يخوض اللاعب الدولي الجزائري سفيان فيغولي موسمه الرابع توالياً مع نادي غلطة سراي على أمل إنهائه بنفس التألق ونوعية الإنجازات التي حققها في المواسم الثلاثة الماضية، والتي جعلته يرتبط بعلاقة مميزة مع العملاق التركي على الرغم من إغراءات أندية الخليج العربي.
ويعتبر فيغولي أحد أبرز اللاعبين العرب الذين لم ينالوا حظهم من الاهتمام الإعلامي الواسع رغم تألقه في فترة من الفترات ضمن أكبر دوري في العالم، ونعني به الدوري الإسباني، ضمن نادي فالنسيا الذي تقمص ألوانه لـ6 مواسم كاملة.
ولذلك وقبل الحديث عن مشواره مع غلطة سراي، فقد فضلت التعريف بمساره الاحترافي وبعض مواقفه المثيرة للجدل في بلده الجزائر وفي خارجها أيضاً.
فيغولي على رادار مانشستر يونايتد
ولد سفيان فيغولي يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 1989، ببلدة "لوفالاوا بيري" بالضاحية الشمالية الغربية للعاصمة الفرنسية باريس، من أبوين جزائريين، حيث ينحدر والده من مدينة تيارت، بالغرب الجزائري، ووالدته من مدينة الغزوات، بأقصى الغرب الجزائري مع الحدود المغربية.
ونشأ سفيان في مدرسة نادي ريد ستار الفرنسي من 1998 إلى 2003، ثم واصل تكوينه في مدرسة نادي باريس في موسم 2003 – 2004، قبل أن ينضم لنادي غرونوبل الذي كان ينشط في دوري الدرجة الثانية الفرنسي، ويساهم في صعوده في عام 2009 إلى دوري الدرجة الأولى.
وخلال الموسم الاستثنائي لفريق غرونوبل في موسم 2008- 2009، تألق فيغولي بشكلٍ لافتٍ رغم صغر سنه، حيث كان يبلغ من العمر 19 عاماً فقط، ما جعل نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي يرسل كشافين اثنين لمعاينته في يناير/كانون الثاني من عام 2009، وبقي يراقبه إلى غاية أن خطفه نادي فالنسيا الإسباني في صيف 2010.
أفضل لاعب إفريقي في "الليغا"
ولعب فيغولي في صفوف نادي فالنسيا 6 مواسم كاملة، من 2010 إلى 2016، تخللتها فترة إعارة قصيرة لنادي ألميريا من يناير /كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2011.
وتعتبر فترة تواجده في النادي الأندلسي أفضل مرحلة في مساره الاحترافي، حيث كان أحد كبار نجوم الدوري الإسباني، ما سمح له بالتتويج مرتين متتاليتين بجائزة أفضل لاعب إفريقي في "الليغا" في موسمي (2014-2015) و(2015- 2016) حيث خلف في السجل، مواطنه ياسين براهيمي الذي نال الجائزة في موسم 2013-2014، لما كان ينشط ضمن نادي غرناطة.
كما صنفت صحيفة "ماركا" الإسبانية فيغولي، في سنة 2015، كأسرع لاعب في "الليغا"، حيث حدد معدل سرعته في إحدى المباريات بـ35.53 كلم في الساعة، وهو نفس العام الذي كان فيها الفرنسي موسى سيسوكو متصدراً لأسرع لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز بمعدل 35.3 كلم في الساعة.
فالنسيا أوشك على طرده بسبب "جنازة مسيحي"
حمل فيغولي، إذاً، قميص نادي فالنسيا في 6 مواسمٍ كاملةٍ، خاض خلالها 203 مباريات رسمية وسجل فيها 31 هدفاً وقدم 38 تمريرة حاسمة، وذلك على الرغم من أنّ النادي الأندلسي كان على وشك التخلي عن خدماته في صيف 2013 لأسباب غير رياضية.
فقد أثار سفيان سخط وغضب إدارة نادي فالنسيا إلى درجة التفكير في بيع عقده، وذلك لغيابه عن جنازة أحد اللاعبين القدامى للفريق، أنطونيو بيشاديس، في مايو/أيار 2013، ولم يحضر فيغولي في الموعد المحدد لانطلاق الحافلة التي أقلت كل لاعبي فريق فالنسيا لحضور مراسيم تشييع جنازة بيشاديس، المحبوب من طرف كل أعضاء وجماهير نادي فالنسيا.
وتفهم مسؤولو النادي الأندلسي عدم اتباع سفيان فيغولي نفس ديانة أنطونيو بيشاديس إلا أنهم رأوا أنّ النجم الجزائري كان بإمكانه السير في الجنازة بدون اضطراره لدخول الكنيسة والحضور عن قرب لمراسم الدفن.
المهم تسامحت إدارة فالنسيا مع فيغولي بعد تلك الحادثة، وواصل النجم الجزائري مشواره مع النادي الإسباني إلى غاية نهاية موسم 2015-2016، حيث فضل خوض تجربة احترافية جديدة في دوري آخر، فتعاقد في يونيو/حزيران 2016 مع نادي وست هام الإنجليزي، في صفقة انتقال حر، لمدة 3 أعوام براتب شهري يقدر بـ3 ملايين يورو سنوياً.
تجربة فاشلة في الدوري الإنجليزي الممتاز
ولكن الحظ لم يحالف سفيان في "البريميرليغ"، إذ تعرض لإصابة قوية في بداية الموسم، أبعدته عن الملاعب لمدة شهر ونصف، وجعلته يصارع من أجل الظفر بمركز في التشكيلة الأساسية لفريق وست هام، وذلك إلى غاية يناير/كانون الثاني 2017، ما جعل حصيلته مع النادي تقتصر على المشاركة في 27 مباراة رسمية وتسجيل 4 أهداف فقط في موسم 2016-2017 .
وغادر بعدها إلى الدوري التركي، وبالضبط نحو نادي غلطة سراي الذي تعاقد معه في أغسطس/آب 2017 لمدة 5 مواسم في صفقة بلغت قيمتها 4 ملايين يورو وبراتب سنوي يقدر بنحو 3.85 مليون يورو.
وبحكم مولده بفرنسا، فإنّ سفيان فيغولي يحمل الجنسية المزدوجة الجزائرية والفرنسية، ولذلك فإنّ بدايته الدولية كانت مع منتخبات الفئات الشابة لفرنسا، حيث شارك في مباراتين اثنتين مع منتخب أقل من 18 عاماً في موسم 2006- 2007 وفي ثلاث مباريات مع منتخب الآمال (أقل من 21 عاماً) من 2008 إلى 2010.
وتلقى فيغولي استدعاء من المنتخب الجزائري للمشاركة في نهائيات مونديال جنوب إفريقيا 2010، لكنه اعتذر عن تلبية الدعوة بحجة عدم استعداده البدني لخوض مسابقة كبيرة ككأس العالم بسبب عودته المتأخرة من إصابة خطيرة.
جدل كبير مع قدامى الجزائر
وتأخر انضمام فيغولي لمنتخب بلده الأصلي إلى غاية مايو/أيار بعد لقاء مع الرئيس السابق للاتحاد الجزائري لكرة القدم، محمد روراوة، ثم خاض أول لقاء رسمي مع منتخب الخضر يوم 29 فبراير/شباط 2012 أمام منتخب غامبيا، بالعاصمة بانجول، لحساب تصفيات مونديال البرازيل 2014، حيث سجل هدفه الأول.
وعندما حقق منتخب "محاربي الصحراء" إنجازاً تاريخياً ببلوغه الدور ثمن النهائي المونديال، أثير جدل كبير في الجزائر حول أفضل جيل للكرة الجزائرية… هل هو جيل ثمانينات القرن الماضي، الذي وصل إلى نهائيات المونديال مرتين متتاليتين، في 1982 و 1986 أم جيل 2014 .
وقد أخد الجدال بعض التطرف لما بدأ بعض النقاد والمحللين الرياضيين على القنوات التلفزيونية، من جيل الثمانينات يشككون في وطنية جيل 2014 من ذوي الجنسية المزدوجة والذين لعبوا في صغرهم ضمن منتخبات الفئات الشابة الفرنسية، والذين يعتبر فيغولي واحداً منهم.
وقد كان فيغولي صريحاً جداً مع هؤلاء لما صرح في إحدى المناسبات بأنه وزملاءه هم أفضل جيل في تاريخ الكرة الجزائرية، وأنّ الوحيد من جيل الثمانينات الذي يمكنه التحدث هو رابح ماجر، لأنه نال لقب دوري أبطال أوروبا.
علاقة مميزة مع غلطة سراي التركي
نعود إلى المشوار الرياضي لفيغولي مع الأندية، ومن المرحلة التي توقفنا فيها، أي انضمامه لغلطة ساري، إذ أنجز موسماً أولاً رائعاً (2017- 2018) تُوّج خلاله بلقب الدوري التركي، وسجل 7 أهداف وصنع 10 أهداف أخرى في 32 مباراة رسمية.
وتراجع أداء "سوسو" في بداية موسمه الثاني ( 2018-2019)، ما جعل إدارة النادي التركي تعرضه للبيع في فترة الانتقالات الشتوية، في يناير/كانون الثاني 2019 ، فتلقى عرضاً مغرياً من ناد سعودي براتب سنوي يقدر بـ6 ملايين يورو سنوياً، لكنه رفض معتبراً نفسه "صغيراً على اللعب في الخليج".
وكان قراراً صائباً.. بحيث أدى فيغولي نصف موسم ثان مذهلاً، مسجلاً 14 هدفاً ومقدماً 10 تمريرات حاسمة، فقاد غلطة سراي للتتويج بثلاثية الدوري والكأس والسوبر، كما نال جائزة أفضل لاعب في النادي في الموسم .
وفي الموسم الماضي (2019-2020) سجل سفيان مع غلطة سراي 7 أهداف وقدم 5 تمريرات حاسمة في 40 مباراة رسمية، وهي أرقام تبدو متواضعة نسبياً مقارنة بالموسم ما قبل الماضي، ما فسح المجال، مُجدداً، للصحافة المحلية للحديث عن نية إدارة التركي تسريح النجم الجزائري لأحد أندية الخليج العربي، قبل أن يرد سفيان على "الشائعات" بتصريح لصحيفة "فانتيك" التركية في شهر مايو/أيار 2020.
وقال فيغولي في ذلك التصريح: "أحب نمط العيش هنا في تركيا.. ولما التحقت بغلطة سراي فإني تعاقدت مع النادي لمدة 5 أعوام، ومازال أمامي سنتان لتشريف تعاقدي.. وأعتقد أني أحسنت الاختيار بالانضمام لغلطة سراي، لأنّ هدفي كان التتويج بالألقاب، بحيث لم أكن أريد إنهاء مشواري الاحترافي دون نيل الألقاب".
ولم يقرر فيغولي الاستمرار مع غلطة سراي في الموسم الجديد (2020-2021) دون أن يتنازل عن بعض المزايا المادية، بحيث قبل طلب إدارة الفريق بتخفيض راتبه السنوي بـ600 ألف يورو منذ شهر أغسطس/آب الماضي، ليصبح 3.25 مليون يورو في الموسم العام الواحد.
ويأمل فيغولي، في الموسم الحالي، تفادي لعنة الإصابات ليساهم في تحقيق غلطة سراي لألقاب جديدة، بحيث اكتفى، إلى حد الآن، بتسجيل 3 أهداف وتقديم 4 تمريرات حاسمة، في 19 مباراة رسمية.
وقد غاب سفيان عن فريقه لمدة ثلاثة أسابيع، خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري، قبل أن يعود يوم 20 من نفس الشهر ويسجل هدفاً جميلاً في مرمى نادي دينيزلي سبور، لحساب الدوري التركي.. ولكن وأنا بصدد الانتهاء من كتابة المقال، بلغني أنّ النجم الجزائري تعرض، مساء الأحد 24 يناير/كانون الثاني، لإصابة جديدة على مستوى الفخذ اليمنى في مباراة مالاتياسبور، لحساب الجولة الـ20 من المسابقة، ونتمنى ألا تبعده عن الملاعب لمدة طويلة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.