كسب نجم كرة القدم الإفريقية والعالمية، صامويل إيتو، رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم "المعركة"، وانطلقت فعلاً الدورة الـ33 من نهائيات كأس إفريقيا للأمم في وقتها المحدد على الملاعب الكاميرونية.
وأحبط رئيس الاتحاد الكاميروني جميع محاولات تأجيل أو إلغاء البطولة، متجاوزاً الضغوط القوية، التي تعرض لها الاتحاد الكاميروني والكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، من قبل جيوفاني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي "فيفا".
وكان رئيس فيفا مدعوماً بعضوي مكتبه التنفيذي، المغربي فوزي لقجع والمصري هاني أبوريدة، غير أن المهاجم السابق صامويل إيتو، صاحب الرقم القياسي في الفوز بالكرة الذهبية الإفريقية (أربع مرات)، لم يسمح بذلك..
ولم يكتفِ صامويل إيتو بالدفاع عن حق بلده وحق إفريقيا في تنظيم أعرق بطولة للقارة السمراء في وقتها المحدد، بل شن "هجمات" قوية، كما كان يفعل دائماً على الملاعب، وسجل أهدافاً في شباك إنفانتينو وفوزي لقجع والأندية الأوروبية، التي كانت تضغط في الكواليس وتدفع نحو تأجيل الدورة، رغبة منها في الإبقاء على لاعبيها الأفارقة ضمن صفوفها خلال هذه الفترة، التي تتزامن مع مباريات البطولة القارية.
تأجيل كأس إفريقيا
إنفانتينو رئيس "فيفا" راهن كثيراً على فوزي لقجع، عضو مكتبه التنفيذي وعضو المكتب التنفيذي لـ"كاف"، لمعرفته المسبقة بحجم تأثير رئيس الاتحاد المغربي على الكثير من الاتحادات الإفريقية لكرة القدم، بحكم العلاقات الجيدة معها.
وبحكم عقود الشراكات "السخية"، التي تربط الاتحاد المغربي بأزيد من 30 اتحاداً إفريقياً، رأى فيها إنفانتينو قوة ضغط كافية، لكبح جماح النجم الكاميروني، لدفعه لقبول "تسوية" ترضي الأندية الأوروبية، غير أن شيئاً من هذا لم ينفع مع إيتو الذي اختار "اللعب المكشوف"، عكس مسؤولي الكرة في إفريقيا، وصرح أن إفريقيا ليست مستعمرة أوروبية، وأن لها الحق في تنظيم بطولتها في الوقت الذي تراه هي مناسباً، بعيداً عن وصاية "فيفا" و"ويفا"..
وقبل أيام عن موعد البطولة الإفريقية، انطلقت حملة إعلامية من صحف أوروبية (فرنسية وإنجليزية على الخصوص)، كشفت اعتماداً على مصادرها داخل الاتحاد الإفريقي، أن نسخة العام الجاري من كأس أمم إفريقيا لن تلعب في موعدها، بسبب ضغوط كبيرة بدعوى عدم جاهزية البلد المنظم.
أيضاً قالت إن الوضعية الوبائية الحالية لا تسمح، والأهم من ذلك، رفض عدة أندية أوروبية المغامرة بنجومها، الذين يكلفون خزينتها مليارات الدولارات سنوياً، خوفاً من إصابتهم بالفيروس، لأن الحالة الوبائية، ستفرض على لاعبيها الدخول في مرحلة من الحجر الصحي بعد عودتهم من المنافسات لتتمدد فترة غيابهم قبل البطولة وبعدها.
إنفانتينو تأبط معه خلال الاجتماع الذي عقده مع "كاف" قبيل انطلاق المنافسات، ملفاً يتضمن ثلاثة اقتراحات بديلة لإجراء "الكان" في وقته، أولها إلغاء البطولة بصفة نهائية، مع الإبقاء على الكاميرون كبلد منظم، ليتهيأ بشكل أفضل لاحتضان المنافسات في العام 2023، أو تأجيلها لغاية الصيف المقبل، لا سيما أن نهائيات كأس العالم التي ستحتضنها قطر بُرمجت في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، فيما ينص المقترح الأخير على خوض بطولة إفريقيا باللاعبين المحليين فقط دون الاعتماد على المحترفين في أوروبا.
إيتو "الهدّاف" يواصل هوايته
مصادر "عربي بوست" كشفت أن صامويل إيتو، كان منزعجاً كثيراً من الضغوط التي تمارس عليه، ومنزعجاً أكثر من "تواطؤ" أعضاء أفارقة مع إنفانتينو، وبالخصوص من فوزي لقجع رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، لاستشعاره الخطر من تحركاته، ولعلمه أيضاً بقوة تأثيره على الكثير من اتحادات القارة السمراء، وهو الانزعاج الذي عبَّر عنه صراحة في مقابلة على تلفزيون "كنال بلوس الفرنسي" الذي كان بمثابة إعلانه "الحرب" على جميع من يحاول تأجيل البطولة.
نجم كرة القدم الإفريقية والعالمية السابق آخذ على رئيس الاتحاد المغربي انضمامه إلى جياني إنفانتينو، الذي حاول الدفع في اتجاه تأجيل "كان" رضوخاً لضغوط الأندية الأوروبية الكبرى، حيث يمارس الكثير من اللاعبين الأفارقة، خاصة أن لقجع كان أكثر دينامية من المصري أبو ريدة.
وكثف لقجع اتصالاته مع رؤساء الاتحادات في القارة السمراء، ما أثار حفيظة صامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميروني، الذي سارع بدوره إلى الاتصال بنظرائه في القارة، وبباتريس موتسيبي رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" وحذره من الانسياق وراء الطرح الأوروبي، وأعلن أنه لن يتوانى في فضح كل من يقف ضد "إخوانه الأفارقة"، وهي الاتصالات التي كانت مجدية لتتراجع الكثير من الاتحادات عن وعودها لإنفانتينو، وتقف بجانب نجم الكرة الإفريقية وبلده.
وأضافت مصادر "عربي بوست" أن إيتو لم يتردَّد في توجيه الأصابع إلى لقجع، متهماً إياه بالاشتغال لصالح جياني إنفانتينو وضرب مصالح إفريقيا، التي من المفترض أن يدافع عنها بصفته عضو إفريقيا في الاتحاد الدولي "فيفا".
الهداف الكاميروني، الذي كان حاسماً أمام مرمى المنافسين، سجل أول أهدافه في شباك فوزي لقجع وأفقده الكثير من حلفائه في القارة، "لكن الأخير لم يستسلم" تضيف المصادر ذاتها، بل واصل العمل خلف الكواليس من أجل تأجيل "كان 2022″، ليتجه إيتو للضرب بصوت عالٍ وواضح، تارة عبر تصريحات قوية لوسائل إعلام دولية، وتارة أخرى عبر القنوات الدبلوماسية.
إيتو يضع لقجع في ورطة
شددت المصادر ذاتها على أن إيتو لم يتردد في اللجوء إلى سلطات بلده، واشتكى "السلوك العدائي" لرئيس الاتحاد المغربي تجاه مصالح الكاميرون، لتأخذ القضية منعطفاً دبلوماسياً حاسما، خاصة أن ياوندي، كانت دائماً من أشد المؤيدين للرباط في قضية الصحراء.
وأصبحت الكاميرون "غاضبة" من الرباط بسبب مواقف لقجع المسؤول المغربي، ونقلت غضبها إلى السلطات المغربية، التي تبرأت من تحركات رئيس الاتحاد المغربي، وأنها ليس لديها أي شيء ضد تنظيم بطولة الكأس في المواعيد المحددة سلفاً، ليسجل إيتو الهدف الثاني في مرمى لقجع الذي وجد نفسه مضطراً إلى خفض "ديناميته"؛ لأن الأمور تجاوزت ما هو رياضي، وبات دعم تأجيل الكان يهدد العلاقات بين الرباط وياوندي، ليتراجع لقجع وليفقد إنفانتينو أهم لاعب لديه في مباراة "التأجيل".
الضربة القاضية
اجتمع أعضاء المكتب التنفيذي لكاف مساء الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي،عبر الفيديو، للحسم في مصير النهائيات القارية، ودخل إيتو الاجتماع منشرحاً، بعدما تمكن من ترويض الاتحادات الإفريقية، وأوقف اندفاع لقجع.
وفعلاً كانت أصوات المعارضين لتنظيم المسابقة في وقتها المحدد، نادرة وناعمة، وفي اليوم الموالي، حل رئيس "كاف" موتسيبي بالعاصمة الكاميرونية ياوندي، وصرح بعد جولة قادته للملاعب والفنادق والبنيات الرياضية، بأن الكاميرون جاهزة لاستقبال الحدث القاري وأن الاتحاد الكروي الذي يرأسه صامويل إيتو نجح في كسب الرهان.
وختم بقوله: "نلتقي بعد أيام لمشاهدة البطولة الأعظم في القارة"، رئيس كاف انطلق بعدها إلى القصر الرئاسي وشكر الرئيس الكاميروني على "العمل الجيد الذي قامت به حكومته لإنجاح الدورة التي ستكون مفخرة للشعب الكاميروني"، ليتلقى جيوفاني إنفانتينو الضربة القاضية، الكان لن يؤجل.
الاتحاد المغربي يلطِّف الأجواء
النجم الكاميروني الآخر روجيه ميلا، لم يتوانَ في شن هجمات على دول شمال إفريقيا، خاصة المغرب ومصر لـ"دعمها" الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في مسعاه لتأجيل بطولة كأس إفريقيا بالكاميرون.
وقال في حوار مع قناة "تيفي 5 موند" الفرنسية، إن المغرب ومصر ساندا رئيس فيفا جياني إنفانتينو، في مسعاه لتأجيل البطولة، مضيفاً أن "دول شمال إفريقيا هي من ساندت فيفا، لأنها دائماً تفسد الأمور وتحدث الفوضى، سأخبرهم بذلك بصفتي أخاً لهم، سواء المغرب أو مصر، إذ لم يكونوا أفارقة فليرحلوا للعب في أوروبا أو آسيا، حتى لا يحدثوا فوضى في إفريقيا".
الاتحاد المغربي سعى إلى السيطرة على الأمور بسرعة، واعتمد على هشام آيت منا، البرلماني المغربي ورئيس مجلس إدارة نادي شباب المحمدية لكرة القدم، والمقرب من العديد من الفعاليات الرياضية العربية والإفريقية والدولية، لتهدئة الأجواء.
وأفادت مصادر "عربي بوست" أن أيت منا توجه للكاميرون، والتقى بصامويل إيتو وبروجيه ميلا، وأخبرهما أن المغرب يدعم نجاح البطولة، بل اتصل هاتفياً بإذاعة مغربية متخصصة في الرياضة ومقربة من الاتحاد المغربي للكرة ومعه ميلا، الأخير الذي ليّن موقفه في تصريحه الموجه للجمهور المغربي، وقال إن "تصريحاته السابقة فُهمت بشكل خاطئ، وإن المغاربة هم إخوان الأفارقة، واعتذر عن سوء الفهم، وطالب بوقف الجدل والتركيز على إنجاح البطولة".
بدوره لم يتردد فوزي لقجع، في النأي بنفسه عن التورط في ما سماه الكاميرونيون "تواطؤاً" منه في قضية محاولة تأجيل أو إلغاء البطولة.
وقال لقجع في حوار مع "إذاعة فرنسا الدولية" إنه لم يتطرق إطلاقاً أثناء اجتماع "كاف" لقضية التأجيل، بل أشاد بالجهود الكبيرة للجنة المنظمة، في تهيئة الملاعب والمرافق والبنيات التحتية لإنجاح البطولة، ضارباً المثل على "حسن نيته" بحلول بعثة المنتخب المغربي في الثاني من الشهر الجاري ضمن أوائل الوفود التي وصلت لياوندي من أجل المشاركة في البطولة.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”