تحول إلى شعار للنصر لدى الجزائريين.. ما قصة شعار “وان، تو، ثري، فيفا لالجيري” الذي اشتهر بالملاعب؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/19 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/20 الساعة 09:27 بتوقيت غرينتش
الجمهور الجزائري في كأس العرب / رويترز

لا يعلو صوت على صوت المشجعين الجزائريين في السنوات القليلة الماضية، فمنتخبهم هو بطل القارة السمراء وبطل العرب وأكثر فريق تحقيقاً للفوز توالياً في العالم برصيد 38 مباراة دون هزيمة.

ولأن المناصرين الجزائريين أوفياء لمنتخبهم، فستجدهم في كل مكان في العالم يتوشّحون علم بلدهم ويرددون نشيدهم الكروي "وان، تو، ثري، فيفا لالجيري". 

هذه التعويذة الكروية لم تفارق المنتخب الجزائري منذ عقود، وتعد من الأكثر شهرة في العالم لكثرة ترديدها من قبل الجزائريين وبساطتها. 

وتختلف الروايات التاريخية عن أصل هذا الشعار، حيث يرجعه البعض إلى حقبة الثورة التحريرية، بينما يعتقد البعض الآخر أنه وليد سبعينيات القرن الماضي، فما هي قصة شعار "وان، تو، ثري، فيفا ألجيري"؟

المنتخب الجزائري في كأس العرب / رويترز
المنتخب الجزائري في كأس العرب / رويترز

الرواية الأولى.. وليد الحركة الوطنية 

تقول الرواية التاريخية الأولى إنه بعد انتهاء الحرب العالمية سنة 1945 خرج ملايين الجزائريين لمطالبة فرنسا والحلفاء باستقلال الجزائر الموعود، خصوصاً أن فرنسا كانت قد وعدت الجزائريين بمنحهم الاستقلال في حال شاركوا في الحرب معها ضد ألمانيا النازية. 

ومن بين الشعارات التي رُفعت في تلك المظاهرات التي عمّت أغلب مناطق الجزائر "وان، تو، ثري، فيفا ألجيري" باللغة الإنجليزية على غير العادة، وذلك لإيصال مطالبهم للدول التي خرجت قوية من الحرب وقتها، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا، علها تضغط على فرنسا وتفي بوعدها الذي قطعته للجزائريين. 

لكن الاستعمار الفرنسي حوّل تلك المسيرات إلى جبال من الجثث ووديان من الدماء، حيث قتل أكثر من 45 ألف جزائري في يوم واحد. 

وتحيي الجزائر تلك المجازر في 8 مايو/أيار من كل سنة، وخلال هذا التاريخ يرفع الجزائريون شعارهم الخالد" "وان، تو، ثري، فيفا ألجيري". 

الرواية الثانية.. من رحم الثورة 

تحدثت رواية أخرى عن أن شعار One, Two ,Three, Viva L'Algerie مقتبس من الشعار الذي كان يرفعه الثوار الجزائريون في المحافل الدولية إبان الثورة التحريرية (1954-1962) وهو We want to be free بمعنى نريد أن نكون أحراراً. 

وحسب الرواية فإن العبارة الأخيرة كانت صعبة على المجاهدين، الذين لا يتقنون الكتابة والقراءة، وكانوا يخطئون كثيراً في نطقها فتحولت مع مرور الوقت إلى عبارة أسهل وهي "وان، تو، ثري فيفا ألجيري".

ويشكك العديد من المهتمين بالتاريخ وكرة القدم بهذه الرواية لعدم منطقيتها، لكنها تبقى موجودة ضمن الروايات المتناقلة في التاريخ الجزائري.

لحظة تتويج المنتخب الجزائري في كأس العرب / رويترز
لحظة تتويج المنتخب الجزائري في كأس العرب / رويترز

الرواية الثالثة.. مواجهة المغرب

رغم أن هذه الرواية متداولة بكثرة لدى السياسيين والمسؤولين، إلا أن المتابعين لا يرون أنها مصدر الشعار الشهير "وان، تو، ثري، فيفا ألجيري". 

وتتحدث الرواية عن أن أول مرة تم تأليف هذا الشعار كان في مباراة بين المغرب والجزائر سنة 1974 في عز التوتر بين البلدين الجارين بسبب ملف الصحراء. 

ووفق الرواية فإن المباراة كانت مشحونة، ورفعت الجماهير المغربية وقتها شعاراً باللغة الفرنسية "أن، دو، تروا فيف لوروا" Un, Deux,trois, vive le Roi" والتي تعني "واحد، اثنان، ثلاثة، عاش الملك" في إشارة إلى الملك الراحل الحسن الثاني.

ورد الجزائريون بشعارهم الأشهر اليوم "وان، تو، ثري، فيفا ألجيري" تعبيراً منهم عن كره اللغة الفرنسية وحبهم لبلادهم. 

الرواية الرابعة.. مواجهة إنجليزية 

اشتُهر المنتخب الجزائري سنوات السبعينات بخوضه العديد من المباريات الودية مع الأندية والمنتخبات العالمية، وواجه في الجزائر عدة فرق على غرار يوفنتوس الإيطالي، وريال مدريد الإسباني، وسانتوس البرازيلي، وشيفيلد يونايتد الإنجليزي. 

وفي 3 مايو/أيار سنة 1974 واجه المنتخب الجزائري الأول بمدينة وهران النادي الأقوى في بريطانيا وقتها شيفيلد يونايتد في مباراة ودية بوهران غربي الجزائر. 

ودكَّ المنتخب الجزائري مرمى الفريق الإنجليزي بثلاثة أهداف كاملةٍ، وأراد الجمهور الجزائري أن يوصل هتافهم للفريق الخصم، فأطلق شعار "وان، تو، ثري، فيفا ألجيري" باللغة الإنجليزية، تعبيراً عن الأهداف التي سجلها المنتخب الوطني. 

وتعد هذه الرواية من بين الروايات الأكثر واقعية، حسب الناقد الرياضي بلال بوزيد الذي تحدث لـ"عربي بوست". 

الرواية الخامسة.. الاستقلال الثاني 

بعد قرابة عقد ونصف من استقلال الجزائر، نظَّمت هذه الأخيرة دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط لسنة 1975.

وفي اختتام الدورة وصل المنتخب الجزائري ونظيره الفرنسي إلى النهائي، هذا الأخير الذي كان مشحوناً جماهيرياً، إذا أحرق العلم الفرنسي قبل اللقاء، وحضر المباراة 100 ألف متفرج بمبلعب 5 يوليو/تموز المشيّد حديثاً وقتها. 

وظلت الجماهير الجزائرية تردد أغاني ثورية وطنية طيلة اللقاء، وبكى جل لاعبي المنتخب الجزائري وهم على أرضية الميدان بسبب أن معظم أسرهم فقدوا أحباءهم في الحرب التحريرية ضد فرنسا. 

وكان بعض لاعبي المنتخب الجزائري وقتها، قد لعبوا للمنتخب الفرنسي بالقوة خلال فترة الاستعمار، واستغلوا الفرصة لأخذ ثأرهم من فرنسا التي كانت تعاملهم معاملة سيئة حتى وهم يحملون ألوانها. 

وانتهى اللقاء بفوز الجزائر بثلاثية كاملة، إذ تقول الرواية التي تبدو أكثر إقناعاً إن الجمهور الجزائري استلهم شعاره الشهير من هذا اللقاء، حيث ردد الشعار باللغة الإنجليزية ليغيظ الفرنسيين. 

ورغم اختلاف روايات مصدر شعار الجزائريين الأشهر، يبقى أنه مصدر إلهام لمنتخبهم وجماهيرهم التي تتحمس كثيراً لمجرد سماعه يدوي في الملاعب والشوارع.

تحميل المزيد