للكاتب الأمريكي ستيفن كينغ، قصة قصيرة عن غرفة مسكونة بالأشباح في أحد الفنادق، تحولت القصة إلى فيلم بعنوان "الغرفة 1408" عام 2007 من إخراج ميكائيل هافستروم.
في القصة، نرى مايك إنسلن كاتب الرعب ذائع الصيت تصله رسالة تخبره "لا تذهب إلى الغرفة 1408 في فندق دلفين". كمعظم كتاب أدب الرعب، يحب مايك الإثارة والتشويق، ويا حبذا لو كان سيخوض التجربة بنفسه؛ لذا لم يكترث بالتحذير، وذهب إلى الغرفة 1408.
لم يصدق مايك يوماً كل ما قيل عن الأشباح والعفاريت، لذا وصل بهو الفندق وهمّ بالصعود للغرفة. قبل أن يصعد السلم، حذره جيرالد أولين، مدير الفندق، من زيارة الغرفة، لكن الأول لم يخضع لكل التحذيرات التي وصلته أو قيلت له، وأصر على أن يستكشف بنفسه سر الغرفة 1408.
برشلونة في الغرفة 1408
يدخل برشلونة الغرفة 1408 كلما عُزف نشيد دوري أبطال أوروبا، تقوم الأشباح من مرقدها، ويتحول الفريق إلى ضحية جديدة، منضماً لقائمة تطول من الضحايا، الذين دخلوها، ولم يخرجوا منها أبداً.
على خطى ميلان وعلى نهج أرسنال؟ لا، برشلونة أبعد من الميلان وأسوأ من أرسنال، فحالة برشلونة هي حالة فريدة حقاً، حالة تستوجب التدقيق والتحقيق، وترك التحليلات جانباً إلى أن تُعالج المشكلة الرئيسية.
لقد خسر برشلونة بكل الطرق الممكنة، وغير الممكنة، المنطقية وغير المنطقية، خسر في أرضه وخارجها، خسر في أفضل أجياله وأسوئها، وأيضاً خسر في حضور أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم وفي غيابه.
ميسي لم يكن سوى طوق نجاة، يتشبث به الفريق، إلى أن تهيج الأمواج ويموتا سوياً، ميسي لم يكن سوى قبلة أمل على جبين فريق يحتضر، لن تمنع عنه شبح الموت، مهما بلغت نشوتها.
ميسي الذي كانت عدسات الكاميرات تصوره بعد أي هدف يستقبله برشلونة في مثل هذه المناسبات، ممسكاً شعره أو لحيته وتبدو عليه أمارات التوتر وانعدام الثقة، والذي سقط على أرض الكامب نو أمام ليفربول شاعراً بخطر ما، خطر لا يستطيع تبينه، بعد أن أهدر عثمان ديمبيلي فرصته الشهيرة.
قال أحد الصحفيين حينها إن ميسي لا يثق في هذا الفريق، خوف ميسي يوحي بشيء يشعر به ويخشى أن يتحدث عنه، لكنه سيذهب إلى الأنفيلد وهو يحمل في جعبته مهاراته وأهدافه ورغبته في الفوز، وأيضاً خوفه من أشباح الغرفة 1408.
حينما وقف ميسي مخاطباً زملاءه، تحديداً في الأنفيلد، وترددت جملته كثيراً في ذهني "روما كانت خطأنا.. لا تدعوا نفس الشيء يحدث من جديد!"، كان جوردي ألبا يبكي رغم التأخر بهدف وحيد، ورغم تفوق برشلونة في مجموع اللقاءين 3-1، إلا أن ظهير برشلونة كان يبكي كالطفل.
والمشكلة ليست في الهزائم الكارثية والمخجلة فحسب، بل إن المشكلة الأكبر والأضخم هي أن برشلونة، بهذه الصورة، ومهما تبدلت الإدارات وتغيرت كوادره الفنية؛ سيظل حبيس الغرفة 1408.
برشلونة يكون مهزوماً بهدف دون رد، حتى قبل أن يطلق الحكم صافرة البداية، ويكون مهزوماً بهدفين دون رد، حينما يستقبل الهدف الأول بصورة فعلية، وتنتهي المباراة تقريباً عنده.
إن برشلونة يخشى خوفه، كما يخشى خصومه، وكما يخشى الهزيمة، يخشى الأشباح التي تطارده، ويخشى سجل الهزائم الذي يُشبه سجل السفاح الذي لا يتوقف عن القتل؛ لذا فإنه يُهزم.
مؤخراً.. أصبح برشلونة خاضعاً بصورة لم يعهدها عشاق الفريق ولا حتى كارهيه، خاضعاً بصورة مهينة ومُذلة، دون أن يحاول لمجرد المحاولة، ودون أن يبذل ما يشفع له عند عشاقه.
بين الرسالة التي وصلت مايك إلين "لا تذهب إلى الغرفة 1408 في فندق دلفين" وبين الرسالة التي تفوه بها ميسي "روما كانت خطأنا.. لا تدعوا نفس الشيء يحدث من جديد" أشباح لا تهدأ، وأساطير لا تموت، وأصوات لا يتوقف صداها.. نكتشف أن ميسي كان الناجي الوحيد.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.