أقصى مصر من أمم إفريقيا وأذلَّ الأهلي بخماسية.. هل يحوّل موسيماني نادي القرن الإفريقي إلى برازيل القارة؟

عدد القراءات
716
عربي بوست
تم النشر: 2020/10/01 الساعة 11:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/01 الساعة 11:21 بتوقيت غرينتش

بيتسو موسيماني، اسم عرفه المصريون جيداً بعد عدة أحداث كان بطلها المدرب، صاحب بطولة دوري أبطال إفريقيا عام 2016، التي فاز بها على حساب الزمالك، وما زالت غائبة عن العملاق الأبيض منذ 18 عاماً. مدرب محلي يفوز على الأهلي بخماسية نظيفة في أكبر هزيمة للمارد الأحمر في تاريخه الإفريقي.

أثبت موسيماني مدى تطور المدرب واللاعب في قارة إفريقيا على مستوى التكتيك وخطط اللاعب، لم يعد الأمر يقتصر على قوة وسرعة اللاعبين الأفارقة، الأمر تجاوز اللاعبين إلى المدربين، والأهلي الآن يفضل موسيماني على العديد من المدربين من أوروبا وأمريكا الجنوبية.

طور البداية

بدأ موسيماني مشواره التدريبي كمدير فني على رأس القيادة الفنية لفريق سوبر سبورت من عام 2001 إلى عام 2007، وحقق معهم المركز الثاني في دوري جنوب إفريقيا مرتين، وتوج بكأس جنوب إفريقيا مرة واحدة، وكأس الثمانية الكبار مرة واحدة أيضاً. يتحدث موسيماني قائلاً "توليت مهمة الفريق وكان ينافس على مراكز الهبوط، واستطعت الوصول معه إلى مرحلة المجموعات في دوري أبطال إفريقيا". وأردف "رغم قلة الموارد المادية يتحدث الناس اليوم عن الملايين التي أستطيع أن أنفقها للتعاقد مع لاعبين في صن داونز، أين كانت تلك الملايين مع سوبر سبورت؟ دائماً كانت لدي رؤية".

حقق موسيماني أول بطولة له في أكتوبر/تشرين الأول 2004، حينما فاز ببطولة كأس الثمانية الكبار، حيث أقصى بيدفيست وتس في قبل النهائي بهدف الموزمبيقي تيكو تيكو، وتوج بالبطولة على حساب كايزر تشيفز بهدف مقابل لا شيء سجله فيليب إيفانز، الظهير الأيمن في الدقيقة 48 من ركلة جزاء، وتألق ويندل روبنسون حارس المرمى الذي نجح في الذود عن مرماه، خاصة الشوط الثاني، وحافظ على النتيجة، وبات فيما بعد مدرب حراس المرمى بصحبة موسيماني مع صن داونز. يقول ريكاردو كاتزا، لاعب سوبر سبورت السابق الذي لعب للفريق 10 أعوام أثناء التعاقد معه من قبل موسيماني، تناولت مع المدرب الغداء، وتحدثنا عن كرة القدم. وأضاف "عفواً لم يكن الأمر كذلك، بل على العكس اختفى الحديث عن كرة القدم على مائدة الطعام، كان مهتماً بالشخص أكثر من اللعبة، علمني أنك تعتني بالشخص أولاً قبل التكتيك وطرق اللعب، وسيقوم الشخص بتنفيذ طريقة اللعب فيما بعد". وواصل "هل أمتلك منزلاً وسيارة؟ هل أدرس؟ موسيماني يرغب دائماً في الدخول إلى أعماق اللاعبين".

وتابع: "في إحدى المرات أرسلت له رسالة نصية في الساعات الأولى من الصبح بشأن طفلي المريض، ولن أحضر التدريب، أجابني أنني أستطيع أن أبقى كما أشاء". وأتم "بعد 17 عاماً من الغداء معي يقف موسيماني على قمة كرة القدم في جنوب إفريقيا، إذ بات المدرب الأفضل".

يحكي ثابو، مدافع سوبر سبورت السابق، عن موسيماني الشغوف الذي يتصل به في بعض الأحيان في وقت متأخر، ليخبره بمتابعة لاعب محدد يحتاج إلى تقليد طريقة لعبه. وأضاف "إنه يتنفس كرة القدم، حتى المرح والفكاهة مرتبطان بكرة القدم، لم أعمل أبداً مع مدرب مثله، كل شيء بالنسبة له هو كرة القدم". وتابع "اللمسة الشخصية للمدرب هي التي جعلت اللاعبين يؤمنون أنهم قد يموتون من أجله على أرض الملعب". وأتم "يريد أن يعرف كل شيء مع لاعبيه بما فيها الأمور العائلية، كان في كثير من الأحيان تشعر معه أنه أب لكل اللاعبين".

البافانا بافانا

تولى مهمة مساعد مدرب منتخب جنوب إفريقيا 4 أعوام منذ أن كان مدرباً لسوبر سبورتس في الفترة من 2006-2010، ثم قاد المنتخب حتى عام 2012. حيث قاد المنتخب مرتين كمدير فني، في المرة الأولى لعب 7 مباريات أبرزها مباراة ودية أمام منتخب مصر، وانتهت بخسارة جنوب إفريقيا بهدف سجله عماد متعب.

وتولى منصب مساعد البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا قبل أن يعتذر لظروف شخصية، وحل مكانه مواطنه جويل سانتانا الذي أقيل بعد عدم الفوز في 9 مباريات ودية، وعاد بيريرا حتى كأس العالم 2010. تعادل البافانا بافانا ضد المكسيك بنتيجة 1-1 في الافتتاحية حين سجل تشابالالا الهدف الأول في تاريخ جنوب إفريقيا بكأس العالم في الدقيقة 55، وتعادل ماركيز في الدقيقة 79.

وقال تشابالالا عن ذكرياته في كأس العالم: "الشعور لا يزال كما هو، جعل البلد سعيداً بتسجيل ذلك الهدف الافتتاحي لمونديال 2010". وثمن تشابالالا دور موسيماني خلال البطولة، حيث قال "من الواضح أن جميع اللاعبين احترموا المدرب بيريرا، لكن المدرب بيتسو فهمنا على نحو جيد كجنوب إفريقي".

وأردف: "لقد ارتبطنا به في أشياء هامة، على سبيل المثال اللغة وأسلوب الحياة، كان يعرفنا جيداً كأشخاص". واستطرد "هذا ساعد المدرب بيريرا على فهم عقليتنا بشكل كامل، وهذا جعلنا لاعبين أفضل". وأتم "النظام بأكمله عمل بشكل جيد للغاية، وكان بيتسو أحد أهم الأشخاص".

"لعب المدرب بيتسو دوراً كبيراً جداً كحلقة وصل بين اللاعبين والبرازيلي بيريرا" هكذا صرح رينيه ليتشولونياني لاعب خط الوسط. وأضاف "بيريرا لم يكن يجيد اللغة الإنجليزية، وفي بعض الأحيان كان يريد أن يقول شيئاً لكننا لم نكن نفهمه بشكل واضح". وأكمل "لذلك كان موسيماني يتدخل في الملعب أو خلال جلسات فردية ليشرح لنا بعض الأمور التكتيكة".

قبل أيام قليلة من انطلاق كأس العالم 11 يونيو/حزيران 2010، بالعودة إلى أجواء ما قبل مباراة المكسيك، كانت الشوارع مليئة بالاحتفالات والأهازيج في احتفال ساندتون يوم 9 من نفس الشهر.

حينها غضب بيريرا بشدة لأنه لم يكن يرغب في الاحتفال قبل بدء البطولة رغم ذلك ذهب بعض اللاعبين بالاتفاق مع المدرب البرازيلي في احتفالية شهدت قرابة 50-200 ألف شخص في الشوارع والطرق. يتذكر موسيماني مونديال 2010 قائلاً: "كان الاحتفال عاطفياً، والمونديال بالطبع إرث يتذكره العديد من الأجيال، كما لو كان الأمر بالأمس القريب، ابني يعلق صورة البافانا بافانا تذكرني دوماً بالبطولة". وتحدث موسيماني مع المشجعين المكسيكيين المقيمين في نفس الفندق، وكان متوتراً للغاية قبيل المباراة، في الوقت نفسه كان مستمتعاً بمستوى التنظيم من قبل الفيفا وجنوب إفريقيا، وتم تكليف موسيماني بجانب البرازيلي خايرو ليل بمتابعة طريقة لعب المكسيك قبل البطولة.

وأضاف بيتسو: "أعتقد أن بيريرا كان الرجل المناسب لقيادة الفريق، كان مدرباً هادئاً ورائعاً ويمتلك العديد من الخبرات في كرة القدم، حيث فاز بكأس العالم وكأس القارات حينما كان بيليه ما زال يلعب، وكان مدرباً بدنياً من الطراز الأول" يقول موسيماني. واستطرد "كنا سعداء بوجود شخصية مثله، لأننا لم نذهب إلى كأس العالم أبداً، كدنا نرتكب العديد من الأخطاء لولا أنه خطط لكل شيء". واسترسل "كلفني المدرب بمهام كبيرة للغاية، حينما أرى أمراً عاجلاً، أقف وأتصرف كأني المدرب، كان البرازيلي يقول لي لا يمكنك أن تنتظر الإشارة مني، لم أكن ألتقط الكرات خلف المرمى". وتابع بيتسو "كنت متوتراً للغاية ضد المكسيك، تابعتهم في آخر 6 مباريات، لا أعتقد أنهم يكنون الاحترام لنا، لأنهم لعبوا بحوالي 35 لاعباً".

"عندما خرجنا من أجل الإحماء كان الجمهور عاطفياً للغاية، وأتذكر بكاء ماكبث سيبايا لاعب الوسط"، يتذكر بيتسو. وأضاف "لم نبدأ بشكل جيد في أول 15 دقيقة، كنا متوترين للغاية، لم نتمكن من السيطرة على الكرة، سألنا أنفسنا ماذا سيحدث عندما تمر 15 دقيقة على هذا النحو؟"

وأكمل حديثه: "لكننا غادرنا بمشاعر مختلطة من تلك المباراة، لم نفز وكنا على بعد 11 دقيقة من الانتصار، نمتلك شعوراً آخر هو أننا كنا متقدمين في النتيجة ونستطيع الفوز، على أية حال لم نحرج جماهيرنا وبلدنا في الافتتاحية".

وخسر منتخب جنوب إفريقيا في الجولة الثانية أمام أوروغواي بثلاثية نظيفة، سجل فورلان هدفين وسجل بيريرا الهدف الثالث.

وفاز الفريق على فرنسا بهدفين مقابل هدف، حيث سجل كومالو ومافيلا لصالح جنوب إفريقيا، فيما سجل فلوران مولودا هدف الديوك.

يتحدث موسيماني قائلاً: "كانت أفضل مباراة لدينا ضد فرنسا، يا له من وداع بالانتصار على فرنسا، وضرب مافيلا العارضة مرتين، حصلنا على احترام شعبنا، حتى لو لم نستمر".

خرجت جنوب إفريقيا من البطولة حينها بفارق هدف عن المكسيك الذي تأهل برفقة أوروغواي، وودعت فرنسا المونديال بعد تذيل ترتيب المجموعة الأولى برصيد نقطة واحدة.

الرجل الأول

إنه حلم شخصي، إنها أفضل وظيفة يمكن أن تحصل عليها كجنوب إفريقي، إنها وظيفة بها الكثير من الامتيازات تشعرك أنك بين النخبة من المدربين، رغم ذلك التحديات صعبة ستسأل أمام اللاعبين والرؤساء والجمهور والإعلام، أنت تحاول أن تجعل الجميع سعداء"، هكذا صرح بيتسو بعد تولي الإدارة الفنية بعد كأس العالم في حديثه لموقع الفيفا، كل ما يلي على لسان موسيماني.

هو إغراء لا يمكنك مقاومته، إنها وظيفة سبعة أيام في الأسبوع، ولا يوجد وقت كاف لأي شيء آخر.

الجزء الأكيد في كرة القدم هو أنك تعلم أنه إذا لم تتأهل لبطولة أمم إفريقيا، فأنت على وشك الإقالة، يعد هذا الجزء المحزن في كرة القدم في جنوب إفريقيا.

"هناك أمران الحياة معه والحياة من بعده، كان معلماً ومربياً، تركني باريرا مع علم هائل، ووضعت أفكاري الخاصة في مكانها الصحيح، وأضفت مزيداً من السرعة والنسق في أسلوب الفريق، بينما أحب باريرا أن يتطور ببطء أثناء المباراة، أعتقد أن اثنين من المهاجمين يملكان السرعة يجبران قلب الدفاع على التصرف الخاطئ". يتذكر موسيماني فضل بيريرا عليه كمدرب.

أحب التحديات والتكتيكات وأحب كل الابتكارات والأشياء الجديدة في كرة القدم.

"تعد الأولوية القصوى هي التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2012، ومن ثم نفس البطولة عام 2013، يليها كأس العالم 2014، علينا أن نتعلم كيف نواجه الفرق التي تلعب أمامنا بدفاع محكم، نحن قادرون على الفوز بكأس الأمم لِمَ لا يجب أن نكتب التاريخ الآن".

واجه بيتسو موسيماني منتخب مصر مرتين خلال تصفيات أمم إفريقيا 2012، حيث فاز ذهابا بنتيجة 1-0 سجله مافيلا في الدقيقة 90 وتعادل إياباً سلبياً.

قبيل مباراة الذهاب وجه بيتسو حديثه نحو حسن شحاتة، المدرب التاريخي لمنتخب مصر، قائلاً "لديهم تكتيكات صعبة ومذهلة تمثل مشكلة حقيقية لنا، شحاتة مدرب كبير".

وأردف: "عليك أن تركز على فريقك وتستعد بشكل جيد، لن نلعب بطريقة مختلفة، نحن نتمسك بالخطة التي نلعب بها دائماً".

غاب عن مباراة الذهاب ستيفين بينار وتشابالالا وتم استبعاد موكوينا عن المباراة، الذي أبدى غضبه أن موسيماني لم يتحدث إليه.

رد عليه موسيماني: "إنني أحب اللاعب وأحترمه، لكنه قرار تكتيكي مهما حدث سنركز على المباراة".

لم تصعد جنوب إفريقيا تحت قيادة موسيماني، وجاءت في المركز الثاني خلف النيجر التي تأهلت إلى البطولة، لكن حدث شيء ما اعتبره البعض "وصمة عار" ستلاحق موسيماني إلى الأبد.

في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2011، الذي يعد يوماً مظلماً في تاريخ كرة القدم بجنوب إفريقيا، حيث اعتقد اللاعبون والمدرب أنهم صعدوا إلى أمم إفريقيا 2012 بعد التعادل السلبي مع سيراليون.

لعب موسيماني مباراة مغلقة، اعتقاداً منه أن التعادل سيكون كافياً، كل من إيتوميلينج خوني حارس المرمى، وتشابالالا، وجالي لاعبي الفريق رقصوا بعد المباراة، واستيقظوا على كابوس مزعج في اليوم التالي.

اعتقد المدرب واللاعبون، بل مسؤولي اتحاد الكرة أن فارق الأهداف على النيجر سيجعل جنوب إفريقيا تتصدر المجموعة، لكن قواعد الاتحاد الإفريقي نصت على النتائج المباشرة بين النيجر وسيراليون وجنوب إفريقيا، حيث لكل منهم 9 نقاط.

ما جعل الحدث كارثياً هو حديث كيرستن نيماتانداني رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقيا في القنوات التلفزيونية بعد المباراة لتهنئة الفريق.

ما زالت "رقصة العار" أكثر اللحظات إحراجاً في تاريخ كرة القدم في جنوب إفريقيا.

خلال المرحلة الثانية في تصفيات كأس العالم 2014، تعادلت إثيوبيا مع جنوب إفريقيا في المباراة الافتتاحية للمجموعة، على إثرها تمت إقالة موسيماني من تدريب البافانا بافانا.

وعلق موسيماني على الإقالة قائلاً "سافرت إلى دورات في الخارج، واستثمر بي الاتحاد، كنت مدرباً مؤقتاً ثم مدرباً مساعداً وأصبحت الرجل الأول".

وأضاف "لم يؤمنوا بي وبرؤيتي، نلعب ضد منتخبات كبيرة مثل غانا وكوت ديفوار وزامبيا، تأثر القرار بوسائل الإعلام".

وأتم "أعترف أنني كان يمكنني التعامل مع بعض الأمور بشكل أفضل".

يقضي مدرب النادي كل يوم تقريباً مع لاعبيه، إنه يفهم أنماط الشخصيات لديهم، هناك الكثير من الوقت، حيث يكتشف ما يفيد وما لا يفيد، يمكنه تعديل مواقفه الشخصية تجاه اللاعبين، والعمل على طرق لعب مختلفة ومحاولة دمج اللاعبين في نظام يحقق أقصى استفادة منهم، أما المدرب الوطني فلا يمتلك هذه الرفاهية، بالتالي يجب عليه تنفيذ استراتيجيات مختلفة من أجل خلق وصفة ناجحة للفريق.

يعلق موسيماني بعد تجربته مع منتخب البافانا بافانا، وقبلها فريق سوبر سبورت ومن ثم تجربة صن داونز فيما بعد.

وأضاف: "لديك بضعة أيام فقط لإعداد فريقك قبل المباريات الرسمية، ربما تحصل على يوم ونصف يوم، كيف يمكنك تنفيذ طريقة اللعب؟ في إحدى المرات كان لديَّ لاعب من روبين كازان، غادر روسيا يوم الأربعاء، وتوجه جواً إلى فرانكفورت، ثم إلى لندن ومنها إلى جوهانسبرغ".

وتابع: "وصل بعد ظهر يوم الجمعة، والمباراة في اليوم التالي، لا يعاني المدربون الوطنيون الأوروبيون من السفر بقدر ما نعاني منه نحن هنا".

وواصل: "يمتلك المدير الفني للنادي رفاهية التعديل وإصلاح الفلسفات التي تتعلق بالفريق، إذا كانت النتائج لا تسير بشكل جيد، أما المدرب الوطني فلديه أيام قليلة فقط بصحبة اللاعبين باستثناء بطولة كبرى".

وتابع: "برفقة المنتخب كنت أضع العلم الوطني في غرفة الملابس، أود أن أقول لهم إنهم يلعبون من أجل عائلاتهم وبلدهم ومن أجل 50 مليون شخص، الوطنية هي أداة سهلة الاستخدام مع المنتخب الوطني".

وأردف: "أما في النادي فيلعب اللاعبون من أجل الوظيفة والمدرب، نعم توجد عاطفة أيضاً، وعليك أن تقنعهم برؤيتك الفنية داخل أرض الميدان، في بعض الأحيان يجب أن تلزم اللاعب بمكان لا يحبه، وأن تجعل لاعباً أجنبياً يتكيف مع طريقة اللعب".

"بصفتك مدرباً للمنتخب الوطني، يمكنك إخبار الأندية بما تعتقد أنه لصالح المنتخب، وليس عليهم تنفيذ أي شيء".

يستشهد موسيماني بهولندا على سبيل المثال حيث نظام موحد في جميع الأندية في طريقة اللعب، مع الأندية تستخدم نفس الاستراتيجية وطريقة اللعب، بالتالي هناك هوية للمنتخب الوطني.

حينما يحتاج مدرب المنتخب إلى مهاجم قد لا يناسب أسلوب اللعب، ماذا لو لم يلعب أي من الأندية بنفس طريقة المنتخب؟ هل تعتقد أن ميسي سيكون الخيار المناسب للكرة الطويلة؟ بالطبع لا".

تقوم بتطوير اللاعبين الشباب من خلال الأكاديميات وقطع الناشئين في الأندية، في المنتخب الوطني تختار ممن هو متاح، إن لم يكن اللاعبون بالجودة المرتفعة ستعاني مدرباً للمنتخب الوطني.

لا تمتلك جنوب إفريقيا الموارد المالية لمواكبة أوروبا، وهذا يجعل الأمر صعباً حينما يتعلق الأمر بتطوير اللاعبين، مدربي الناشئين لا يتم دعمهم مادياً بما يكفي، لذا يفضلون الانتقال إلى عمل الموظف من 9-5 مساء.

دوري جنوب إفريقيا هو الأفضل في القارة من حيث كيفية الإدارة والبنية التحتية الممتازة، لو كانت البنية التحتية والدوري المنظم هو كل ما يهم، لكانت الولايات المتحدة فازت بكأس العالم الآن.

المجد الإفريقي

"أنا لست عبقرياً، لا أتحدث هنا عن فكرة التواضع المزيف، العباقرة بيب غوارديولا وأرسين فينجر، وجوزيه مورينيو، هؤلاء هم المدربون الذين يوضحون لي كيف أقوم بعملي، يمكنك دائماً التعلم من الآخرين" يتحدث موسيماني.

حقق موسيماني 10 بطولات مع صن داونز، حيث توّج بدوري جنوب إفريقيا 5 مرات، وحقق الكأس مرتين عام 2016 و2020 وتوج بكأس السوبر عام 2015، وحقق على المستوى القاري بطولة دوري أبطال إفريقيا عام 2016، يليه السوبر الإفريقي أمام مازيمبي عام 2017.

يتحدث مالك النادي الملياردير باتريس موتسيبي عن المدرب قائلاً: "أرغب أن يكون موسيماني هو أليكس فيرجسون ماميلودي صن داونز وهذا يعني أنني أريد الاحتفاظ به لمدة طويلة للغاية".

بيتسو في حوار سابق مع FilGoal.com قبل عدة شهور صرح "على الرغم من تشبيهي في جنوب إفريقيا بأليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد، لأنني بنيت صن داونز من الصفر مثلما فعل هو في إنجلترا، لكنني أحب غوارديولا ويوان كرويف".

فيما يتحدث أنيلي نجكونجكا الظهير الأيمن عن مدربه قائلاً: "موسيماني على مستوى النادي والبلد مثل أي مدرب كبير في أوروبا، هو في مستوى فرانكي فيركواتيرين مدرب أندرلخت الحالي أحد أفضل مدربي بلجيكا".

وواصل: "تعمل بكل قوة تجده يتصل بك ويشجعك على الاستمرار، حيث يستخدم سياسة الباب المفتوح أمام لاعبيه ويستمع إليهم وإلى شكواهم داخل الملعب وخارجه".

وأضاف: "ناهيك عن قدرته عن إدارة المواهب وتطويرها على سبيل المثال كيجان دوللي وزونجو في الدوري الفرنسي، وبيرسي تاو لاعب برايتون الإنجليزي المعار لأندرلخت، وخاما بيليات الذي حقق مع الفريق بطولة دوري أبطال إفريقيا، يمكنه تحويل اللاعبين من جيد إلى عالمي".

فيما أشاد سادومبا، هداف فريق الهلال السوداني السابق بالمدرب، قائلاً: "أحيي المدرب بيتسو موسيماني، حيث أثبت نفسه كواحد من أفضل المدربين في القارة".

صنف بيتسو موسيماني في عام 2016 عاشر أفضل مدرب في العالم من قبل الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاء كرة القدم حينما فاز على الزمالك في نهائي البطولة.

يفضل بيتسو الألعاب العقلية "Mind games" وحرب التصريحات مع مدربي الفرق الأخرى، في أحد التصريحات له قبل مواجهة الزمالك قال: "بالتأكيد سيفوزون علينا، عندما تواجه فريقاً بحجمه لا بد أن تخسر".

وواصل: "الفوز على الزمالك بمثابة حلم، وأعتقد أن كل الحاضرين الآن لديهم نفس الاعتقاد بأننا لا يمكننا الفوز عليهم".

أمل موسيماني في المواجهة هي قانون أوضحه للاعبيه "ليس لدينا شيء لنخسره، جئنا للظهور بشكل جيد".

ثم خاض حرباً نفسية في تصريحاته سواء في دور المجموعات أو النهائي، بأن الزمالك قادر تماماً على الفوز.

وبالفعل تمكن المدرب الجنوب إفريقي من الفوز ضد الزمالك، وحصد اللقب لأول مرة في تاريخه وبعد 15 عاماً من الفشل في المحاولة الأولى عام 2001.

لا يتبع موسيماني بعض الحيل أمام المنافس والإعلام فقط، بل أيضاً مع لاعبيه حين تأخر في النتيجة بهدف نظيف في الشوط الأول أمام ميديما على ملعب لوكاس موريبي، حيث شرب القهوة في صمت ولم يلقِ أي كلمة بين الشوطين.

يتحدث موسيماني: "كان الشوط الأول لا يصدق، لقد لعبنا بشكل سخيف للغاية، لم أشاهد صن داونز يلعب بهذه الطريقة في 45 دقيقة طوال فترة تدريبي".

وأتم: "أنا سعيد لأننا سجلنا ثلاثة أهداف في الشوط الثاني، لكني لا أحب أن يلعب فريقي كرة قدم سيئة، أريد تقديم كرة جميلة طوال الوقت".

وعلى ذكر الكرة الجميلة التي يتمسك بها موسيماني رغم كل شيء، واجه صن داونز نظيره برشلونة حين خسر بنتيجة 3-1 في مباراة ودية احتفالية في ذكرى نيلسون مانديلا بحضور جياني إنفانتينو رئيس الفيفا وعدد من كبار الشخصيات.

قال موسيماني: "مباراة برشلونة مخصصة للاعبين للحصول على الخبرة، لمعرفة مدى تقدمنا​، ما هو الفرق بيننا وبين برشلونة؟ وما هو الفرق بين الدوري الإسباني والدوري المحلي؟".

وأضاف: "يتعلق الأمر برؤية مدى جودة طريقة اللعب مقارنة مع برشلونة، بالطبع لا نستطيع إيقاف برشلونة".

وواصل: "دعنا نرى إلى متى يمكننا الصمود قبل أن يأتي الهدف الأول، بالطبع أنت تشعر بالسعادة أمام برشلونة".

وأضاف: "الأمر لا يتعلق بالتأكيد بالفوز على برشلونة، لكنها مجرد رؤية منظومة اللعب لدينا، والطريقة التي ندافع ونهاجم بها".

واسترسل: "نلعب بطريقة خاصة حتى لو خلعنا القميص الأصفر وارتدينا قميصاً أسود، ستظل تقول إن هذا الفريق يلعب مثل صن داونز، لدينا طريقتنا الخاصة في اللعب، حينما نوقع مع لاعب لابد أن يكون بنفس طريقة اللعب".

وتابع: "مباراة برشلونة هي فرصة للاستمتاع ونرى أنه إذا لعبنا بطريقة صن داونز، فهل يستطيع برشلونة إيقاف صن داونز؟".

وأتم ساخراً: "أعتقد أننا جميعاً نعرف من سيفوز، برشلونة بالطبع ولكن إذا فزنا، فهذا أمر خيالي لا يصدق".

بالعودة إلى بطولة إفريقيا، واجه صن داونز نظيره الوداد 10 مرات فاز 3 وتعادل 3 وخسر 4 منذ عام 2017.

"الطريقة الوحيدة للتغلب على شمال إفريقيا هي تمريرات قصيرة صحيحة، لأنهم لا يحبون مطاردة الكرة"، قال موسيماني وفقاً لموقع تايم لايف.

وأضاف: "يحب أندية شمال إفريقيا السيطرة على الكرة، إذا كنت ترغب في مزيد من الإحباط لهم فلا تمنحهم الكرة وابنِ المثلثات بين اللاعبين بطريقة صحيحة ودعهم يركضون".

وواصل: "ازعج فرق شمال إفريقيا من الناحية العقلية، وستراهم يبدأون في القتال".

وتابع: "هم أقوياء للغاية في الكرات الهوائية، يمكنك أن تلعب الكرات الطويلة وتصبح في أمان دفاعي".

وأتم: "معظم الفرق العالمية تحاول بناء اللعب من الخلف وفي وسط الملعب وعليك تدريب اللاعبين عليها باستمرار، أحياناً يتم قطع الكرات لكن عوضاً عن خسارة الكرات الطولية مع أندية شمال إفريقيا".

رغم ذلك خرج صن داونز على يد الوداد البيضاوي من دور الثمانية عام 2017، وله خروج آخر عام 2018 في مجموعة صعد منها الوداد وهورويا كوناكري الغيني من دور الستة عشر، ومن ثم ودع البطولة أمام الوداد المغربي من نصف النهائي عام 2019.

عرف الوداد البيضاوي كيف تؤكل الكتف أمام تكتيك موسيماني في ثلاثة مواسم متتالية أمام.

أحد المشاهد التي لا تُنسى حينما حاول لاعبو الوداد استفزازه أثناء مقابلة تلفزيونية له، ولكنه كان عنيفاً وخرج عن شعوره في الرد.

بدأ موسيماني حديثه الغاضب: "إنهم يفعلون لنا ذلك في المغرب".

وواصل: "في كل مكان يتنمرون علينا، يحدث ذلك في كل مرة نلعب معهم في دوري الأبطال، لا نجد حتى الفتيان الذين يجلبون الكرة، هل سيستمرون في استفزازنا دائماً؟".

وأكمل: "نعرف ما سنفعله إن تنمروا علينا فسنرد التنمر".

وأتم: "إنهم دائماً يتنمرون على الجميع، لا يرغبون في الخسارة، لكن حينما نخسر نحن في الوداد لا نفعل أي شيء نرحل بشكل ملائم، ما كل هذا؟".

واجه موسيماني على رأس القيادة الفنية لفريق صن داونز نظيره المارد الأحمر 4 مرات، حيث فاز الأهلي مرتين وتعادلا مرة واحدة، وفاز صن داونز مرة وحيدة في مباراة حملت ذكرى شهيرة للغاية، وهي نتيجة 5-0 أكبر خسارة في تاريخ النادي إفريقياً.

قبيل مباراة دور الثمانية هذا العام، صرح موسيماني: "الآن تبدأ قصة الأهلي من جديد، كما كانت في العام الماضي، نفس الفرق، أعوام مختلفة، عقليات مختلفة".

وأردف: "أعتقد أن الأهلي لم يعرف عنا ولم يحترمنا، لكن بعد نتائج العام الماضي، سيستعدون بشكل جيد، الآن سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لنا لأنهم يعرفون طريقة لعبنا".

"لكنهم أيضاً يتعرضون لضغوط، لأنهم دائماً مرشحون وسيتعرضون لضغوط للتغلب علينا، سنرى كيف ستسير الأمور".

وخسر صن داونز بنتيجة 3-1 في مجموع المباراتين وخرج من ربع النهائي.

يفضل موسيماني التمريرات القصيرة والحركة المستمرة والحفاظ على الاستحواذ على الكرة، مع تفضيل اللاعب الذي يملك السرعة في نسق اللعب في طريقة لعبه المفضلة مع صن داونز.

حيث يعتمد موسيماني على البرازيلي ريكاردو في خط الدفاع القادر على بناء اللعب بشكل رائع مع أظهرة هجومية مثل لينجرمان الظهير الأيسر.

ولديه خماسي خط وسط قوي للغاية، على سبيل المثال جالي وكيكانا محورا ارتكاز، وفي الجناح الأيمن مورينا فائق السرعة، وعلى الجناح الأيسر زواني الذي يدخل إلى العمق في كثير من الأحيان مع سيرينو صانع ألعاب لعمل زيادة عددية في منطقة رقم 14، فيما يتبادل خط المقدمة كل من فيلاكاتزي ومابوي.

يمتلك موسيماني مرونة تكتيكية، حيث قام بتحويل مركز ريفالدو من قلب دفاع إلى لاعب خط وسط، وتحول بيرسي تاو من مركز الجناح إلى المهاجم الوهمي، وانتقال مورينا من جناح إلى ظهير أيمن، وتحول بونجاني تسونغو من لاعب خط وسط مهاجم إلى لاعب خط وسط دفاعي، أثبتت العديد من الأمثلة اكتشاف المدرب شيئاً ما في اللاعب وإيجاد دور أكثر فاعلية له، وهذا ما يظهر مدى نجاح تفكير موسيماني التكتيكي.

يعد موسيماني من المدربين الذين يقضون فترات طويلة مع فرقهم، حيث قضى 6 أعوام مع فريق سوبر سبورت، ومثلها مع منتخب جنوب إفريقيا بين منصبي مساعد مدرب والمدير الفني، ومن ثم 8 أعوام مع فريق صن دوانز، بالتالي موسيماني هو مدرب "مشروع" طويل الأمد، هل يبقى مع الأهلي لمدة كبيرة ويحقق نجاحات متتالية مع المارد الأحمر؟ هذا ما ستجيب عنه طريقة أداء الفريق مع موسيماني.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمود عزت
كاتب رياضي متخصص في الإحصائيات والتكتيك
كاتب رياضي متخصص في الإحصائيات والتكتيك