أحدثت قضية اللاعب المغربي في فريق برشلونة الإسباني، عبد الصمد الزلزولي ضجة كبيرة، بعدما أعلنت صحف إسبانية أنه رفض دعوة المنتخب المغربي واختار اللعب لصالح منتخب إسبانيا.
القضية أعادت للواجهة تفاصيل صراعٍ خفي بين اتحادي كرة القدم المغربي والإسباني، هذا الصراع الذي بدأ مع قضية سابقة للاعب برشلونة السابق منير الحدادي، الذي فاز به المغرب بعد تحكيم "فيفا" و"طاس".
خسارة الاتحاد الإسباني لقضية اللاعب منير الحدادي لم يتقبلها الاتحاد الإسباني، فيرى اليوم في قضية الزلزولي فرصة لرد الدين.
ومارس الاتحاد الإسباني ضغوطاً كبيرةً رفقة إدارة برشلونة على اللاعب، لدفعه إلى رفض المشاركة مع منتخب المغرب في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، التي تنطلق بعد أيام على ملاعب الكاميرون.
عبد الصمد الزلزولي.. القصة الكاملة
انطلقت القضية يوم الثلاثاء 28 ديسمبر/كانون الأول 2021 حينما أعلنت صحيفة "موندو ديبورتيفو" المقربة من نادي برشلونة إصابة عبد الصمد الزلزولي بفيروس كورونا رفقة عدد من زملائه بالفريق.
وأعلنت الصحيفة أن الزلزولي سيتخلف عن موعد انطلاق التجمع التدريبي، الذي خاضه المنتخب المغربي طيلة الأسبوع الماضي بالعاصمة الرباط، قبل سفره أمس الأحد 2 يناير/كانون الثاني 2022 إلى الكاميرون.
الخميس 30 ديسمبر/كانون الأول 2021 توصل الاتحاد المغربي برسالة من عبد الصمد الزلزولي عن طريق وكيل أعماله (شقيقه في الوقت ذاته)، يعتذر فيها عن عدم المشاركة في نهائيات أمم إفريقيا.
في نفس اليوم نشرت صحيفة "موندو ديبورتيفو" خبراً أشعلت به وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المغربي والعربي، بالقول إن "النجم المغربي قرر اللّعب لصالح منتخب إسبانيا، بعد رفضه دعوة منتخب بلده الأصلي".
خبر رفض عبد الصمد الزلزولي اللعب لمنتخب المغرب وقراره بحمل القميص الإسباني انتشر، وخلف ردود فعل قوية ومتباينة لدى الجمهور، بين "متفهم لقراره" وهم قلّة، وبين منتقد له انتقاداً حاداً بلغ درجة وصف اللاعب بـ"الخائن"، الذي لا يستحق شرف ارتداء قميص المنتخب المغربي.
قصة صعود نجم
فجأة، ومع قدوم المدير الفني تشافي هيرنانديز لقيادة فريق برشلونة، وجد اللاعب النجم الشاب الذي يبلغ 20 سنة، عبد الصمد الزلزولي، نفسه تحت أضواء الإعلام الإسباني والدولي والعربي، كنجمٍ مغربيٍ صاعدٍ من مدرسة فريق برشلونة.
ومع توالي المباريات والأسابيع والتألق، قرر وحيد خليلوزيتش، مدرب المنتخب المغربي توجيه دعوة لعبد الصمد الزلزولي للمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم.
ولم يتوقع أحد أن تتطور الأحداث وتصل لما وصلت إليه اليوم، خاصة أن اللاعب المنحدر من مدينة بني ملال بالمغرب، لم يكن يحمل سوى جنسيته المغربية، وسبق له اللعب رفقة المنتخب المغربي للشباب.
بدا الأمر في البداية مجرد دعوة عادية لمدرب منتخب المغرب للاعبٍ مغربيٍ محترفٍ في إسبانيا، لأن الزلزولي وإلى حدود منتصف ديسمبر/كانون الأول 2021 لم يكن يتوفر على الجنسية الإسبانية.
وانتظر الزلزولي منذ عام 2019، قبول طلب حصوله على الجنسية الإسبانية، وضعه لدى السلطات المختصة بعدما استوفى جميع الشروط، غير أن طلبه ظل معلقاً بدعوى بُطء الإجراءات والمعاملات في المصالح الإدارية، بسبب الظروف الصحية التي خلّفها انتشار فيروس كورونا.
ولم يخفِ الزلزولي سعادته باستدعائه للمنتخب المغربي، ونشر صوراً له بقميص منتخب الشباب على حساباته الرسمية بمنصات التواصل الاجتماعي، كما رحب بدعوة خليلوزيتش خلال تواصله مع مسؤولين في الاتحاد المغربي، فما الذي تغير؟
معركة الفوز باللاعب
"المعجزة" حدثت بالفعل، وتسلم عبد الصمد الزلزولي جواز سفره الإسباني، وحصل على الجنسية الإسبانية بسرعة البرق، بعدما ظل ينتظر البت فيها منذ أزيد من سنتين، وذلك تزامناً مع توصله بدعوة من الاتحاد المغربي لكرة القدم.
وبعدها انطلقت الضغوط على اللاعب في فريق برشلونة المغربي عبد الصمد الزلزولي، وازدادت الحدة كلما اقترب موعد نهائيات كأس إفريقيا التي ستنطلق في التاسع من يناير/كانون الثاني 2021.
مصادر "عربي بوست" كشفت أن "مسؤولي برشلونة، اجتمعوا باللاعب بحضور ممثل عن الاتحاد الإسباني لكرة القدم، ورسموا له مستقبلاً وردياً، في حال رفضه دعوة المنتخب المغربي، وقبوله الانضمام إلى المنتخب الإسباني".
وحسب المصادر نفسها فإن المسؤولين الإسبان وعدوه باللعب مع منتخب أقل من 23 سنة، في انتظار تطور مستواه أكثر لتعزيز المنتخب الأول مستقبلاً، وهذا لن يتأتى، طبعاً، إلا بالمواظبة على خوض المباريات مع برشلونة، والتخلف عن المشاركة في البطولة الإفريقية، لأن تشافي مدرب برشلونة، لن يضمن له مكانه حين عودته من إفريقيا، وغيابه لأسابيع عن الفريق.
فريق برشلونة بدوره شارك في جولة كسر العظام بين الاتحادين الإسباني والمغربي، لأنه في أمسّ الحاجة لجهود اللاعب، وغير مستعد للتفريط فيه في ظل التركيبة البشرية الحالية للفريق.
نقيض ذلك، فرياضياً لا يمكن اعتبار الزلزولي "ميسي جديد"، والمنتخبات الإسبانية والأندية تعج بعشرات النجوم الشباب، لكن الاتحاد الإسباني لن يدع الفرصة تمر دون أن "ينتقم" من الاتحاد المغربي باستخدام ورقة الزلزولي.
وكيل الأعمال يرد
من جهته، نفى وكيل أعمال عبد الصمد الزلزولي كل الأخبار التي راجت حول اختياره تمثيل منتخب إسبانيا، مؤكداً تشبث عبد الصمد بالقميص المغربي لأنه ببساطة مغربي قح.
وقال شقيق اللاعب الزلزولي، الذي يعتبر أيضاً وكيل أعماله والمشرف على حساباته في منصات التواصل الاجتماعي، لـ"عربي بوست" إن "كُل الشائعات التي انتشرت بشكل سريع، حول قراره اللّعب للمنتخب الإسباني لا أساس لها من الصحة".
وأضاف المتحدث أن "عبد الصمد الزلزولي متشبث باللعب لمنتخب بلده، لكنه في المقابل قدم اعتذاره عن تخلفه عن نهائيات كأس إفريقيا للأمم، المقرر بالكاميرون، وأنه يتمنى إرجاء انضمامه إلى وقت لاحق".
وكشف المتحدث أن "طلب الزلزولي جاء بسبب الظرف الدقيق الذي يعيشه في مسيرته الرياضية المهنية، إذ شرع لتوه الموسم الجاري، في شق طريقه والبحث عن رسميته داخل فريق كبير من حجم نادي برشلونة، حيث خاض 8 مباريات بالدوري الإسباني، وأحرز هدفاً واحداً".
ويتخوف الزلزولي من فقدان مكانته في فريق برشلونة، إذ قد يؤدي غيابه عن الفريق طيلة فترة كأس إفريقيا للأمم، إلى إعادته إلى نقطة الصفر، لذلك تمنى شقيق الزلزولي في تصريح لـ"عربي بوست" أن "يتفهم اتحاد الكرة المغربي وضعه الحالي".
وأشار المتحدث إلى أن "الزلزولي أمامه مزيد من الوقت لتطوير مستواه وتعزيز المنتخب الوطني مستقبلاً، كما أنه مجبر على الغياب عن نهائيات كأس إفريقيا، لتجاوز الضغوط التي تحاصره في برشلونة".
وقال المتحدث إن "اللاعب سيستمر في شق طريقه ببرشلونة إلى حين موعد تصفيات المونديال التي تتوقف فيها الدوريات الأوروبية لفسح المجال أمام المنتخبات للمباريات الدولية الرسمية، ما سيُسهل عليه الانضمام للمنتخب المغربي دون الخوف على مكانته بفريقه الإسباني".
في المقابل أوضحت مصادر "عربي بوست" أن "الاتحاد المغربي فضل العمل في صمت، والاشتغال في الكواليس بعيداً عن البهرجة الإعلامية، في ملف الزلزولي".
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "المغرب لن يتخلى بسهولة عن اللاعب، خاصة أن ملف الزلزولي، تجاوز ما هو رياضي محض، وبات حلبة لجولة ثانية من الصراع بين الاتحادين".
الاتحاد المغربي يرد
فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، لم يخفِ غضبه من اعتذار الزلزولي، إذ كشف في تصريح إذاعي تواصله مع خوان لابورتا، رئيس فريق برشلونة الإسباني، ومدرب الفريق تشافي هيرنانديز من أجل التحاق الزلزولي بالمنتخب المغربي، ولم يبديا أي اعتراض على الترخيص له بالمشاركة.
وأكد رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم أن اللاعب هو من اعتذر، مبرزاً أيضاً أنه اتصل هاتفياً، الخميس الماضي بالزلزولي، الذي قال بأنه يرغب في تأجيل التحاقه بالمنتخب إلى غاية مارس/آذار المقبل، في الدور الأخير من التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم قطر 2022.
غير أن رئيس الجامعة أخبره أن "غيابه عن نهائيات كأس إفريقيا سيجعل استدعاءه في مارس/آذار صعباً، وأن الأمور لا تسير هكذا في المنتخب المغربي، خاصة أن البوسني وحيد خليلوزيتش، مدرب منتخب المغرب ذو شخصية صدامية ولن يقبل بعودته بعدما امتنع عن تلبية دعوته الأخيرة".
مصادر "عربي بوست" ذاتها، قالت إن رئيس ومدرب فريق برشلونة أوْهما رئيس الاتحاد المغربي بأنهما لا يعارضان انضمام اللاعب لمنتخب المغرب، لكنهما استمرا في الضغط عليه في الكواليس، لمنعه من مرافقة "أسود الأطلس" إلى الكاميرون.
واعتبرت المصادر ذاتها أن عامل الوقت، هو في صالح الاتحاد المغربي، فشد الحبل بين الاتحادين سيتواصل سنة أخرى على الأقل، وعلى الاتحاد الإسباني مواصلة ضغطه على اللاعب، ومنعه من الالتحاق بالمنتخب المغربي إلى حين تجاوزه سن 21.
أيضاً، حسب المصادر نفسها، فعلى الاتحاد الإسباني لكرة القدم ضمان مشاركة الزلزولي ولو لدقائق معدودة في مباراة رسمية لمنتخب إسبانيا، لحرمان المغرب نهائياً من خدمات هذا اللاعب.
وحتى العام المقبل، يتعين على الاتحاد المغربي الإسراع بحسم الملف لصالحه، ودعوة الزلزولي للمنتخب في أقرب فرصة، سيما أن الأخير يريد حمل قميص منتخب بلده الأصلي، غير أنه يُواجه مطبات في مساره الرياضي، وطلب مهلة، لتثبيت أقدامه في فريق برشلونة.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”