قبل عامين ونصف، غِبت لـ8 أشهر بسبب إصابة خطيرة، في تلك اللحظة، كان المهم بالنسبة أن أعود حارس مرمى جيد مجدداً. كنت سعيداً جداً بالعودة والحصول على بعض الدقائق على أرضية الميدان وبأن أجد نفسي في المرمى، تحت العارضة وبين القائمين، مجدداً. وبالفعل حصلت على الوقت والكثير من الدعم.
صراحة، كانت الإصابة مقلقة؛ لأن قدمي كانت تتعرض للكسر كثيراً. لم أكن أعرف إذا كان بإمكاني العودة أم لا. لكن الآن هذا الأمر بات من الماضي، والاستقرار عاد لي من جديد. أشعر بالارتياح لأن جسدي يتركني وشأني حالياً ولا أقول لنفسي إنني سأعتزل كرة القدم بعد بضع سنوات. سأستمر طالما أنا بصحة جيدة وأستمتع.
هل يمكنني أن أتخيل نفسي مواصلاً اللعب في سن 42 مثل جانلويجي بوفون؟
لا يمكنني قول ذلك. بوفون أسطورة حقيقية، وشخص رائع أيضاً. من ناحيتي، لا أفكر في تحطيم أرقام قياسية متعلقة بالاستمرارية في اللعب. أريد فقط الاستمتاع وأن يقول زملائي: "نوير.. أنت لا تزال مهماً بالنسبة لنا".
أشعر بالفخر من اعتباري حارساً ثورياً في طريقة لعبي ومشاركتي في بناء اللعب. أعتقد أنني تركت أثراً في الأجيال القادمة من حراس المرمى. وكثيراً ما سمعتُ ذلك، وهذا يجعلني أشعر بالفخر. إذ يرغب العديد من مدربي فرق الشباب ومدربي الحراس في أن يتمكن الحراس من اللعب بكلتا القدمين حتى ترتفع مساهمتهم في بناء اللعب وليس الاكتفاء فقط بالتصدي للتسديدات وهجمات الخصوم. وحسب رأيي، من المهم جداً أن يتدرب الحراس الشبان على هذه الجزئية منذ الصغر؛ إذ إن تطوراً ضخماً يحدث حالياً في كرة القدم كما تغيرت قادة قاعدة التمرير لحارس المرمى عندما كنت صغيراً (في عام 1992).
تطور حارس المرمى
أعتقد أننا نتجه أكثر فأكثر نحو حارس قادر على الدفاع من الأمام. الحركات والمهام النموذجية للمركز ستظل باقية طبعاً. العمل الأساسي لحارس المرمى سيكون دوماً صدّ الكرات، لكن إنجاز مهام أخرى في اللعب بما يمثل منفعة كبرى للفريق. صار على الحارس أن يقوم أيضاً بخلق شيء ما.
عندما تكون في مركز خطر كحارس مرمى، فإنك ترتكب أخطاء تلقائياً. طبعاً، يجب التقليل منها. فالمهم هو الحصول على ما هو الأفضل بالنسبة للفريق وهذا يعني بالنسبة لي وضع الفريق في ظروف تسودها الثقة والطمأنينة.
فالحارس هو سند الفريق. كما يعني ذلك أنه يجب محاولة توفير بعض الانطلاقات السريعة والمجهود عن كاهل الآخرين. بهذه الطريقة، يمكن أن يتمتع الفريق باللياقة البدنية للمضي قدماً.
نحن نعلم دائماً قدرات مهاجمي الخصوم. أعلم ما يمكن أن يفعله ليوي أو هالاند. قبل وقت قصير من المباراة، أحلّلُ لاعبي الخصم. خمسة أو ستة لاعبين، في المواقف الهجومية والكرات الثابتة. بالتالي، هناك وضعيات تبرز في الذهن.
لكن لدى مثل هؤلاء المهاجمين تميّز بحيث يجب أن تقول لنفسك إنهم سيقومون دوماً بأشياء غير متوقعة. فأحاول تضييق الزاوية قدر الإمكان، بحيث يواجه المهاجم أكبر قدر من الضغط. بطريقة ما، لا يجب أن يرى المرمى، وإنما أنا. ومن هناك، الأمر لم يعد يتوقف سوى على حركة اللاعب ورد فعلي.
التصدي الأعظم
في 2008 في بورتو مع شالكه 04 في دوري الأبطال (في إياب ثمن النهائي). حصل بورتو على ركلة حرة، أُعيدت الكرة إلى منطقة الجزاء، ثم إلى رأس المهاجم. أوقفت الكرة في الهواء بقدمي، بدا الأمر وكأنه تصدٍّ في كرة اليد.
كنت قد عملت على تلك الحركة مع مدرب الحراس، توني تابالوفيتش، الذي ما زلت أتعاون معه. ما زلت فخوراً جداً بذاك التصدي. لا علاقة لذلك بمباراة نهائية، لكنه يعود إلى سنوات شبابي. كنا قد تأهلنا إلى ربع النهائي مع شالكه. الأمر أشبه ببلوغ النهائي مع بايرن ميونيخ.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.