في معرض حديثه للصحافة قبل مواجهة فريقه مع بورتو البرتغالي في بطولة دوري أبطال أوروبا، ذكر المدرب يورغن كلوب: "أن هناك بطولة صغيرة ستُقام في إفريقيا في شهر يناير (كانون الثاني) القادم"، وهذا التاريخ لا يُصادف سوى بطولة أمم إفريقيا للمنتخبات، التي تُقام في الكاميرون، في الفترة من 9 يناير/كانون الثاني وحتى 6 فبراير/شباط.
وقد أثارت تصريحاتُه حالةً من الجدل لتقليله من البطولة الإفريقية الأولى، وهوجم بشدة، وهو ما حدا بالمتحدث الرسمي للفريق للخروج والدفاع عنه، بالإضافة إلى دفاع المدرب عن نفسه، وأنه لم يقصد التقليل من البطولة، وغيرها من الكلمات لامتصاص الغضب.
لأن اللاعب الإفريقي أصبح سلاحاً أساسياً للأندية الأوروبية
لفهم هذا التصريح بشكل أوسع علينا أن نرجع للوراء قليلاً، وفهم المحاولات المستميتة التي قام بها كل من الاتحاد الدولي (الفيفا)، والاتحاد الأوروبي (الويفا)، لتأجيل البطولة عاماً آخر، وهي أصلاً بطولة مؤجلة من العام السابق بسبب تفشّي فيروس كورونا.
فإقامة البطولة في هذا التاريخ ستضر معظم الأندية الأوروبية، وخاصة أندية النُّخبة في الدوريات الكبرى، حيث يُشكل اللاعبون الأفارقة مفاتيح أساسية في نجاحات هذه الأندية في دورياتها المحلية والدوريات الأوروبية، سواء دوري الأبطال أو الدوري الأوروبي.
وبالتالي فإن ما يُسمّى (اللوبي)، بحسب وصف لوكس سبتمبر، مدير العمليات والعلاقات الإعلامية بالاتحاد الإفريقي، كان مجتهداً بشدة لتأجيل بطولة المنتخبات الأولى في القارة الإفريقية، أو حتى إلغاء هذه النسخة تماماً، ليتسنّى للأندية الأوروبية الاستفادة من مساهمات الأسلحة الفتاكة الإفريقية، في تعزيز حظوظها في المنافسة على الألقاب المحلية والأوروبية.
بينما يجب على الجماهير في القارة ندب قَدَرهم بعدم تمكنهم من رؤية أفضل لاعبيهم وهم يتنافسون على أغلى كأس إفريقية للمنتخبات بسبب تفشّي فيروس كورونا، وفي الوقت نفسه نسي الأوروبيون أن بطولتهم الأولى (أمم أوروبا 2020) قد أقيمت في ذروة تفشّي فيروس كورونا في بلادهم.
ولكن تصريح المدرب الألماني وإن كان على سبيل المزاح فإنه يشير بوضوح أنه يخشى بشدة من بطولة الأمم الإفريقية، شأنه شأن المدربين الآخرين، حتى وإن لم يصرحوا بذلك بشكل علني كما فعل المدرب الألماني.
إذاً لماذا يخشى كلوب من إقامة البطولة الإفريقية في هذا التوقيت؟
المتابع لمسيرة فريق ليفربول في الموسم السابق يرى أن شهر يناير/كانون الثاني كان هو الشهر الذي عانى فيه الفريق بشدة بابتعاده عن سباق المنافسة على اللقب، وخروجه من مسابقة الكأس؛ نتيجة للإصابات وانخفاض الأداء، فهل سيُعيد التاريخ نفسه في العام 2022؟
هذا هو ما يخشاه كلوب وفريقه، الذي بدأ الموسم بشكل مميز، ولكن مع خسارته أمام فريق ليستر سيتي في الجولة العشرين (ثاني جولات البوكسينغ داي)، ظهر الخوف لدى المدرب مما هو قادم، مع فقدانه أسلحته الأساسية المصري (محمد صلاح)، والسنغالي (ساديو ماني)، ومعهم البديل الناجح الغيني (ناني كيتا)، والمدافع الكاميروني (جويل ماتيب).
حيث هناك مطبات حقيقية وشديدة الخطورة بانتظار الفريق محلياً في الشهر القادم، قد تخرجهم من سباق اللقب بشكل رسمي مرة أخرى، مع القوة الضاربة التي يحوزها مانشستر سيتي ومدربه بيب غوارديولا، الذي يبدو أنه ليس لديه أي نية لفقدان صدارة الترتيب في الشهر القادم.
ومع تأكُّد خوض اللاعبين السابقين مباراة الجولة الـ21 أمام تشيلسي، في الثاني من شهر يناير/كانون الثاني، إلا أنه بعد ذلك سيكون لدى الفريق ثلاث مواجهات مع فرق الوسط (برينتفود وكريستال بالاس وليستر سيتي)، التي ستحاول الاستفادة من حالة غياب المفاتيح الأساسية لانتزاع النقاط الثلاث من ليفربول.
ومع تأهل الفريق للدور القادم، فإنه سيواجه فريق أرسنال المتوهج في الدوري في مباراتي ذهاب وعودة، بالإضافة إلى مباراته أمام فريق (شروسبري تاون) في الدور الثالث من كأس الاتحاد. كل هذا يخبرنا بأن ليفربول سيتم اختباره الآن بشكل لم يسبق له مثيل.
ومع افتراض تأهل منتخبي مصر والسنغال للمباراة النهائية في بطولة الأمم الإفريقية، فإن هذا سيضع جهداً جسدياً غير مسبوق على اللاعبَين اللذين سيحتاجان على الأقل أسبوعاً كاملاً للتعافي بشكل كامل، وفيه سيواجه ليفربول فريق بيرلني المهدد بالهبوط.
بماذا يُخبرنا موسم ليفربول في العام الماضي؟
بانتهاء العام 2020 كان فريق ليفربول على قمة صدارة الدوري الإنجليزي، لكن مع حلول العام الجديد خسر الفريق مباراتين في شهر يناير/كانون الثاني، وأربع مباريات في شهر فبراير/شباط، ومباراتين في شهر مارس/آذار، ليخرج من المنافسة على سباق اللقب لصالح مانشستر سيتي، الذي خسر مباراةً واحدةً فقط خلال الشهور الثلاثة كاملة.
حيث انهار الفريق تماماً خلال هذه الفترة، وسط سلسلة من الإصابات والإجهاد، ومع ذلك فقد ارتكب المدرب الكثير من الأخطاء على مدار الموسم، التي أفضت لهذه النتيجة، أولها عدم اتباع استراتيجية التناوب بين اللاعبين بشكل استراتيجي.
ولكن الأهم هو عدم تعاقد المدرب مع مدافع خلال فترة الانتقالات الشتوية (شهر يناير) مبكراً وبحلول الوقت الذي وصلت فيه التعاقدات المؤقتة -بن ديفيز وأوزان كاباك- كان الفريق قد خرج بالفعل من سباق اللقب وكأس الاتحاد، بينما حلّ في المركز الثالث بنهاية الموسم.
كيف يتجنّب كلوب تكرار سيناريو الموسم السابق؟
الأمر العاجل الذي يجب أن يعمل عليه كلوب هو جلب مهاجم بمجرد فتح سوق الانتقالات القادمة، فالمهاجمان المتاحان الآن البلجيكي ديفوك أوريجي، والشاب الإنجليزي هارفي إليوت ليسا كافيين لقيادة هجوم الفريق كما يفعل اللاعبان محمد صلاح وساديو ماني.
وبالتحديد اللاعب أوريجي، الذي كان يمكن بيعه في الصيف الماضي في حالة وصول عرض مناسب، ولكن الآن ستكون هناك حاجة ماسّة له للحفاظ على آمال النادي في المنافسة على ثلاث جبهات دفعة واحدة.
وبالرغم من أن الفريق لا يزال لديه المهاجم البرتغالي دييجو جوتا، والبرازيلي روبرتو فيرمينو -المصاب حالياً- فإن فقدان محمد صلاح وساديو ماني سيُفقد النادي سرعته المعهودة، بالإضافة إلى الإحساس بالخوف الذي يمكن أن يغرسه هذان النجمان في الخصوم.
حيث نجد أن اللاعب أوريغي وجوتا وحتى فيرمينو لا يملكون هذا التأثير، ومن ثم قبل أن يسخر المدرب الألماني -بقصد أو بدونه- من بطولة كبرى تُمثل قارة بأكملها، يجب عليه أولاً النظر إلى خياراته، ومحاولة تدعيم فريقه لتدارُك غياب النجمين اللذين أظهرا أن اللاعب الإفريقي أو العربي هو الملك في الملاعب الأوروبية، ويتساوى تماماً مع اللاعب الأوروبي والأمريكي الجنوبي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.