أصغر بطلة في تاريخ اللعبة وفازت ببطولة العالم 5 مرات.. نور الشربيني “ملكة” الأسكواش

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/07 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/07 الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش
نور الشربيني، بطلة العالم في الأسكواش

نور الشربيني، يبدو أن هذا الاسم سيظل يتردد لفترة ليست بالقصيرة في المجال الرياضي العالمي والمصري، نور الشربيني لمن لا يعلمها هي بطلة العالم في منافسات الأسكواش للسيدات أعوام 2015 و2016 و2019 و2020 وأخيراً 2021.

صاحبة الوجه الملائكي، أتمت عامها الـ20 وهي بطلة العالم، ويبدو أنها ستُنهي عقدها الثاني وهي ملكة الأسكواش العالمي.

وُلدت نور الشربيني عام 1995 في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني بعروس البحر المتوسط الإسكندرية، لأبوين ميسورَي الحال، يريان في ابنتهما استثماراً للمستقبل، لكن أحداً منهما لم يكن يتوقع أن تسير الأمور بهذا الشكل، وأن تصل نور الشربيني إلى هذه المراتب العالية في مسيرتها الرياضية.

مارست نور الشربيني منذ نعومة أظافرها لعبة الأسكواش بنادي "سموحة" السكندري. كانت موهبة الفتاة الصغيرة واضحة للجميع، ولا يمكن إنكارها أو الاستهانة بها، وهذا ما قاله مدربها لوالديها. وقد أخذ والداها بالنصيحة وكرّسا وقتاً ومجهوداً واهتماماً كبيراً بمشوار ابنتهما في اللعبة صاحبة الشعبية الصغيرة في الجمهورية الكبيرة.


بدأ المشوار الرياضي الحقيقي لنور عندما كان عمرها 13 عاماً، في البطولات المحلية بين الأندية المختلفة، لكنطموح نور الشربيني كان أكبر من أن تحتكر البطولات المحلية في جميع الفئات العمرية التي شاركت فيها، وكانت تطمح لما هو أكبر وأكثر من ذلك، شأنها في ذلك شأن أبطال مصر في الأسكواش. 

وقبل الإكمال مع نور الشربيني التي فازت ببطولة العالم في الشهر الماضي للمرة الخامسة في تاريخها، سنُلقي نظرة على تاريخ المصريين مع اللعبة.

احتكار مصري

يحتكر الرجال المصريون جوائز لعبة الأسكواش الفردية والجماعية والبطولات العالمية ونادراً ما تخرج من حوزتهم في العقدين الأخيرين.

التاريخ المصري في لعبة الأسكواش مليء بالأساطير والأبطال، حيث بدأ المشوار المصري بجمال علام المذيع المصري الشهير الذي كان قد تولى مهمة رئاسة الاتحاد المصري للعبة في الفترة ما بين 2004 إلى 2008، ثم تلاه جمال عوض صاحب أطول مباراة في تاريخ اللعبة أمام الأسطورة الباكستاني تشيتشستر في نهائي بطولة بريطانيا عام 1993 والتي استمرت لساعتين وخمس وأربعين دقيقة قبل أن ينهيها عوض بفوزه في مفاجأة كبيرة سلطت الأضواء على الأسكواش المصري.

بعد علام وعوض، أتى جيل جديد بقيادة "أحمد برادة" اللاعب السابق الذي كان المصري الأول الذي يفتح أبواب الشهرة والمجد لباقي اللاعبين؛ حيث وصل برادة إلى التصنيف الثاني عالمياً عام 1998 كأول مصري يصل إلى تلك المرتبة المتقدمة، لكن الانفجار الحقيقي لبرادة كان عام 1999 في بطولة العالم التي أقيمت بالقاهرة والتي حصل فيها على المركز الثاني بعد خسارته للنهائي أمام بطل العالم البريطاني بيتر نيكول الذي كان يتربع على عرش اللعبة آنذاك.

لم تستمر مسيرة برادة طويلاً في الملاعب؛ حيث اعتزل وهو في عمر الـ25 إثر إصابة تعرض لها وحدّت من قدراته البدنية، ومن قبلها حادثة الطعن الشهيرة التي تعرض لها على يد سارق بآلة حادة، ومن ثم اتجه بعدها للتمثيل وفشل، فتحوّل العمل الإداري.

لكن الأبواب التي فتحها أحمد ما كانت لتغلق مرة أخرى، فاستمرت الإبداعات المصرية في اللعبة وحمل الراية من بعده "المايسترو" عمرو شبانة الذي يمكن القول إنه أعظم لاعبي الأسكواش المصريين في التاريخ، وأحد أعظم لاعبي اللعبة بشكل عام.


شبانة كان أول مصري يصل إلى المركز الأول في تصنيف لاعبي الأسكواش المحترفين، ليس هذا فحسب، بل حافظ على صدارة الترتيب لمدة 33 شهراً كرقم قياسي لم يسبق تحقيقه من قبل. 

فاز عمرو ببطولة العالم أربع مرات ولم يخسر أي نهائي في بطولة العالم، وقد حقق شبانة رقماً قياسياً آخر عندما تمكن من الحصول على لقب إحدى البطولات العالمية المعتمدة في سن الـ34 وخمسة أشهر كأكبر لاعب في تاريخ اللعبة يحرز بطولة معتمدة. 

السطوة المصرية على اللعبة برزت عندما سرق صدارة التصنيف الدولي من شبانة لاعب مصري آخر وهو كريم درويش في يناير/كانون الثاني 2009 منهياً هيمنة شبانة على اللعبة، وقد فاز كريم بعدة بطولات في مسيرته في الفئات السنية الصغرى، لكن الحدث الأكبر كان مشاركته مع المنتخب المصري في الفوز ببطولة العالم عامَي 2009 و2011 وقد وصل درويش أيضاً إلى نهائي بطولة العالم عام 2008 قبل أن يخسر النهائي أمام المصري الآخر رامي عاشور، والذي أخذ منه صدارة التصنيف العالمي والذي كان قد تربع على عرشه لعام تقريباً.

الحديث عن الأبطال المصريين الرجال يطول ويطول. لكن على مستوى السيدات فإن الإنجازات لم تكن على نفس القدر والمستوى، مع ذلك يمكننا القول إن البداية الحقيقية لمسيرة سيدات مصر داخل أروقة صالات الأسكواش كانت مع إنجي خير الله، التي وصلت إلى المركز الـ11 في التصنيف الدولي، وشاركت مع المنتخب المصري في تحقيق بطولة العالم للسيدات عام 2008 كإنجاز تاريخي للمنتخب المصري للسيدات، قبل أن تعتزل عام 2012.

إلى جانب إنجي نرى أيضاً أمنية عبدالقوي التي كان أبرز إنجازاتها هو وصولها إلى المركز الرابع في التصنيف الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2010، لكن النجاح المصري الأكبر في الماضي القريب في عالم السيدات كتب على يد رنيم الوليلي المصنفة الأولى سابقاً، والتي أزاحت المصنفة الأولى عالمياً الماليزية نيكول ديفيد والتي تربعت على عرش التصنيف لمدة تزيد عن التسع سنوات، ولرنيم عدة ألقاب في مسيرتها التي لم تنتهِ بعد، حيث فازت بطولة العالم للناشئات عام 2005 و2007 ولقب أفضل ناشئة في عامي 2004 و2005 على التوالي وجائزة لاعبة العام عام 2014 وشاركت أيضاً في فوز المنتخب المصري ببطولة العالم عامَي 2008 و2012.

نور الشربيني في حلم

ربما لا يوجد الكثير للحديث عن نور الشربيني، فنحن لسنا بصدد قصة ملحمية مليئة بالتفاصيل، ولسنا أمام حكاية مجنونة متقلبة الأحوال يعتريها الفشل مرة والنجاح مرة أخرى. لكننا أمام قصة نجاح عظيمة ومدهشة لفتاة تسطر تاريخاً رياضياً لا مثيل له في تاريخ الأسكواش المصري للسيدات لما فعلته نور الشربيني.

نور الشربيني
نور الشربيني – ويكيبديا

نور الشربيني بدأت مشوارها الاحترافي عام 2009 وفازت ببطولة العالم للناشئات أربع مرات عام (2009 – 2011 – 2012 – 2013)، وكانت المصرية الأولى التي تصل إلى نهائي بطولة العالم عام 2013 قبل أن تخسر النهائي أمام بطلة العالم حينها لورا ماسارو، لكن القدر أعطى نور الفرصة للانتقام من البريطانية التي سلبت منها اللقب، حينما واجهتها في نهائي بطولة العالم هذا العام على الأراضي الماليزية، فازت لورا بالشوطين الأول والثاني لتقترب كثيراً من اللقب.

لكن شيئاً لم يكن في الحسبان قد حدث وعادت الفتاة المصرية من بعيد وفازت بثلاثة أشواط متتالية لتتوج بلقب العالم وتتربع على عرش التصنيف العالمي كأول مصرية تحصد هذا اللقب الثمين وكأصغر سيدة تفوز بهذا اللقب في تاريخ اللعبة.

ليست هذه فقط هي إنجازات نور، فالفتاة الصغيرة في العمر الكبيرة في العطاء والأداء قد فازت ببطولة إنجلترا المفتوحة تحت سن 13 عاماً مرتين (2007 و2008 ) وبطولة إنجلترا المفتوحة تحت سن 15 عاماً مرة واحدة (2009) وبطولة قطر المفتوحة مرة واحدة (2015) ووصيفة بطلة العالم مرة (2013) ووصيفة بطولة إنجلترا مرة واحدة (2012) وفازت ببطولة الأبطال الدولية (2016)، ناهيك عن 5 بطولات عالم، كما أنها كانت أصغر فتاة تكون ضمن المصنفات العشر الأوائل عندما كانت في السابعة عشر فقط من عمرها!

يبدو أن نور عازمة على فعل المستحيل وتكسير كل الأرقام، فسجل ابنة سموحة يتخطى سجلات لأساطير في اللعبة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
حذيفة حمزة
كاتب ومحرر
محرر، وباحث في علم الاجتماع الرياضي
تحميل المزيد