دقائق بعد إعلان رئيس نادي برشلونة السابق، جوزيب ماريا بارتوميو، استقالته رسمياً من قيادة السفينة الزرقاء المزيَّنة بالحُمرة، وأنه سيتركها، بلا رجعة، تبحر في البحار والمحيطات الخضراء كما أراد كل عشاق البلوغرانا، الذين أجمعوا على أنه العِلة والداء ولا ترياق ولا دواء إلا بإفراغ مكتبه نهائياً والسير إلى الأمام دون النظر إلى الخلف أبداً، أرسل إليَّ صديق مبتهجاً يقول: "أظن أن ميسي سيبقى بعد رحيل بارتوميو"!
وواصل الحديث لدقائق طويلة، دون الخوض في أي نقطة أخرى خِلاف ذلك. وحاله وهو حال الآلاف، بل ربما الملايين عبر بِقاع المعمورة. فلا نقاش حول مدى إيجابية رحيل بارتوميو وجدوى بقاء ليونيل لأعوام أخرى قائداً كما كان دائماً، للسفينة التي هامت في محيط كبير ولم تجد طريقاً للمجد الأوروبي وهو مُنى كبار القوم في القارة. فالفريسة المحلية لا تُشبِع بطن أسدٍ احتل الغابة الأوروبية وتسيَّدها لسنوات.
كوارث بارتوميو
في تقرير لموقع Palnet sport أظهر أن سنوات بارتوميو ورغم بعض الإيجابيات فيها (بعض الألقاب، والصفقات والنجاح الاقتصادي)، فإن السلبيات طغت على المشهد، وإحدى أبرز تلك السلبيات سياسة التعاقدات في الصرح الكتالوني. لذا نشر الموقع أفشل 10 صفقات في عهد بارتوميو:
1. جيريمي ماثيو – 20 مليون يورو
2. لوكاس دين – 16.5 مليون يورو
3. توماس فيرمايلين – 18 مليون يورو
4. أندري جوميز – 35 مليون يورو
5. مارتن بريثويت – 18 يورو
6. مالكوم – 41 مليون يورو
7. أنطوان غريزمان – 120 مليون يورو
8. عثمان ديمبيلي – 105 ملايين يورو
9. أردا توران – 34 مليون يورو
10. فيليب كوتينيو – 120 مليون يورو
وهي الصفقات التي لم تحقق ما كان مرجوّاً منها إطلاقاً؛ بل زادت وضع الفريق سوءاً ولم تعوض الراحلين.
ووضَّح موقع Givemesport سلبيات أخرى أسهمت في تدهور حال الفريق الأول في مقاطعة كتالونيا، من بينها؛ التخلي عن مدرسة النادي "لا ماسيا" بشكل كبير وهي التي كانت خزاناً مهماً يمُدُّ الفريق الأول بالنجوم طيلة تاريخه. والاتجاه إلى جلب صفقات كبيرة بمبالغ خيالية، وعدم المحاولة بقوة أكبر للحفاظ على نجم الفريق الثاني، البرازيلي نيمار جونيور، الذي رحل إلى باريس سان جيرمان رغم أنه كان قطعة أساسية لا غنى عنها في الفريق وشكَّل قوة ضاربة في الهجوم رفقة سواريز وميسي في الثلاثية التاريخية التي سمّيت بالـMSN والتي جلبت ثلاثية الألقاب التاريخية الثانية في تاريخ الفريق سنة 2015. أما الفشل في تجديد عقد البرغوث الأرجنتيني فكان القشة التي قصمت ظهر البعير.
عن ميسي
الربط بين ميسي وبارتوميو كان كبيراً الصيف الماضي، أراد الأرجنتيني الرحيل تاركاً بيتاً آواه لسنوات طوال والسبب الأكبر كان التسيير السيئ لأوضاع النادي الكتالوني، والنتائج السيئة خاصةً أوروبياً وإضاعة فرصة التتويج بأكثر من نسخة لدوري الأبطال، والاختيار السيئ للمدربين، والانتدابات التي فشلت فشلاً ذريعاً، وبقاء الحرس القديم المُستهلك.
الميركاتو الماضي شهد مداً وجزراً كبيراً بين رئيس النادي والنجم الأول للفريق، تعددت الأخبار بين بقاء الأخير ورحيله وفي النهاية آثر البقاء مُرغماً، بسبب تعقيدات الخروج، وهي نقطة لم تُحسب لبارتوميو رغم أنه احتفظ بنجم قرر ترك النادي بلا رجعة ثم بقيَ؛ بل رُميَ بالفشل دون من سواه، فأشعل نار الكل بسوء النتائج ثم صبَّ الزيت وأغضبهم بإغضاب نجمهم الذي لم تتضح معالم مستقبله بالبقاء أو الرحيل في بداية الموسم، الذي يبدو فيه حال "البارسا" سيئاً جداً رفقة رونالد كومان القريب للرحيل، بسبب النتائج أو بسبب رحيل المتعاقد معه بارتوميو.
وجهة نظر
رغم أن بقاء ميسي في برشلونة مهم جداً ومطلوب دائماً ولا نقاش فيه، فإن المستقبل قد يأتي بغير ذلك، فلحظات الرحيل قادمة لا محالة سواء نهاية الموسم الحالي أو القادم أو ما بعدهما؛ لذلك وجب القول إن:
الأندية الكبيرة لم تقف يوماً على لاعب، يذهب أحدهم فيأتي آخر أو تُعوِّض المنظومة ما ضاع و"إن طال الأمر"، فهكذا حال الزمان، ميسي استثناء فريد في تاريخ برشلونة وله من التأثير ما لم يشهده ربما فريق في تاريخ كرة القدم وليس فقط ناديه.
إشكالية كثيرين- خاصةً من عايش فترة ميسي فقط أو العاشق له حد الثمالة- تكمن بالشك في أن الفريق قد يرتقي مرة أخرى والرافعة مفقودة، وهو حال من عشِق وعايش فترة رونالدو أيضاً من أنصار ريال مدريد. ورغم أن تأثير اللاعب الأول كان أشد وأقوى من الثاني فإن الفريق الثاني بدأ حقاً في الاستشفاء وصناعة منظومة من دون رونالدو، فكيف للأول ألا يصنع أخرى من دون الليو!
لا إنكار أن جودة الأداء وجمال فِعال بن روساريو كانا استثنائيَّين ليس فقط عند عشاق "البلوغرانا"؛ بل عند كل محبي كرة القدم في فرق العِقدين الأخيرين. لكن أن يتصور البعض أن يقف ويتأثر كيان عريق، مثل برشلونة، لحد الانحدار، برحيله فهو الأمر المستحيل الذي لا ولن يتقبله العقل، كما لا يتقبله البعض أيضاً، ظناً منهم أن برشلونة لن يساوي شيئاً من دون ميسي.
عباءة ميسي ثقيلة لكنها قابلة للنزع من على ظهر الفريق ولو بعد سنوات، والمفتاح رجل إنقاذ حقيقي يقود نادي الإقليم، ويكون ربّان السفينة الكبيرة، ينتشلها من الغرق وينقلها إلى بر الأمان بقوة الشخصية، ويبني المشروع المستقبلي- على المدى الطويل- والذي لا محالة سيكون من دون بن روساريو.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.