم حصوله على مستحقاته المالية من نادي العين السعودي منذ شهر ديسمبر/كانون الأول 2020، إثر تعرضه لإصابة خطيرة أدت لفسخ عقده عند نهاية الموسم الماضي.
وما كان تايدر ليُحدث تلك الضجة لو كان لاعباً عادياً ومغموراً، ولكن بحكم أنه لاعب دولي ومحترف سابق في نادي إنتر ميلان الإيطالي العريق فإن تصريحاته لم تمر مرور الكرام، إذ كشف النجم الجزائري في حديث لموقع "غول" العالمي، نشر يوم 4 يناير/كانون الثاني الجاري أنّ نادي العين السعودي لم يمنحه مستحقاته المالية منذ شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2020 حتى فسخ عقده بالتراضي في شهر أغسطس/آب من سنة 2021، وذلك على الرغم من تدخل لجنة المنازعات للاتحاد الدولي لكرة القدم لتسوية القضية لصالحه.
سأعود للحديث عن هذه القضية بعدما أستعرض المشوار الرياضي لتايدر لنكتشف من خلاله أنّ الحظ والظروف المحيطة باللاعب قد يتسببان في تغيير مساره الاحترافي نحو الأفضل أو الأسوأ، خاصة في حال لم يكن له وكيل أعمال متمرس، مثلما هو الشأن بالنسبة لسفير الذي أوكل مهمة تسيير أعماله لعائلته ممثلة في شقيقه الأكبر.
البداية في فرنسا قبل الاحتراف بإيطاليا
وُلد سفير تايدر يوم 29 فبراير/شباط 1992 ببلدة كاستريس القريبة من مدينة تولوز جنوب غرب فرنسا، من أب تونسي وأم جزائرية.
وبدأ ممارسة رياضة كرة القدم ضمن نادي كاستريس في سن السادسة من عمره، أي في عام 1998، قبل أن ينضم لنادي "ألبي" في موسم 2006- 2007، ثم للمركز التكويني لنادي غرونوبل في سنة 2007.
ومنح غرونوبل لسفير تايدر عقده الاحترافي الأول، وهو في سن الـ18، حيث تعاقد معه في يوليو/تموز 2010، لمدة 3 سنوات، لكن اللاعب الجزائري الشاب رحل عن صفوف الفريق في صيف العام الموالي، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي كان يعاني منها نادي الجنوب والتي دفعت الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لإنزاله إلى دوري الدرجة الخامسة.
وفي الموسم الكارثي لنادي غرونوبل كان سفير تايدر ينشط ضمن المنتخب الفرنسي للشباب لأقل من 19 سنة ثم مع منتخب أقل من 20 سنة، ما جعله تحت أضواء كشافة العديد من الأندية الأوروبية الكبيرة، فظفر بخدماته فريق بولونيا الذي تعاقد معه يوم 4 يوليو/تموز 2011 لمدة 4 سنوات في صفقة انتقال حر، لكن بملكية مشتركة مع نادي إنتر ميلان.
وخاض تايدر أول مباراة له في الدوري الإيطالي يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 2011 أمام نادي ميلان (2-2)، أتبعها بـ13 مباراة أخرى إلى غاية نهاية الموسم دون أن يسجل أو يُسهم في أي هدف، بخلاف الموسم الموالي (2012-2013) الذي تألق فيه بشكلٍ لافتٍ، من خلال مشاركته في 34 مباراة في الدوري، سجل فيها 3 أهداف وصنع هدفين آخرين، إضافة لمباراة واحدة في مسابقة كأس إيطاليا، سجل خلالها هدفين اثنين.
فضّل اللعب مع الجزائر بدل تونس
ولم يمر تألق سفير تايدر مع بولونيا دون أن يلفت انتباه مسؤولي الاتحاد الجزائري لكرة القدم، بقيادة رئيسه محمد روراوة، الذي أقنعه بحسم تردده في اختيار المنتخب الذي يلعب له دولياً، فقرر سفير حمل ألوان منتخب البلد الأصلي لوالدته، الجزائر، بدل منتخبي بلد مولده فرنسا، أو البلد الأصلي لوالده، تونس، وذلك بخلاف شقيقه نبيل، البالغ حالياً 38 سنة من العمر، والذي لعب في صفوف المنتخب التونسي في عام 2009.
وبعد تغيير جنسيته الرياضية من الفرنسية إلى الجزائرية، بشكلٍ رسمي يوم 2 مارس/آذار 2013، خاض تايدر مباراته الأولى مع منتخب "الخضر" يوم 26 من نفس الشهر بمدينة البليدة أمام منتخب بنين (3-1)، لحساب تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2014، حيث كانت بدايته بأفضل طريقة ممكنة، بتسجيله هدفاً واحداً وتقديمه تمريرة حاسمة واحدة، ثم سجل هدف فوز المنتخب الجزائري بديار منتخب رواندا (1-0) يوم 16 يونيو/حزيران برسم نفس تصفيات المونديال.
كما أسعد تألق سفير مع بولونيا مسؤولي نادي إنتر ميلان الذين قرروا بعد نهاية ذلك الموسم شراء نسبة الـ50% المتبقية من ملكية اللاعب، والتي تم تقديرها بمبلغ 5.5 مليون يورو، فتعاقد مع النجم الجزائري يوم 20 آب/أغسطس 2013 لمدة 4 سنوات.
واصل تايدر تطوره الرياضي التدريجي في الدوري الإيطالي، فشارك في 25 مباراة مع إنتر ميلان، سجل فيها هدفاً واحداً، خلال موسم 2013- 2014، الذي أنهاه بمشاركة تاريخية مع منتخب الجزائر في مونديال البرازيل 2014، حيث بلغ "محاربو الصحراء" الدور ثمن النهائي.
غادر إنتر ميلان بسبب خيارات ماتزاري ومانشيني
وعلى الرغم من أنّ إدارة إنتر ميلان كانت ترى في سفير تايدر أحد النجوم الواعدين للفريق، فإنها قامت بإعارته في الموسم الموالي (2014- 2015) لنادي ساوثهامبثون الإنجليزي، بحجة عدم دخوله ضمن خيارات المدرب الجديد للفريق، والتر ماتزاري، لكن اللاعب الجزائري سرعان ما عاد إلى إيطاليا بسبب توتر علاقته مع المدير الفني الهولندي رونالد كومان، فقام على إثر ذلك الإنتر بإعارته مرة أخرى، في آخر أيام الميركاتو الصيفي لعام 2014، لنادي ساسولو الإيطالي.
بعد نهاية فترة إعارته لساسولو، عاد سفير إلى إنتر ميلان، لكن المدرب الذي خلف ماتزاري، ونعني به روبيرتو مانشيني، أظهر هو الآخر أن متوسط الميدان الجزائري لا يدخل ضمن خياراته التكتيكية، فتمت إعارته، مُجدّداً، ولموسمين متتاليين (2015- 2016 و2026 – 2017) لنادي بولونيا، ثم اشترى الأخير عقده، قبل بداية الموسم الثالث (2017- 2018)، بمبلغ 4 ملايين يورو.
بدأ تايدر موسم (2017-2018) ضمن التشكيل الأساسي لنادي بولونيا فشارك في 9 مباريات في مسابقة الدوري الإيطالي، قبل أن يتعرض لإصابة عضلية يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أبعدته عن الميادين لمدة أسبوعين، وجعلته يجد صعوبة في استعادة مركزه ضمن تشكيلة المدرب روبيرتو دونادوني، فطلب تغيير الأجواء في الميركاتو الشتوي ليجد نفسه في يناير/كانون الثاني في صقيع كندا ضمن نادي أمباكت مونتريال الذي ينشط في الدوري الأمريكي للمحترفين.
وجد ضالته في كندا قبل المعاناة في السعودية
وجد سفير ضالته في النادي الكندي، خاصة بعدما تم تغيير مركزه من متوسط ميدان دفاعي إلى متوسط ميدان هجومي، فلعب 86 مباراة رسمية في ثلاث سنوات، سجل خلالها 22 هدفاً، ولكن وبالموازاة مع ذلك ومن مفارقات مشواره الرياضي، فإنّه ضيع مكانه في المنتخب الجزائري، في عهد المدرب السابق، رابح ماجر، ثم المدرب الحالي جمال بلماضي، الذي اعتمد عليه في ثلاث مباريات فقط، آخرها يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بديار منتخب توغو، التي فاز بها "محاربو الصحراء" 4-1 لحساب تصفيات كأس أمم إفريقيا 2019.
وكان تايدر يطمح للعودة إلى منتخب الجزائر الأول من بوابة منتخب الرديف، أو ما يسمى منتخب اللاعبين المحليين، وذلك عندما غير الأجواء مرة أخرى، من صقيع كندا إلى حر السعودية، حيث تعاقد مع نادي العين يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول2020، ولكن "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن".. إذ وبعد بداية جيدة مع النادي السعودي بتسجيله 3 أهداف في 7 مباريات، تعرض النجم الجزائري لإصابة خطيرة يوم 15 ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، أبعدته عن الملاعب حتى نهاية الموسم، ثم قام النادي بفسخ عقده بالتراضي في شهر أغسطس/آب 2021، بقي على إثرها اللاعب دون فريق إلى كتابة هذه الأسطر.
وأوضح سفير تايدر في حديثه لموقع "غول": "انتقالي إلى العين جاء بعد تواصل أعضاء من النادي مع شقيقي، النادي تحدث معنا عدة مرات من أجل قبول العرض والانتقال لهم، ثم اتفقنا على كل شيء ووقعت عقداً لمدة ثلاث سنوات بتاريخ 16/10/2020، قاموا بدفع راتب شهرين فقط وهما نوفمبر وديسمبر 2020، وبعد ذلك بدأت الأزمة".
وأضاف: "النادي لم يدفع لي أي راتب منذ يناير 2021، منذ ذلك الوقت وأنا لم أتلق أي راتب حتى وقتنا هذا، فقمت في مارس بالاتصال برئيس العين مازن الزهراني، لأطلب منه الرواتب المتأخرة لمدة شهرين، قال لي: لا تقلق، ستحصل على رواتبك خلال أيام قليلة".
وتابع: "كنت صبوراً جداً حتى 21 أغسطس 2021، فسخت عقدي حينها لأنني كنت دون راتب منذ يناير، ووقتها قررت أن أشكو نادي العين أمام الفيفا.. وفي نوفمبر 2021 فزت بالقضية ضد النادي الآن يتعين على نادي العين أن يدفع لي كامل عقدي (6 ملايين يورو)".
وتشير آخر الأخبار إلى أنّ سفير تايدر يوجد في اتصالات مع نادي إمباكت مونتريال بغرض العودة للنشاط في صفوفه بداية من فترة الانتقالات الشتوية الحالية قصد إعادة بعث مشواره الاحترافي، خاصة وأنّ سنه الحالي 29 عاماً يسمح له بالطموح للعب لسنوات إضافية قبل الاعتزال.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.