واصل اللاعب الدولي البلجيكي روميلو لوكاكو تألقه في الدوري الإيطالي لكرة القدم عندما قاد إنتر ميلان، مساء أمس الخميس، لفوز ثمين على مضيفه بارما (2-1) لحساب الجولة الـ25 من مسابقة الكالتشيو، حيث أسهم بشكل مباشر، في الهدفين اللذين سجلهما زميله التشيلي أليكسيس سانشيز، ليؤكد مجدداً أنه بات اللاعب الأهم في طريقة اللعب التي يعتمدها مدرب الفريق أنطونيو كونتي في الموسم الجاري التي يسير بفضلها نحو تحقيق لقب "السكوتيدو" الذي غاب عن خزائن النادي منذ سنة 2010.
وقد لاحظت من خلال متابعتي لبعض مباريات الدوري الإيطالي لكرة القدم "سيري أ"، أو للقطات منها، أن الكثير من أهداف نادي إنتر ميلان وقعها النجم البلجيكي لوكاكو، أو جاءت بتمريرات حاسمة من هذا الأخير، أو يكون هو من قاد العمليات الهجومية من خلال حملات معاكسة خاطفة يستعمل فيها سرعته الكبيرة وقوته البدنية الهائلة لتجاوز منافسيه واختراق الجدار الدفاعي.
وقد منحتني هذه الملاحظة فكرة الكتابة عن روميلو لوكاكو، فقمت ببحث خفيف عن اللاعب فوجدت العديد من المعلومات، التي صراحة لم أكن أعرفها عنه، كما عثرت على بعض المعطيات التي تؤكد فعلاً ما لاحظته عنه.
فقد وجدت مثلاً تصريحاً للاعب نفسه في ردّه على سؤال حول ما إذا كان يقوم بحصص تدريبية خاصة لزيادة حجم عضلات جسده، فكشف أنه لم يقم بمثل تلك الحصص منذ سنوات عدة، ولكنه يخصص وقتاً خلال تدريبات الفريق العادية على تقوية قدرته الجسدية وتطوير سرعته لأنهما جزء من طريقة لعب إنتر ميلان.
لاحظوا معي جيداً ما أشار إليه لوكاكو.."قوته البدنية" و"سرعته" هما "جزء من طريقة لعب إنتر ميلان".
ويعتمد مدرب إنتر ميلان، أنطونيو كونتي، على عدة خطط تكتيكية ولكنه يفضل كثيراً خطتي (4-4-2) و(3-5-2)، أي بمهاجمين اثنين صريحين، وهما في الموسم الحالي روميلو لوكاكو والأرجنتيني لاوتارو مارتينيز، أو التشيلي أليكسيس سانشيز لتعويض أحد اللاعبين الاثنين الأساسيين.
يتحرك على طريقة لاعبي كرة القدم الأمريكية
ولا يكتفي لوكاكو بالبقاء في منطقة العمليات وانتظار كرات زملائه لوضعها في شباك مرمى الخصوم، بل يعود في كثيراً من المرات إلى خط وسط الميدان لقيادة العمليات الهجومية بنفسه بفضل سرعته الفائقة وقوة اختراقه المميزة، وهذا ما ألمح إليه كونتي عندما شبّه العملاق البلجيكي بلاعب كرة القدم الأمريكية، حيث صرح، قبل أسبوع، لصحيفة "كوريري ديلا سيرا الإيطالية: "لوكاكو لاعب كرة قدم غير عادي ولا يوجد له مثيل في العالم، فهو مهاجم ويتحرك كهدف للمنافسين وسريع جداً.. إنه مثل لاعب كرة القدم الأمريكية".
ومن المؤكد أن كونتي قام بدور كبير في تطور مستوى روميلو لوكاكو الذي يسير نحو تحقيق أفضل موسم له في مساره الاحترافي، حيث سجل حتى الآن 18 هدفاً وقدم 8 تمريرات حاسمة، وسيكون الأمر مثالياً لو أنهى الموسم بالتتويج بلقب الدوري الإيطالي حيث يبتعد الإنتر حالياً، في صدارة ترتيب "الكالتشيو" بفارق 6 نقاط عن ملاحقه المباشر وغريمه التقليدي نادي ميلان قبل عن نهاية المسابقة.
ولم يسبق للوكاكو التتويج بأي لقب لدوري محلي منذ ذلك الذي ناله رفقه نادي إندرلخت البلجيكي في موسم (2009- 2010)، وهو الفريق الذي شهد ظهور روميلو على الواجهة الأوروبية وجلب أنظار عمالقة أندية القارة العجوز.
أرقام تاريخية مع إندرلخت ومنتخب بلجيكا
فقد ولد روميلو لوكاكو يوم 13 مايو/أيار 1993 بمدينة أنفرس البلجيكية، وتعلق بكرة القدم منذ نعومة أظافره حيث كان والده روجيه لاعباً محترفاً ببلجيكا، ولم يعتزل سوى في سنة 1999، أي لما كان روميلو يبلغ من العمر 6 أعوام، وهي من غرائب الصدف السنة التي شهدت انضمام لوكاكو الطفل لأول فريق مهيكل في مساره الرياضي، ويتعلق الأمر بنادي "روبل بووم" الذي استمر معه إلى 2003 حيث التحق بنادي "فينتام" بعد تغيير عائلته لمقر سكنها، ثم لنادي "لييرس" في عام سنة 2004، أين تألق رفقته بشكل "رهيب" بتسجيله 130 هدفاً في موسمين متتاليين، ما لفت انتباه كشافي عملاق بلجيكا، نادي إندرلخت الذي ضمه لصفوفه في صيف 2006 رفقة شقيقه الأصغر جوردان.
وواصل الفتى روميلو، مع إندرلخت، تألقه في دوريات الشباب لبلجيكا، حيث سجل 121 هدفاً في 87 مباراة، فكان من الطبيعي أن يتم استدعاؤه، في أواخر موسم 2008-2009، للمشاركة في تدريبات الفريق الأول وهو في سن الـ16 من عمره فقط، ثم خوض أول مباراة رسمية في دوري الدرجة الأولى البلجيكي يوم 24 مايو/أيار 2009 ، لما دخل بديلاً لزميله فيكتور بيرنانديز في الدقيقة الـ69 من مواجهة ستاندار لياج، في سن 16 عاماً و11 يوماً، ليصبح بذلك أصغر لاعب في تاريخ الدوري البلجيكي.
هذا الرقم المميز لروميلو لوكاكو سيكون مفتاحي للحديث عن الأرقام القياسية الكثيرة التي حققها النجم البلجيكي خلال مساره الاحترافي حتى كتابة هذه الأسطر.
فقد كان لوكاكو أصغر لاعب يشارك في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بعمر 16 عاماً و3 أشهر و6 أيام، وذلك يوم 19 آب/أغسطس 2009، أمام نادي ليون الفرنسي (5-1) في مواجهة الذهاب للدور الفاصل المؤهل لدور المجموعات، كما نال جائزة هداف الدوري البلجيكي لموسم 2009- 2010 برصيد 15 هدفاً وهو لم يبلغ بعد سن الـ17.
لوكاكو بعد دييغو مارادونا
ويعتبر لوكاكو صاحب الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف يسجلها لاعب من نادي وست برومويتش الإنجليزي في موسم واحد وكان ذلك في (2012- 2013) بمجموع 17 هدفاً، كما يُعد أفضل هداف في تاريخ نادي إيفرتون بالدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 53 هدفاً.
وروميو لوكاكو هو الهداف التاريخي لمنتخب بلجيكا بمجموع 54 هدفاً في 86 مباراة رسمية، وقد خاض أول مباراة له مع منتخب بلده وهو في سن الـ16 و294 يوماً، في عهد المدرب الهولندي ديك أدفوكات، وكان ذلك يوم 3 مارس/آذار 2010 في لقاء ودي أمام المنتخب الكرواتي (0-1) بالعاصمة بروكسل، ثم سجل أول أهدافه مع منتخب "الشياطين الحمر" يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 بثنائية في مرمى المنتخب الروسي (2-0).
ولوكاكو هو أول لاعب يسجل ثنائيتين متتاليتين في نهائيات كأس العالم لكرة القدم منذ الراحل الأسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا في 1986، وكان ذلك خلال مونديال روسيا 2018، حيث وقع هدفين أمام بنما (3-0) ثم أمام تونس (5-2) في دور المجموعات.
ويقترب روميلو لوكاكو من بلوغ الـ28 من عمره، وهو العمر الذي يعتبره الاختصاصيون بمثابة سن النضج الكروي للاعب، مثلما كان الشأن مع نجوم سابقين وحاليين على غرار دييغو مارادونا وميشال بلاتيني وزيكو وميسي وكريستيانو، وما علينا الآن سوى انتظار نهاية الموسم الجاري لنتعرف على الأرقام الجديدة للنجم البلجيكي والتي قد تسمح له بالتنافس على جائزتي أفضل لاعب في أوروبا وفي العالم، خاصة في حال تألقه رفقة منتخب بلجيكا في نهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم الصيف القادم.
لن أختم المقال دون الإشارة إلى إجادة روميلو لوكاكو الحديث بـ7 لغات، وهي الفرنسية والهولندية والبرتغالية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية و"ليتغاتا"، اللغة المحلية بجمهورية الكونغو الديمقراطية، البلد الأصلي لوالديه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.