أعلن عدد من أشهر أندية كرة إطلاق دوري السوبر الأوروبي، الأمر الذي كان بمثابة إعلان الحرب داخل مجتمع كرة القدم الأوروبية، وسط ردود فعل واسعة وتهديد ووعيد من الاتحادات الدولية والقارية.
ووافقت الأندية "الستة كبار" في الدوري الإنكليزي الممتاز على دعم مقترحات الأندية الإيطالية: يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان، بالإضافة إلى أندية إسبانيا: ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد.
وتعد الأندية الإنكليزية هي الأكثر تسجيلاً حتى الآن، بانضمام أندية مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتشيلسي وليفربول وأرسنال وتوتنهام إلى "المؤامرة" مع نظرائها في إيطاليا وإسبانيا.
دوري السوبر الأوروبي يثير أزمة
وفي وقت متأخر من مساء الأحد، 18 أبريل/نيسان، أصدرت رابطة "دوري السوبر الأوروبي" بياناً جاء فيه: "اجتمع 12 من أندية كرة القدم الرائدة في أوروبا للإعلان عن موافقتها على إنشاء مسابقة جديدة لأيام منتصف الأسبوع، دوري السوبر الأوروبي، تحكمها الأندية المؤسسة".
وأصدر كل من أندريا أنييلي رئيس نادي يوفنتوس الإيطالي، وجويل غلازر الرئيس المشارك لنادي مانشستر يونايتد، وفلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد، تصريحات تدعم انطلاق البطولة الجديدة.
وتعاقدت الأندية مع وكالة الشؤون العامة البريطانية InHouse Communications من أجل الترويج لإعلان انطلاق البطولة الجديدة.
يُذكر أن كاتي بيريور، رئيسة وكالة InHouse، كانت مسؤولة عن اتصالات رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي خلال فترة ولايتها، كما عملت أيضاً في حملة بوريس جونسون لانتخابات البلدية عام 2008.
وطمحت الأندية الـ12 في اجتذاب 3 أندية أخرى إلى صفها، بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند من ألمانيا، وباريس سان جيرمان من فرنسا. إلا أن تلك الأندية الثلاثة لم تكن مقتنعة بالفكرة حتى مساء الأحد.
فكرة البطولة
وفكرة البطولة هي وجود 15 نادياً مؤسساً يتنافس على البطولة الجديدة في كل موسم، بغض النظر عن أدائها أو ترتيبها في دورياتها المحلية، إلى جانب خمسة مقاعد يمكن أن تتأهل إليها أندية أخرى. ولكن حتى الآن لم يكن هناك خطة مؤكدة للأندية حول كيفية تحديد الأندية المتأهلة لتلك المقاعد الخمسة الإضافية.
ووفقاً لنظام البطولة، التي يفترض أن تبدأ شهر أغسطس/آب المقبل، ستنقسم الفرق المشاركة إلى مجموعتين، كل مجموعة من 10 أندية، وتخوض أندية كل مجموعة مباريات ذهاباً وإياباً، ويتأهل أول ثلاثة أندية من كل مجموعة مباشرة إلى دور ربع النهائي، بينما تتنافس أندية المركزي الرابع والخامس في المجموعتين على المقعدين المتبقيين في دور ربع النهائي. ويكون دوري ربع النهائي ونصف النهائي بنظام خروج المغلوب من مباراتين، ثم مباراة نهائية واحدة على ملعب محايد.
وإذا نجحت تلك الخطة، فإن الأندية المشاركة في هذه البطولة الجديدة لا تنوي المنافسة في منافسات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مثل دوري الأبطال أو الدوري الأوروبي.
وكان من المقرر أن يوقع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على نظام جديد لأكبر بطولاته، دوري الأبطال، والمقرر أن يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 2024.
وفي هذا النظام، المعروف بـ"النموذج السويسري"، يخوض منافسات الدور الأول من البطولة 36 فريقاً بدلاً من 32 فريقاً في النظام الحالي، ويلعب كل فريق في الدور الأول 10 مباريات؛ خمس مباريات على ملعبه، وخمس مباريات خارج ملعبه.
وسيعتمد تحديد المباريات على التصنيف، بعد ترتيب الأندية المشاركة من 1 إلى 36 حسب تصنيفها.
وسيتأهل أصحاب المراكز الثمانية الأولى تلقائياً إلى دور الستة عشر الذي سيكون بنظام خروج المغلوب، بينما الستة عشر التاليين في الترتيب سيتنافسون في جولة فاصلة لتحديد المقاعد الثمانية الأخرى في دور الستة عشر.
وكان من المتوقع أن تعتمد اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي هذا النظام الجديد بنهاية شهر مارس/آذار، لكن توقفت المحادثات بعد فشل رابطة الأندية الأوروبية، التي تمثّل الأندية الرائدة في أوروبا، في التوصّل إلى اتفاق على موقف موحد.
نقطة الخلاف
اعتقد الكثيرون أن نقطة الخلاف ليست حول نظام المنافسة الجديدة، وإنما لأن الأندية الرائدة في أوروبا تريد مستوى أكبر بكثير من السيطرة على كيفية عقد وتسويق صفقات بيع حقوق البث والصفقات التجارية الأخرى المرتبطة بالبطولة.
والآن، أصبحت كل آمال الاتحاد الأوروبي في التوصّل إلى اتفاق في مهب الريح بعد إعلان 12 نادياً من أكبر أندية أوروبا تأسيس بطولة منفصلة عن الاتحاد الأوروبي.
لكن في وقت متأخر من مساء الأحد، 18 أبريل/نيسان، كشف مصدر مقرّب لرابطة دوري السوبر الأوروبي أن الأندية تعارض "النموذج السويسري" المقترح، ويعتبرون أنها تهتم بالكمّ على حساب الجودة.
وذكرت مصادر مقرّبة إلى الأندية أن الأبحاث تُظهر رغبة المشجعين الشباب في رؤية المزيد من المباريات بين أشهر الأندية واللاعبين في العالم، وأن الأندية تستجيب لتلك الرغبات والتوجهات.
ستحصل الأندية المؤسسة على 3.5 مليار يورو (4.2 مليار دولار)، تُقسّم بين 15 نادياً عقب انضمامهم، ويهدف ذلك إلى تعويض الخسائر التي تكبّدتها الأندية خلال الجائحة العالمية ودعم خطط الاستثمار في البنية التحتية.
وأكدّت الأندية أن مساعيها ليست مدفوعة بالأنانية، لأنها تتعهد في ظل النظام الجديد بتقديم 10 مليارات يورو (12 مليار دولار) تضامناً مع كرة القدم الأوروبية على مدار 23 عاماً، الرقم الذي زعمت أنه أكبر بكثير مما يقدمه الاتحاد الأوروبي حالياً.
وذكرت المصادر أن الأعمال الورقية الحالية بين الأندية في هذه المرحلة تقتصر على "اتفاقيات مبادئ" و"مذكرات تفاهم"، وليست تعاقدات ملزمة.
لكنها في الوقت نفسه تبرز نواياهم بشكل صريح وواضح. واقتصر العمل بين المليارديرات الذين يديرون الأندية الأوروبية الكبرى خلال الفترة الماضية، بسبب الجائحة، على المناقشات السرية عبر مجموعات تطبيق WhatsApp ومحادثات Zoom الجماعية.
4 أضعاف مكاسب الفوز بدوري الأبطال
وذكرت صحيفة The New York Times أن التوقعات التي يتشاركها الأندية في تلك المرحلة المبكرة تشير إلى إمكانية حصول كل نادٍ على 400 مليون دولار مقابل المشاركة، أي ما يعادل أربعة أضعاف ما حصل عليه الفائز بالنسخة الأخيرة من دوري الأبطال.
ووصل المشروع إلى درجة متقدمة، إذ عقدت الأندية مناقشات مع البنك الاستثماري الأمريكي JP Morgan، الذي أبدى استعداده لدعم البطولة من خلال التمويل بالدين في مقابل عائدات البث المستقبلية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بنك JP Morgan تربطه علاقات راسخة بعائلة غلازر، ملّاك نادي مانشستر يونايتد الإنكليزي، ونائب الرئيس التنفيذي لفريق مانشستر يونايتد، إد وودورد.
ومن غير الواضح، حتى اللحظة، من سيكون الشريط الرئيسي لبث البطولة بعد تراجع خدمة البث العالمية DAZN عن المشهد عقب التقارير التي ربطت الشبكة بالبطولة المستحدثة.
وأشارت بعض المقترحات من مصادر إلى أن أحد الشركات العالمية العملاقة في مجال البث ستكون شريكاً رئيسياً لبث البطولة.
أثار الإعلان ردود فعل فورية عنيفة وهائلة، وبدت الخطة الانفصالية محفوفة بالمخاطر. كشف موقع The Athletic أن نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، حتى الآن، يعارض تلك المخططات الانفصالية تماماً، وعدم انضمام الأندية الألمانية، بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند، حتى الآن.
وفي الدوائر السياسية لكرة القدم، زعمت عدة مصادر مختلفة أن رئيس نادي يوفنتوس، أندريا أنييلي، ونائب الرئيس التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد، إد وودورد، فقدا ثقة نظرائهما في جميع أنحاء أوروبا.
وإزاء ذلك، استقال أنييلي ليلة الأحد من منصبه في كل من الاتحاد الأوروبي ورابطة الأندية الأوروبية.
جهود مشتركة لإجهاض دوري السوبر
وتتضافر جهود الاتحاد الأوروبي مع الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، والدوري الإنكليزي الممتاز، والاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم، والدوري الإسباني، والاتحاد الإيطالي لكرة القدم، والدوري الإيطالي لإدانة هذه الحركة الانفصالية.
وتعهدت بفرض عقوبات رياضية واتخاذ إجراءات قانونية ضد الأندية التي تضغط لتنفيذ تلك المخططات. وقد تتضمن العقوبات حرمانها من المنافسة في الدوريات المحلية ومنع لاعبي تلك الأندية من المنافسة في بطولات الاتحاد الأوروبي للمنتخبات.
وأرسل الدوري الإنكليزي الممتاز خطاباً إلى جميع الأندية العشرين في الدوري يوم الأحد، 18 أبريل/نيسان، وحث ريتشارد ماسترز، الرئيسي التنفيذي، الأندية "الستة الكبار" على "التراجع فوراً قبل حدوث أضرار لا يمكن إصلاحها"، وأكد أن الاشتراك في بطولة أوروبية جديدة سيتطلب موافقة الدوري الإنكليزي الممتاز.
تعتقد العديد من الأندية المنافسة في الدوري الإنكليزي الممتاز وفي بقية أنحاء أوروبا أن هذه الخطوة قد تكون متطرفة بعض الشيء من الأندية المؤسسة، لكن هناك مصادر مقرّبة من دوري السوبر الأوروبي تؤكد التزام عشرات الأندية بمخططاتها.
بينما أشارت مصادر أخرى إلى أن نموذج "دوري السوبر الأوروبي" قد يكون مجرد نقطة بداية للتفاوض من أجل الحصول على المزيد من الامتيازات من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أو نحو "دوري سوبر أوروبي" أكثر شمولاً.
ومن جهة أخرى، كشف موقع The Athletic عن أن خدمات البث الكبرى تستعد للمضيّ قدماً في إجراءات قانونية ضد الأندية التي تنفصل عن المسابقات الوطنية أو تقلل من قيمتها، إذ تعتقد تلك الخدمات أن المنتج الذي يستثمرون فيه سيتغير بشكل جوهري دون مشاركة الأندية الكبرى.
ووصف غاري نيفيل، أحد رموز نادي مانشستر يونايتد والمحلل بقنوات Sky Sports، تلك المخططات الانفصالية بـ"الفضيحة".
كما انضم السير أليكس فيرغسون، المدير الفني التاريخي السابق لنادي مانشستر يونايتد وعضو مجلس إدارة كرة القدم بالنادي، إلى أصوات المعارضة، ووصف الحركة الانفصالية بأنها "ستمحو 70 عاماً من تاريخ أندية كرة القدم الأوروبية".
وتعد هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها السير أليكس فيرغسون عن إحدى المسائل الحساسة داخل النادي منذ اعتزاله التدريب عام 2013.
وكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على منصة تويتر: "مخططات دوري السوبر الأوروبي قد تكون مدمرة للغاية لكرة القدم، وندعم سلطات كرة القدم لاتخاذ ما تراه من إجراءات مناسبة. هذا اعتداء على جوهر ما تمثّله اللعبة الشعبية الأولى، ويثير قلق ومخاوف الجمهور في جميع أنحاء البلاد".
وفيما يلي، يوضّح موقع The Athletic تفاصيل تلك التطورات المذهلة، وما يقوله الأشخاص من داخل اللعبة، وما سيأتي لاحقاً.
لماذا تريد الأندية الأوروبية الكبيرة أن تنفصل عن مسابقات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم؟
نفس السبب وراء رغبة الأندية الكبيرة في إنجلترا في الانفصال عن رابطة كرة القدم الإنكليزية وإجبار الأندية الكبرى في أوروبا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم على تغيير دور ربع النهائي في كأس أوروبا إلى مجموعتين من أربعة فرق: المال.
وإذا كنت تتفق مع أولئك الذين يعتقدون أن دوري السوبر الأوروبي يعتبر جريمة ضد الرياضة، فعليك أن تعلم أن الدوافع والقدرات والفرصة الحالية تشبه إلى حد كبير ما كان الأمر عليه عام 1992، عند إنشاء بطولة الدوري الإنكليزي الممتاز وتوقفت بطولة كأس أوروبا عن اعتماد نظام خروج المغلوب مباشرة.
من الناحية النظرية، بإمكان أغنى أندية كرة القدم تأسيس منافساتها الخاصة، وجذب الشركاء المناسبين في قطاع البث، واجتذاب الرعاة، واللعب في الملاعب المزدحمة بالجماهير؛ لأنها الأندية الأكثر شعبية، ولديها أفضل اللاعبين وأكبر العلامات التجارية. فلماذا لا يُسمح لهم باستغلال تلك الأصول بشكل كامل؟ لماذا يتركون العلامات التجارية الأقل جاذبية يقللون من قيمتهم؟
كانت هذه نفس الحجج التي قدمتها الأندية الإنكليزية الكبرى منذ 30 عاماً. والآن، مع تراجع أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر، لن تكون هناك أي مشكلة في إقناع أي بنك أو شركة أسهم خاصة بتقديم الضمانات التي تحتاج إليها الأندية لتعويضها عن الدخل المفقود من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حتى يتمكنوا من تأمين علاقة جديدة تغير قواعد اللعبة مع أي من عمالقة البث عبر الإنترنت أو تكتّل إعلامي مستعد للمراهنة على تلك البطولة الجديدة باعتبارها ستحقق مشاهدات أكبر من دوري الأبطال.
وفيما يتعلق بالدافع، لا تسأل العقرب عن دافعه عندما يلسع الضفدع الذي ينقله عبر النهر، إنها طبيعتهم.
بغض النظر عن الأموال التي تعرضها عليهم أو مدى سهولة تلهم إلى البطولات أو عدد المباريات التي تسمح لهم بلعبها قبل الخروج من البطولة، سيريدون المزيد دائماً.
لكن هذا الدافع ازداد بشكل كبير خلال العام الماضي عندما خسرت تلك الأندية مليارات الدولارات بسبب الجائحة، وأصبحت تشعر الآن بالحقد واللهفة على تعويض خسائرها.
وعندما تنظر تلك الأندية، بعين الغيرة، إلى مقدار المال الذي تجنيه حقوق الامتيازات الرياضية في أمريكا الشمالية، في دورياتها المغلقة، سيصبح الدافع لا يقاوم.
وكما يعلم أي مستثمر، فإن أزمة رجل ما هي فرصة لرجل آخر. لذا، عندما أضعفت الجائحة الجميع، كانت مجموعة "دوري ديلويت المالي لكرة القدم" في موقف أقوى، والضرر الواقع عليها نسبي.
عند إنشاء بطولتي دوري الأبطال والدوري الإنكليزي الممتاز بشكلهما الجديد، قضت كرة القدم قرابة عقد في التعامل مع الكوارث وأعمال الشغب. وفي ذلك الوقت، خلقت مشكلات اللعبة الواضحة ظروفاً مثالية للتغيير. وهو ما يشبه الوضع الحالي على نحو خطير.
لماذا وصل الأمر إلى تلك المرحلة في هذا الوقت؟
تستخدم الأندية الأوروبية الكبيرة بطاقة "دوري السوبر الأوروبي" مرتين كل عقد طوال نصف قرن، ودائماً ما يؤدي ذلك إلى منح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لها أكثر مما يريدون. لا تزال الأموال الوفيرة هي هدفهم الأساسي، لكن الأندية الكبرى هذه المرة تدرك أنها قد لا تكون لها الكلمة العليا بهذه القوة مرة أخرى.
ورغم صياح البعض "دعهم يذهبون"، يدرك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن ذلك سوف يؤذي الجميع.
على سبيل المثال، هناك بعض الدور الأصغر كروياً التي لا تزال واقفة على قدميها بفضل الأموال التي تحصل عليها اتحادات الكرة بتلك البلدان من المنافسة الأوروبية السنوية الأكثر ربحية.
حتى الدوري الإنكليزي الممتاز، الدوري المحلي الأغنى في اللعبة، يدرك تماماً أن حجم الأندية المتنافسة مهم للغاية عند إبرام العقول التلفزيونية، لذا لا يمكنه المخاطرة بالاستغناء عن أبرز الأندية والتوقع بأن تسير الأمور على نفس الحال.
تدرك أندية النخبة هذا الأمر جيداً، لذا ستمارس مزيداً من الضغط. لقد حصلوا على فرصة تنظيم البطولة والمنافسة كما يريدون، حتى إنهم خصصوا دعوتين إضافيتين لأي نادٍ من أقرانهم لم يتمكن من التأهل للبطولة من خلال أدائه الموسم السابق. وكأن ذلك لا يكفي، بل يريدون إدارة البطولة أيضاً.
خلال موسم 2018/2019، انخفض عدد جمهور مباريات دوري الأبطال من متوسط ملياري مشجع خلال المواسم الثلاثة السابقة إلى 1.3 مليار فقط في ذلك الموسم.
وخلال عام واحد فقط في ظل الإدارة الحالية، انخفض عدد المشاهدات التلفزيونية لمباريات دوري الأبطال بنسبة 35%، كما شهدت بطولة الدوري الأوروبي أيضاً انخفاضاً في عدد المشاهدات بنسبة 17%.
تريد أندية النخبة أن تكون مسؤولة عن بيع حقوق البث، وعقود الرعاية وأن تكون مسؤولة عن تشكيل وتطوير المسابقة. وفوق ذلك، لا تريد أن يشاركها أحد في ذلك.
من يقود هذه الفكرة؟
منذ عام 2009، وضع رئيس نادي ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، نصب عينيه إقامة بطولة أوروبية جديدة. وقال وقتها: "علينا الاتفاق على بطولة دوري سوبر أوروبي تضمن مواجهة أفضل الأندية دائماً، وهو الأمر الذي لا يحدث باستمرار في دوري الأبطال".
هذا هو جوهر الخطة الأصلي. ويقول أحد الأعضاء السابقين بمجلس إدارة مانشستر يونايتد سبق له العمل مع عائلة غلازر: "عندما وصلت عائلة غلازر إلى رئاسة النادي، أدركوا أن إدارة كرة القدم الحقيقية في أعلى مستوياتها تقع في نطاق أوروبا، وأنه من أجل تعظيم قيمة الأصول التي تمثلها هذه اللعبة، ينبغي أن يبدأ ذلك على الساحة الأوروبية".
وأضاف: "وهذا يعني بالتالي مزيداً من المباريات ضد أندية أوروبية من العيار الثقيل".
كان هناك تأكيد خلال المحادثات على أن القيمة والنمو والمستقبل يمكن العثور عليها في عدد أكبر من المباريات مثل ليفربول ضد برشلونة، والتي تعد أكثر جاذبية بكل تأكيد من مباريات واتفورد ضد بيرنلي على سبيل المثال. ولا أعتبر ذلك أمر غير متوقع من الملاك الأمريكيين الذين يحاولون تحويل نموذج كرة القدم الإنكليزية إلى نموذج رياضي أمريكي، ويعتقدون أننا بحاجة إلى توجيه خفيف لمعرفة القيمة الحقيقية للرياضة".
أكبر محركي مقترحات دوري السوبر الأوروبي الحالية، وفقاً لمصادر عديدة، هم أندية ريال مدريد ومانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال.
وذكرت تصريحات تلك الأندية أن فلورنتينو بيريز سيكون رئيس البطولة، بينما سيشغل كل من جويل غلازر، عن نادي مانشستر يونايتد، وأنييلي، رئيس نادي يوفنتوس، منصبي نائب الرئيس.
وأشارت تقارير إلى أن جون دبليو هينري، رئيس ومالك نادي ليفربول، وستان كرونكي، مالك نادي أرسنال، سيشغلان منصبي نائب الرئيس أيضاً.
وجاء توتنهام بين الأندية الداعمة للخطة الانفصالية، برغم فوزه بلقبين كبيرين فقط منذ عام 1991، لكنه يعتبر من الأندية الجاذبة دعائياً.
هناك العديد من المصادر التي تشير إلى أن نادياً مثل توتنهام سيكون حريصاً على الانضمام لدوري السوبر الأوروبي لأن أي انفصال عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من شأنه رفع قيمة النادي على الفور، وسيتيح ذلك للملاك إمكانية بيع النادي بسعر أعلى، رغم إصرارهم المستمر على أن النادي ليس للبيع.
وانضم الناديان، تشيلسي ومانشستر سيتي، مؤخراً إلى المخطط، وربما يمثّل موقف مانشستر سيتي مفارقة مثيرة للسخرية بشكل خاص لأن النادي الإنكليزي اشتكى كثيراً من تآمر غالبية "الأندية الكبرى" في أوروبا للحد من إنفاقه وإخراجه من دائرة أندية النخبة.
وذكرت بعض المصادر أن المشاركة المحتملة لتشيلسي ومانشستر سيتي تأتي بسبب رغبتهم في عدم التخلّف عن أقرانهم، وليس رغبة منهم في تلك المزايا الجديدة في حد ذاتها.
أرسل فيران سوريانو، الرئيس التنفيذي لنادي مانشستر سيتي، رسالة إلكترونية لكل العاملين بالنادي في وقت متأخر من ليلة الأحد، أخبرهم فيها أنه ستتاح لهم فرصة طرح الأسئلة في اجتماع فريق العمل المقبل وأن "الهدف هو تحسين جودة وقوة المنافسة".
وفي إسبانيا، تجاوزت ديون نادي برشلونة مليار يورو (1.2 مليار دولار) وتزيد ديون ريال مدريد عن 900 مليون يورو (1.08 مليار دولار).
وفي ظل جائحة كوفيد-19 وتراجع معدلات النمو والإيرادات بشكل خطير، تصبح المكاسب المفاجئة من دوري السوبر الأوروبي جذابة للغاية لكلا الناديين.
ولحق الثلاثي الإيطالي بركب أندية النخبة المنفصلة، وذكرت مصادر في إيطاليا أن ما ساعدهم في حسم قرارهم مراقبتهم لمعاناة الدوري الإيطالي في مفاوضات آخر صفقة بث تلفزيونية محلية.
بعد جدل كبير، وقعّت مؤسسة الدوري الإيطالي مع شبكة البث الرياضية العالمية DAZN المملوكة للملياردير ليونارد بلافاتنيك.
وبرغم قيمة الصفقة البالغة 2.5 مليار يورو (3 مليارات دولار)، بواقع 840 مليون يورو (مليار دولار) عن الموسم الواحد، لبث معظم المباريات في الفترة بين 2021 و2024، تعتبر هذه الصفقة أقل من صفقات البث التلفزيونية السابقة.
لكن ما أذهل مجتمع كرة القدم الأوروبية بشكل أكبر كان موقف أنييلي، رئيس نادي يوفنتوس الإيطالي.
حتى استقالته المفاجئة ليلة الأحد، كان أنييلي عضواً باللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم وكان رئيساً لرابطة الأندية الأوروبية التي تضم 246 نادياً، من نادي هلسنكي الفنلندي وحتى برشلونة.
وبحكم منصبه في رئاسة رابطة الأندية الأوروبية، تقع على عاتقه مسؤولية الدفاع عن مصالح الأندية الأعضاء، إلا أنه قرر الانحياز إلى مجموعة انفصالية تهدد مستقبل البطولات الأوروبية العريقة مثل دوري الأبطال والدوري الأوروبي إلى جانب بطولة دوري المؤتمر الأوروبي، التي من المفترض أن تبدأ نسختها الأولى مع الموسم الجديد.
كما يشغل إد وودورد، الرئيسي التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد، منصباً في مجلس إدارة رابطة الأندية الأوروبية، إلى جانب فيناي فينكاتيشام، الرئيس التنفيذي لنادي أرسنال، وإيفان غازيدس، الرئيس التنفيذي لنادي ميلان الإيطالي. ومن المتوقع أن يعلنوا استقالتهم أو أن يقالوا بسبب خيانتهم. كان غازيدس رئيساً تنفيذياً سابقاً لنادي أرسنال الإنكلزي، وأشارت عدة مصادر إلى أن راؤول سانليهي، رئيس كرة القدم السابق بنادي أرسنال، كان وسيطاً في المحادثات، لكنه لم يعلّق على ذلك.
في مساء يوم الأحد، عقدت رابطة الأندية الأوروبية اجتماعاً طارئاً عبر الإنترنت، لكن ممثلي أندية دوري السوبر الأوروبي المستحدث لم ينضموا إلى المحادثات. استضاف أدوين فان در سار، رئيس نادي أياكس الهولندي، ذلك الاجتماع، وانضم إليه ممثلا الناديين باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ. وفي وقت سابق من اليوم، وجّه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم شكره إلى الأندية الفرنسية والألمانية لرفضهم إغراءات الانضمام إلى المنفصلين.
وداخل رابطة الأندية الأوروبية، هناك غضب عارم من خيانة أنييلي ووودورد، وتشعر العديد من الأندية بالإحباط بعدما أقرّت رابطة الأندية الأوروبية يوم الجمعة فقط دعم مقترحات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم المقررة في اجتماع الإثنين، 19 أبريل/نيسان.
وذكر الكثيرون محادثة وودورد مع المستثمرين في شهر أكتوبر/تشرين الأول السابق، عندما أكّد على أن نادي مانشستر يونايتد لن يكون جزءاً من أي مجموعة انفصالية وأن النادي سيعمل مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من أجل إصلاح مسابقات الأندية الأوروبية.
ونال أنييلي نصيب الأسد من الانتقادات.
كان يُنظر دائماً إلى أنييلي باعتباره حليفاً مقرباً لألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حتى إن تشيفرين هو عرّاب ابنة أنييلي.
وذكر العديد من المصادر أن تشيفرين لم يتمكن من الاتصال بصديقه خلال الأيام الماضية. وقال أحد المصادر: "اعتقد تشيفرين أن أنييلي سيقف إلى جانبه ضد مخططات الانفصال، وأنه قادر على السيطرة عليه، لكنه كان مخطئاً".
وأضاف شخص آخر من أحد الأندية الأوروبية البارزة: "المعركة الآن بين تشيفرين وأنييلي، وكلاهما يتمتع بأكبر قدر من العلاقات والموارد لا يمكن تخيله، مما سيجعلها معركة ضارية".
وانتقد آخرون أسلوب أنييلي بشكل حاد ووصفه بعض مسؤولي الأندية بـ"الثعبان" بسبب الطريقة التي خدع بها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ورابطة الأندية الأوروبية وانضمامه إلى المخططات الانفصالية. وأشاروا إلى أن أنييلي في الشهر الماضي وصف تعديلات بطولة دوري الأبطال (النموذج السويسري) بأنها "جميلة للغاية".
لكن أنييلي أثار القلق داخل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في شهر يناير/كانون الثاني الماضي عندما استضاف بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، في كونتيناسا، المبنى العريق الذي جدده يوفنتوس مؤخراً وحوله إلى مقره الرئيسي الجديد. وقضى الرئيسان ثلاث ساعات في تبادل الأفكار حول رؤية بيريز الطموحة لتوفير مكان ثابت للأندية العريقة في منافسات النخبة، على غرار المسابقات الرياضية الأمريكية.
وفي يوم الأحد، ظهرت تقارير في إيطاليا تشير إلى أن شبكة DAZN، التي تملك حقوق البث التلفزيوني للمسابقة الإيطالية المحلية، ستكون الشريك الرئيسي لبث بطولة دوري السوبر الأوروبي الجديدة، لكن الشركة نفت أي علاقة لها بتلك الأزمة. ويدرك موقع The Athletic أن شبكة Sky Sports غير متورطة في مخططات دوري السوبر الأوروبي، إذ خصص محللو القناة غاري نيفيل وروي كين وميكاه ريتشاردز فترة ما بين شوطي مباراة مانشستر يونايتد وبيرنلي لانتقاد مخططات الانفصال بشكل لاذع، مما يشير إلى أن الشبكة ليس لديها ما تكسبه من تطوير مسابقة جديدة مثل دوري السوبر الأوروبي.
بالإضافة لذلك، تستعد العديد من شبكات البث العالمية الكبيرة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الأندية التي ستؤدي خططها إلى خفض قيمة الدوريات المحلية.
هناك شركات بث وقعّت عقوداً تمتد إلى خمس سنوات لتغطية الدوري الإنكليزي الممتاز، وذلك على اعتبار أن منافسة الأندية للوصول إلى المسابقات الأوروبية ستكون من عناصر الجذب والإثارة في الدوري. لذا، أي تدابير قد تتخذها الأندية وتغير من طبيعة الدوريات المحلية ستواجه بمطالب تعويض كبيرة.
وأكّد مصدر مطلّع: "سوف تتخذ شركات البث إجراءات قانونية. لقد طالبت تلك الشركات بتعويضات لمجرد غياب الجماهير عن الملاعب، لذا أعتقد أنهم سيطلبون تعويضات ضخمة إذا أصبح المنتج مختلف تماماً. سيبدو الأمر كما لو اشتريت حقوق بث الدوري الإنكليزي الممتاز وحصلت بدلاً منه على دوري الدرجة الثانية".
ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
يبدو أن تطلعات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من أجل إصلاح المسابقة تعرضت لضربة موجعة، فقد عمل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم طيلة الأسبوع الماضي على استمالة الأندية ودفعها للموافقة على المقترح الجديد. وقال مصدر مطلّع: "ليس تشيفرين بالشخص الذي يذعر بسهولة، لكن ما حدث زلزل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حتى النخاع".
ستكون هناك ردود فعل قوية لهذا الأمر. أصدرت رابطة أنصار نادي توتنهام بياناً ليلة الأحد تتهم فيه مجلس إدارة النادي "بالاستعداد للمخاطرة بسمعة ومستقبل النادي من أجل سعي انتهازي وجشع" وأن النادي معرض للطرد من الدوري الإنكليزي وحرمان لاعبيه من المنافسات الدولية. وذكر البيان: "الملاك الحاليون مجرد أوصياء على مؤسسة عريقة عمرها 139 عاماً، ومع ذلك يخاطرون بكل شيء من أجل الجشع. نطالب مجلس الإدارة بإلغاء ارتباطه فوراً بتلك البطولة المزعومة".
ومن المرجح أن تصل الانتقادات إلى وسائل الإعلام واللاعبين السابقين والمديرين الفنيين الحاليين، بل واللاعبين أيضاً. وحتماً سيكون هناك قدر كبير من التهديدات.
أصدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بياناً مشتركاً مع الدوري الإنكليزي والدوري الإسباني والدوري الإيطالي أكدوا فيه على "منع الأندية المتورطة من اللعب في أي بطولة محلية أو أوروبية أو عالمية أخرى، مع إمكانية حرمان لاعبيهم من تمثيل منتخباتهم الوطنية".
وجاء رد فعل الاتحاد الدولي لكرة القدم لاحقاً غير متناسب مع حجم الأزمة، وذكر الاتحاد الدولي: "لا يسعنا إلا التأكيد على رفض بطولة أوروبية منفصلة مغلقة خارج منظومة كرة القدم العالمية".
وقال مصدر مقرّب مطلّع على الأحداث: "هذه مسألة حياة أو موت بالنسبة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والذي قد يخسر كل شيء. داخلياً، لا يزال هناك شعور بأن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سيقدّم صفقة جيدة لتلك الأندية يجعلها تتراجع عن موقفها، وذلك استناداً لما حدث من قبل. لكن إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، لن يصل بنا ذلك إلا لمكان واحد، ساحات المحاكم".