أسال إعلان الاتحاد الإماراتي لكرة القدم عن توقيع اتفاقية تعاون مع نظيره الإسرائيلي، وذلك بحضور رئيس الاتحاد الدولي للعبة "فيفا" السويسري جياني إنفانتينو، الكثير من الحبر العربي حول الكرة الإسرائيلية ومدى تطوّرها حتى تعقد الإمارات معها اتفاقية تعاون.
ففي بيان الاتحاد الإماراتي تصريحات إلى أن اتفاقية التعاون تشمل "إقامة مباريات ودية للمنتخبات الوطنية كافة والأندية، وإقامة ورش عمل مشتركة لعناصر الاتحادين الفنية والإدارية، فضلاً عن طرح مبادرات تطويرية تُسهم في دعم مسيرة اللعبة في البلدين".
وأضاف البيان أن "وجود جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي، في الإمارات وحضوره مراسم توقيع الاتفاقية، يؤكد حرص الفيفا وتشجيعه على مثل هذه المبادرات التي تخدم كرة القدم، التي تعد أحد أهم الأنشطة التي تساعد على تقارب الشعوب".
يذكر أن العديد من الاتفاقيات الرياضية وُقع بين اتحادات من البلدين منذ إعلان تطبيع العلاقات في منتصف أغسطس/آب الماضي، كما أعلن نادي بيتار القدس الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى الإسرائيلي لكرة القدم، أن قرابة 50% من أسهمه انتقلت للشيخ الإماراتي حمد بن خليفة آل نهيان، أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبو ظبي.
تلك البيانات وأكثر ربما مرت على القارئ وهو يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثم يتمْتمُ بألفاظ اعتراضية على نوبة التطبيع الجارية. لكن ما يغيب عن القراء هو تاريخ منتخب الكيان الصهيوني الكروي في القارة الآسيوية، التي تشارك الإمارات وأنديتها في بطولاته، وقصة طرده من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم على يد رجل عربي.
لو فتحنا ملف الكرة الإسرائيلية سنرى أن الفترة الذهبية للمنتخب الإسرائيلي لكرة القدم كانت ما بين عامي 1956 و1970، أو بمعنى أدق، فترة وجود الصهاينة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
منتخب إسرائيل كان من الأنجح في آسيا على كل المستويات. ففي 4 مشاركات في كأس آسيا نجحت إسرائيل في التتويج باللقب في البطولة التي أقيمت في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1964، قبلها حققت المركز الثاني في النسختين الأولى والثانية من البطولة عامي 1956 و1960، بالإضافة للمركز الثالث عام 1968 في النسخة التي أقيمت في إيران.
نجاح المنتخب الصهيوني الكروي، تم تتويجه بالتأهل لكأس العالم عام 1970 في المكسيك للمرة الأولى في تاريخهم، مشاركة جاءت باهتة وضعيفة وانتهت في الدور الأول.
على مستوى الأندية، حقق نادي "مكابي تل أبيب" لقب دوري أبطال آسيا مرتين سنة 1969 و1971، بينما حقق نادي "هابويل تل أبيب" اللقب سنة 1967 والمركز الثاني سنة 1970.
لكن تلك السيطرة والهيمنة ستنتهيان عما قريب، بفضل جهود الرجال الأشاوس، وعلى رأسهم الكويتي أحمد السعدون.
من هو أحمد السعدون؟
أحمد السعدون هو رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم بين عامي 1967 و 1976. وصول أحمد السعدون كرئيس للاتحاد الكويتي بعد 3 سنوات فقط من انضمام الكويت ولبنان كأول دولتين عربيتين في آسيا للاتحاد الآسيوي كان المسمار الأول في نعش كرة القدم في إسرائيل.
خلال السنوات الأولى من نشاط بطولات الاتحاد الآسيوي كان هناك غياب عربي عن المشاركة؛ بسبب أن الدول العربية لم تكن دولاً أعضاء في الاتحاد الآسيوي، ولم يكن هناك اهتمام بالانضمام والمشاركة لبلاد تخطو خطواتها الأولى في الحياة بعد مرورها بظروف مختلفة.
ولا أدل على ذلك من عدم مشاركة أي اتحاد عربي في تأسيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 1954 بينما كانت إسرائيل حاضرة وبقوة.
الغياب العربي سمح لإسرائيل بأن تصول وتجول في الملاعب الآسيوية كما تشاء بمساندة ودعم من شاه إيران، المرحب الدائم بتواجد إسرائيل على الساحة الآسيوية.
لكن أحمد السعدون كان له رأي آخر، وكان على يقين بأن مشاركة العرب بأريحية على الساحة الآسيوية يقتضي بالضرورة طرد إسرائيل من الاتحاد الآسيوي.
وهنا بدأ من سنة 1967 رحلة طويلة لإقناع الدول العربية الأخرى في آسيا بالانضمام للاتحاد الآسيوي حتى يشكلوا كتلة تصويتية كفيلة بطرد إسرائيل.
فمثلاً، الاتحاد العراقي المنضوي تحت لواء الفيفا منذ سنة 1950 لم ينضم للاتحاد الآسيوي إلا سنة 1970، نفس سنة انضمام الأردن للاتحاد الآسيوي رغم انضمام الأردن للفيفا من سنة 1956.
الخطوات الأولى للسعدون حققت نجاحاً كبيراً فبعد ما بدأ رحلته سنة 1967 بوجود دولتين عربيتين فقط في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، كان، بحلول عام 1972، قد نجح في ضم 4 دول عربية أخرى، وبحلول عام 1974 كان العدد وصل للرقم 9 من أصل 12 دولة عربية في آسيا.
وجود أحمد السعدون وعلاقاته باتحادات آسيا، خاصة بالدول المسلمة كأفغانستان وباكستان وماليزيا، نجح في نقل بطولة كأس الأمم الآسيوية عام 1972 من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى تايلاند. قرار أدى إلى انسحاب إسرائيل من البطولة.
بطولة عام 1972 شهدت أول مشاركة للعرب من خلال منتخبي العراق والكويت اللذين ودّعا البطولة من دورها الأول. لكن ما يهم حينها كان التواجد العربي والغياب الإسرائيلي.
الخطوة الثانية جاءت في الجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي في كوالالمبور عام 1974 لما نجح السعدون والاتحادات العربية في تجميد عضوية إسرائيل وطردها من الاتحاد الآسيوي بعد ما نجح السعدون في إقناع رئيس الاتحاد الإيراني للتصويت لصالح القرار.
وفي كأس الأمم الآسيوية 1976 شارك منتخب اليمن مع العراق والكويت في البطولة. في تلك النسخة حققت الكويت المركز الثاني في البطولة كأول فريق عربي يلعب نهائي كأس الأمم الآسيوية.
وفي نسخة 1980 استضافت الكويت البطولة وحققت اللقب العربي الأول في تاريخ كأس آسيا، وبعدها حققت السعودية اللقب مرتين على التوالي وخسرت اللقب في نسخة 1992.
ما بين 1974 و1992 كانت إسرائيل بلا اتحاد قاري تابعة له وشاركت في بطولات اتحادات مختلفة، لكن ومنذ خروجها من الاتحاد الآسيوي فشل منتخبها وأنديتها في تحقيق أي إنجاز أكبر من المشاركة في الأدوار الأولى لبطولات الأندية مع اختفاء تام من الساحة الدولية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]