إدارة عاطفية للفريق ومشجعون يعيشون في الماضي.. لماذا لن تنتهي أزمات ريال مدريد قريباً؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/01/16 الساعة 12:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/16 الساعة 12:07 بتوقيت غرينتش
الفرنسي زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد (رويترز)

أزمة نادي ريال مدريد الحالية أصعب مما يتصور الكثير من المحبين والمشجعين للفريق الملكي.
وأنا لا أخفي حبي وتعلقي بريال مدريد، الفريق الذي لطالما أتمنى له الفوز وتحقيق الألقاب، لكنني وكما أردد دائماً فالكتابة فعل مقدس يقوم على النزاهة والأمانة، فالكلمة شرف، ولذلك بالنسبة لي فإنني أطبق نفس المعايير والشروط في التحليل، لذلك لن تجدني متحيزاً بكلماتي، وإن انحازت مشاعري لريال مدريد مهما حدث. ولنتذكر جميعاً أن الحقيقة هي الحقيقة، وأن محاولات تجميلها أو طمسها لن تنجح.

في كل مرة أتحدث أنا أو غيري من الكُتاب الرياضيين أو المحللين بالنقد أو السلب عن وضع ريال مدريد الحالي، وعن الإدارة الفنية والخططية للفريق على يد الأسطورة زين الدين زيدان، يتم توجيه نقد لاذع من المحبين، الغارقين في حب زيدان حتى الثمالة. والحقيقة أنني لا ألقي عليهم بالكثير من اللوم، ولا أوجه لهم سهام العتاب، فحينما حقق زيدان ولاعبوه الثلاثية التاريخية (الفوز بدوري الأبطال ثلاث مرات متتالية) مع ريال مدريد، نشأ بين المدرب واللاعبين من جهة وبين مجموعة من المشجعين من الجهة الأخرى رابطة عاطفية متينة، لدرجة تمنع المشجعين من أن يتقبلوا أو يستمعوا لأي نقد موجه لأي فرد في تلك المنظومة، سواء أكان مدرباً أو لاعباً. حتى ولو كان ذلك النقد مبنياً على أدلة وبراهين وتحليلات سليمة، لأن حب زيدان ولاعبيه أصبح كالعقيدة أو المبدأ الذي يعيش به المشجع ويحمله بين صدره ويدافع عنه مهما حدث.

ذات ماضٍ، حينما كان أسطورة التدريب الإيطالية، أريغو ساكي مديراً فنياً لفريق ريال مدريد، اجتمع مع رئيس النادي فلورينتينو بيريز، وأكد له هذا الأخير أن أكاديمية النادي تعج بالمواهب، واستمر في مدح الكاستيا كثيراً، حينها ردّ عليه المدرب ساكي وقال: "سيادة الرئيس، أن تكون لاعباً قادراً على المراوغة وتجيد جيداً التسديد، لا يعني أنك "لاعب سوبر"، الأمر أكبر من ذلك. كي تكون "لاعباً سوبر" فإن الأمر يتطلب الكثير من الذكاء، وهذا الذي يجعل منك لاعباً قادراً على التحرك والتمركز وفق نظام المجموعة. من يمتلك هذا الذكاء التكتيكي هو الملكة التي تستحق البناء عليها. والنقطة الثانية أن تمتلك مدرباً قادراً على التعامل مع اللاعبين وتعليمهم ما لا يعلمونه، وبذلك تضمن تطورهم، لقد تغيّرت مفاهيم اللعبة يا سيدي و علينا أن نتأقلم.

في ولاية الرئيس فلورنتينو بيريز الثانية، قال الجميع إن ريال مدريد قد استنسخ مدرسة برشلونة. عرف رئيس النادي أنه إذا أراد النجاح فعليه البحث عن المواهب وليس النجوم، فجاء مورينيو للفريق وتولى ملف الانتقالات، وتم طرد المخضرم فالدانو، المسؤول الأول عن التعاقدات وصديق بيريز المقرب، وتم بعد ذلك زيادة عدد كشافي النادي داخل وخارج إسبانيا.


ريال مدريد يخسر المواهب

الفريق أصبح ذا سياسة واضحة في طريقة تعامله مع كل موهبة، فحتى لو غادر أي لاعب يُعتقد أنه سيكون ذا شأن في المستقبل، يتم ربطه مباشرة ببند أحقية إعادة الشراء بعد موسم أو اثنين. وهذه السياسة لطالما اتّبعها برشلونة وأسهمت في صنع جيل تاريخي للفريق، لكنها اندثرت بمرور الزمن يوماً بعد آخر، وأصبحت الموهبة تفضل الترعرع في بيئة ريال مدريد على حساب برشلونة.

لكن على الأغلب الأمر سيتغير قريباً، وريال مدريد سيصبح في وضع لا يحسد عليه. ريال مدريد قد خسر عديداً من المواهب للمستقبل، والذي سيختار تمثيل الفريق سيحسب ألف حساب لما من الممكن أن يحدث له كما حدث للمواهب الأخرى، حيث تم التخلي سابقاً عن الموهبة المتواجدة حالياً في أتلتيكو مدريد، يورينتي الذي أصبح "جوكر" لا غنى عنه عند دييغو سيميوني، كما تمت إعارة الظهير سيرجيو ريغيلون، الذي يقدم أداءً ثابتاً دفاعياً وهجومياً، وقبل ذلك رحيل المتألق رفقة آي سي ميلان "ثيو"، وعدم استغلاله مع الفريق، ليصبح أحد أفضل الأظهرة في العالم. كما تمت إعارة داني سيبايوس وبيع لوكا كوفاسيتش لأنه لم يحصل على فرصة كاملة. وفي الصيف الماضي، تم بيع أشرف حكيمي ليصبح أهم حلول كونتي التكتيكية التي يبنى حولها خطته وتشكيلته. وكذلك خاميس رودريغيز الذي رحل مجاناً، لأنه لا أحد وثق فيه في النادي، وكذلك إبراهيم دياز، الذي قدم من مانشستر سيتي، والكل تحدّث عن موهبته الفذة، وهاهو الآن في ميلان، وأخيراً رحيل المهاجم الذي توقع له كثيرون مستقبل مبهر؛ يوفيتش.

ما الحل؟

رحل كريستاينو رونالدو الذي كان يسجل أكثر من 35 هدفاً كل موسم، وتم التعاقد مع هازارد الذي لم يستطع حجز مكان في التشكيلة الأساسية لريال مدريد. والأكيد أن الجميع في الإدارة الملكية يعضون أصابع الندم، ويعلمون أنه ليس من السهل، بل من المستحيل، تعويض رونالدو، وأن صفقة واحدة ولو كانت من العيار الثقيل غير قادرة حتى على تسجيل نصف أهداف كريستيانو.

وفي رأيي لا أحد سيقدر على تعويضه مهما كانت الأسماء التي سيتعاقد معها الفريق، سوى نجاح المنظومة ككل. ريال مدريد عليه أن يعلم أنه إذا لم يكن أساس البيت صلباً وقائماً بذاته فكل الزينة والزخرف المتواجد داخل المنزل سيهدم مع أول عاصفة، ولن يظل شيء على حاله. وأساس البيت هنا هو الإدارة الرياضية الحكيمة، والإدراة الفنية والتكتيكية القادرة على تنمية ورعاية وتطوير المواهب، وعمل خليط يجمع بين الخبرة والشباب.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

جاسر جاب الله
طالب ومدوّن رياضي
طالب ومدوّن رياضي
تحميل المزيد