فصل آخر ينتهي من مسلسل إدارة نادي برشلونة، والبعض يرى وصول المسلسل لختامه. لكن الحقيقة، أن فصلاً جديداً سيبدأ خلال الأيام المقبلة. والسؤال الملحّ الذي تجب الإجابة عنه هو: مَن سيكون قائد مشروع "البارسا" الجديد؟
رئاسة نادي برشلونة ليست بالأمر الهين، وتولي دفة فريق يملك ميزانية تُعادل مداخيل بعض الدول، وفي جغرافيا سياسية في الأراضي الكتالونية المليئة بالمعارضة والتشديد على كل من يملك مفاتيح السلطة، أمر في غاية الصعوبة.
والتاريخ شاهد يؤكد صحة هذا الادعاء، حيث لم يغادر آخر 5 رؤساء لنادي برشلونة مناصبهم بسبب انتهاء ولايتهم، بل استقالوا (أو أجبروا على ذلك)، عدا خوان لابورتا الذي أنهى ولايته الرئاسية عام 2010، وكاد أن يلقى مصير البقية خلال تصويت حجب الثقة الذي أقيم عام 2008 ضده، لكن "السوسيوس" قرروا منحه فرصة ثانية لإصلاح مشروعه، وإعادة برشلونة لمنصات الألقاب، وقد نجح في ذلك.
الآن، وبعد استقالة جوسيب ماريا بارتوميو وإدارته كاملة، بسبب رفضه لإقامة تصويت حجب الثقة الذي نادت به الأصوات المعارضة داخل البيت الكتالوني، بدأت الأسئلة تُطرح حول الرجل الذي سيقود المرحلة المقبلة. وهنا نحن لا نتحدث عن "كارليس توسكيس" مسؤول الشؤون الاقتصادية في النادي، الذي أصبح الرئيس المؤقت حسب القوانين الداخلية للنادي. بل الحديث عن الشخص الذي ستختاره صناديق الاقتراع، وسيأتي بكامل رجاله وأمواله لبداية عهد جديد في نادي برشلونة.
وبالفعل، بدأت تتضح معالم المرشحين للرئاسة، ما بين مرشحين رئاسيين سابقين، وما بين أصوات قوية كان لها دور كبير في الإطاحة ببارتوميو.
- خوان لابورتا
عدد كبير من المشجعين (وأعضاء النادي أيضاً) يحنون للماضي الجميل، ويرون في المحامي الكتالوني الرجل المناسب لإعادة برشلونة لمكانه المعتاد. لابورتا، وإن لم يعلن ترشحه الرسمي لرئاسة النادي الكتالوني، إلا أن أصواتاً عديدة نادت بعودته لكرسي الرئاسة. والحقيقة أنها مغامرة غير محمودة العواقب، حيث سيغامر لابورتا بتاريخه وبحقبته الذهبية التي استهلها مع المدرب الهولندي رايكارد عام 2003، وختمها بجيل بيب غوارديولا الذهبي، الذي يُعد أفضل فريق مر في تاريخ النادي. ويبقى السؤال، حول مدى قدرة لابورتا على جلب المداخيل الاقتصادية للفريق الذي يعاني مادياً في الوقت الراهن، بل وصل الأمر لتشكيك كثيرين في قدرة لابورتا على ذلك، قائلين إن لابورتا لن يترشح للرئاسة، لكنه سيدعم مشروع المرشح الرئاسي الآخر فيكتور فونت.
- فيكتور فونت
يعد فيكتور فونت أحد أبرز المرشحين للحصول على كرسي الرئاسة. رجل الأعمال الشاب، والمتخصص في مجال التكنولوجيا والإعلام، استهل مشروعه الرئاسي لقيادة نادي برشلونة منذ عام 2015، حيث أطلق حملة "Sí Al Futur" (نعم للمستقبل)، وكان أول شخص يتحدث بجرأة عن "حقبة ما بعد ليونيل ميسي". فونت يركز خلال مشروعه على نقطة ضعف المشجعين والأعضاء: مدرسة لاماسيا. قائلاً إن سر نجاح برشلونة يكمن في هذه المدرسة، كما عُرف عنه امتلاكه لدعم أحد أفضل لاعبي الفريق على مر التاريخ: تشافي هيرنانديز، الذي سيكون مدرب النادي حال نجاح فونت في الانتخابات الرئاسية، بالإضافة لبويول وإنييستا، الذين يراهم فونت الأشخاص المناسبين للعمل في إدارة نادي برشلونة مستقبلاً، باعتبارهم عشاقاً للنادي، قبل أي اعتبارات مادية.
- جوردي فاري
في نفس يوم وفاة الجنرال الإسباني فرانكو، وُلد جوردي فاري. اسم آخر برز في الآونة الأخيرة كمرشح رئاسي مستقبلي. فاري تميز عن بقية المرشحين، باعتباره الشخص الذي أطلق حملة حجب الثقة بعد هزيمة برشلونة التاريخية من بايرن ميونيخ، حيث تمكن على إثر هذه الحملة من جمع التواقيع اللازمة لعقد تصويت لحجب الثقة عن إدارة بارتوميو، والتي أدت لاحقاً لاستقالة الرئيس.
فاري حاول الترشح لرئاسة النادي عام 2015، لكنه لم يستطع جمع الأصوات اللازمة لذلك، وغادر السباق قبل بدايته. والحقيقة، أن معالم مشروعه ليست واضحة، باستثناء بعض التلميحات القومية، بضرورة استغلال اسم برشلونة للترويج لإقليم كتالونيا، ورؤيته النادي ككيان كتالوني مؤثر. إلا أن رؤيته الرياضية غير واضحة، عدا تصريح وحيد يكرره مرات عديدة، بوجود تواصل بينه وبين يورغن كلوب، لجلب المدرب الألماني لبرشلونة، حال وصوله لرئاسة النادي الكتالوني.
- توني فريتشا
أحد أبرز معارضي بارتوميو، ومتفاعل كبير عبر حسابه على تويتر. توني فريتشا، الرجل الذي لا يضيع أي فرصة لانتقاد بارتوميو، منذ هزيمته في انتخابات 2015، وحلوله في المركز الرابع.
واجه فريتشا في وقت سابق انتقادات كبيرة، باتهامه بالولاء للإدارة السابقة، وأن مشروعه الذي قدمه في 2015، ليس إلا امتداداً لمشروع روسيل وبارتوميو. فريتشا كان عضواً في إدارة لابورتا عام 2003، وظل كذلك في حقبة روسيل، وفترة بارتوميو الأولى كرئيس مؤقت. إلا أنه قدم استقالته في يونيو/حزيران 2015، وترشح لرئاسة النادي بمشروعه الخاص.
فريتشا، ورغم انتقاداته الكثيرة لبارتوميو، فإنه متحفظ بشأن الهجوم على أي منافسين للرئاسة، بل يسعى للتعامل معهم بديبلوماسية، قائلاً: "كل شخص يريد مصلحة برشلونة، سيحصل على دعمي".
مشروع فريتشا ينقسم بين ما هو اقتصادي، حيث يسعى لخلق "براند" برشلونة، وعدم الاقتصار على مشروع لفريق كرة القدم فقط. مع رغبته في جلب عدد من لاعبي "بارسا بيب" لاستلام مناصب مختلفة في النادي.
- لويس فيرنانديز
الرجل الأخير في القائمة، لويس فيرنانديز، رجل الأعمال الذي يرى أن هناك هوة سحيقة بين أعضاء نادي برشلونة وبين المشجعين أيضاً.
فيرنانديز كان واضحاً في عدد من خرجاته الإعلامية، قائلاً إن أولوية النادي، التركيز على تخريج المواهب من لاماسيا، والتوقف عن شراء لاعبين بأسعار مرتفعة. كما انتقد بشدة التفرقة الأيديولوجية الموجودة بين أعضاء النادي، داعياً لرفع شعار واحد: "حب البارسا، حب كتالونيا، والصدق".
ورغم إنكاره لأي مرجعية سياسية ينحاز لها، فإن فيرنانديز يملك تجارب سياسية سابقة، أبرزها الترشح لمنصب عمدة ولاية "سانت كوغات" عن حزب "ديموقراطيون من أجل كتالونيا". كما يُعرف عنه أيضاً موقفه الداعم بشكل صريح لاستقلال مقاطعة كتالونيا، عن إسبانيا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.