تناول تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية أزمة شركة كوكاكولا وهبوط أسمهما مؤخراً بعد أن أزاح اللاعب الأشهر عالمياً كريستيانو رونالدو زجاجتي كوكاكولا عن المشهد في مؤتمر صحفي، مما أثر سلباً على قيمة شركة المياه الغازية الراعية للبطولة الأوروبية. وسلطت الصحيفة الضوء على تأثير هذا التصرف والمخاطر التي تتعرض لها العلامات التجارية المرتبطة بنجوم الرياضة، والتي أصبحت أقوى في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
"كوكاكولا" تمر بوقت عصيب
أكد قائد المنتخب البرتغالي، المعروف باهتمامه بالصحة العامة واللياقة البدنية ورفضه للمشروبات الغازية والكحوليات، على وجهة نظره عندما أمسك زجاجة مياه، مردداً كلمة "مياه" باللغة البرتغالية. يُذكر أن زجاجة المياه تحمل اسم العلامة التجارية كوكاكولا أيضاً، لكن إزاحة زجاجتي المشروبات الغازية، من النجم الرياضي الذي لديه أكثر من 550 مليون متابع على وسائل التواصل الاجتماعي، تسبب في ضرر كبير للشركة.
ويقول تيم رو، مستشار تسويق رياضي سبق له تقديم المشورة لشركة كوكاكولا بشأن رعاية كرة القدم لمدة عقدين، للغارديان: "عندما يُقدم لاعب كرة القدم الأكثر متابعة على وسائل التواصل الاجتماعي على تصرّف مثل هذا، فإنه يجعل العلامة التجارية تمر بوقت عصيب. تدفع كوكاكولا عشرات الملايين لتكون أحد رعاة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ويفرض ذلك التزامات تعاقدية على الاتحادات والفرق، منها ظهور الشعارات والمنتجات في المؤتمرات الصحفية، إلا أن هناك مخاطر دائماً".
ولم تكن العلامات التجارية الكبرى قادرة قط على التحكم في تصرفات النجوم الذين ترتبط بهم بعلاقات تعاقدية. على سبيل المثال، قررت شركة Nike الوقوف إلى جانب تايغر وودز عندما خسر لاعب الغولف الشهير معظم رعاته، بما في ذلك شركتا Gillette وGatorade بعد فضيحة جنسية عام 2009. إلا أن تصرّف رونالدو وازدراءه العلني للعلامة التجارية يمثّل نوعاً مختلفاً من التهديدات للتوازن القائم بين النجوم والعلامات التجارية، تهديد ينتمي إلى عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
ملايين المتابعين وملايين الدولارات
يقول مارك بوركوفسكي، خبير العلاقات العامة: "يأتي رونالدو على رأس قائمة أصحاب أعلى الأرباح من مواقع التواصل الاجتماعي. يتعلق الأمر بالترويج للعلامة التجارية الشخصية، والقناة الشخصية، مما يمنح النجم قوة هائلة. وهذا ما سمح لرونالدو بتوضيح وجهة نظره عن نمط الحياة الصحي بتلك الطريقة".
والآن، في سن السادسة والثلاثين، شيّد أشهر لاعب كرة قدم في العالم إمبراطورية تربح من خلالها أكثر من مليار دولار أمريكي من الرواتب والمكافآت والأنشطة التجارية مثل عقود الرعاية. إلا أن الشعبية الجارفة للاعب على مستوى العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بأكثر من نصف مليار متابع على إنستغرام وتويتر وفيسبوك، حررته من اتباع القواعد التجارية للأندية والبطولات والجهات الراعية. ويعد رونالدو الأكثر تحقيقاً للأرباح على منصة إنستغرام، إذ يحصل على مليون دولار مقابل كل منشور مدفوع، ويجني ما يزيد عن 40 مليون دولار من منصة التواصل الاجتماعي سنوياً، أي أكثر من راتبه مع نادي يوفنتوس الإيطالي.
يقول كرو: "يقول البعض إن هذا التصرّف يتعلق بالنشاطية الرياضية، وهذا صحيح بشكل ما. أصبح الرياضيون يتخذون مواقف ووجهات نظر أكثر إقداماً في الآونة الأخيرة، لقد رأينا ذلك مؤخراً في المؤتمرات الصحفية، وسوف نرى ذلك مجدداً".
في يوم الثلاثاء، 15 يونيو/حزيران، أزاح لاعب الوسط الفرنسي المسلم بول بوغبا، زجاجة من مشروب هينيكن غير الكحولي، أحد رعاة بطولة كأس الأمم الأوروبية 2020، عن طاولة المؤتمر الصحفي الذي تحدّث فيه اللاعب الفرنسي لوسائل الإعلام عقب فوز منتخب بلاده على ألمانيا بنتيجة هدف مقابل لا شيء. ومنذ ثلاث سنوات، كان اللاعب الفرنسي أحد مجموعة نجوم مانشستر يونايتد الذين قاطعوا حدثاً تعاقدياً لأحد الرعاة احتجاجاً على ترتيبات السفر السيئة التي أثّرت على إحدى مبارياتهم في دوري الأبطال.
"اللاعبون الأكثر شهرة تحرروا من القواعد القديمة مع شركات الرعاية"
ويقول كرو إن أبرز وأهم مثال على ذلك أيضاً، هو ما حدث مع اللاعبة الرياضية ناعومي أوساكا، مصنفة التنس الثانية على العالم، وانسحابها من بطولة فرنسا المفتوحة للتنس عندما غرمتها اللجنة المنظمة 15,000 دولار مع التهديد بطردها من البطولة بسبب قولها إنها ستتخطى بعض الالتزامات التعاقدية تجاه وسائل الإعلام لما لذلك من تأثير سلبي على صحتها العقلية.
ولجأت أوساكا، التي يتابعها أكثر من 4 ملايين شخص على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى منصة تويتر من أجل توضيح "موجات القلق الهائلة" و"القواعد التي عفا عليها الزمن" التي تحكم اللاعبين والمؤتمرات الإعلامية، وأعلنت من خلال المنصة انسحابها من بطولة رولان غاروس.
يقول كرو: "أصبحت كل جهة راعية الآن تراقب نشاطية كل نجم رياضي. من كان يعتقد أن حركة رونالدو قد تكون المسمار الأول في نعش عرض المنتجات في المؤتمرات الصحفية؟".
وأضاف: "منذ فترة طويلة وأنا أرى، من وجهة نظري، أن وجود منتجات الرعاة على الطاولة أمام الرياضيين في المؤتمرات الصحفية أصبح نهجاً قديماً وحان الوقت للتغيير. ربما تبرز واقعة رونالدو تلك الحقيقة. ذكر العديد من عملائي الرعاة هذا الأمر في السابق، لا سيّما العلامات التجارية التي تستهدف الشباب الأصغر سناً. ليس الأمر كما لو أن الرعاة ليس لديهم بالفعل ما يكفي من مساحات لعرض شعاراتهم وعلاماتهم التجارية في البطولات والفعاليات".